icon
التغطية الحية

تحقيقات تكشف دور الإمارات في انسحاب محجّبة سورية من برنامج "ذا فويس" بفرنسا

2023.07.07 | 20:27 دمشق

تحقيقات تكشف دور الإمارات في انسحاب محجّبة سورية من برنامج "ذا فويس" بفرنسا
منال ابتسام (يوتيوب/ the voice)
تلفزيون سوريا- إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

كشفت تحقيقات جديدة أجرتها مؤسسات إعلامية دولية، عن شبكة استخبارات واسعة النطاق تعمل لمصلحة الإمارات العربية المتحدة في أوروبا، تستهدف من خلالها مئات الشخصيات بحجة ما وصفته "ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين".

من بين الأسماء الواردة في قوائم الشخصيات المستهدفة من قبل استخبارات "أبو ظبي"، برز اسم الشابة الفرنسية- السورية "منال ابتسام" التي ذاع صيتها قبل نحو 5 سنوات على خلفية انسحابها من برنامج "ذا فويس" بنسخته الفرنسية، بسبب الهجمة الشعواء التي استهدفت حجابها، عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وبعد حصول مؤسسة (Media part) على وثائق سرية تمّ الوصول إليها عبر اختراق حساب شركة الخدمات الاستخباراتية السويسريّة (ALP Services)، تم إطلاق سلسلة تحقيقات حملت مسمّى "أسرار أبو ظبي" (Abu Dhabi Secrets) بمشاركة كلّ من: أعضاء شبكة الإعلام الأوروبية للتحقيقات (EIC) ووسائل الإعلام السويسرية (Heidi News) و(RSI Television) و(Domani) الإيطالية، بالإضافة إلى موقع (درج) في لبنان.

ووفق النسخة العربية من السلسلة التي بدأ موقع (درج) بنشر حلقتها الأولى اليوم الجمعة، والتي حملت عنوان: "أسرار أبو ظبي: ألف أوروبي مسجّلون كـ إخوان مسلمين لدى أجهزة الأمن الإماراتيّة"؛ بيّن الموقع اللبناني أنه حين نشر عام 2018 قصة انسحاب الفرنسية من أصل سوري، منال ابتسام، من "ذا فويس" إثر الحملة التي استهدفت حجابها، لم يكن يعلم حينها هوية الاطراف التي وقفت وراء تلك الحملة.

وقال: "اليوم اكتشفنا أن اسم منال أُدرج حينها على لائحة أهداف أعدتها شركة Alp السويسرية لمصلحة الإمارات العربية المتحدة، ينبغي القضاء على أنشطتها في أوروبا، بسبب مزاعم عن ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين".

"تصنيف أكثر من 1000 أوروبي كمقربين من الإخوان"!

ووفق المصدر، فقد "أرسلت وكالة الخدمات السويسرية  ALP Services أسماء مئات الأوروبيين إلى استخبارات أبو ظبي مع تصنيفهم في كثير من الأحيان على نحو مضلل، بأنهم إسلاميون مقربون من تنظيم الإخوان المسلمين. من بين ضحايا هذه الإجراءات العبثية، أسماء لا علاقة لها مطلقاً بالإسلام أو الإخوان المسلمين.

وتحت عنوان "شبكة مافوية عابرة للقارات"، تم إرسال خريطة "مرعبة وصادمة" من الوكالة السويسرية إلى أجهزة الاستخبارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، تشتمل على مئات الأفراد المنتشرين في جميع أنحاء أوروبا، تربط ما بينهم "أسهم"، ويُفترض أنهم يشكلون شبكة من الإسلاميين المتطرفين، بحسب المصدر.

وتوضح الوثائق التي حصلت عليها المؤسسات الإعلامية أنه بين عامي 2017 و2020، قدمت Alp Services  أسماء ومعلومات عن أكثر من 1000 شخص وأكثر من 400 منظمة، يفترض أنها على ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين، في 18 بلداً أوروبياً، حوت الأسماء أكثر من 200 فرد و120 منظمة في فرنسا لوحدها.

ووفق الموقع، فإن ذلك التصنيف وُضع خارج أي إطار قانوني، حيث أن عدداً كبيراً من الأسماء التي تضمّنها لا علاقة لها بالإسلام المتطرف، من بين هؤلاء مثلاً، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية بينوا هامون (Benoît Hamon) ، ومساعد رئيس بلدية مرسيليا وعضوة مجلس الشيوخ السابقة سامية غالي (Samia Ghal) ، والكاتبة والمخرجة روخايا ديالو  (Rokhaya Diallo)، وصحافي من  Mediapart، بالإضافة إلى Bondy Blog وحزب La France insoumise الذي يرأسه جان لوك ميلونشون  Jean-Luc Mélenchon. حتى الـ CNRS، وهي الهيئة العامة التي تشرف على البحث العلمي في فرنسا.

