icon
التغطية الحية

تحقيق: العثور على أجهزة تجسس إسرائيلية مخفية في أنظمة طاقة شمسية في سوريا

2024.05.31 | 05:38 دمشق

آخر تحديث: 31.05.2024 | 17:34 دمشق

التجسس
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

اكتشفت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري أجهزة تجسس إسرائيلية وصلت إلى سوريا أواخر نيسان الفائت عبر ميناء اللاذقية ومعبر المصنع الحدودي مع لبنان، داخل شحنة مستلزمات طاقة شمسية، تحقق موقع تلفزيون سوريا من أنها كانت لصالح مستوردين مقربين من الفرقة الرابعة وآخرين من وسيم الأسد.

وعُثِر على أجهزة تجسس على الإشارات اللاسلكية داخل عاكسات تيار كهربائي (Inverter - إنفرتر) من إنتاج شركات Bluesun وRomex وMust الصينية، وجميعها شركات متخصصة بصناعة أنظمة الطاقة الشمسية والهوائية ومستلزماتها، وتعمل في أسواق قرابة 180 دولة حول العالم، بحسب ما تعرف نفسها على مواقعها الإلكترونية الرسمية.

وتعمل أجهزة التنصت التي عثر عليها على اختراق إشارة وترددات أجهزة الاتصال الراديوية والماكروية كالمستخدمة في الاتصالات العسكرية والأمنية في سوريا، وذلك بحسب مصادر أمنية خاصة يتعذر الكشف عن هويتها نظراً لحساسية المعلومات وضيق الدائرة المطلعة عليها.

الصور التي تحمل شعار تلفزيون سوريا حصرية من الشحنة المكتشفة

كيف تم اكتشاف الأجهزة في الشحنة؟

وكشفت المصادر الخاصة لموقع تلفزيون سوريا أن أجهزة التجسس الإسرائيلية المتغلغلة داخل معدات أنظمة الطاقة الشمسية تم اكتشافها مصادفة عندما قررت مختبرات لجنة فحص جودة أنظمة الطاقة الشمسية في دمشق إخضاع الشحنة للفحص، واكتشفت وجود أجهزة تجسس وتنصت على الاتصالات الخليوية والراديوية، لتبلغ على الفور أجهزة النظام الأمنية بمحتويات بعض العيّنات.

وأوضحت المصادر أنها ليست المرة الأولى التي تدخل فيها هذه البضائع إلى سوريا، مضيفة أن كل شحنة كان يتم أخذ عيّنات عشوائية منها وإجراء اختبارات الجودة عليها للتأكد من أن قدرتها مطابقة تماماً للمواصفات المسجلة على كل منها، ومن ثم إضافة لصاقات ليزرية صادرة عن اللجنة تؤكد مطابقة المواصفات الفنية واستيفاءها لأجور الفحص والرسوم الجمركية.

نمط جديد من تقنيات التجسس

لفت مهندس الاتصالات يوسف رمضان إلى سهولة اختراق أجهزة الاتصال اللاسليكية لدى جيش النظام السوري والميليشيات المرتبطة به من خلال استخدام تقنيات اتصال زهيدة الكلفة وصغيرة الحجم وبرمجيات لفك تشفير.

في حين استبعد رمضان أن تكون أجهزة التجسس المخبأة داخل عاكسات التيار الكهربائي أو حتى ضمن علب التخريج الكهربائي لألواح الطاقة الشمسية قادرة على إعادة إرسال الاتصالات لمسافات بعيدة من دون أن يتم ربطها بمكررات الإشارة والتي تعرف باسم جهاز "Repeater" الذي ينقسم إلى قسمين:

  1. الأول: مستقبل الإشارة وهو دارة إلكترونية صغيرة الحجم بالإمكان إخفاؤها ضمن صندوق أي جهاز كهربائي
  2. الثاني: مرسل عالي الاستطاعة مكوناته يصعب إخفاؤها في عاكسات التيار الكهربائي أو ما شابهها، ومن الضروري أن يتم ربطها بأبراج وهوائيات يصل طولها إلى متر واحد أو أكثر.

