icon
التغطية الحية

بعد انتهاء المعركة ضد "داعش".. هل عاد أهالي غويران إلى منازلهم؟

2022.02.10 | 05:36 دمشق

000_9xf3wk.jpg
حي غويران بالحسكة (AFP)
غازي عنتاب - عبد العزيز الخليفة
+A
حجم الخط
-A

أسفر هجوم عناصر تنظيم الدولة "داعش" على سجن الثانوية الصناعية، في حي غويران أكبر الأحياء العربية في الحسكة، عن مقتلة راح فيها المئات من عناصر التنظيم الذين انخرطوا في القتال، ومن عناصر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي خاضت معركة استمرت من 20 كانون الثاني إلى 29 من الشهر ذاته.

وبالرغم من تركيز العالم على الجانب الأمني من الحدث، إلا أنَّ للحدث تأثيرات أكبر من كونه خرقاً أمنياً تمَّت السيطرة عليه بمساعدة التحالف الدولي فيما بعد، فالحي العربي الأكبر والذي طالما عرف على أنه يمثل ثقل الثورة الرئيسي في الحسكة، ومنه انطلقت أكبر المظاهرات ضد النظام، دفع الثمن الأكبر من المعركة ونزح منه 45 ألف شخص حسب أرقام الأمم المتحدة.

وفتحت الحادثة باب الاعتقالات والتشديد الأمني والحصار على الحي، ما فاقم معاناة سكانه وجعلهم في قفص الاتهام بالنسبة لقوات "قسد" وعطّل عودة المئات منهم إلى منازلهم. 

حواجز مضاعفة تعيق الحركة

زادت الحواجز الأمنية لقوات "قسد" على الطرق المؤدية إلى حي غويران بشكلٍ كبير، وتم نصب حواجز جديدة على طول طريق الـ 60 بين دوار الجندي المجهول والبانوراما عددها ثلاثة حواجز، إضافة إلى الحواجز القديمة؛ حيث يتموضع حاجز على جسر البيروتي، وآخر يعرف باسم حاجز بين الجسرين أو تل غويران الذي يفصل مناطق سيطرة "قسد" عن مناطق سيطرة النظام في الحسكة، بحسب مصادر تلفزيون سوريا.

كما نُصِبت حواجزُ جديدة في حي الآغاوات من الجهة الغربية للحي، وحاجزان قرب القاعدة الأميركية التي تتوسط المنطقة الفاصلة بين غويران وحي النشوة.

 

merlin_201100284_b6147177-7671-42d2-b3bc-0c47ccc19c5c-superJumbo.jpg

 

الأمر ذاته ينطبق على حي الزهور أو "حوش الإباعر" كما يُعرف  محلياً، فالحي هو الآخر يتعرض لحصار خانق من قبل قوات "قسد"؛ فبعد نصب حواجز قرب القاعدة الأميركية أصبح الحي معزولاً وصار على أهالي الحي أن يسلكوا مسافة طويلة إذا أرادوا المرورَ من جانب مساكن الشرطة التي غيرت اسمها "الإدارة الذاتية" إلى مساكن عفرين بعد طرد أهلها منها في فترات سابقة، بحسب المصادر ذاتها. 

الخيار الأصعب 

كل هذه الحواجز، دفعت المئات من العائلات إلى  اختيار الخيار الأصعب، وهو البقاء في مراكز الإيواء أو في منازل أقاربهم بالأحياء الأخرى؛ كالنشوة والكلاسة والناصرة وغيرها وبالقرى القريبة من المدينة، بحسب "أبو إسلام" وهو نازح من غويران ما زال يقيم بمركز إيواء في حي الناصرة. 

 

 

يقول أبو إسلام  لموقع تلفزيون سوريا، إنه ما يزال مقيماً مع عشرات العائلات في مسجد مصعب بن عمير في الناصرة، حيث يضم المسجد قبواً كبيراً تستخدمه العائلات النازحة إلى الآن، مشيراً إلى أنَّ معظم النازحين هنا تعرضت منازلهم للتدمير أو التخريب أو النهب، وبعضها تعرَّض للتجريف من قبل "قسد"، وهم يفضِّلون البقاء خارج الحي، خاصة أنَّ الحملات الأمنية لم تتوقف في الحي، و"قسد" تشن حملات اعتقال بشكل مستمر، فضلا عن المضايقات من عناصرها مع توجيه اتهامات بتأييد "داعش" لأهالي الحي. 

