icon
التغطية الحية

تراجيديا الخروج من شرق المتوسط.. حين يمتزج اللون بالقصيدة

2022.03.11 | 07:04 دمشق

nwry_wasd-_tlfzywn_swrya.jpg
+A
حجم الخط
-A

عبارة تحمل بين ثناياها معنى دلالياً أدبياً يدغدغ ذاكرة السوريين ليعيدها إلى تلك البقاع التي هُجّروا منها، والتي ما يزال الحنين إليها يطرق أبواب أفئدتهم مع كل نبضة.

"حَكايا مصورة من شرق المتوسط" عنوان المعرض الفني الذي افتتح أمس الخميس في صالة "أوربيا" بالعاصمة الفرنسية باريس، ليضم أعمالاً تشكيلية استلهمها الفنان التشكيلي السوري أسعد فرزات من قصيدة الشاعر السوري نوري الجراح المنشورة سنة 2019 والمسماة: "الخروج من شرق المتوسط".

وبذلك يكون المعرض بمثابة مغامرة فنية تفاعلية بين عالمين، شعري وفني. مزيج بين الكلمة وفضائها البصري، ورحلة إبداعية تعكس بلغة فنية مبتكرة التجربة التراجيدية للخروج البحري للسوريين في مأساة الهروب من جحيم الطغيان أو ما يسميه الشاعر الجراح "الهولوكوست الأممي" في سوريا.

يشكل المعرض حلقة جديدة من حلقات رحلة أسعد فرزات الفنية، واللوحات المعروضة فيه هي جزء من عمل فني أكبر مشترك بين الفنان والشاعر، سيطوف أوروبا في السنة الحالية والسنة المقبلة، تعبيراً عن لقاء القصيدة بالريشة المبدعة في رحلة التعبير عن الألم السوري.

نصّ ملحمي غنيٌ بالصور

"ليس هناك مجال للتردد، خاصة عندما يأتيك هاتف مفاجئ من شاعر كـ نوري الجراح يعرض فيه فكرة  لمشروع مشترك ما بين فضاء الشعر وفضاء الصورة.  يبدو الأمر مغرياً جداً لارتباط الأمرين ببعضهما البعض، خصوصاً أن لدي بعض التجارب السابقة في استلهام الكلمة بصرياً"، يقول فرزات لـ موقع تلفزيون سوريا واصفاً ولادة الفكرة.

ويتابع: "الأمر هنا يبدو مختلفاً مع النص الشعري الذي طرحه الجراح، وأعني قصيدة (الخروج من شرق المتوسط). في البداية شعرت حقيقة بأني تورطت، خاصة بعد أن قرأت النص عدة مرات، فهو نص ملحمي مليء بالمشاهد البصرية والاحتمالات التقنية المتعددة لإنجاز الصورة. لكن كلما تعمقت أكثر بفضاء الكلمة أشعر أنها ورطة جميلة منحتني رؤية ذهنية مختلفة تماماً عما أنجزته من تجارب سابقة؛ تجربة وجدانية  خاصه عشتها مع النص، لأني –كسوري- جزء من هذه الملحمة وفضائها، لا سيما أن التجربة المشتركة مع هذه القصيدة الغنية بمشاهدها الملحمية لا تزال مستمرة  في اكتشاف صور تنتمي إلى عوالم بصرية لا تنتهي".

 

 

مقتطف من قصيدة "الخروج من شرق المتوسط" لـ نوري الجراح

أَلِأَنَّنِي قُدْتُ السَّفِينَةَ مَرَّةً،

يَوْمَ فَاضَ العَمَاءُ وَلَمْ تَعُدْ يَابِسَةٌ هُنَاكَ

أَلِأَنَّنِي اهْتَدَيْتُ بِالأُفُقِ

لِأُنْقِذَكَ مِنَ الهَلاَكِ

أَلِأَنَّنِي عَمَّرْتُ المُدُنَ، وَرَفَعْتُ الأَسْوَارَ وَكَتَبْتُ الرَّسَائِلَ وَأَخْرَجْتُ الرُّسُلَ

تُكَافِئُنِي

بِأَنْ تُقْفَلَ عَلَيَّ اليَابِسَةُ..

فَلَا يَعُودُ لِي عَلَى سَطْحِ هَذَا الكَوْكَبِ المَجْنُونِ

لاَ شَرْقٌ وَلاَ غَرْبُ

وَمَا أَرَى

مِنْ حُطَامِ أَيَّامِي

تَحْتَ سَمَاءِ أَيَّامِي

سِوَى دُخَانِ الحَرَائِقِ

وَرمَادِ النِّهَايَاتْ.

***

لاَ جَبَلٌ

هُنَا

وَلاَ مَدِينَةْ.

