icon
التغطية الحية

تتجلّى روح التراث السوري في أعمالها.. بسمة الخليل من الحقوق إلى الفن الثائر

2023.07.23 | 16:58 دمشق

آخر تحديث: 24.07.2023 | 09:19 دمشق

الديكوباج
تعني الترجمة الحرفية للديكوباج "القص واللصق"
تلفزيون سوريا ـ أروى غسان
+A
حجم الخط
-A

من حقوقية ومستشارة قانونية مهتمّة بقضايا المرأة إلى فنانة تحارب بالقوة الناعمة، ما بين الفن والحقوق قاسم مشترك وأساسي بالنسبة لها هو المرأة التي كانت الشغل الشاغل للسورية بسمة بركات التي تعد اليوم من الأسماء البارزة في مجال فن الديكوباج كفنانة ومدرّبة تساعد السيدات على معرفة خبايا هذا الفن العريق ليتثنى لهنّ فيما بعد امتهانه وفتح مشاريع مستقلة.

الفنانة والحقوقية بركات التي كانت تهوى الفنون اليدوية منذ نعومة أظفارها وطوّرت هذا الاهتمام فيما بعد عبر تخصصها في الديكوباج، توضح في تصريحات خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، "خلال إقامتي في تركيا سابقاً عملت بمركز حقوقي مهتم بقضايا المرأة وتمكينها، واستطعت تحويل اهتمامي بمجال الفن لوسيلة لدعم المرأة، فـإلى جانب الاستشارات القانونية قدمت ورشات تدريبية بمجال الأشغال اليدوية للنساء اللاتي كنّ يترددن على المركز، ومن هنا بدأت الخطوة الأولى فعلياً في المجال".

الديكوباج.. فن حر يندمج مع الرسم

لفنّ الديكوباج تاريخ قديم تشكّلت أولى ملامحه في فرنسا، وتعني الترجمة الحرفية له "القص واللصق"، يعتمد على إعادة تدوير القطع القديمة وتجميلها وتقديمها بروح جديدة عبر إضافة الصور الورقية أو القماشية إليها، وعن ذلك تقول بركات "يعد التعتيق أيضاً أحد أهم أشكال الديكوباج وهو مطلوب جداً اليوم، الديكوباج قابل للتطبيق على جميع الأسطح بإمكاننا استخدامه على الزجاج والجدران والقماش والحقائب، مجالاته كثيرة تبدأ من العلب الصغيرة ولا تنتهي بالأثاث المنزلي، هذا الفن ليس له حدود، يمنح مساحة واسعة من الحرية ومن الممكن دمجه مع فنون أخرى أهمها الرسم".

الديكوباج

تتجلّى روح التراث السوري في الكثير من أعمال بركات المقيمة حالياً في القاهرة، وتشير إلى أن رسالتها من خلال هذا الفن هي "نقل لقطات مهمة من الموروث السوري الفني سواء عبر النقوش أو الرموز الثقافية والألوان المستخدمة"، وتتابع "اليوم توسّع نطاق عملي وأصبح لدي متدربات من جنسيات عالمية مختلفة، واهتمامي الواضح بعكس تاريخ بلدي في أعمالي، دفع العديد من المتدربات للبحث في التراث السوري".

وكما هي روح التراث السوري العريقة حاضرة في أعمالها، تحتلّ ذاكرة الثورة السورية جزءاً مهماً منها أيضاً، توضح بركات "خلال مشاركتي في المعارض العالمية كنت أحرص دوماً على اختيار قطعة فنية تعكس ماحدث في بلدي، هذه الفنون تحوّلت لقصص إنسانية لاقت صدىّ جميلاً وآذاناً مصغية، كُثر كانوا مهتمين بمعرفة تفاصيل وحقائق أكثر عما حدث، استطعت إيصال رسالة الثورة من خلال الفن".

الديكوباج العربي

يحمل فن الديكوباج في العالم العربي هويّة فنية مختلفة عن نظيره في أوروبا، تشرح الفنانة السورية "أعمالنا تلامس الوجدان العربي فالألوان الشرقية الدافئة حاضرة دوماً، نحن كعرب نحبّ استخدام تقنيات الزخرفة والتطعيم بورق الذهب والآيات القرآنية، والخط العربي، هذه السّمات مجتمعةً ميزت فن الديكوباج العربي عن الأوروبي، ولكنّ ما يجمعهما هو حالة النوستاليجي التي يمنحها الديكوباج للقطعة عبر تأثيرات معينة تعود بنا 100 سنة للوراء، نستطيع إبداع قطع كتلك الموجودة في المتاحف ومعارض الأنتيك".

الديكوباج

الديكوباج.. فن صديق للبيئة

في ظل الغلاء المعيشي والتضخّم الذي تعيشه أغلب دول العالم.. تبرز أهميّة الديكوباج بوصفه نوعاً من أنواع إعادة التدوير، فهو أيضا فن صديق للبيئة، وبحسب بركات "قبل الحرب كان الديكوباج نادراً جداً في سوريا لأن الشائع هناك كان الرسم والحرف اليدوية، بعد سنوات الحرب شهد المجال إقبالاً كبيراً كحلّ اقتصادي بديل يعدّ أرخص من إعادة شراء قطع جديدة"، وتضيف "وجودي في مصر أعطاني فرصة كبيرة لتقديم الديكوباج بصورة مشرقة، المصريون لديهم اهتمام بالفنون بالفطرة، وما ساعدني على الانتشار حبّهم للاطلاع على فنون البلدان الأخرى".

في نهاية الحوار وكما في كل لقطة منه تعود بركات وتؤكد على أن المرأة السورية قادرة على تقديم الجمال والفن في كل مكان وصنع شيء عظيم من اللاشيء، قادرة أن تتحدث عن معاناة أبناء بلدها وتحويل الألم إلى فن ناعم وجميل، مشيرة إلى أهمية اطلاع النساء على ثقافة إعادة التدوير والاستفادة من مخلفات البيئة، لفتح مشاريعهن الخاصة فيما بعد والحصول على مصدر دخل يؤمّن حياة كريمة. وتضيف أن "الفنون تكسر الصورة النمطية التي سادت عن المرأة السورية التي تضررت من الحرب، والتي يركز عليها الإعلام عموما ويعرضها كإنسانة منهكة وضعيفة ونازحة في المخيمات ولا تملك مقدرات إبداعية سوى في فن الطبخ!".