icon
التغطية الحية

تفاصيل 5 ساعات من عملية إنقاذ الطفل عسكر في إدلب.. ما حالته الصحية؟

2024.06.09 | 12:46 دمشق

345345
الطفل "عسكر دياب" من داخل بئر مياه ارتوازية في قرية تل أعور بريف إدلب
إدلب ـ عز الدين زكور 
+A
حجم الخط
-A

نجحت فرق الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، ليلة الأحد، في إخراج الطفل "عسكر دياب" من داخل بئر مياه ارتوازية في قرية "تل أعور" بريف إدلب، وذلك خلال وقتٍ قياسي لم يتجاوز 5 ساعات، ضمن عملية إنقاذ وصفها المتطوعون بـ"العملية الجراحية.. كل خطوة هي أمل وحذر"، في حين سارع فريق طبي مختص لنقل الطفل إلى مستشفى "دركوش" لمتابعة حالته الصحيّة عقب عملية سحبه. 

كانت الساعات الخمس التي قضتها فرق الإنقاذ في محاولة إخراج الطفل عسكر من البئر بمنزلة معركة حقيقية. كل دقيقة كانت ساعة في ثقلها، وكل خطوة نحو الطفل كانت أميالاً إلى الأمل، وكان صوت أنين الطفل في عمق البئر يملأ قلوبنا بحزن شديد، ولكنه أيضاً كان يحفز المنقذين على المضي قدماً بوتيرة تضبط السرعة والدقة في وقت واحد.

ولاقت عملية الإنقاذ التي نفّذها متطوعو "الخوذ البيضاء"، ضمن إمكانات بسيطة ومحدودة وحرفية عالية، احتفاءً واسعاً بين السوريين وتفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ وصل أعداد المتابعين لعملية الإنقاذ المباشرة المنقولة على صفحة "فيسبوك" الخاصة بـ"الخوذ البيضاء"، قرابة 10 آلاف متابع في اللحظة ذاتها، في حين امتلأ جدار السوريين على مواقع التواصل بعبارات الشكر والثناء على جهود فرق "الدفاع المدني". 

شارك في عملية الإنقاذ 50 متطوعاً من 10 فرق بحث وإنقاذ مع 10 آليات هندسية ثقيلة تساعد في عمليات الحفر، و 3 فرق إسعاف مع آلياتهم، وفريق طبي من 5 متطوعين متخصصين بالعناية وفريق مختص بالعمليات مكونٌ من 5 أفراد.

ومع نجاح عملية إنقاذ طفل البئر، وهي حادثة تكررت في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، فإنها كانت محفوفة بالتحديات والمصاعب، وهو ما عكسته حالة الطفل الصحية، إذ إن ظروف انحشار الطفل لساعات ضمن "قميص البئر" كانت قاسية للغاية، وفقاً لحديث قائد فريق الإنقاذ التابع لـ"الخوذ البيضاء". 

وبدأ الحادث عندما كان فراس دياب والد الطفل عسكر ينزل محرك سحب المياه (الغطاس) إلى عمق البئر الارتوازية، لكن الحبل المستخدم لإنزال المحرك انقطع والتف على ساق عسكر وسحبه إلى داخل البئر.

ولدى وصول المنقذين إلى المكان تبين أن الطفل واقعٌ في فتحة البئر على عمق قريب لا يتجاوز 5 أمتار وهو بحالة انحشار في الأنبوب المعدني (قميص البئر) وعالق بأكبال توصيل لمضخة مياه موجودة في البئر.

وفي العام 2021 عاش السوريون ساعات من الترقب عندما سقط الطفل "حسن خضر الزعلان" (10 سنوات) في بئر بعمق 21 متراً، في بلدة كفروحين في ريف إدلب الشمالي، وبعد جهد متواصل استمر 48 ساعة، فارق الحياة قبل أن تصل إليه فرق الدفاع المدني عبر حفرة عميقة موازية للبئر الارتوازية.

مراحل عملية الإنقاذ

أوضح عبد الكافي كيال قائد فريق إنقاذ في حديثه لموقع تلفزيون سوريا تحديات العملية النوعية وتفاصيلها، وقال: "الطفل كان بحالة سيئة جداً، حين وصولنا لموقع الحادثة، إذ إن سقوطه في بئر يتجاوز عمقه الـ 200 متر، هو بحد ذاته مصدر قلق للمتطوعين، في حين أن عمق سقوط الطفل في البئر نحو 5 أمتار". 

