icon
التغطية الحية

بعد غرقها في أوكرانيا.. روسيا تستعين بإيران لسد فراغها في سوريا

2022.04.18 | 16:22 دمشق

جنود سوريون يحملون العلمين الروسي والإيراني إلى جانب السوري - المصدر: الإنترنت
عناصر سوريون يحملون أعلام النظام السوري وروسيا وإيران
هاآرتس- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تصويت إسرائيل مع الولايات المتحدة لصالح تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان الدولي إلى جانب ما ساقه وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد حول جرائم الحرب الروسية، تسبّب بظهور ردّتي فعل غاضبتين من قبل روسيا، خلال الأسبوع الفائت.

جاء ذلك عندما أطلق وزير الخارجية الروسية تصريحاً قاسياً على غير عادته وصف فيه تعليقات لابيد بأنها: "محاولة تمويه فاشلة لاستغلال الوضع في أوكرانيا، بغية صرف انتباه المجتمع الدولي عن أحد أقدم النزاعات التي لم تصل إلى تسوية، أي النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي".

وفي مقابلة أجريت مع أناتولي فيكتوروف - السفير الروسي لدى تل أبيب - على القناة الحادية عشرة، ذكر أن تعليقات لابيد لا أساس لها من الصحة، وأضاف أن بلاده كانت تتوقع "موقفاً أشد توازناً"، بالرغم من أن إسرائيل وروسيا ما تزالان صديقتين، وهنا لا بد أن نضع مئة خط تحت كلمة: "ما تزالان"، كونها تقحم إسرائيل في معضلة معقدة بالنسبة للملف الأوكراني.

وتابع: "أثار تواني إسرائيل قبل مشاركتها في تصويت الجمعية العمومية الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا غضب الشعب في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، إلا أن لعبة التأمل التي يلعبها رئيس الوزراء نفتالي بينيت وإحجام إسرائيل عن المشاركة في فرض العقوبات على روسيا كل ذلك يهدف إلى الإبقاء على علاقة الصداقة بين إسرائيل وروسيا، وذلك لضمان إطلاق يد إسرائيل في عملياتها التي تقوم بها في سوريا، ولكن صبر روسيا بدأ بالنفاد على ما يبدو".

"لا بد من رفع وتيرة الاستهداف"

إذ بعد الغارات التي شنتها إسرائيل على سوريا، يوم الخميس الفائت، أعلن الأدميرال أوليغ زورافليف وهو أحد كبار القادة العسكريين الروس العاملين في سوريا، عن اعتراض صاروخ سوري مضاد للطائرات سبيل أحد الصواريخ الإسرائيلية، بيد أن الصاروخ مصنوع في روسيا وبيع للنظام السوري ضمن صفقة السلاح التي عقدت، عام 2007.

إلا أن التصريح باعتراض ذلك الصاروخ عندما يأتي من قبل مسؤول روسي رفيع يحمل بين ثناياه أكثر من مجرد تلميح بأن روسيا قد تعيد النظر بسياسة "المجال الجوي المفتوح" التي منحتها لإسرائيل. إذ أتى هذا التصريح ضمن جملة تصريحات أطلقها ألكساندر إيفيموف السفير الروسي لدى النظام السوري، يوم 24 آذار الفائت، وذلك عندما أعلن أن إسرائيل "تستفز" روسيا، وهذا ما قد يدفعها للرد على الهجمات الإسرائيلية التي تهدف إلى "تصعيد التوتر والسماح للغرب بتنفيذ أنشطة عسكرية في سوريا".

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة "هآرتس": "تحاول إسرائيل أن تتصرف بحذر، وكأنها تسير على حبل مشدود، ولكنها لم تعد تراعي الحذر فقط عند ضرب أهداف حساسة بالنسبة لروسيا، مثل القواعد الخاصة بالجيش السوري، ولكن أيضاً لا بد من مراعاة الاعتبارات الدبلوماسية".

وتابع: " كما أن التنسيق الجوي لم يتعطل بعد، وفي الوقت ذاته، ندرك أن الفترة الزمنية الممنوحة لإسرائيل لتتصرف بحرية آخذة بالتقلص ولهذا قد يترتب علينا أن نرفع وتيرة تلك الهجمات".

