icon
التغطية الحية

انسحاب 40 حاجزاً وتفجيرات من أجل البقاء وخلط الأوراق.. ما الذي يحدث في درعا؟

2021.12.23 | 05:53 دمشق

southern-syria.jpg
درعا - محمد علي
+A
حجم الخط
-A

يرى ناشطون وعسكريون من الجنوب السوري أن التفجيرات التي تحدث كل حين في المنطقة هي مخطط تنفذه المخابرات الجوية ذات الولاء الإيراني بهدف ضمان بقائها في المنطقة، وعدم الانحساب وفق الاتفاقات المحلية والدولية. في حين تستمر حركة التبديلات والانسحابات لحواجز فروع الأمن والمخابرات.

تصدرت حوادث تفجير الحواجز المشهد في الآونة الأخيرة، بعد سلسلة عمليات محيطة بحواجز ومقار تابعة للنظام، أبرزها كان تفجير دراجة نارية ملغمة قرب حاجز للمخابرات الجوية بالقرب من أوتوستراد “دمشق – درعا” من جهة الغارية الغربية في ريف درعا الشرقي مطلع الشهر الحالي.

وانفجرت عبوة ناسفة يوم الثلاثاء الفائت وسط مدينة درعا بالقرب من بيت المحافظ وسط منطقة مشددة أمنياً مخلفة أضراراً مادية، دون ذكر أي أضرار بشرية. 

من المسؤول عن التفجيرات في درعا؟

نشرت مواقع محلية ما نقلته عن قيادي سابق في فصائل المعارضة، أن التفجيرات التي تحدث مؤخراً هي من صنع وتدبير مخابرات النظام السوري بهدف زيادة قبضتها الأمنية وتثبيت وجودها ضمن المنطقة، في محاولة منها لإقناع ضباط روسيا بأن هذه العبوات وضعت لاستهداف أرتال الشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام، وسماح القيادة الروسية لهم بزيادة انتشار الحواجز العسكرية في المنطقة وهو ما تسعى له المخابرات الجوية صاحبة الولاء الإيراني.

كما أكد القيادي السابق بأن المنطقة التي حدث فيها التفجير قرب جسر الغارية الغربية هي منطقة محصنة أمنياً حيث تحيط بها عدة حواجز تابعة للمخابرات الجوية، التي تُخضع كل المارين من خلالها إلى تفتيش دقيق دوناً عن الدوريات المشتركة للنظام بشكل مكثف على الأوتوستراد الدولي.

وبالعودة إلى التفجير الذي وقع يوم الثلاثاء في مركز مدينة درعا، نجد أن السيناريو نفسه في كلا الحالتين، بسبب الوجود الأمني المكثف بجوار المنطقة التي وقع بها التفجير، فهي تتوسط عدة نقاط أمنية منها نادي الضباط ومنزل المحافظ والأمن السياسي، والأمن العسكري، في حين يؤكد شهود من المنطقة أن الوصول إلى تلك النقطة مستحيل بسبب التشديد الأمني فيها.

التفجيرات التي كانت تقوم بها المعارضة في أوقات سابقة كانت تُحدث عدداً من الإصابات في صفوف قوات النظام المُستهدفة من تلك العمليات كرد من المقاتلين المحليين على الانتهاكات التي تقوم بها حواجز النظام، لكن الذي يثير الشك أن تقع أكثر من عملية دون وقوع أي إصابة تذكر في صفوف قوات النظام، كما حدث بعد انفجار دراجة نارية ملغمة قرب مبنى الأمن العسكري في مدينة ازرع مطلع الشهر الحالي، استهدفت دورية روسية دون أن تسجل أي إصابات.

وانفجرت عبوة أخرى في تشرين الثاني الفائت، بالقرب من البناء الذي يوجد به عناصر فرع الأمن السياسي في الجانب السوري من معبر نصيب – جابر الحدودي مع الأردن، دون أن تسجل أي إصابات بشرية، ما يؤكد أن التفجيرات مفتعلة من قبل قوات النظام بحسب ما يراه ناشطون في الجنوب السوري.

على ماذا تنص المباحثات الدولية  

على الصعيد نفسه أكد محللون أن التفجيرات التي تحدث مؤخراً جاءت في محاولة من مخابرات النظام لعدم إكمال عمليات الانسحاب التي جرت مؤخراً بإشراف ومرافقة روسية، بحسب اتفاقات قضت بإخراج الحواجز من المنطقة وانسحابها بشكل تدريجي إلى الثكنات والنقاط العسكرية الأساسية.

وأكد العميد "أسعد الزعبي" أن انسحاب الحواجز هو انسحاب طبيعي، وجاء بقرار دولي، وبتنفيذ من الجانب الروسي، معللاً ذلك بأن النظام لا يملك القرار بهذا الخصوص، على العكس فإن النظام يرغب بجلب مزيد من الجيوش، ووضع حواجز في كل أرجاء المنطقة.

وأوضح "الزعبي" بحسب ما نقله "موقع تجمع أحرار حوران" أن السبب الرئيسي وراء الانسحاب، هو أن عدداً من الدول ومنها الولايات المتحدة والأردن، أبدت انزعاجها مما جرى مؤخراً في درعا، مشيرة إلى أن حواجز النظام وخاصة الأمنية، تدفع إلى الفلتان الأمني، وتستوجب ردود فعل غير مستحبة، بينما الجميع بحاجة إلى الهدوء في المنطقة لتمرير المصالح المتعلقة بخط الغاز.