كانت أبرز الصعوبات خلال عمليات الكشف للبدء في عملية الإنقاذ بأن قميص البئر المعدني كان ضيقاً جداً ولا يتجاوز قطره الـ 30 سنتمتراً.

وفيما يأتي أبرز مراحل عملية الإنقاذ، على لسان قائد فريق العملية: 
المرحلة الأولى: 

  • بدأت الفرق عمليات الإنقاذ بتمام الساعة 21,18 من خلال قيام فريق الإسعاف بتسريب الأوكسجين للطفل داخل البئر للحفاظ على حياته ورصدت علامات حيوية له وتمكنت من التواصل معه
  • تسريب الأوكسجين والهواء للطفل ليكون المجرى التنفسي سالكاً وقادراً على تنشق الهواء نظراً لضيق فتحة البئر
  • محاولة انتشاله عن طريق السحب لكن كان هناك ضيق في الفتحة ولم يكن هناك متسع لإدخال معدات السحب
  • بدأت الآليات الهندسية الثقيلة عمليات حفر مسرب يوصل إلى الطفل ليتم تحريره من الاستعصاء وإنقاذه

المرحلة الثانية:

  • بدأت عملية حفر حفرة موازية في جانب البئر توازي العمق الذي سقط فيه الطفل، واتسمت هذه المرحلة بالحذر الشديد وترقب شديد، واستمرت 5 ساعات متتالية، استخدمت فيها الآليات الخفيفة والمتوسطة والكبيرة 
  • كانت عملية الحفر على كامل سور البئر وفتح فتحة في داخل القميص المعدني بالإضافة إلى فتحات تهوية أخرى لدخول الهواء ولكشف تفاصيل المكان أكثر
  • الأكبال الكهربائية والحبال التي تحمل الغاطسة والمعلّقة بالطفل كانت أبرز التحديات التي واجهت المنقذين خلال هذه المرحلة
  • لم يكن الطفل في وضعية جيدة، وكان غير قادر على الحركة ليساعدنا في عملية إنقاذه

المرحلة الثالثة: 

  • مرحلة تحرير الطفل بعد التخلص من الأكبال المعلقة به وثقب القميص من خلال الحفرة الموازية
  • تقديم العلاج الأولي لحظة إخراج الطفل من قبل فريق طبي مختص ومن ثم نقله للمستشفى

"لحظات لا تُنسى"

يتحدث "كيّال" عن اللحظات الأولى من بلاغ سقوط الطفل، إذ إن "مشاعر الحزن والقلق سيطرت على المتطوعين خوفاً على حياة الطفل، على اعتبار أن سقوطه كان في بئر ضيقة جداً". 
يقول: "كلما سمعنا صوت الطفل كانت القلوب ترتجف، ويصبح لدينا دافع أكبر للإسراع في عملية سحبه وإخراجه، بحيث لا يكون قد تأذى من عملية الحفر، وعندما وصلنا للموقع وبدت حالة الطفل الحرجة، زادت هذه المشاعر، لكن زادتنا عزيمة وإصراراً لمواصلة عملية الإنقاذ".

لا يمكن أن ينسى محدثنا، لحظة بكاء أحد المتطوعين، حينما سمع الطفل وهو يناجي لإخراجه بسرعة وحديثه عن معاناته في التنفّس وبعض الآلام في جميع مواضع جسمه.

كيف تبدو حالته الصحية؟ 

يقول الطبيب عبد العزيز عزو، وهو مختص بالجراحة العامة في مستشفى "الرحمة" في دركوش ـ المكان الذي نقل إليه الطفل عسكر ـ إن الطفل يعاني من عدم استقرار دوراني وجرح فروة انقلاعي، وكسر ساق أيمن متبدل مفتوح. 
ويضيف لموقع تلفزيون سوريا: "بعد إجراء طبقي محوري ماسح للرأس والصدر والفقرات تبين وجود عدة كسور في الجمجمة مع نزف دماغي وتكدم رئة بالطرفين، وتم إدخاله إلى العمليات وإجراء ضماد للجروح وتثبيت الكسر ومن ثم تم قبوله في وحدة العناية المشددة للمراقبة بعد استشارة الجراحة العصبية".