ويرجح خبير الاتصالات أحد خيارين، إما وجود مكررات إشارة تستخدمها إسرائيل من داخل الأراضي السورية، أو استخدامها لتقنيات متطورة كالاتصال عبر الأقمار الصناعية لنقل ما يتم التقاطه بوساطة أجهزة التجسس من دون الحاجة لمحطات بث خارجية لافتة للأنظار.

التجسس على النشاط الإيراني في سوريا

يرى الباحث في شؤون الميليشيات المرتبطة بإيران تركي المصطفى أنّ إسرائيل أقامت علاقات استخبارية مع ضباط عسكريين وأمنيين وتجار من الدائرة الضيقة القريبة من آل الأسد لتجنيدهم كجواسيس على نشاط الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المرتبطة به.

وتستخدم إسرائيل جميع الوسائل التجسسية المتاحة لها ومن بينها زراعة أجهزة تجسس في أنظمة الطاقة الشمسية لاختراق أنظمة الاتصال وبالأخص الاتصالات الإيرانية والمراقبة الحثيثة للوجود العسكري الإيراني وصولاً إلى جمع المعلومات الاستخبارية التي تفيد جهاز الموساد والجيش الإسرائيلي سواء في الوقت الحالي أو المستقبل البعيد، ومن ثم توظيفها في ضرب الأهداف الإيرانية على الأرض السورية، وفقاً للمصطفى.

بدوره اعتبر الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان أنّ التحرك الاستخباري الأخير لإسرائيل في الأراضي السورية جاء عقب خسارتها العديد من أبراج ومناطيد ومحطات التجسس على حدودها الشمالية.

ووصف علوان خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا عمليات الاغتيال لجنرالات في الحرس الثوري الإيراني وقادة فصائل فلسطينية على الأراضي السورية بـ"الضربات المؤلمة"، لافتاً إلى أن نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها بتلك الضربات يأتي كنتيجة لدرايتها المسبقة بتحركات هؤلاء القادة والضباط ورصد مخططاتهم من خلال وسائل تجسس متعددة بما فيها الاختراق المعلوماتي للغرف الأمنية الإيرانية.

حملة اعتقالات.. ومستوردون مرتبطون بالفرقة الرابعة

نظّم فرع الأمن العسكري بالاشتراك مع الإدارة العامة للجمارك حملة مشتركة لمصادرة البضائع من المستودعات ومحال البيع بالتجزئة والتفرقة، إضافة إلى ملاحقة المستوردين وأصحاب المعارض والوكالات واعتقالهم للتحقيق معهم في القضية.

وخلال الحملة، اعتقل عامر يحيى شربجي واثنان من أشقائه، بعد العثور على أجهزة تجسس داخل أنظمة طاقة شمسية استوردها مؤخراً من لبنان لتشغيل منتجع "الفصول الأربعة" الذي يملكه، إضافة إلى مصادرة المستوردات.

واعتقل أيضاً شادي نصر، بعد العثور على الأجهزة ذاتها ضمن بضائع استوردها والده حكمت نصر المقرب من رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء سابقاً وفيق ناصر، كما جرى مداهمة مستودعين وصالة مبيع في صحنايا، في حين تمكن المستورد من مغادرة سوريا، ما يشير إلى علمه المسبق بوجود معدات التجسس داخل بعض البضائع، بحسب ما ذكرت مصادر لموقع تلفزيون سوريا.

وصادرت الدوريات المشتركة مستودعا لعبد الله نشواتي في منطقة الفحامة، ومستودعا لابنه محمد خير عبد الله نشواتي بالقرب من جديدة عرطوز، وكلاهما تربطهما علاقات مع العقيد في مكتب أمن الفرقة الرابعة أحمد خير بيك والذي يسهّل مرور المستوردات عبر الحدود وداخل الأراضي السورية.

