icon
التغطية الحية

بعد قرابة العام.. الناجون من "مركب الموت" قبالة طرطوس غرقى في الفروع الأمنية

2023.07.30 | 15:30 دمشق

آخر تحديث: 30.07.2023 | 21:15 دمشق

بعد قرابة العام.. الناجون من "مركب الموت" قبالة طرطوس غرقى في الفروع الأمنية
غرق القارب في أيلول الماضي قبالة ساحل طرطوس
اللاذقية ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

خسرت عائلات سورية وفلسطينية في أيلول العام الفائت فلذات أكبادها إثر غرق مركب يقل مهاجرين قبالة شواطئ طرطوس، وبلغ عدد الضحايا الذين انتُشلت جثامينهم من البحر 98 شخصاً بحسب آخر إحصاء رسمي، في حين  استقر عدد الناجين عند 20 شخصا، وتقول مصادر محلية إن الناجين 24، إلا أن هؤلاء جميعهم غرقوا في أقبية الأمن التابعة للنظام السوري.

بعد غرق المركب، سارعت وسائل الإعلام الرسمية والمقربة من النظام، لتغطية الكارثة حتى إن الصفحات الموالية تحدثت عن الحادثة والتقت بقسم من الناجين في مشفى الباسل بطرطوس الذي أسعف إليه كل من تم إنقاذه.

لم تتحدث وسائل إعلام النظام عن أسباب الكارثة التي دفعت بهؤلاء لركوب البحر، وانتهت القصة من دون أن نعرف ماذا حل بالناجين بعد اعتقالهم.

عائلات ثكلى

"المؤسف كان تعاطي النظام والشعب مع مثل هذه الكارثة، لسنا بصدد تقييم خطورة مثل هكذا تصرف ولكن لن يجبرك على المر إلا الأمر منه". يقول "جبر" (طلب عدم ذكر اسمه كاملا) والد أحد الضحايا الذين غرقوا في البحر، إنه لم يكن راضياً عن سفر ابنه عبر البحر، لكنه لم يرغب أيضا بأن يقضي بقية حياته في الخدمة العسكرية، لذلك لم يكن أمامه خيار آخر.

يواسي "جبر" نفسه بأن البحر من ابتلع فلذة كبده ويعرف مصيره، على عكس الناجين مجهولي المصير الذين اعتقلهم النظام من المشافي أو فور خروجهم منها.

"تمنيت أني منعتهم من السفر، لو فعلت أي شيء"؛ كلمات أمهات ثكلى فقدن أبناءهن في حادثة غرق مركب الموت، لكنهم لم يغرقوا في البحر بل غرقوا في أقبية فروع الأمن التابعة للنظام. فمنذ حصول الكارثة ضجت صفحات التواصل الاجتماعي بأخبار عن اعتقال الفروع الأمنية لعدد من السوريين والفلسطينيين السوريين بحجة أنهم مطلوبون للخدمة العسكرية أو مطلوبون لجهات أمنية.

إحدى الأمهات تؤكد لموقع تلفزيون سوريا، أن ابنها حاول مغادرة البلاد ومازال تأجيل خدمته العسكرية ساري المفعول وليس مطلوبا لأي جهة أمنية، لكنها لم تكد تصل لتطمئن عليه في المشفى حتى جاءت عناصر الأمن واعتقلته مع عدة شبان آخرين دون أي توضيح. وفي أيلول المقبل سيمر عام تقريباً دون أن تسمع أي خبر عن ابنها أو بقية الناجين من حادثة الغرق.

يستغرب أهالي الناجين المعتقلين، عدم وجود أي خبر جديد عن أبنائهم، ولم يتطرق للموضوع أحد وكل ما وصل إليهم من أخبار حتى الآن هو أن فرع فلسطين هو المسؤول عن عملية اعتقال أبنائهم، بحسب ما يقول الأهالي لموقع تلفزيون سوريا.

"أبو علي" والد أحد "الناجين المعتقلين"، أكد لموقع تلفزيون سوريا أنه دفع مبالغ خيالية ليستطيع الوصول لابنه ومعرفة مكانه ولكن ما من أمل يرجى، حتى إن أحد فروع الأمن أخبره أن "ينسى ابنه وألا يطالب به". ولكنه مازال مصراً وسيفعل المستحيل ليخرج ابنه من المعتقل كما يقول.

ويضيف "لا يحسنّون من واقعنا وفي الوقت نفسه لا يسمحون لنا بترك هذه البلاد، أي جحيم هذا".

قانون للابتزاز

وزارة العدل التابعة للنظام أقرت مشروع قانون "الهجرة غير الشرعية" عام 2021، وتضمن العديد من العقوبات المختلفة بين الغرامة المالية الكبيرة والسجن لسنوات عديدة لكل من يثبت تورطه في تهريب الأشخاص أو تشكيل جماعات متخصصة بتهريب الأشخاص بين الدول. ويعاقب القانون بالسجن لكل من هرّب أشخاصاً بطرق غير مشروعة من ثلاث سنوات حتى خمسة عشر عاماً، وبغرامة تعادل ضعف ما يعود عليه من نفع على ألا تقل عن مليوني ليرة سورية.

وهكذا ضمن النظام اعتقال كل شخص غادر بشكل غير شرعي وفكر بالعودة لسوريا لسبب من الأسباب، و أصبح طريقة لابتزاز السوريين وانتزاع أموالهم.

وبحسب محام من اللاذقية، (طلب عدم ذكر هويته) فإن النظام أصدر هذا القانون ليحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية حسب مزاعمه، ولكن الواقع هو أن كثيراً من السوريين ممن هاجروا بطريقة غير شرعية عادوا إلى سوريا من دون أي مشكلات ودون علم النظام بهذا الأمر، ما جعله غير قادر على مراقبة السوريين وابتزازهم وسحب النقود منهم كعادته.

وحسب القانون وحسب تفسير المحامي، "فيفترض أن يكون مصير هؤلاء الناجين معروفاً وواضحاً وأن يتم ترحيلهم إلى سجن مدني بغية محاكمتهم رغم أن محاكمتهم غير شرعية بحكم أنهم غادروا البلاد بطريقة شرعية، ووحده لبنان من يحق له محاكمتهم، لكن النظام السوري استغل فكرة أن الغرق وقع في مياهه الإقليمية ليعتقل الناجين ويتاجر بهم ويبتز أهاليهم".

ويضيف أن "النظام يستطيع اللعب على مخارج القانون ليبرر اعتقال السوريين المهاجرين، ولكن في الوقت نفسه لا يحق له إخفاؤهم كل هده المدة دون أي تبرير منطقي لهذا الفعل".