ويضيف أبو إسلام، إنه اعتقِل لنحو أسبوع من قِبل قوات "قسد" عند ذهابه لتفقد منزله في غويران، حيث سُجن مع العشرات في مدرسة الزراعة بالحسكة، وتم نقلهم مع 50 آخرين إلى سجن آخر في بلدة تل براك شمال شرقي الحسكة، بعد "تصويرهم قرب جدار بالمدرسة ووجوههم على الحائط" على أنهم "دواعش" قبض عليهم، وأطلق سراحه قبل بضعة أيام. 

ويورد نازح آخر يقيم في جامع عثمان بن عفان داخل حي المريدان الذي يسيطر عليه النظام، أنَّ أكثر من 500 عائلة من حيي غويران والزهور، ما زالوا في مراكز إيواء أو منازل أقاربهم، وأنه بالإضافة لمسجد عثمان بن عفان يوجد مركز آخر في مطعم على البال بالملعب البلدي.

 

merlin_201100200_d451e923-d0be-4930-80a9-a1d1ce63dc52-superJumbo.jpg

قطع الخدمات الرئيسية

ويقول النازح الذي طلب عدم ذكر اسمه: بالإضافة إلى الحواجز والملاحقة الأمنية بتهم كاذبة، فإنّ الأحياء الجنوبية ما زالت بلا ماء ولا كهرباء ولا خبز منذ هجوم "داعش"، ولم تصل المياه إلى غويران إلا في يومٍ واحد فقط لبضع ساعات؛ ما يدفعنا إلى اختيار البقاء، خاصة أنّ الأهالي ليسوا قادرين كلّهم على دفع مبلغ 10 آلاف ليرة سورية مقابل "خمسة براميل مياه" والحركة لا تتم بسهولة، بين كل هذه الحواجز التي تتعامل مع الجميع كمشتبه بهم، لجلب ربطة خبز من خارج الحي. 

ويتابع بحديثه لموقع تلفزيون سوريا: إنَّ طفلاً في الـ 14  من عمره وسيدة بالعقد الرابع، أُصِيبا بجروح من رصاص "قسد" يوم السبت الماضي، وذلك عندما كانا يتظاهران مع مجموعة من سكان حي الزهور للمطالبة بإزالة الحواجز وتسهيل دخول وخروج الأهالي من الحي. 

تجريف المنازل وكليات جامعة الفرات

عبدالله الجشعم، وهو صحفي بموقع الخابور المحلي المهتم بأخبار منطقة شمال شرق سوريا، قال: إنَّ "قسد" بدأت في تجريف معهد المراقبين الفنيين وكلية الاقتصاد وكلية الهندسة التابعة لجامعة الفرات، ومنعت الامتحانات في كلية الزراعة التي سيطرت عليها وحولتها إلى مركز لتجميع المعتقلين من الحسكة، قبل توزيعهم على مراكز اعتقال رسمية. 

ويضيف أنهم تمكنوا من توثيق نحو 20 عملية تجريف لمنازل ومحال تجارية في غويران من قبل "قسد"،  موضحاً أنَّ " المنازل التي جرفت كان يتحصن فيها بعض الدواعش وعوقب أصحابها على جريمة لم يقترفوها باعتبارهم كانوا نازحين خارج الحي كله". 

ويشير الجشعم في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إلى أنَّ الحملات الأمنية التي تزعم ملاحقة خلايا "داعش"، أصبحت "سيفاً مسلتاً على رقاب أهالي الحي" وخاصة الأهالي من سكان الحي الذين ينحدرون من محافظات أخرى وبشكل أساسي دير الزور، "فالحملات الأمنية صارت تطالبهم بكفلاء وبطاقة وافد" وهي بطاقة تفرضها "إدارة قسد" على سكان الحسكة من المحافظات الأخرى. 

ويختتم حديثه بالقول، إنَّه "لا يستبعد أبداً أن تكون كل هذه الإجراءات بهدف التغلغل في الأحياء الجنوبية وتعديل التوزع الديمغرافي فيه؛ فسابقاً استولت قسد على مساكن الشرطة بالمنطقة ذاتها وحولتها إلى مساكن عفرين، وسياساتها الحالية توحي أنّها تريد فعل شيء مشابه".