icon
التغطية الحية

تعدد العملات في الشمال السوري.. فوضى أسعار وغياب للرقيب

2020.07.28 | 17:50 دمشق

photo_2020-07-28_15-25-38.jpg
التعامل بالليرة التركية في الشمال السوري -(الأناضول)
اسطنبول - حسام جمّال - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

مع انهيار سعر صرف الليرة السورية بداية حزيران الماضي وتجاوزها عتبة الـ 3000 ليرة مقابل الدولار الواحد، أصبحت الأسواق في الشمال السوري بحالة فوضى، الأمر الذي دفع المجالس المحلية  إلى الدعوة للتعامل بالنقد التركي وتسعير المواد الغذائية الأساسية كالخبز إضافة إلى أسعار الذهب بالليرة التركية بدلاً من السورية.

"الحكومة المؤقتة" أعلنت طرح الليرة التركية  في الشمال السوري في 9 من شهر حزيران الماضي، وكذلك "حكومة الإنقاذ"، بهدف حماية مدخرات المواطنين من جراء تدهور الليرة السورية بحسب ماصرح به رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى عبر حسابه على تويتر.

ربط الليرة التركية بسعر صرف مقابلتها السورية فضلاً على سعر صرف الدولار، جعل أسواق الشمال السوري غير مستقرة.

عملة واحدة للتداول

لقي التعامل بالليرة التركية مع بدء طرحها في الأسواق رضا الأهالي خاصة مع تأرجح سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، إلا أن عدم تحديد عملة رئيسية للتداول انعكس سلباً على المواطنين.

فالليرة التركية والسورية والدولار جميعها عملات معمول بها في الشمال السوري وغياب الرقابة على سعر صرفها فضلاً على تسعير بيع المواد بالليرة التركية وحسبان كلفتها بالدولار وتقاضي معظم العمالة أجورهم بالليرة السورية الأمر الذي انعكس سلباً على الأهالي.

قال أبو عبد الله وهو بائع مواد غذائية في بلدة سرمدا لموقع تلفزيون سوريا،"كان هناك خطوات يجب أن تسبق قرار التعامل بالليرة التركية، كإجبار الجميع على التداول بها دون غيرها من رواتب عمال وموظفين وأسعار المنتجات الغذائية وغيرها، لا أن تُعتمد ونسعر منتجاتنا بها وفي الوقت ذاته هناك نسبة كبيرة تتقاضى أجرها بالليرة السورية وتجبر على التصريف لليرة التركية لشراء مستلزماتها اليومية وهو مايدفعها للخسارة خلال عمليات التصريف كونه لا توجد رقابة على سعر صرف العملات وخاصة مع وجود أشخاص يستغلون هذا الأمر".

 

24206-web.jpg
التعامل بالليرة التركية في الشمال السوري - (انترنت)

وأضاف أنه "خلال هذه الفترة من تعاملنا بالليرة التركية وأمام عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية، كما نرى اليوم سعر صرفها 1800 مقابل الدولار ومنذ ثلاثة أيام كان سعرالصرف 2300 ليرة سورية مقابل الدولار، يجب فرض التعامل بالليرة التركية دون غيرها للحفاظ على استقرار الأسواق".

استغلال وأرباح مضاعفة

أمل أبو محمد من سكان مدينة أريحا أن يضع التعامل بالليرة التركية حداً لفوضى الأسعار في مدينته بعد أن شهدت الأسواق تفاوتاً بأسعار المواد الاستهلاكية وخاصة الغذائية منها، إلا أن الواقع لم يكن كما كان يتوقعه.

وبحسب حديثة لموقع تلفزيون سوريا، قال إن "الأسعار مازالت متفاوتة بين بائع وآخر، والأمر أصبح أكثر تعقيداً فأنا أعمل في العتالة وأتقاضى يومياً مايقارب الـ 3 آلاف ليرة سورية، وعندما أذهب إلى السوق لشراء مستلزمات الطعام والتي أصبحت تباع بالليرة التركية، يحقق البائع الربح عبر 3 مراحل ، فهو يسعر بضائعه بالدولار ثم يحولها إلى الليرة السورية ويحول سعرها من السورية إلى الليرة التركية وأنا أكون الخاسر الأكبر من هذه المعادلة".

 

f63522e8-88b3-4a8c-a0c2-40a327d941ac.jpg
تسعير المواد الغذائية في شمالي سوريا بالليرة التركية - (الأناضول)

والأمر ليس بأفضل حال عند خالد المحمد من سكان مدينة الباب، والذي تحدث موقع تلفزيون سوريا عن معاناته عند إصلاح عربته التي يعمل عليها قائلأً، "على الرغم من قلة العمل واستخدام معظم الأشخاص الدراجات الهوائية والنارية فضلاً عن الأشخاص الذين يقضون أعمالهم سيراً على الأقدام لتوفير مبلغ المواصلات، إلا أننا أصبحنا تحت رحمة تصريف العملة وتاجر قطع تبديل السيارات الذي يسعر بضائعه بالدولار ويبيعها بالليرة التركية، وكون معظم الركاب يدفعون لي بالليرة السورية، أُجبر على التصريف إلى الليرة التركية من مكاتب الصرافة والتي لايوجد رقيب على أسعار صرفها، لإصلاع عربتي التي أطعم عائلتي المكونة من 10 أشخاص من العمل عليها".

