icon
التغطية الحية

انتقادات واسعة وغضب بعد فيديو لهتافات عنصرية في ألمانيا

2024.05.25 | 16:00 دمشق

آخر تحديث: 26.05.2024 | 12:23 دمشق

عنصرية في ألمانيا
نادي "بوني" في منتجع كامبن بجزيرة زيلت شمالي ألمانيا (Syltpress)
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

أثار تسجيل مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس لمجموعة من الشبان الألمان وهم يرددون هتافات عنصرية معادية للأجانب، سخطاً شعبياً وانتقادات واسعة وغضباً في الأوساط السياسية والإعلامية في ألمانيا.

ويظهر في المقطع المصور الذي لا تتجاوز مدته عشر ثوان، مجموعة من الشبان والشابات يرقصون على أنغام الأغنية الشهيرة "لامور توجورس" للمغني الإيطالي جيجي داجوستينو، خلال عطلة نهاية الأسبوع، في أحد نوادي منتجع كامبن بجزيرة زيلت شمالي ألمانيا، وهي وجهة مفضلة للمصطافين الألمان الأثرياء.

وفي الفيديو الذي جرى تداوله بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس، هتف بعض الشبان والشابات بعبارات "الأجانب إلى الخارج، وألمانيا للألمان"، وهم يضحكون، كما يظهر أحد الشبان وهو يؤدي "تحية النازية" ويشكّل بأصابع يده الأخرى شارب هتلر.

تحقيقات واسعة بشأن "التحريض على الكراهية"

وأعلنت الشرطة في ولاية شليسفيس هولشتاين شمالي ألمانيا عن إجراء تحقيقات تتعلق بالتحريض على الكراهية، حيث يُعد استخدام شعارات أو رموز نازية، بالإضافة إلى أنواع أخرى من خطاب الكراهية، أمراً غير قانوني بموجب القانون الألماني.

وقالت الشرطة في بيان عبر موقع "إكس" يوم الجمعة "يجري حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي تداول مقطع فيديو لأشخاص يحتفلون في زيلت، نحن على علم بهذا الفيديو ونقوم بفحصه بحثاً عن محتوى ذي صلة بأمور جنائية، نود أن نشكركم على الأدلة العديدة التي أرسلناها بدورنا إلى السلطات المختصة".

ووفقاً لشرطة مدينة فلنسبورغ، فإن جهاز أمن الولاية يحقق بشأن "التحريض واستخدام رموز منظمات غير دستورية"، كما يُجري مكتب المدعي العام والشرطة تحقيقات موجهة ضد "الأشخاص الذين يظهرون في الفيديو ويرددون العبارات العنصرية. كما تشتبه الشرطة في أن شخصاً واحداً يؤدي ما تسمى بـ "تحية هتلر"، وتتابع المعلومات الأولية حول الأشخاص المتورطين، ومن المحتمل إضافة مشتبه بهم آخرين لا يظهرون في الفيديو.

وأكد ثوركيلد بيترسن ترو من مكتب المدعي العام في فلنسبورغ، أنه "جرى تقديم العديد من البلاغات عبر الإنترنت، وتم فتح تحقيق". وقال: "من وجهة نظرنا، فإن شعاري "ألمانيا للألمان" و"الأجانب إلى الخارج" يعاقب عليهما القانون، وتتراوح مدة العقوبة في حالة التحريض على الكراهية، بالسجن لثلاثة أشهر كحد أدنى وخمس سنوات كحد أقصى.

ووفقاً لبيترسن ترو "يمكن الحكم بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أو الغرامة في حالة استخدام رموز المنظمات غير الدستورية". مؤكداً أن "أسماء المتورطين قد أحيلت بالفعل إلى سلطات التحقيق، وتتمثل المهمة الآن في التحقق من ذلك وتحديد هوية ضيوف الحفل والشهود والموظفين في الأمسية المعنية".

ردود فعل غاضبة

والجمعة، أعلن اثنان من أصحاب العمل أنهما أنهيا توظيف الأشخاص المتورطين، وأكدت إحدى المؤثرات المعروفة من هامبورغ على إنستغرام أن أحد الأشخاص كان "على علاقة عمل" معها، وقد أدى ذلك إلى "صدمتها وجرحها وخيبة أملها" وقامت بفصل الشخص بأثر فوري. كما نشرت وكالة مقرها في هامبورغ، من بين أماكن أخرى، عبر حسابها على إنستغرام أنها قدمت إشعاراً بإنهاء الخدمة لأحد الأشخاص دون سابق إنذار على ضوء الحادثة.

من جهته، عّبر مدير النادي في في كامبن، تيم بيكر، عن صدمته عبر منصة إنستغرام قائلاً "لو علمنا بما حدث، لكنا بالطبع قد طردنا الأشخاص المعنيين، لا مكان للعنصرية لدينا".

