icon
التغطية الحية

تسهيل الغش في مراكز امتحانية بدمشق.. هل تحولت الرشوة إلى روتين؟

2023.06.22 | 17:50 دمشق

آخر تحديث: 23.06.2023 | 12:19 دمشق

طلاب يقدمون امتحان الثانوية العامة - أ ف ب
طلاب يقدمون امتحان الثانوية العامة في سوريا - أ ف ب
دمشق ـ تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

طلب مدير المركز الامتحاني مليونا ونصف المليون ليرة مقابل إعادة الهاتف النقال الذي ضبطه المراقب مع ابنه في أحد مراكز الأحرار بدمشق، وعدم كتابة ضبط غش وحرمان، في حين طلب المراقب الذي ضبط الهاتف 750 ألف ليرة للسكوت عن القضية. هكذا يلخص أبو نزار (اسم مستعار) ما حدث مع ابنه في امتحان اللغة الإنكليزية.

ويقول أبو نزار لموقع تلفزيون سوريا "دخلنا بمساومة مع المدير والمراقب وبشكل علني مقابل إعادة الهاتف وعدم كتابة ضبط، وانتهى ذلك بطلب مبلغ ضخم لا يمكنني دفعه، لذلك طلبت منهم أن يكتبوا الضبط لكنني سأفضحهم وأقدم شكوى بطلب رشاوى، لأرى ماذا سيفعلون".

تسهيل الغش في مراكز امتحانات بدمشق

الطالب أكد للموقع أن "أصدقاءه دفعوا مسبقاً للمراقبين مبالغ تتراوح بين 300 ألف ومليون ليرة للسماح لهم بإدخال الجوالات واستخدامها أو استخدام الملخصات، مشيراً إلى أن بعض المراقبين يقومون بتقديم العون لبعض الطلبة علناً أمام باقي الطلاب بمقابل مادي متفق عليه بين الطرفين".

يتقاسم المراقبون الرشاوى مع مدير المركز وفقاً لطلاب، وما ساعد على انتشار الغش وشراء ذمم بعض المراقبين هذا العام، هو عدم قطع الاتصالات في أثناء الامتحانات ما جعل من إدخال الجوالات مع السماعات مصدر رزق لبعض مديري المراكز، وتختلف التسعيرة من مدرسة لأخرى.

اقرأ أيضا: ما عقوبة ارتداء الساعات الذكية خلال الامتحانات في جامعة دمشق؟    

يحاول أن يبرر أحد أولياء الأمور التسيب الحاصل بالمراكز الامتحانية بأنه ناجم عن ضعف رواتب المراقبين الذين هم مدرسون أساساً، ما يجعل بعضهم ضعافاً أمام المبالغ المالية بينما ينتظر البعض الامتحانات بفارغ الصبر ليكسب منها المال عن سابق إصرار.

وبسؤال بعض الطلبة عن سبب عدم تقديمهم شكوى ضد الغشاشين والمراقبين المرتشين، أكد غالبيتهم أنهم يخشون الطرد في حال تم تكذيبهم.

حالات شراء ذمم بعض المراقبين في مراكز امتحانات "الطلاب الأحرار" بحسب ما رصد الموقع، كانت أكثر انتشاراً في ريف دمشق ومحافظات الشمال.

تقول رهام (اسم مستعار) وهي طالبة ثانوي بالفرع الأدبي مركزها الامتحاني في جرمانا، أن الوضع "سايب" في إشارة إلى فلتان الأمور ضمن المراكز الامتحانية، حيث تدخل المعارف والواسطات في تسهيل الغش للطلاب إضافةً إلى الرشاوى.

رشاوى الامتحانات في سوريا ليست بجديدة

ولا تعتبر ظاهرة الرشاوى في المراكز الامتحانية سواء بدمشق أو غيرها من المحافظات بجديدة، ففي العام الماضي، كشف تقرير للعربي الجديد  أن "أجواء من الفساد والمحسوبية في المدارس التابعة لمديرية التربية في محافظة الحسكة طغت على امتحانات الثانوية العامة لا سيما مع انتشار الرشوة بين المدرسين وتسهيل عمليات الغش للطلاب"، مشيراً إلى أن التسعيرة حينذاك كانت 50 ألفا للمستخدم لإدخال الملخصات و50 ألفا ليرة للمدرس المراقب الذي يسهل الغش.

وفي هذا العام، أكد مدرس يدعى أسامة عبد المولى للعربي الجديد أيضاً، أن ظاهرة الرشاوى في المراكز الامتحانية تتكرر في كل عام. وأضاف "حالياً الغش في الامتحانات والرشوة تحول إلى أمر روتيني، ليس فقط في مراكز الامتحانات بالقامشلي والحسكة، وإنما في عموم مراكز الامتحانات بكافة المدن، وهذا ما عرفته عن طريق زملاء لي".

مدير مركز امتحانات: لا يمكن التعميم

تواصل موقع تلفزيون سوريا مع أحد مسؤولي المراكز الامتحانية بدمشق، والذي فضل عدم ذكر اسمه، للتأكد من حقيقة الرشاوى، لكنه أصر على أن ما يتم الحديث عنه في هذا الصدد عار عن الصحة ولا يمكن لمراقب أو مدير مركز أن يضر بسمعته بهذا الشكل على حد تعبيره، مضيفاً أنه "إن حدث ذلك في بعض المراكز فلا يمكن تعميمه على كل المنظومة التعليمية".

وعند سؤاله عن مدى تأكده من أن المراقبين لا يتقاضون أي رشاوى مقابل تسهيل الغش، أجاب بأن تحديد ذلك صعب جداً، فالرشاوى إن تمت بالفعل، فيتم الاتفاق عليها خارج المركز الامتحاني وبعيداً عن الأعين، مؤكداً أن ما يراه الطلاب من تساهل مع البعض ليس بالضرورة أن يكون بسبب رشوى، فهناك عدة عوامل قد تدفع المراقب لذلك مثل المعرفة الشخصية أو المحسوبية، وفي بعض الأحيان يتم التساهل مع كل طلاب القاعة الامتحانية من قبل المراقب ظناً منه أنه يساعدهم، لكن كل الحالات ممنوعة تماماً مهما كان دافعها ويعاقب عليها القانون.

وتابع أن "مديري المراكز والمراقبين يقعون دائماً بين ناري الشق الإنساني بخصوص مستقبل الطلاب والقانوني في تشديد المراقبة ومعاقبة الغشاش ليحصل كل طالب على نصيبه مما اجتهد. نحن نعلم الظروف الصعبة ونحاول دائماً الوقوف بالمنتصف لنراعي ظروف جميع الطلاب".

ولكن ألا يمكن أن تكون تلك العبارة مبرراً جاهزاً لمدير مركز أعفى شخصا ضبط معه هاتفا أو ملخصا، أو مراقبا غض الطرف عن ملخص مع طالب، بحجة "السبب الإنساني"؟