تحديات تركيا في الملف الأفغاني

2021.09.03 | 06:35 دمشق

900500_2408131b-f81e-43b3-b465-2e0181642d8b.jpg
+A
حجم الخط
-A

ها هي حركة طالبان قد عادت إلى السلطة في أفغانستان من جديد، ذلك البلد الذي عرف عبر التاريخ بأنه أحد المرتكزات الأساسية في  صراعات القوى القائمة في آسيا الوسطى. وهو الحال نفسه في زمن الإمبراطوريات القديمة، وفي العصر الحديث أيضاً حيث شنّت القوى العظمى  حملات كبيرة من أجل احتلال هذا البلد. وآخرها الاحتلال الأميركي لها وما خلفه من أزمات، وحتى انسحابها الذي سيسبب اضطرابات حقيقية ما لم يتم تدارك الأمر بشكل جدي بين القوى الإقليمية الفاعلة بإيجابية في الملف الأفغاني وطبعاً طالبان وبعض القوى الأخرى في الداخل الأفغاني.

طالبان اليوم تدرك تماماً أن موقفها أصبح أقوى مما كانت تتوقعه لنفسها فالشروط الدولية تغيرت والشروط الإقليمية أيضاً فالحسابات الطالبانية الأميركية تغيرت وكذلك مع الصين وروسيا وإيران، وعليه فإن أتقنت طالبان اللعبة السياسية مع الكبار ستخلق لنفسها نجاحات كبيرة فهي تدرك أن لا أحد (لا الغرب و لا الشرق) مهتم لحقوق الإنسان و المرأة و التعليم إلى آخره. بل كل هذه الدول تبحث عن مصالحها الخاصة في هذا البلد الغني والمهم استراتيجياً ومنهم من يبحث ملف الأمن والاستقرار لأنها قضية طردية مع دول الجوار، لكن السؤال أين تركيا من هذه الأمور؟ وهل هي قادرة على أن تجد لها موطئ قدم استراتيجي متقدم في هذا البلد الذي يعد هضبة آسيا الوسطى رغم التحديات؟

ربما وجود حكومة مصنفة إسلامية في سدة الحكم التركي يجعل التواصل مع طالبان أكثر سهولة، هذا فضلا عن المحور القطري الباكستاني الذي تستفيد منه تركيا بشكل كبير في الحوار مع طالبان مع أوراق ضغط قوية عبر الحليفين، ولكونها عضواً مهماً في حلف الناتو و لها حضور قوي في الساحة الدولية إضافة إلى أنها تمتلك جيشاً من أقوى جيوش العالم ولديها شركات عالمية على صعيدي البنى الفوقية و التحتية هذا كله يجعل حظوظها قوية في أفغانستان.

لكن التحديات في الملف الأفغاني كبيرة و الطريق ليس معبداً بالراحة فهناك تخوفات أفغانية و أخرى إقليمية، فطالبان لا يمكن أن تنسى الدعم التركي لمن هم يُعتبرون من العرق التركي كالطاجيك كما حصل مع القائد رستم قبل عقود والتخوف من المسألة القومية التي قد تطغى على السياسة التركية في الملف الأفغاني وهذا بالنسبة لطالبان ملف خطير ، و أيضا المسألة العرقية ليست في حساباتهم لأنها تخالف الشرع وفق الرؤية السياسية لطالبان ولذلك لا بد من ضوابط للعلاقات التركية الأفغانية في حال تغيرت الحكومة التركية مثلاً و جاءت حكومة أخرى بتوجهات قومية أو أتاتوركية أو أو إلخ…

التحديات الإقليمية من تركيا؛ فدول كبرى مثل الصين وروسيا لن يتركوا تركيا تنفرد بالنفوذ وحدها في أفغانستان وإن كانتا غير مرحب بهما بشكل كبير عند الشعب الأفغاني لاعتبارات سياسية مع روسيا و دينية مع الصين التي تضطهد مسلمي الأويغور لكن لديهما حضور   سياسي قوي على الساحة الدولية، وهذا ما تحتاجه طالبان وأيضاً الحضور الاقتصادي الذي قد يكون أكثر قوة من الحضور التركي.

إيران التي لها حساباتها الخاصة في شرق آسيا والتي تعد نفسها محوراً تحالفياً مع روسيا في كثير من الملفات ابتداءً من سوريا حتى حدود روسيا الجنوبية هي لن تقف متفرجةً أمام المحور التركي الباكستاني القطري في أفغانستان والذي سيهدد مصالحها بشكل كبير فهي لم تنسَ بعد نتائج التحالف التركي الأذري و ما أفضى إليه من توسع كبير لتركيا بعد انتصار الجيش الأذري في معركة استرداد قره باغ من الجيش الأرميني، وانحسار النفوذ الإيراني الاقتصادي والسياسي في تلك البقعة من آسيا فكيف بها إن حصل تحالف تركي باكستاني  أذربيجاني  أفغاني  هذا يعني انحساراً كبيراً لإيران بل ربما انتهاء نفوذها في معظم نقاط محيطها.