إيران تسد الفراغ الذي تخلفه روسيا

ثمة سبب ملحّ آخر أثار قلق إسرائيل، خلال الأيام الماضية، إذ بحسب التقارير التي وردت حول ما ورد في وسائل التواصل الاجتماعي والمحطات الإعلامية العربية عن سوريا، فإن روسيا تعمل على تخفيض قواتها في سوريا.

ومن بين تلك القوات مئات المرتزقة من "مجموعة فاغنر"، والهدف من ذلك تعزيز وجود روسيا في أوكرانيا. إلا أن الجنود الروس الذين يتم سحبهم من سوريا يُستعاض عنهم بإيرانيين وميليشيات موالية لإيران.

وبناء على ذلك، وضعت "الفرقة السورية المدرعة 47" تحت إمرة إيران في الجزء الجنوبي من محافظة حماة الواقعة بين وسط وغربي سوريا. وفي تلك القاعدة المخصصة لهذه الفرقة، والتي تشتمل أيضاً على مركز للتدريب، وصلت قرابة 40 مركبة عسكرية، خلال الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى ما يقارب 17 شاحنة بيك آب محملة برشاشات آلية، بعضها مستخدم من قبل ميليشيا "حزب الله" اللبناني.

يذكر أن عدد القوات الإيرانية الموجودة في سوريا لم يتغير من جراء تلك التحركات، وكذلك تهديدها بالنسبة لإسرائيل، إلا أن العنصر الجديد المتمثل بالحرب في أوكرانيا يمكن أن يجعل من الوجود العسكري لإيران عاملاً أقوى بالنسبة لاتخاذ قرار بخصوص سوريا.

ثم إن عملية النشر الأخيرة للقوات الإيرانية أتت بطلب من بشار الأسد وبموافقة روسيا، ما يعكس اعتماد النظام السوري على الإيرانيين لملء الفراغ الذي خلفته القوات الروسية.

وفي الوقت ذاته، تستعين روسيا بعناصر من ميليشيات سوريّة في أوكرانيا بما أن هؤلاء سبق لهم مساعدة القوات الروسية في السيطرة على المدن والقرى السورية التي تم التوصل فيها إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار عبر تدخل موسكو.

يعتقد بعضهم أنه كلما طال أمد الحرب في أوكرانيا زادت حاجة روسيا لمزيد من "المتطوعين" من الدول المجاورة كالشيشان وبيلاروسيا وغيرها، وهذا ما قد يدفع روسيا إلى تقليص وجودها في سوريا.

يعتمد التنسيق العسكري بين روسيا وإسرائيل في سوريا على المصلحة المشتركة التي تتمثل بمنع إيران من إقامة موطئ قدم لها في سوريا المجاورة لإسرائيل من جهة الشمال. بيد أن تلك "التفاهمات" باتت اليوم موضع انتقادات كبيرة في إيران، وذلك لأن أصحاب القرار في إيران وكذلك الجهات الإعلامية فيها تدين روسيا، وتشمل تلك الإدانات حربها على أوكرانيا.

إيران مهمشة اقتصادياً في سوريا

لم يقتصر غضب الشارع على سماح روسيا لإسرائيل باستهداف مواقع إيرانية وشحنات الأسلحة وهي في طريقها إلى "حزب الله"، بل أيضاً وصل إلى مسألة تهميش إيران اقتصادياً في سوريا، بما أن موسكو وضعت يدها على حقول النفط السورية.

ثم إن روسيا طالبت الولايات المتحدة أيضاً بإعفائها من العقوبات بالنسبة لأي صفقة مع سوريا وذلك في حال تجديد الاتفاق النووي الإيراني، وهذا ما أثار حفيظة إيران التي أعلنت أن هذا المطلب يأتي على حساب إيران.

يمكن للتوتر بين إيران وروسيا أن يتجاوز التفاهمات بين روسيا وإسرائيل، كما لا يمكن لإيران أن ترد على الهجمات الإسرائيلية من الجو، ولكن كلما زاد اعتماد النظام السوري على القوات الإيرانية بسبب تقليص عدد القوات الروسية، زادَ احتمال اضطرار إسرائيل للتعامل مع قواعد جديدة لتلك اللعبة.
 

المصدر: هآرتس