icon
التغطية الحية

بعد منحها لـ غلوك .. هل حقا أضاعت نوبل البوصلة وماذا عن أدونيس؟

2020.10.11 | 05:48 دمشق

tgrh5ygt456y7hgrt456yhrg.jpg
إسطنبول - فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

بعد منح جائزة نوبل للآداب هذا العام للشاعرة الأميركية لويز غلوك، انتقد عدد من الأدباء تجاهل اللجنة، الأدباء العرب ومن أبرزهم الشاعر السوري أدونيس، الذي يطغى اسمه في الإعلام  في كل عام على الجائزة، متهمين اللجنة بالانحياز إلى  الأوروبيين والأميركيين، وبأنها مسيسة، متقاطعين بذلك مع موقف وسائل إعلام النظام رغم الاختلاف بينهما، بينما رحب آخرون بقرار اللجنة لجهة عدم حصول أدونيس على الجائزة بسبب مواقفه من ثورات الربيع العربي ومنها الثورة السورية، التي انتقد ما عده "ماضويتها"، متبعا في ذلك الشاعر الفرنسي شارل بودلير مؤسس مدرسة الشعر التي سار عليها، مع فارق أن بودلير شارك في ثورات الربيع الأوروبي لأنها ضد الاستبداد على الرغم من انتقاده لاستحضار شعارات من الماضي.

ورأى الروائي والناشر بشير المفتي أن لجنة نوبل اختارت كاتبة شبه مجهولة، الشاعرة الأميركية لويز غلوك، وخيبت كل التوقعات. نوبل تعادي فعلياً الثقافة العربية، في حين كتب الشاعر العراقي محمد مظلوم أن الأكاديمية السويدية أثبتت مرة أخرى من خلال جائزة نوبل أنها غير معنية بالتجديد في الشعر، بل تكرس التقليد. لويز غلوك شاعرة محافظة، شعرها ينتمي إلى أجواء شعر القرن التاسع عشر في أميركا.

وقال الأديب العربي فخري صالح على صفحته في فيسبوك: يتحدثون طويلاً عن العالمية والوصول إلى لغات وثقافات أخرى، ولكنهم عندما يأتون لمنح الجائزة يبحثون عن مرشح من أوروبا، العقلية هي نفسها لا تتغير. هذا مرض عضال، يبدو أن الغرب لن يتعافى منه.

ولم يشر الأديب صالح صراحة إلى أدونيس الذي يتردد اسمه في الإعلام، قبيل إعلان الجائزة في كل عام، لكنه كان أثنى عليه حين كتب رسالته الشهيرة المفتوحة إلى بشار الأسد بعد أشهر من بداية الثورة السورية، لجهة دعوته النظام إلى تفكيك الأزمة، وتحميله المسؤلية في ذلك، إلا أن صالح انتقد عدم تركيز أدونيس على الجرائم التي يرتبكها النظام.

هجوم من إعلام النظام

وشنت وسائل إعلام النظام هجوما عنيفا على لجنة جائزة نوبل، وعدت ذهاب الجائزة لشاعرة أميركية رسالة سياسية متقنة لتبييض صفحة تاريخ الولايات المتحدة المتوحشة.. بحسب تعبير صحيفة الثورة التي أضافت: "أن أدونيس هو الشاعر العربي العالمي بامتياز بما قدمه خلخل المألوف وحطم قوالب جاهزة وابتكر الجدي.. وهو أكبر من الجوائز".

وتلقف النظام انتقادات معارضيه العنيفة لأدونيس ومواقف الأخير القابلة للتأويل، بأن دفع بسفيره في بيروت علي عبد الكريم إلى لقاء أدونيس في احتفالية أقيمت في حزيران من العام الماضي مع بث صور استعراضية لعناق بين الشخصين ما صعد من الهجوم على أدونيس من أنصار الثورة.

ومن جانبه تساءل الشاعر والصحفي السوري حسان عزت في حديث لموقع تلفزيون سوريا عن سبب الضجيج الذي تقوم به من وصفها بفئات متطرفة وتشبيحية وانعزالية من أنصار أدونيس المتعالي على قضايا الحرية السورية وقضايا الأمة والثورات والوقوف ضدها بهدف الغيتو الطائفي، وتطنطن بفوزه بجائزة نوبل والتي ازدادات خلال هاتين السنتين بحسب تعبير عزت.

وقال أليست تلك العراضة تعويضا وتغطية على عار هزيمة نظام قمعي إجرامي قتل شعبه ووقف معه أدونيس على اعتبار أنه نظام شرعي.. مضيفا.. أليست هذه العراضة الكبرى من يساريين مهزومين بكل ماطرحوا ليغطوا على عارهم في مساندة نظام التشبيح له..؟

ورأى عزت أنه مع ذلك فإن جائزة نوبل لن تعطى لأدونيس ولو بعد دهر.. لا لأنه لايستحقها بل لأنه متهافت وراءها ومن بلد يعتبر فاشلا بنظامه وسلطاته وأدونيس ليس منشقا عن نظام ولا كاتبا عالميا أتى بجديد إبداع واشتهر به على مستوى أمة مشيرا إلى أنه بالأساس مسلوخ من بلد ومن أمة، ويعتبر اللغة وطنه مع التبرؤ من أي إنجاز لتاريخ ولأمة هي مبدعة لغتها..

