icon
التغطية الحية

بعد غزو روسيا لأوكرانيا.. ما إمكانية إغلاق تركيا لمضائقها البحرية قانونياً؟

2022.02.24 | 13:12 دمشق

618a55ea4c59b717a95f873b.jpg
السفن الحربية في مضيق البوسفور (إنترنت)
 تلفزيون سوريا ـ عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

بعد أن طلبت أوكرانيا من تركيا إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية الروسية، عقب إعلان الغزو الروسي لأوكرانيا، ظهرت تساؤلات عن مدى إمكانية إغلاق أنقرة لتلك المضائق في وجه موسكو من الناحية القانونية؟

وفجر اليوم الخميس، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب، بدءَ عملية عسكرية شرق أوكرانيا ودعا الجنود الأوكرانيين في منطقة القتال إلى إلقاء أسلحتهم والعودة إلى ديارهم.

في حين أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي حالة الطوارئ في جميع أرجاء البلاد ودعا جميع المواطنين للبقاء في منازلهم.

وتسيطر تركيا على اثنين من أبرز الممرات والمضائق المائية في العالم، لا سيما المطل على البحر الأسود، ولها الحق في إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام الدول الأخرى في حالات وشروط معيّنة.

وبعد دعوة كييف أنقرة لإغلاق مضائقها البحرية أمام السفن الحربية الروسية، خصوصاً أن تركيا من دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي تخشى روسيا تمدّده في شرق أوروبا وبحجّته أعلنت غزو أوكرانيا، هل تستجيب الحكومة التركية لذلك في ظل حرب آخذة بالتصاعد بالقرب منها؟

بوسفور.jpg
مضيق البوسفور

السيادة المفقودة على المضائق

يعود الخلاف حول المضائق التركية إلى ما قبل أكثر من قرن، حيث خسرت الدولة العثمانية المعركة في الحرب العالمية الأولى، ووقعت اتفاقية "هدنة موندروس" عام 1918 التي أدت إلى احتلال إسطنبول، وتقسيم الإمبراطورية العثمانية، فضلاً عن أنها أعطت دول الحلفاء الحق بالسيطرة على المضائق الاستراتيجية في البلاد.

في تلك الفترة كانت الإمبراطورية في حالة شلل سياسي تام، حيث لم تتخذ الدولة أي إجراءات ضد تقسيم أراضيها والسيطرة عليها، في حين سعت جاهدة لتخفيف شروط المعاهدة.

وفي خضم ذلك، تمكنت الحكومة العثمانية من التوصل إلى اتفاقية جديدة عام 1920، مع قوات الحلفاء باسم "معاهدة سيفر"، والتي اعتبرت ضمن بنودها أن مضائق البسفور والدردنيل مناطق مجردة من السلاح وتحت إدارة "عصبة الأمم".

وبعد معارك الاستقلال التي قادها مصطفى كمال أتاتورك، تمكن من تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، واستطاع توقيع معاهدة "لوزان" وإلغاء معاهدة "سيفر" تماماً في العام نفسه، مع ضمان الاعتراف الدولي بكيان تركيا المولود حديثاً.

 ورغم أهمية معاهدة لوزان مقارنة بالمعاهدات السابقة، وتأسيسها لعلاقات جديدة بالعاصمة التركية الناشئة "أنقرة" مع دول العالم، فإنها لم تتمكن من أخذ مكاسب معتبرة فيما يخص المضائق التركية، حيث تم إقرار عبور السفن غير العسكرية في أوقات السلم، ومُنع وجود سلاح على ضفتي المضائق التركية، على أن يتم تأسيس لجنة دولية تقوم بحمايتها.

1058737406_0_257_2731_1793_1920x0_80_0_0_7a20234d8fa22b1c2508bfa40a6e77c0.jpg
مضيق الدردنيل

ما هي اتفاقية مونترو؟

بعد أكثر من عقد ونيّف على توقيع اتفاقية لوزان، تمكن السياسيون الأتراك بقيادة أتاتورك من تعديل بنود المضائق، عبر اتفاقية مونترو في سويسرا عام 1936 بمشاركة دولية. 

وتتضمن الاتفاقية 29 بنداً و4 ملحقات وبرتوكول، أنهت بنود المضائق في لوزان، وفي ظلّها تم تنظيم حركة المرور عبر مضائق تركيا للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب، ويُعتقد أن تركيا استعادت سيادتها على مضائقها البحرية من خلال اتفاقية "مونترو".

وتعدّ الاتفاقية وثيقة دولية تنظم حركة المرور عبر مضايق البحر الأسود البوسفور والدردنيل - اللذين يربطان البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط، للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب.

وتسمح الاتفاقية بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود بشرطين الأول "إعلام تركيا بموعد مرور سفنها عبر المضائق" والثاني "ألا يزيد عدد السفن المارة في وقت واحد على 9 سفن ولا تزيد حمولتها مجتمعة على 15 ألف طن".

وحددت الاتفاقية حمولة السفن الإجمالية، فإذا كانت لدولة من حوض البحر الأسود يسمح لها بقرابة 20 ألف طن، أما السفن التابعة لدول من خارج حوض البحر الأسود فيُسمَح بـ 30 ألف طن، وقد تزيد حتى 45 ألفاً. 

كما تحدد الفترة القصوى لوجود هذه السفن الأجنبية في حوض البحر الأسود بثلاثة أسابيع 21 يوماً، وفي حال تجاوز المدة المعيّنة فإن ذلك يعدّ إخلالاً بالاتفاقية الدولية، وتتحمل الدولة التي سمحت بعبور السفن المسؤولية.

111688.jpg
البحرية الحربية الروسية

ما السفن المحظور دخولها إلى المضائق التركية؟

وعلى الرغم من عدم وجود بند بشأن حاملات الطائرات في الاتفاقية، فإنه يحظر على حاملات الطائرات عبور المضائق ودخول البحر الأسود بسبب تجاوز وزن حمولتها، حدَّ الحمولة المسموح بها.

ومن حيث المبدأ، لا يمكن للغواصات الأجنبية دخول المضائق التركية، في حين يسمح للدول المُشاطِئة استخدام المضائق لنقل الغواصات المشار إليها عند الشراء أو إرسالها للإصلاح.

ووفقاً للاتفاقية، لا يمكن للسفن الحربية التابعة لدول غير مُشاطئة للبحر الأسود، لأي سبب من الأسباب، البقاء في هذا البحر لأكثر من 21 يوماً.

بالإضافة إلى ذلك، يجب إبلاغ الجانب التركي في حالة حدوث تغييرات في المعلومات المقدمة عن السفن قبل 3 أيام على الأقل من مرورها.

ووفقاً للمادة 18 من الاتفاقية، يمكن للدول غير المشاطئة للبحر الأسود، إرسال سفن حربية إلى هذا البحر "لأغراض إنسانية" من دون إشعار مسبق.

ومع ذلك، يجب ألا يتجاوز وزن حمولة تلك السفن المرسلة للأغراض الإنسانية 8 آلاف طن، في حين تتيح الاتفاقية للسفن التجارية المرور بحريّة عبر المضائق بغضّ النظر عن وزن حمولتها.

وتتضمّن اتفاقية مونترو أحكاماً تنظم كثافة الوجود العسكري في البحر الأسود، حيث لا يمكن أن يتجاوز إجمالي حمولة السفن التي يمكن أن تمتلكها الدول غير المشاطئة في هذا البحر 45 ألف طن.