بشار الأسد يتلاعب في تشكيل الجيش للالتفاف على العقوبات الأميركية

2023.06.13 | 19:23 دمشق

بشار الأسد يتلاعب في تشكيل الجيش للالتفاف على العقوبات الأميركية
+A
حجم الخط
-A

في محاولة للتكيف مع الضغوط الاقتصادية والعسكرية التي تواجِهُه، قام بشار الأسد بإجراء تغييرات كبيرة في بُنية قواتهِ خلال الأشهر الماضية، تهدف إلى تعزيز ولاء الضباط والجنود والالتفاف على العقوبات الأميركية والغربية، التي تستهدف أي جهة تتعامل مع الأسد، وفق ما كشفه مركز أبحاث المجلس الأطلسي الأميركي.

تقرير المركز أشار إلى أن وثيقة الترقيات الأخيرة للمؤسسة العسكرية التي صدرت مطلع هذا العام، ضمت 30 ضابطاً من الجيش والمخابرات، وشملت قادة فرق وألوية وكتائب في مختلف المحافظات، خصوصاً في درعا وإدلب وحمص، لكن اثنين فقط من هذه الأسماء مُدرجان على قوائم عقوبات الدول الغربية، وهما قائد الفرقة 25 مهام خاصة "سهيل الحسن"، وقائد الفرقة 30 في الحرس الجمهوري "صالح العبد الله"، اللذان تمت ترقيتهما إلى رتبة لواء، إضافة إلى تعيين اللواء "علي عبد الله أيوب"، في منصب وزير الدفاع، وهو الذي شارك في قمع التظاهرات المطالبة بالديمقراطية في عام 2011، وقاد عدة حملات عسكرية ضد المناطق المحررة.

ويرى محللون أن هذه التغييرات تهدف إلى إزالة أي عنصر يثير شكوك الأسد بشأن ولائه أو كفاءته، وإلى تكافؤ أو تخفيض نفوذ بعض الضباط المؤثرين، مثل رئيس فرع المخابرات الجوية "جميل الحسن"، كما تهدف إلى تحديث بنية الجيش لتتناسب مع طبيعة الحرب في سوريا.

وأضاف المركز أن العقوبات الغربية والأميركية على جيش الأسد لم تكن فعالةً في تحقيق أهدافها، بل على العكس، أدت إلى تحسين كفاءته وتنظيمه، مستدلاً بذلك في أن الجيش تمكن من التكيف معها في ظروف الحرب، مستفيداً من الدعم العسكري والمالي واللوجستي من حلفائه روسيا وإيران، اللتين لم تتأثرا بالعقوبات الأميركية، وأن العقوبات لم توقف انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، كما أنها لم تدفع الأسد إلى الالتزام الجاد بالحل السياسي، معتبراً أن عدم فعالية نهج العقوبات شجّع الدول العربية على التطبيع وإعادة الأسد إلى الجامعة العربية.

تأتي تغييرات الأسد في بُنية قواته في وقت يدرس فيه المشرعون الأميركيون توسيع قانون قيصر، ضمن حزمة عقوبات تهدف إلى منع الدول العربية من تمويل نظام الأسد، تحت مسمى "قانون مناهضة التطبيع مع النظام السوري"، وفي حال أصبح المشروع قانوناً في مجلس النواب الأميركي، فسيتم إجراء مراجعة للعقوبات المالية المحتملة في أي وقت يقوم فيه بلد ما باستثمار أو منحة أو عقد أو تبرع بقيمة تزيد على 50 ألف دولار لمناطق تخضع لسيطرة نظام الأسد في سوريا.

في حين اعتبر مركز المجلس الأطلسي للأبحاث، أن سياسة العقوبات الحالية، مثل قانون قيصر وقانون الكبتاغون، لا تستجيب للواقع على الأرض، بما في ذلك التغييرات التي يقوم بها الأسد، مُطالباً الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، بتطوير آلية جديدة لفرض عقوبات على المؤسسات التي ترتكب انتهاكات في سوريا، مما يسهل استهداف الأفراد في مرحلة لاحقة.

يحاول بشار الأسد بإجراء هذه التغييرات في الجيش السوري أن يظهر قوة وثقة في نفسه، وأن يحافظ على سلطته في ظل ظروف صعبة، لكن هذه التغييرات قد لا تكون كافية لإنقاذ نظامه من الانهيار، فالأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري لا تزال مستمرة، والمجتمع الدولي لا يزال يطالب بحل سياسي ينهي الحرب ويحقق تطلعات السوريين.

ختاماً يمكن القول إن العقوبات الأميركية على الجيش السوري كانت مضادة للإنتاجية، ويجب على الإدارة الأميركية مراجعة سياستها تجاه سوريا، والتوجه نحو حل حقيقي في سوريا، والتحرك بشكل فعال وجاد لإيقاف خطوات التطبيع العربية والإقليمية مع نظام الأسد، التي ستكون نتائجها كارثية على السوريين ودول المنطقة، إن تُوجت باعتراف شرعي دولي وأعادت الأسد إلى المحافل الدولية.