حيث إن الدول المشاركة في الخط أبدت خشيتها من أي تفجيرات ولذلك أراد الروس أن يثبتوا عكس ذلك، وأن النظام يسيطر على الوضع في المنطقة، في حين أخذت روسيا على عاتقها تأمين مروره وأكدت للجميع أن النظام قادر على حمايته، خصوصاً مع التعهّد الروسي بفرض الأمن في درعا بعد اجتماع بوتين مع الملك عبد الله في أغسطس / آب الماضي، بعد التوتر الذي شهدته محافظة درعا مؤخراً. 

انسحاب الحواجز المترافق مع انتهاء الحملة العسكرية غدا مؤشراً واضحاً لتفاهمات دولية ألزمت الجانب الروسي بتأمين المنطقة أمنياً وإيقاف القلاقل التي تحصل بين الفينة والأخرى بهدف حماية خط الغاز العربي المزمع إعادة تأهيله وإشراك النظام فيه مع الأردن ومصر ولبنان وإسرائيل.

انسحاب أكثر من 40 حاجزاً

الحواجز التي تم سحبها من المنطقة، تجاوز عمر بعضها منذ تاريخ توزعها لأول مرة العشر سنوات كما في حاجز حديقة "حميدة الطاهر" في حي السحاري بمدينة درعا الذي انتشر للمرة الأولى في نيسان / أبريل من العام 2011 بعد اندلاع الثورة السورية بشهر واحد، الحاجز الذي تحول إلى ثكنة عسكرية امتدت من مبنى الإذاعة على أطراف الحي وشملت حديقة ومطعم حميدة الطاهر، ومبنى معهد آفاق وبعض المباني المحيطة، والذي تم سحبه مؤخراً بناء على اتفاق التسوية الأخير.

 كما تم سحب حواجز السرايا والمستشفى الوطني  والمخابرات الجوية الواقع بين المنطقة الصناعية ومخيم درعا، وحاجز مفرق حي السبيل الواقع بالقرب من دوار البريد، وحاجز دوار البانوراما، وحاجز الوسيم وأبو دخيل، ونقطة المصرف الزراعي، ونقطة مبنى الحبوب، ونقطة مبنى الأعلاف، ونقطة سوق الهال، ونقطة ساحة بصرى، ونقطة قطاع أبو غيث.

بالإضافة إلى عدة حواجز مفصلية على الأوتوستراد الدولي دمشق - عمان أو من باقي الأرياف، مثل حاجز قيطة شمالي درعا وحاجز المساكن وحاجز الكرتون وحاجز السوق في مدينة الصنمين وحاجز الجمعية الخيرية، بالإضافة إلى حاجزين يتبعان لفرع الأمن العسكري قرب بلدة جباب وحاجز الحمامات كما تم سحب حاجزين للمخابرات الجوية أحدهما يقع على المدخل الشرقي لـ بلدة علما، والآخر يقع على الطريق الواصل بين بلدتي المسيفرة والغارية الشرقية.

في الريف الغربي انسحب حاجزان من محيط بلدة تسيل، وحاجز على طريق "نوى - تسيل" ليعود مجدداً تحت سيطرة الأمن العسكري، وجميعها تتبع للمخابرات الجوية، وكذلك جميع الحواجز العسكرية الموجودة في محيط بلدة كفر شمس شمالي درعا، التابعة لفرع الأمن السياسي، كما تم إخلاء بعض الحواجز في محيط مدينة داعل في الريف الأوسط، إضافة لحواجز الشيخ مسكين وابطع وحاجز الفرقة الرابعة على مدخل مدينة درعا الغربي. 

تقسيم النفوذ بين الفروع الأمنية 

حواجز أخرى تم الإبقاء عليها مع تبديل تبعيتها بين فروع المخابرات، فغالب الحواجز في المنطقة الغربية أضحت تتبع للأمن العسكري على العكس في الريف الشرقي الذي توزع فيه التقسيم بين الأمن الجوي والأمن السياسي.

أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا بانسحاب قوات أمنية تابعة للمخابرات الجوية من معبر نصيب - جابر الحدودي مع الأردن وتمت الاستعاضة عنها بقوات تابعة لفرع الأمن السياسي.

في ريف درعا الشرقي تمت استعاضة عناصر حاجز الرادار العسكري الواقع بالقرب من بلدة "النعيمة" والذي يتبع لجهاز الأمن العسكري بعناصر تابعين للمخابرات الجوية، كما حدث مع حواجز "صيدا" التي انسحبت للتمركز في مدينة "داعل" وقرب بلدة "ابطع" على أن تحل مكانها حواجز تابعة للمخابرات الجوية.

أما في الريف الغربي فعلى العكس تماماً حيث إن المخابرات الجوية التي كانت تتمركز في المجلس البلدي في بلدة "تسيل" انسحبت لتحل محلها قوات عسكرية تابعة لجهاز الأمن العسكري.

من الجدير بالذكر أن معظم الحواجز باشرت عمليات الانسحاب وإعادة التموضع بعد اتفاقات التسوية بين قوات النظام ووجهاء وأعيان المناطق ومقاتلين سابقين في الجيش الحر  برعاية روسية، التي قضت بتسليم السلاح، وانسحاب غالب الحواجز، والإبقاء على حواجز مفصلية لأغراض أمنية، بالإضافة إلى تسليم المؤسسات للنظام بحماية قوات شرطة تتبع للنظام.