بعض الأسماء تم وضعها إلى جانب إرهابيين محكوم عليهم بتهمة الارتباط بتنظيم "القاعدة". وفي بعض الأحيان تم ذكر أرقام هواتفهم وتفاصيل شخصية. "كل من ذُكر اسمه اعتُبر مقرباً أو داعماً لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة كتنظيم إرهابي من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة الخليجية ذات النظام الاستبدادي الذي يضطهد أي معارض"، وفق المصدر.

ردود أفعال المستهدفين

تراوحت ردود فعل ضحايا هذا التصنيف بين الذهول والغضب والخوف. علق بينوا هامون قائلاً "إنه أمر مريع"، بينما قالت سامية غالي غاضبةً : "لن أمرر هذه القضية، يجب أن تقوم العدالة والسلطات الفرنسية بالتحقيق، ويجب أن تشرح الأمر لنا"، بينما قال أحد الباحثين في الـ CNRS فضل عدم ذكر اسمه: "سأفكر ملياً قبل السفر إلى الإمارات".

ويشير المصدر إلى أن الرجل الذي قاد هذه العملية يدعى ماريو بريرو  (Mario Brero)، يبلغ من العمر 71 عاماً، وهو خبير في التحقيقات الخاصة، ورئيس وكالة Alp Services التي أسسها في جنيف منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

الربيع العربي يفضح مخاوف الإمارات

أدى تولي رؤساء منتخبين من الجماعة في تونس ومصر بعد الثورات العربية عام 2011، إلى خوف بعض الأمراء في الخليج من أن يطاح بهم. وزاد الدعم الذي قدمته قطر للإخوان من التوتر، وتصاعد الصراع فبلغ ذروته بين عامي 2017 و2021، عندما فرض تحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات حصاراً على قطر.

بحسب المصدر، فإن هذا السياق الجيوسياسي، على الرغم من أنه يبدو بعيداً، فقد استُهدف بسببه مئات الأوروبيين الذين أصبحوا ضحايا لثأر أبو ظبي. لهذه الغاية، أنجزت ALP عشرات التقارير التي كرستها لأشخاص وشبكة علاقات في كل بلد. العرض المقدم يتماهى مع رغبات العميل: بقع دماء، وخريطة ملونة لأوروبا تحمل شعار الإخوان المسلمين وإشارات إلى "المافيا".

آلاف اليوروهات لأفراد الحملات الإعلامية

بعد الاطلاع على اللائحة الكاملة، صار بإمكان أبو ظبي أن تطلب خدمات إضافية لمهاجمة الأهداف التي تختارها، مقابل 20,000 إلى 50,000 يورو لكل فرد، عبر استخدام وسائل عدوانيّة، مثل الحملات الصحافيّة، والمقالات التي يتم نشرها عبر حسابات مزيفة، وتعديل صفحات ويكيبيديا، وحتى عمليات تهدف إلى إقناع المصارف بإغلاق حسابات. هذا ما حدث لحازم ندى، وهو رجل أعمال مقيم في سويسرا ورئيس شركة تجارة النفط، الذي أفلس بسبب عملية خاصة من شركة  ALP.

قصة منال ابتسام

يكشف المصدر أن اسم منال ابتسام ظهر في الوثائق، بوصفها "رمزاً" للأيديولوجيا الإخوانيّة في فرنسا، وبسبب الحملة التي اشتعلت إثر مشاركتها في برنامج The voice في نسخته الفرنسيّة عام 2018، وغنّت وهي ترتدي حجاباً -لم تعد تضعه الآن- ثم اضطرت إلى ترك البرنامج، بعد نشر تغريدات قديمة لها تحوي إشارات مؤامراتيّة في ما يخص اعتداءات "نيس" و"سانت إتيان دو روفيه". ردت حينها: "أنا أحب فرنسا". وأضافت أنها تدين العنف وأنها كتبت التغريدات تحت تأثير "الغضب" لتنتقد "الدمج بين الإرهاب والدين".

تواصلت Media part مع المغنية التي أبدت غضبها من وجود اسمها ضمن "قائمة للإخوان المسلمين أعدتها قوى أجنبيّة"، فتقول: "هذا كلام فارغ، لم أفعل أو أقم أبداً بشيء يمكن أن يجعل أحدهم يظن بأني ذات انتماء ديني أو سياسيّ"، وفق ما ورد في جزء من الحلقة الأولى لسلسلة "أسرار أبو ظبي".