وقال بيكر في مقابلة مع تلفزيون شمال ألمانيا (NDR) إن "النادي كان مليئاً بمئات الضيوف ونظراً لحجم الضوضاء فإنهم لم يتمكنوا من سماع شيء". مضيفاً أن "حانته ترمز إلى التنوع والتعددية الثقافية، وأنهم قد منعوا الآن المتهمين الخمسة من دخول المبنى مدى الحياة ولن يتم أيضاً تشغيل الأغنية في النادي بالمستقبل".

أحد ضيوف الحفل أشار إلى أن الناس لم ينتبهوا إلى ما حصل بسبب الازدحام. مضيفاً "لو كان الناس قد سمعوا ذلك، لتدخل أحدهم، خاصة من الموظفين، كما إنه لأمر مخزٍ أن يرتد هذا الأمر الآن على جميع سكان جزيرة زيلت".

سخط حكومي وانتقادات حادة من السياسيين

المستشار الألماني أولاف شولتس المنتمي إلى "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" أدان بشدة الهتافات العنصرية، ووصفها بـ "المثيرة للاشمئزاز، وغير مقبولة".

وقالت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيسر إن "كل من يهتف بشعارات نازية هو عار على ألمانيا، والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كنا نتعامل هنا مع أشخاص يعيشون في مجتمع موازٍ يتجاهله الأثرياء ويدوسون على قيم قانوننا الأساسي".

رئيس وزراء ولاية شليسفيش هولشتاين دانييل غونتر من حزب (الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، وصف الصور بأنها "بغيضة".معتبراً أن ما فعله هؤلاء "جرائم فظيعة". مضيفاً أن "التطرف اليميني هو شيء نحاربه بأقصى قوة، ولهذا السبب من الصواب أن تحقق أجهزة أمن الدولة الآن، كما يجب على أولئك الذين كانوا يسافرون إلى هناك أن يعلموا أن الدولة سترد بأقصى درجات الشدة".

بدورها، أعربت نائبة رئيس وزراء ولاية شليسفيش هولشتاين مونيكا هاينولد من (حزب الخضر) عن رعبها من الفيديو. وقالت إنه "من الضروري أن تتخذ دولتنا إجراءات، وأن تُجرى تحقيقات وأن تكون هناك عواقب". مضيفةً "يجب ألا يُسمح لألمانيا بالانجراف نحو اليمين مرة أخرى بحيث نعود إلى الأيام الخوالي من العنصرية والكراهية والتهميش".

وتحدث رئيس المجموعة البرلمانية لـ "الحزب الديمقراطي الحر" كريستوفر فوغت عما وصفه بـ "المشاهد المثيرة للاشمئزاز". وقال "إننا ندين بشدة هذا السلوك العنصري والمهمل، وللأسف، لم تعد مثل هذه الحالات تصرفات فردية". مضيفاً "نحن بحاجة أيضاً إلى الحديث عن مدى حاجتنا إلى رفع مستوى الوعي بهذه القضايا وتثقيف الناس في مجال التعليم، على سبيل المثال، ويجب ألا يكون للعنصرية والتحريض وكراهية الأجانب مكاناً في مجتمعنا".

بيانات وإدانات

ومنذ انتشار الفيديو على على مواقع التواصل الاجتماعي، شاركه وعلق عليه العديد من السياسيين والشخصيات المؤثرة والمشاهير والإعلاميين في ألمانيا، حيث تساءل مقدم البرامج في قناة "ZDF" الألمانية يان بومرمان على منصة "إكس" "من ومن أين هؤلاء الأشخاص؟"، وكتبت المذيعة في نفس القناة دونجا هايالي "بلحية هتلر والشمبانيا، ولكن بدون أجانب #Sylt 2024". وشارك العديد من الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي أسماء الأشخاص الذين رددوا الهتافات العنصرية، ويقال إن من بينهم شباب من هامبورغ.

كما اتخذ رؤساء البلديات في جزيرة "زيلت"موقفاً واضحاً ضد الهتافات العنصرية، وتحدثوا في بيان لهم عن "عدم التسامح مطلقاً مع مثل هذا السلوك". مضيفين أن "رؤساء البلديات وممثلو الشركات والجمعيات السياحية في الجزيرة، يعارضون العنصرية وكراهية الأجانب بأي شكل من الأشكال.

وأوضح البيان أن "زيلت هي جزيرة عالمية ترحب بالزوار من جميع أنحاء العالم، ومن ناحية أخرى، فإن الأشخاص الذين يظهرون في الفيديو غير مرحب بهم على الإطلاق". مشيراً إلى أنه "في اليوم الذي تحتفل فيه ألمانيا بمناسبة مرور 75 عاماً على إقرار الدستور، فإن الديمقراطية والليبرالية تتعرضان للهجوم".