غياب الرقابة

"الأسعار مرتفعة جداً مقارنة بالدخل فأنا أتقاضى في اليوم الواحد 9 ليرات تركية ورب أسرة لـ 5 أشخاص، لا أستطيع تأمين سوى المواد الأساسية من رز وسكر وخبز(...)، وعند ذهابي إلى السوق أرى أن هناك اختلاف في الأسعار بين محل وآخر والتفاوت كبير بسبب غياب الرقابة ففي الماضي كان الاختلاف في الأسعار بسيط ومنطقي وعند سؤالنا الباعة يُجيبون أن الأمر متعلق بالدولار، لكن الليرة تحسن سعر صرفها أمام الدولار هذه الأيام ومازالت الأسعار مرتفعة وذلك بسبب عدم وجود رقابة  على الأسعار فكل يسعر وفق مايريد" هذا ما قاله أبو عبد الله من سكان مدينة إدلب.

وقال المهندس باسل عبد العزيز وزير الاقتصاد والموارد في "حكومة الإنقاذ" لموقع تلفزويون سوريا، إن "الحكومة تسعر المواد الاستراتيجية من محروقات وخبز وأدوية بالليرة التركية، عبر نشرات صادرة عن الوزارات المختصة، أما المواد الأخرى فهي خاضعة لقانون العرض والطلب، ولا يتم التدخل بتسعيرها من قبلنا، ورقابتنا على وجود التسعيرة بالليرة التركية".

f30ed893-3932-4437-96bb-5cdafd5ad8f2.jpg
تسعير المحروقات بالليرة التركية - (الأناضول)

وأضاف عبد العزيز، إن "الحكومة تتدخل في الأسعارعند وجود جشع واستغلال وتلاعب بها، عبر دوريات تجوب الأسواق، وهو ما يحصل في المواسم التجارية والأعياد، مؤكداً أنه تم ضبط 47 مخالفة تموينية في يوم واحد منها تشميع 5 محال بسبب التلاعب بالأسعار وعدم الإعلان عن التسعيرة بالليرة التركية".

وفي عفرين غياب الرقابة على الأسعار فتح الباب أمام التجار وبائعي التجزئة للاستغلال، فأسعار المواد في المنطقة تكون وفق مبدأ العرض والطلب، وفيما يتعلق بوجود ضوابط لتحديد أسعار صرف العملات في مكاتب الصرافة أكد مراسل تلفزيون سوريا، أنه لا يوجد أي ضابط أو رقيب على مكاتب الصرافة فهم خاضعون لسعر الصرف الذي يحدده تجار السوق السوداء.

وعن أسعار المواد الأساسية كالخبز أكد مراسلنا أنه لا توجد رقابة على الأسعار أيضاً على الرغم من تحديد سعر ربطة الخبز وزن 800 غرام بليرة تركية واحدة، إلا أن هناك من يبيع الربطة بـ 1000 ليرة سورية وبوزن أقل من 800 غرام.

ff407e61bea4.jpg
أحد أفران الخبز شمالي سوريا - (الأناضول)

وأوضح وزير الاقتصاد في "الحكومة المؤقتة" الدكتورعبد الحكيم المصري لتلفزيون سوريا إن "هناك رقابة على الأسعار لكن الحكومة لا تستطيع ضبطها بسبب صعود وهبوط الليرة السورية مقابل الدولار".

ولضبط عمل الصرافين في الشمال قال المصري"إن هناك دراسة لتشكيل مؤسسة مالية مركزية ينفذها اقتصاديون لضبط عمل الصرافيين وسيتم طرح آلية عملها على مجلس الوزراء لإقرارها".

"الاستقرار بسحب الليرة السورية"

وأضاف وزير الاقتصاد في "الحكومة المؤقتة" أن "أسعار المحروقات والأدوية والخبز ثابتة لأنها مسعرة بالليرة التركية، لكن وجود مواد لم تُسعر بالليرة التركية كالخضراوات والمواد الغذائية هو ما يدفع التاجر إلى التحويل للدولار بسبب عدم استقرار سعر الصرف ما يفتح باباً للاستغلال بحجة عدم الخسارة". 

وأكد أن إصرار البعض على تداول الليرة السورية يعود  لتعاملهم مع مناطق النظام بالإضافة إلى تقاضي الموظفين رواتبهم بالليرة السورية، موضحاً أن عملية سحب الكتلة النقدية السورية من السوق والتي تبلغ قيمتها مايقارب الـ100 مليون دولار بحاجة إلى دعم.

وعن سبب الفوضى في الأسواق قال الدكتور عبد الناصر الجاسم أستاذ إدارة الأعمال في جامعة ماردين التركية لموقع تلفزيون سوريا، إن"إيجابيات اعتماد التعامل بالليرة التركية في المناطق المحررة أكثر من سلبياتها على مستوى معيشة المواطن، بالإضافة إلى تأمينها استقراراً نسبياً بالأسعار أمام الهبوط المفاجئ بأسعار الصرف".

ولنجاح عملية التداول بالليرة التركية هناك عدة شروط يجب توافرها بحسب رأي الدكتور عبد الناصر الجاسم، أولها أن يكون الدخل بالليرة التركية ولا يزال هناك من يتقاضى أجره بالليرة السورية، إضافة إلى ضبط الحوالات المرسلة من الخارج  للمكاتب غير الرسمية والتي تُسلم  بالليرة السورية.