وعد الشاعر والصحفي عزت أن نوبل ليست نزيهة وقال لو كانت كذلك لمنحت لنزار قباني الذي أبدع بروح أمة وأنزل اللغة من أبراج عاجها لتصير قوت الشعب وهواؤه.. وناصر الحرية والمرأة وانتقد كل سوءات وتخلف الأمة ووقف موقفا عظيما من قضايا شعبه وأمته في الحرية والحياة.. ولكان جديرا بها الشاعر الأهم في قرننا محمود درويش شاعر الحرية والإنسانية والإبداع والذي لم ينفصل عن شعبه وقضيته فلسطين وأيضا لكانت أعطيت لأمين المعلوف أوعلي فرزات.

"بشار الأسد رئيس منتخب"

ورأى الأديب السوري خطيب بدلة في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن العرب، بوصفهم أمة، يعيشون أسوأ برهة تاريخية، منهزمون، مكسورون، هاربون من نيران أنظمتهم الاستبدادية من جهة، ومن جحيم المتطرفين من جهة أخرى، وهذا الوضع المهلهل لا بد أن ينعكس في إبداعاتهم، فيخفض من سويتهم الإبداعية، بل إن بعضهم، ممن يستحقون جائزة موزونة كنوبل، أمثال سعدي يوسف ونزيه أبو عفش، نزلوا إلى مستوى تأييد الديكتاتور علنا، ولم يتوان أدونيس عن مديح حكم الملالي وقال عن المجرم بشار الأسد إنه رئيس منتخب.

وقال بدلة إن هناك سوء تفاهم بين العديد من الأدباء العرب وبين الغرب وحضارته.. ومع ذلك يبقى أدباؤنا يتطلعون إلى نوبل التي تصدر عن الغرب.. مرجحا أن لا تكون لجنة الجائزة مسيسة إذ أشار إلى عدم وجود قامات أدبية عربية الآن تضاهي شخصية نجيب محفوظ الذي حاز الجائزة.. 

ورأى الأديب المصري عبد النبي فرج في حديث لموقع تلفزيون سوريا.. أن المثقف الواعي هو الذي ينحاز للحرية حتى لو أن أعداءه سيصلون إلى السلطة، والسؤال ماذا لو كان الإسلام السياسي حكم سوريا، هل كان بوسعه أن يحرق ويدمر سوريا أكثر مما فعله بشار في سوريا أو السيسي فى مصر.

وعد فرج أن أدونيس يتمركز حول ذاته، وهو أسير غيتو، ولا يمكن أن يصنع الغيتو ثقافة أو دورا تنويريا بل يظل مرهونا بالعسكر، والنظام القديم الذي بناه الاستعمار وقال: "إن حجة أدونيس كانت أن الثورات خرجت من الجامع، وماذا نفعل إذا كان الجامع هو الحاضنة الشعبية الوحيدة، في الوطن العربي، التي احتوت الجميع، هل كان يوجد مكان آخر يحتوي الكل، لأن الدولة موزاييك وليست حكرا على اليسار، ولماذا لا نقم بنقد جذري للثنائي الفاشي العسكري، والديني.

اقرأ أيضا: الشاعرة الأميركية لويز غلوك تفوز بجائزة نوبل للآداب

وقال فرج "هناك حالة تشوه لدى المثقف العربي عموما، فهو في كتاباته أداة تنوير نصير للحرية والديمقراطية وضمير للمجتمع ويزركش مايكتبه بأسماء عالمية من دعاة التحرر، والمساواة والعدالة وضد تغول السلطة، وفي نفس الوقت يقف عمليا وبقوة كسياج حامي بتلاعب لفظي وذهني غريب إلى جانب السلطات الإجرامية كما بعض مثقفي مصر وسوريا بحجة أن السلطة حامية التنوير ضد الظلاميين وأدونيس هو ضيف دائم ويتم الاحتفاء به من قبل السلطات الإجرامية في مصر وسوريا والسعودية.

ويؤخذ على أدونيس انتقاده ماضوية ثورات الربيع العربي التي أخذت اسمها من ثورات ربيع الشعوب الأوروبية، وهي الثورات التي طالما دعا إليها من خلال قصائده التي تناولت قضايا الإنسان العربي بذائقة شعرية رفيعة، ومؤلفاته الجريئة، في حين لم تثن رائد ثورة الشعر شارل بودلير ومؤسس مدرسة الحداثة التي يتبعها أدونيس، أخطاء تلك الثورات وماضويتها عن المشاركة فيها لدافع كبير رآه وهو أن بوصلتها كانت موجهة ضد الاستبداد.

وتبقى برأي كثيرين.. دروس المشاركة بثورات الحرية والكرامة لإسقاط الديكتاتورية، قضية تصيغ مدارس جديدة ونصوصا وشعراء من بين جنباتها، ويصيغون بدورهم، ولو بعد حين ثورة شعرية تتوازى مع الفعل الثوري في تغيير المجتمع، وهي الجائزة التي تخلدها الذاكرة الجمعية للشعوب والأكثر أهمية من جوائز رسمية تمنح لنصوص صيغت بعيدة عن المفاعيل الحقيقية لحركة الصراع  بين الحرية والاستبداد، كذلك تبقى بنظر آخرين رؤية أدونيس التي تتمحور حول مقولة أن الثورة لا تبدأ إلا حين تتجاوز "الأفكار الماضوية" قائمة ويعولون على التاريخ لإثباتها، إذ يرون أن ليس كل حديث هو جديد، فثورات الربيع الأوروبي فشلت في بدايتها لكنها سرعان ما استعادت قوتها بشكل أكبر ونجحت بعد أن جاءت بجديد.

كلمات مفتاحية