وبحسب المصادر، فإنّ الحملة استهدفت أيضاً مستودعين، أحدهما يقع على طريق المعضمية - عرطوز والآخر في صحنايا، وصادرت جميع محتوياتهما قبل اعتقال مالكهما زياد عبيد على الحدود اللبنانية السورية، مضيفة أنّ عبيد تربطه علاقة شراكة تجارية وعقارية برئيس مكتب أمن الفرقة الرابعة غسان بلال.

ويواصل فرع الأمن العسكري حملته الأمنية بعد مرور نحو شهر على اكتشاف الاختراق الإسرائيلي للشحنات المستوردة إلى سوريا من خلال اعتقال موزعين وبائعين ووكلاء تجاريين يعملون لصالح المستوردين للأنظمة الكهروضوئية الصينية في محافظات دمشق وريف دمشق وحمص وحماة واللاذقية، في حين أُطلق سراح معظم الموقوفين عقب التحقيق معهم لمدة تراوحت بين أسبوع واحد وأسبوعين، باستثناء الشركاء التجاريين للمستوردين أو ممن تربطهم علاقة قرابة من الدرجة الأولى والثانية.

وسيم الأسد متورط بإدخال أجهزة التجسس

لاحق موقع تلفزيون سوريا مسار الشحنة المكتشفة وتتبع مصدرها وصولاً إلى ميناء اللاذقية، حيث كشف عامل في الميناء أن  وسيم الأسد ابن عم رئيس النظام السوري بشار الأسد ضغط خلال الفترة الماضية على أمانة جمارك اللاذقية للإسراع بتخليص شحنات مستوردة من الصين تضم ألواح طاقة شمسية وعاكسات للجهد الكهربائي وبطاريات ليثيوم من مختلف القياسات.

وطلب وسيم الأسد للمرة الأولى من مدير مرفأ اللاذقية حسن محلا تسهيل عبور بضائع إلكترونية أواخر شهر آذار الفائت، ليتدخل مجدداً في شهر نيسان من أجل شحنة مماثلة لصالح مستورد آخر، مرجحاً معرفة الأسد المسبقة بمحتويات الشحنات لأنه لم يتدخل في مستوردات من هذا النوع من قبل.

وبيّن المصدر أنّ مستوردي البضائع الصينية يتعاقدون مع شركات شحن بحرية دولية تتوقف قبل وصولها إلى ميناء اللاذقية في عدة محطات وموانئ في العديد من الدول، من بينها الموانئ الإسرائيلية.

بديل عن محطات التجسس الإسرائيلي

اتبع حزب الله اللبنانية في مناوشاته مع الجيش الإسرائيلي تكتيك "إعماء الخصم" وذلك باستهداف أبراج تجسس ورصد تابعة للأخير على طول حدوده الشمالية مع سوريا ولبنان، ما دفع به لاستخدام مناطيد الحرب الإلكترونية في رصد واختراق الاتصالات اللاسلكية والتشويش على أنظمة التموضع الجغرافي ورصد الطائرات المسيرة.

ويبدو أنّ الاستخبارات الإسرائيلية لجأت إلى التجسس على خصومها بأسلوب جديد للحفاظ على رصيدها المعلوماتي من خلال نشر أجهزة صغيرة الحجم وبأعداد كبيرة ليكون من الصعب العثور عليها وإبطال فعاليتها، كما حصل في قطاع غزة بعد تدمير أبراج التجسس في منطقة الغلاف.

ونشرت منصة المجد الفلسطينية المختصة بالتوعية الأمنية "لواء المجد الأمني"، أواخر العام 2023 الفائت، صوراً لأجسام على شكل حجارة صغيرة مصنوعة من مادة الفوم، قالت إنّ درونات كواد كوبتر إسرائيلية ألقتها على مناطق متفرقة من قطاع غزة.

ووفقاً لبيان جهاز الأمن الداخلي في غزة، فإنّ الأجسام تحتوي داخلها على أجهزة تجسس قادرة على جمع البيانات من الاتصالات اللاسلكية بجميع أنواعها وإرسالها إلى غرف العمليات الاستخبارية التابعة للجيش الإسرائيلي.