icon
التغطية الحية

النفط مقابل المساعدات.. هل تمت الصفقة بين بايدن وبوتين في سوريا؟

2021.07.10 | 11:14 دمشق

putin-biden-reu-1477490.jpg
إسطنبول - عبد القادر ضويحي
+A
حجم الخط
-A

تسير الولايات المتحدة الأميركية مع روسيا على مبدأ خطوة بخطوة، فكل تنازل يقابله آخر بين الطرفين، ولا سيما مع وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، فمسار العلاقة بين البلدين حيال سوريا اتضحت معالمها بعد اللقاء الأخير بين بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي أخذ الملف السوري حيزاً منه، ما سبق وتلا الاجتماع يشير إلى تنازلات قدمت وستقدم بين البلدين للوصول إلى صيغة مشتركة تضع أس العمل بينهما في الملف السوري.

شكل ملف المساعدات الأممية إلى سوريا، وآلية تجديدها بقرار من مجلس الأمن أساساً لبناء الثقة بين واشنطن وموسكو، فبايدن وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية اعتبروا ملف المساعدات شغلهم الرئيس، وعلى الرغم من أن موسكو لوحت بالفيتو مطلع العام الحالي، وحتى قبل أيام من تصويت مجلس الأمن الدولي، فإنها وافقت أخيراً على تمديد المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر معبر باب الهوى فقط.

خطوة بخطوة

عدم اعتراض موسكو على تمديد آلية المساعدات إلى الشمال السوري، فتح التساؤل عن المقابل الذي قدمته واشنطن لروسيا على الأرض السورية، وهذا يعيدنا إلى تصريح أميركي قبل أسبوعين اعتبر أن ملف المساعدات نقطة اختبار لروسيا، ويبدو أن موسكو نجحت في هذا الاختبار، وأمام هذا الاختبار تتوارد الأنباء عن تنازل أميركي عن البلوك 26 النفطي لصالح شركة "غولف ساند"، وهذا التنازل يبدو أنه أول نجاح لمبدأ خطوة بخطوة بين الروس والأميركيين.

ويعتبر البلوك 26 الواقع في أقصى شمال شرقي سوريا، واحداً من أهم المناطق النفطية في سوريا، وقدر إنتاجه عام 2011 بنحو 20 ألف برميل يومياً، ويشكل إلى جانب حقول محافظة الحسكة خزاناً نفطياً كبيراً لسوريا، وشركة "غولف ساند" تعتبر المالك الشرعي للبلوك بالتعاون مع شركة صينية، والمؤسسة العامة للنفط التابعة لنظام الأسد.

من تكون شركة غولف ساند؟

تتخذ الشركة من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، وتعرف عن نفسها أنها "مستقلة لا تتبع لأي حزب أو جهة"، وهي شركة بريطانية، لكن مالك الحصة الأكبر فيها رجل أعمال روسي مقرب من الكرملين، حصل عليها عقب تعرضها لخسائر مالية.

ويوجد للشركة مكتب في العاصمة السورية دمشق، وأصدرت قبل نحو أسبوعين تقريراً أكدت فيه أنها لا تمتلك أي وصول إلى الحقول النفطية في شمال شرقي سوريا، ويمتلك رجل أعمال روسي يدعى Michael Kroupeev أكثر من نصف الأسهم في الشركة، ولديهم الرغبة في العودة إلى النفط إلا أن الشركة صرحت أكثر من مرة أنها لا تريد التعرض للعقوبات الأميركية، كما أن رجل الأعمال السوري أيمن الأصفري يمتلك أسهماً في الشركة ذاتها، إضافة إلى رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام بشار الأسد.

وتعرضت الشركة عام 2018 لخسائر مادية كبيرة شطبت على إثرها من بورصة لندن في العام ذاته، وفشلت في إعادة ترميم نفسها، وسط محاولات مستمرة لنقل مقر الشركة إلى دولة أخرى للتحايل على العقوبات والخسائر التي تعرضت لها في الآونة الأخيرة، وتقول الشركة وفق تصريحات سابقة لها، إن البلوك 26 لم يتعرض لخسائر في البنى التحتية، مشيرة أنها تستطيع رفع الإنتاج إلى 50 ألف برميل يومياً.

الشركة ذكرت في الآونة الأخيرة أنها مستمرة في التواصل بشكل قانوني لبحث ملف العقوبات على قطاع النفط السوري، وأنها لا تريد الغوص في مواجهة تلك العقوبات نظراً لانهيارها الاقتصادي.

