ترامب والحاجة إلى قيادة في زمن الكورونا

2020.04.08 | 00:00 دمشق

1-1324383.jpg
+A
حجم الخط
-A

بحكم أن العالم أصبح قرية صغيرة كما أصبحنا نردد باستمرار فقد كشفت الأزمة المالية العالمية في 2008 وسرعة انتشار فيروس كورونا في عام 2020 أن ما يصيب جزءا من العالم يتأثر به بقية العالم بسرعة لا يمكن تصورها في السابق، حتى لو بقيت منعزلا عن العالم لن تكون بمأمن أو بعيدا عن التحولات العالمية التي تجري باستمرار وبشكل متحول.

وكما أن سياسة التأثر تكون عالمية كذلك الحاجة إلى الرد على التحديات العالمية تحتاج على قيادة من نوع جماعي وتحتاج إلى تنسيق الجهود الدولية من أجل القيام بهذا الرد بشكل منسق، ويستجيب للتحديات العالمية المتزايدة، لقد مكن الرد الدولي بقيادة الولايات المتحدة خلال إدارة أوباما في عام 2008 من تنسيق الجهود الدولية من أجل الحد من تأثيرات الأزمة المالية العالمية وكان اجتماع دول العشرين والتنسيق بين وزراء المالية هو المكان والمفتاح للوصول إلى حلول في الكثير من المشاكل المتتابعة التي هزت العالم في عام 2008.

بالمقابل نجد ترامب يتصف بالعجز أو الفشل الكامل في تنسيق الجهود الدولية لمكافحة فيروس كورونا، ولم تزد المؤتمرات الصحفية التي يعقدها يوميا لم تزد الطين إلا بلة كما يقال بسبب تخبط تصريحاته وابتعادها عن استخدام اللغة أو المفاهيم الخاصة بعلم الأوبئة، وتكرار معلومات خاطئة أو غير دقيقة، كما أن التنسيق على المستوى الدولي في أدنى مستوياته إن لم يكن في أسوأ حالاته كما وجدنا في قرصنة شحنات المعدات الطبية بين الدول، أما اجتماع

وجدنا فشلا عالميا في التعامل مع الفيروس مهما كان نوع النظام الصحي متطوراً

العشرين الأخير الافتراضي الذي عقد من السعودية فقد فشل حتى في إصدار بيان بشأن الجهود الدولية لمكافحة الفيروس لأن إدارة ترامب أصرت على وصف الفيروس بأنه "فيروس ووهان" وهو ما رفضته الصين ودول أخرى ففشل الاجتماع في إصدار البيان الختامي كما ذكرت صحيفة الفورين بوليسي.

لقد وجدنا فشلا عالميا في التعامل مع الفيروس مهما كان نوع النظام الصحي متطوراً، فقد زاد عدد الوفيات في كلا النوعين من النظام الصحي الذي تسيطر عليه الدولة بالكامل مثل إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وذلك الذي هو خاضع لمبدأ العرض والطلب بالكامل في الاقتصاد الحر كما في أميركا، وجدنا كلاهما يتعرضان لهزات غير مسبوقة وبالتالي لا يمكن القول إن ازمة كورونا أعطتنا أية أفضلية لنظام صحي على آخر.

أما بالنسبة للكلام الكثير بلا معنى عن ولادة نظام عالمي جديد بعد الكورونا أعتقد أن ذلك مبكر جدا جدا
إذا لم نجد وفيات بالملايين حيث تباد شعوب بأكملها بسبب عدم القدرة على الاستجابة، وهو مستبعد بشكل كبير فلا تغيير سيحدث، لكن من الأكيد أن الصين ستستمر بصعودها الاقتصادي المذهل وربما تتفوق على أميركا في الناتج الاجمالي المحلي لكنها ستصطدم مجددا بفشل نظامها السياسي في الاستجابة لرغبات مواطنيها كما وجدنا في هونغ كونغ وإقليم شينانجنغ مع الأقلية المسلمة وغيرها.

وبالتالي فالنظام القديم الذي ورثناه عن الحرب العالمية الثانية سيبقى مع ندوب أو جروح غائرة تدميه كما جرى في سوريا، لكنها لا تدفعه لتغيير قواعده لأنه مريح للأطراف الفاعلة فيه الأكثر قوة.

لقد كشف التعامل الدولي مع فيروس كورونا فشل إدارة ترامب الذريع في التحضير أو قيادة رد فعل دولي يستجيب لعولمة الوباء ويرتقي إلى حجم وعدد الضحايا الذين يسقطون بشكل يومي، مما يحتم القدرة على تنسيق الجهود الدولية من قبل الإدارة الأمريكية التي لديها الموارد الكبرى والتأثير المهيمن الأكبر على المستوى الدولي بحجم قدرتها على التأثير في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة وكندا وغيرها من دول الشرق الأوسط القادرة ماليا، لكن بسبب غياب القيادة في عهد ترامب الذي يدعي أنه قائد لا يشق له غبار يعني أن التداعيات الدولية للوباء على الصعيد الطبي والصحي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى صعيد التعاون الدولي وغير ذلك كله مهدد بالفشل والوصول إلى نقطة الصدام أو نقطة انهيار المنظمات الدولية التي بنيت بعد الحرب العالمية الثانية من أجل تنسيق الجهود الدولية لبناء ما سمي حينها "السلام العالمي".

كلمات مفتاحية