***

جُنْدِيَّانِ فِي المِينَاءِ

يَتَفَحَّصَانِ مَلاَبِسِي

وَيُقَرِّرَانِ لِيَ المَصِيرَ

لَمْ يَعُدْ وَجْهِي غَرِيبًا

فِي المَوَانِئِ

وَالمَطَارَاتِ

وَأَبْوَابِ العُبُورِ

فَأَنَا حِكَايَةُ كُلِّ يَوْمٍ.

وَأَنَا نِدَاءُ الزَّوْرَقِ المَكْسُورِ

لِلْمَوْجَةِ العَمْيَاءْ.

أسعد فرزات

فنان سوري مقيم في سويسرا منذ العام 2015 .تخرّج في كلية الفنون الجميلة بدمشق- قسم التصوير الزيتي عام 1986 بدرجة امتياز.

  • أقام العديد من المعارض الفنية في سوريا وفي عدد من البلدان العربية، منها تونس والكويت ولبنان، كما شارك في العديد من الملتقيات الفنية العربية والعالمية، منها:
  • معرض فردي لأعماله أقامته مؤسسة EF Eduction first بمدينة زيورخ عام 2020.
  • معرض فردي بصالة  Art 333- زيورخ.
  • معرض مشترك مع خمسة فنانين من العالم، صالة Art 333 عام 2021 .
  • نال العديد من الجوائز أهمها: الجائزة الأولى في معرض الشباب 1987. الجائزة الأولى في ملتقى فارنا 2007. الجائزة التقديرية في ملتقى مسقط 2002، بالإضافة إلى العديد من الجوائز التقديرية.
  • بعض أعماله مقتناة من قبل المتحف الوطني في دمشق ومركز الفنون البصرية، وضمن مجموعات خاصة في كل من الكويت وتونس ولبنان وإيطاليا وسويسرا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية.

نوري الجراح

شاعر سوري مقيم في بريطانيا وهو من مواليد دمشق 1956.

انتقل إلى بيروت وعمل في الصحافة الأدبية منذ مطلع الثمانينيات، وأدار تحرير مجلة "فكر" الأدبية. ترك بيروت وتوجه إلى قبرص حيث قضى فيها سنتين، ثم هاجر إلى لندن وأقام هناك منذ سنة 1986. عمل في مجلة "الحوادث" وصحيفة الحياة، وغيرها من صحف المهجر.

يشرف الجراح، ما بين لندن والإمارات العربية المتحدة، على "المركز العربي للأدب الجغرافي -ارتياد الآفاق"، و"جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي"، و"ندوة الرحالة العرب والمسلمين: اكتشاف الذات والآخر" التي تنعقد سنوياً في إحدى العواصم الشرقية.

أسهم إلى جانب كل من رياض الريس وأنسي الحاج وزكريا تامر في تأسيس مجلة الناقد الشهرية الثقافية الحرة، وعمل فيها مديراً للتحرير ما بين 1988 و1993. وفي الفترة ما بين 1993 و1995 أسس ورأس تحرير مجلة "الكاتبة" كأول منبر ثقافي عربي شهري يصدر من لندن ويوزع في العالم العربي ويعنى بمغامرة المرأة في الكتابة ومغامرة الكتابة في المرأة. مما أسس أول جائزة عربية للرواية التي تكتبها المرأة تحت اسم "جائزة الكاتبة للرواية" وحازت عليها في دورتها الأولى سنة 1994 الروائية اللبنانية هاديا سعيد عن روايتها "بستان أسود". وفي سنة 1999 أسس ما بين لندن وقبرص مجلة "القصيدة" منبراً للشعر الحر وللأفكار الجديدة حول الشعر.

من أعماله الشعرية:

  • الصبي، بيروت 1982
  • مجاراة الصوت، لندن 1988
  • نشيد صوت، كولونيا 1990
  • طفولة موت، الدار البيضاء 1992
  • كأس سوداء، لندن 1993
  • القصيدة والقصيدة في المرآة، بيروت 1995
  • صعود أبريل، بيروت 1996
  • حدائق هاملت، بيروت 2003
  • طريق دمشق والحديقة الفارسية في مجلد واحد 2004.
  • الأعمال الشعرية الكاملة صدرت له عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في مجلدين، سنة 2008.
  • قارب إلى ليسبوس، منشورات المتوسط 2016.
  • لَا حَرْب في طُرْوَادَة - كلماتْ هُومِيرُوسْ الأَخِيرَةْ. صدرت له عن منشورات المتوسط في مجلد، سنة 2019.

كما ترجمت بعض أعماله الشعرية إلى عدة لغات منها، اللغة الفارسية، والفرنسية، والإسبانية، والإنكليزية، والإيطالية واليونانية، والتركية، والبولونية، والفلمانية.

 

معرض اسعد.jpg
جانب من الحضور في المعرض