ويرى الباحث في مركز حرمون للدراسات محمود الحسين، أنه لا تستبعد عودة الشركة للعمل في البلوك 26، ضمن صفقة أميركية روسية، ولا سيما أن أي اتفاق سيعود بمنفعة اقتصادية لنظام الأسد، مشيراً أن الحقول النفطية في المنطقة بقيت على حالها ولم تتضرر إطلاقاً مقارنة بحقول النفط في محافظة دير الزور، وأن شركة غولف ساند أكدت هذا الأمر أكثر من مرة.

وأضاف الحسين في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أن سحب واشنطن الاستثناء الممنوح لشركة "دلتا إنرجي" بخصوص قانون قيصر في أيار الماضي، كان مؤشراً قوياً ورسالة طمأنة لروسيا، مشيراً إلى أن الاستثناء الذي كان ممنوحاً لشركة "دلتا إنرجي" كان ينتهي في نهاية شهر آب المقبل، لكن واشنطن استبقت ذلك وسحبت الاستثناء الذي كان ممنوحاً للشركة من وزارة الخزانة الأميركية.

مؤشرات سبقت الصفقة

خاضت الولايات المتحدة جولة لقاءات مع مسؤولين روس لإقناع الروس بعدم استخدام الفيتو أمام التمديد لدخول المساعدات الأممية إلى سوريا، ولعل أبرز اللقاءات المهمة التي جرت في هذا الجانب هو لقاء جمع مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، بمسوؤل ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك في مدينة جنيف السويسرية الأسبوع الماضي.

وحيال هذا يعتبر الباحث في الشأن الروسي سامر إلياس، أن الجانب الأميركي يريد التركيز على موضوع تمديد آلية المساعدات كمدخل لزيادة التنسيق مع الروس في الشأن السوري، مشيراً أنه في هذه المرحلة تجب مراقبة أي تطورات في المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام كمؤشر عن مستوى العلاقة الأميركية مع الأكراد، وكذلك مراقبة امدادات النفط من شمال شرقي سوريا نحو مناطق  النظام أو  دخول شركات روسية إلى هذه المنطقة للعمل على رفع الإنتاج.

واعتبر إلياس في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، أن أي صفقة بين الأميركيين والروس يجب أن تراعي قضيتين الأولى عدم إثارة أي مخاوف لدى إسرائيل وخاصة في موضوع انتشار إيران، والثانية عدم إغضاب تركيا حتى لا تعطل هذه الاتفاقات نظرا لانتشارها في معظم مناطق الشمال السوري.

لا تعليق من قسد

وحيال تلك الصفقة أو ما رشح منها، تواصلنا مع مسوؤل النفط في الإدارة الذاتية، لكننا لم نتلق أي جواب، وفي جانب آخر قالت مصادر محلية إن "شركة الجزيرة" التابعة للإدارة الذاتية تراجع عملها في الآونة الأخيرة، واقتصر على الجانب المحلي، وكانت شركة الجزيرة ذراعاً ميدانياً لشركة "دلتا إنرجي" الأميركية سبق أن أجرت الشركتان دراسات ميدانية على عدد من الحقول النفطية في شمالي وشرقي سوريا.

هذا واعتبر الباحث في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي، أنّ هناك مقابلاً حصلت عليه روسيا في آخر لحظة حتى قبلت بتجديد آلية المساعدات عبر الحدود، مثلما أشار إلى ذلك مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا بالقول إنّ بلاده تناقش مع الولايات المتحدة تخفيف العقوبات الاقتصادية عن نظام الأسد، وكذلك عندما ربط وزير الخارجية سيرغي لافروف قبل أيام موقف بلاده من المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بتخفيف الولايات المتّحدة العقوبات على النظام بما فيها قانون قيصر لحماية المدنيين.

وأضاف عاصي لموقع تلفزيون سوريا، أن روسيا تريد استثناء شركات النفط الروسية من العقوبات المفروضة ولا سيما في إطار قانون قيصر، بما يُسهّل من عملها في عمليات إصلاح وصيانة وتصدير النفط في شرق الفرات لتغطية الاحتياجات المحلية ورفد خزينة النظام السوري بالقطع الأجنبي.

يبقى مبدأ خطوة بخطوة، أو النفط مقابل المساعدات، مجهول المصير، لكنه قد يفتح الباب أمام توافق أميركي روسي مستقبلا، واللافت في التعاون الروسي الأميركي بشأن ملف سوريا هو تصريح جوي هود مساعد وزير الخارجية الأميركي الذي قال إن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير نظام بشار الأسد في سوريا، بل لتغيير سلوك حكومته، مشددا على دعم عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حكومة "تمثل الشعب السوري".

وقابل تصريح هود آخر مماثل لمبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا الذي قال إن واشنطن قد تنسحب من سوريا في أيّة لحظة، وهذا التصريح يشكل منعطفاً في الملف السوري، ولا سيما أن تصريحات المسؤول الروسي جاءت بعد أيام من لقاء جمعه بمسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي.