icon
التغطية الحية

ترحيل للزوجة والبنت فقط.. الدنمارك تفرق عائلة ضابط سوري "منشق"

2021.04.15 | 06:10 دمشق

aldnmar.jpg
مازن كيروان مع ولديه
أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

تُصر حكومة الدنمارك يوماً بعد يوم على التخلي عن أدنى "معايير الإنسانية" إزاء قضية اللاجئين السوريين الذي فروا من ويلات الحرب والدمار والظلم الذي عانوا منه في وطنهم.

ولم يشفع لعائلة اللاجئ السوري مازن كيروان نجاحها في تعلم اللغة وسرعة اندماجها في المجتمع الدنماركي، إذ قررت الحكومة الدنماركية تشتيت "شمل" العائلة بعدم تمديد تصريح الإقامة لزوجة مازن وابنته وترحليهما إلى دمشق رغم أنهما زوجة وابنة ضابط منشق برتبة ملازم عن جيش النظام.

اللاجئ مازن كيروان (28 عاماً) والمقيم في مدينة تورنغ وسط الدنمارك يروي لموقع تلفزيون سوريا تفاصيل قصته بداية من انشقاقه عن جيش النظام قائلاً "انشققت عن جيش النظام في عام 2013 حين كنت في إجازة لمدة 48 ساعة وانتهزت تلك الفرصة لأهرب إلى مسقط رأسي في مدينة إدلب (..) ومن هناك اتجهت إلى تركيا وبعدها إلى لبنان ومن ثم إلى أوروبا".

ويضيف كيروان الذي يعمل منذ ثلاثة سنوات في الدنمارك ويمتلك شركته الخاصة في مجال الاتصالات والهواتف النقالة والكومبيوترات: "لقد شاهدت بأم عيني النزعة الطائفية الوحشية المجرمة لدى النظام السوري، ورأيت القتل والدمار الذي حل بالمواطنين السلميين الذين طالبوا بحقهم في الحرية"، ويتابع قائلاً "رأيت كيف كان النظام يقوم بقتل المعتقلين السياسيين والمتظاهرين آنذاك".

لالا.jpg
بريد تلقته الزوجة لإجراء مقابلة معها لدراسة أسباب لجوئها وبناء على تلك المقابلة تم سحب رخصة الإقامة منها ومنحها إقامة لمدة ست شهور فقط

 

وعن أسباب سحب تصريح إقامة زوجته المنحدرة من بلدة زملكا بريف دمشق والتي تدرس حالياً "إدارة الأعمال" في كلية (FGU)، قال كيروان "إن زوجتي (26 عاماً) وابنتي (6 سنوات ونصف) وصلوا إلى الدنمارك قبلي بأكثر من سنة تقريباً بعد أن خاضوا رحلة خطيرة جداً للوصول إلى هنا، والآن تريد السلطات الدنماركية إعادة النظر بملف لجوئهم كون دمشق وما حولها باتت آمنة وكون النظام لا يمس بأي من ذوي المنشقين أو المعارضين الفارين بحسب ما قالوا ذلك بناءً على تقرير لجنة دنماركية قامت بزيارة سوريا الصيف الماضي".

وأشار اللاجئ السوري الذي اشترى قبل فترة منزلاً في الدنمارك إلى أنه حاصل على لجوء سياسي وبالتالي لا يوجد نية لترحيله "لكن زوجتي حاصلة على لجوء إنساني ما يعني أننا نمتلك إقامات من تصنيفين مختلفين".

ولفت كيروان الذي فعلت عائلته كل ما يلزم للاندماج في المجتمع الدنماركي إلى أن "إدارة شؤون اللاجئين الدنماركية أرسلت إلينا رسالة تنص على أنه بناء على تقرير اللجنة الدنماركية التي زارت دمشق الصيف الماضي لا يوجد هناك خطر على زوجتي وابنتي وبالتالي فهما لا تستحقان الحصول على تصريح الإقامة لأن زوجتي كانت قد قالت في أول مقابلة لها خلال إجراءات الحصول على الإقامة أن حياتها بخطر كونها زوجة ضابط منشق".

وأشار إلى أنه بناء على ذلك "تم سحب إقامة اللجوء الإنساني من زوجتي وتم منحها إقامة مؤقتة لمدة ستة أشهر لحين البت في ملفها"، لافتاً إلى إقامة زوجته وابنته صالحة فقط لمدة ستة أشهر وبعد ذلك من المحتمل أن يكون مصيرهما الترحيل بحسب قرار إدارة شؤون اللاجئين.

وعما إذا كانت هناك استثناءات في الدنمارك لذوي المعارضين أو المنشقين قال كيروان "لا أعرف إن كان يوجد استثناءات"، مشيراً إلى أن "القرار النهائي فيما يخص زوجته وابنته سيأتي بعد ستة أشهر".

وفيما إذا كان يستطيع الاعتراض على القرار ونسبة نجاح ذلك، قال "نعم.. بإمكاننا الاعتراض ونسبة النجاح سبعون بالمئة تقريباً بحسب ما أخبرني محامٍ استشرته".

ولدى مازن طفل ولد في الدنمارك ويبلغ الآن من العمر أربعة أعوام ونصف وقد حصل على الإقامة بحكم أنه ولد في الأراضي الدنماركية و"سيحصل على الجنسية عندما يبلغ الثامنة من عمره بشكل أوتوماتيكي بحسب القوانين المعمول بها"، بحسب اللاجئ السوري الذي قال بحزن إنه بحال تم ترحيل زوجتي وابنتي فسوف تتشتت العائلة بين سوريا والدنمارك.

وشكك اللاجئ السوري بزيارة اللجنة الدنماركية لريف دمشق، قائلاً "لقد زاروا فندق الفورسيزون ومركز العاصمة (..) لا أعتقد أنهم رأوا حاجزا عسكريا من حواجز النظام أو الدمار الخراب في بلدات ريف دمشق". 

وأضاف أن "قرار اللجنة الدنماركية الذي زار دمشق ينص أيضاً على أن الوضع المعيشي والصحي ممتازان، وأنه لا يوجد نقص في أي من مقومات الحياة وكل شيء متوفر وبأرخص الأسعار، ولا توجد أزمات على الكهرباء والوقود، وأنه أيضاً لا يوجد أي اعتقالات للمعارضين السلميين والناشطين السياسيين السلميين"، وتساءل اللاجئ السوري "طالما أن سوريا تشابه دبي بحسب وصف اللجنة الدنماركية، لماذا تم إغلاق السفارة الدنماركية في دمشق وتم سحب كل العاملين بها منذ بداية الثورة وحتى يومنا هذا، حيث إنه كل من يدخل لموقع السفارة الدنماركية في دمشق، سيرى نصا مكتوبا بالدنماركية وترجمته كالتالي (تم إغلاق السفارة الدنماركية في دمشق ونقلها إلى بيروت نظرا لعدم استقرار الوضع الأمني هنا)".

بدورها ميرال ابنة مازن كيروان ناشدت عبر مقطع فيديو رئيسة وزراء الدنمارك عدم ترحيلها إلى دمشق "لإنه توجد حرب هناك.. ولا أريد أن أموت هناك".

 

ومنذ نهاية حزيران من العام 2020، بدأت الدنمارك في عملية واسعة النطاق لإعادة النظر في كلّ ملف من ملفات 461 سورياً من محافظة دمشق على اعتبار أنّ "الوضع الراهن في دمشق لم يعد من شأنه تبرير (منح) تصريح إقامة أو تمديده"، بحسب السلطات الدنماركية.

 

انتقادات

وقبل أيام، تعرضت سياسة الحكومة الدنماركية إزاء اللاجئين إلى انتقادات وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بيان إن المفوضية لا تعتبر "التحسنات الأمنية الأخيرة في أجزاء من سوريا جوهرية بما فيه الكفاية، ومستقرة أو دائمة لتبرير إنهاء الحماية الدولية لأي مجموعة من اللاجئين".

وشددت على أنها "تواصل دعوتها لحماية اللاجئين السوريين وتطالب بعدم إعادتهم قسراً إلى أي مكان في سوريا، بغض النظر عمن يسيطر على المنطقة المعنية".

بدوره، دعا "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" دولة الدنمارك إلى إعادة النّظر سريعاً في قرار إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم باعتبارها "مكانًا آمناً"، وأصدر المرصد الحقوقي الأوروبي، ومقرّه جنيف، بياناً صحفياً عبّر فيه عن قلقه الشديد إزاء الخطوة الدنماركية، لافتاً إلى أنّ القرار "الخطير" يعدّ مؤشراً واضحاً لتبنّي السياسة الدنماركية آلية اليمين المتطرف.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي إنّ القرار الأخير يصنّف محافظة ريف دمشق بكاملها، بالإضافة لمحافظة دمشق، مناطق آمنة، ما يعني أن أوضاع 350 سورياً آخر ستخضع إلى إعادة التّقييم وقد يؤدي ذلك إلى إلغاء صفتهم كلاجئين.

من جانبها، تقول شارلوت سلينت، الأمينة العامة لمجلس اللاجئين الدنماركي (DRC)، إن موقف الدنمارك إزاء اللاجئين السوريين موقف وحيد منفرد في أوروبا، وترى سلينت أن هذا موقفا غير مسؤول، وأن "هناك خطرا حقيقيا بالهجوم والملاحقة" للذين يتم ترحيلهم إلى سوريا، وتضيف بأن "عدم وجود معارك في دمشق، لا يجعل المدينة آمنة ويمكن ترحيل اللاجئين إليها"

الأحزاب اليسارية في البرلمان الدنماركي المتعاونة مع حكومة الأقلية برئاسة الاشتراكية ميتي فريدريكسن، اعترضت على هذا الموقف تجاه اللاجئين واستهجنته.

والأسبوع الماضي، ضجت وسائل الإعلام بنداء متلفز للاجئة سورية مهددة بالترحيل قبل 3 أشهر من امتحانات الشهادة الثانوية وأثارت قضية آية أبو ضاهر (19 عاماً) المشاعر في الدنمارك بسؤالها والدموع في عينيها عمّا "فعلته خطأ". وعلمت الشابة السورية، التي يصفها مدير مدرستها في نيبورغ بـ"الطالبة الممتازة"، حديثاً بأن تصريح إقامتها الذي انتهى في نهاية كانون الثاني لن يتم تجديده.

كما حرم 94 سورياً من التصاريح عام 2020، من أصل 273 حالة درست ملفاتهم بشكل فردي، حسب أحدث تقرير متوفر لوكالة الهجرة الدنماركية ويعود تاريخه إلى كانون الثاني الماضي، وقد وضع بعضهم في مراكز احتجاز للمهاجرين.

والدنمارك هي أول دولة من الاتحاد الأوروبي تعيد اللاجئين السوريين بزعم أن سوريا لم تعد خطرة، وهو ما يتوافق مع أهداف رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسون التي لا تخفي نيّة بلادها الوصول إلى درجة "صفر طلب لجوء"، في الوقت الذي تشهد البلاد أقل عدد من طلبات اللجوء منذ عام 1998.