icon
التغطية الحية

النظام يعاقب الغوطة الشرقية ويحرمها من المياه

2019.10.19 | 14:49 دمشق

tfl_yshd_dhraana_ljr_almyah_mn_byr_ydwy_fy_alghwtt_alshrqyt_rwytrz.jpg
طفل يشد ذراعًا لجر المياه من بئر يدوي في الغوطة الشرقية (رويترز)
هاني العبد الله - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

 

رغم مرور عامٍ ونصف على سيطرة النظام على كامل الغوطة الشرقية، ما يزال السكان يعانون من غياب أدنى الخدمات وعلى رأسها المياه، حيث تعمّد الأسد إهمال تأمين الخدمات للأهالي والنازحين، ما يدفعهم إلى اللجوء لطرقٍ بديلةٍ لتأمين المياه، بعضها كانوا يستخدمونها في أيام الحصار.

وتعاني الغوطة الشرقية من نقصٍ في الخدمات العامة، ولاسيما فيما يتعلق بقطاعات المياه والكهرباء والاتصالات، بالتزامن مع سوء الأوضاع الأمنية، ما يُسبّب حالةً من الاستياء والقلق لدى السكان، الذين يعانون أصلاً من انخفاض مستوى الدخل وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة.

وقال الصحفي غياث الذهبي من أبناء الغوطة: إن "الخدمات سيئة بشكل عام، حيث تعمّد النظام عدم تخديم السكان كعقابٍ لهم لأنهم ثاروا ضده، وتعتبر المياه على رأس المشكلات التي تؤرّق الأهالي، فالدمار الهائل في البنية التحتية والمرافق العامة في الغوطة، والأنفاق التي تم حفرها خلال فترة الحصار، أثّرت على شبكات المياه وأدت إلى تضررها بشكلٍ كلي أو جزئي".

وأضاف الذهبي لموقع تلفزيون سوريا "بعض الشبكات التي لم تتضرر من القصف لم تعد صالحةً للعمل أيضاً، وذلك لأن تلك الشبكات لم يتم ضخ المياه عبرها منذ أكثر من ثمان سنوات، وهذا تسبّب في تلف الأنابيب داخلها، كما أن عناصر النظام سرقوا أنابيب المياه من مناطق المرج والقطاع الأوسط، ما يعني أنه يجب مد شبكات جديدة، وبالتالي فإن وصول المياه إلى بعض المناطق قد يستغرق وقتاً طويلاً".

وفي السياق ذاته فإن مياه الشرب العذبة غير متوفرة أبداً في الغوطة، ففي السابق كانت تأتي المياه إلى الغوطة من نبع ريما في يبرود بريف دمشق، وهي شبكة حديثة تم تفعيلها في 2011، إلا أنه مع تصاعد الحرب توقفت تلك الشبكة عن العمل.

حلولٌ غير مجدية

وفي ظل هذا الواقع باتت هناك عدة طرقٍ أمام السكان للحصول على المياه، وقال الناشط الإعلامي ليث العبد الله من سكان دوما: "بعض السكان يعتمد في تأمين المياه على الآبار التي تم حفرها خلال سنوات الحصار، حيث يمكن أن تتشارك أكثر من عائلة في الحصول على المياه من البئر القريب منها، ويتم استخراج المياه عبر (الكبّاسات)، وهي آلة ميكانيكية لإخراج المياه عن طريق الضغط باليد، لكن كثيراً من تلك الآبار غير صالحة للشرب، كون المنظمات قامت بحفرها بشكلٍ عشوائي، واختلطت مياه بعض الآبار بمياه الصرف الصحي وأصبحت ملوثة أو عكرة، وبالتالي قد تتسبّب بحالات تسمم والتهابات معوية".

وأضاف العبد الله لموقع تلفزيون سوريا "هناك من يعتمد على المياه التي يتم ضخها إلى المنازل عبر الشبكات التي أصلحها النظام، إلا أن تلك الطريقة غير مجدية أيضاً، كون هناك مناطق كثيرة لا تصلها المياه بسبب تضرر الشبكات فيها، إضافةً إلى عدم انتظام فترات الضخ، فيمكن أن تأتي المياه كل يوم أو مرتين في الأسبوع، وأحياناً قد لا تأتي أبداً لفترة طويلة".

في المقابل بعض الأهالي لا تصلهم المياه التي يضخها النظام، ولا توجد بالقرب منهم آبار، وبالتالي يعتمدون على الصهاريج المتنقلة لتأمين مياه الشرب والاستخدام المنزلي، وقالت أم وليد من سكان جسرين: "ليس لدينا أي مصدر مياه، لذلك نضطر لشراء صهريج مياه بكلفة تتراوح بين 1000-1500 ليرة سورية، وبالتالي تصل كلفة المياه في الشهر إلى 10-15 ألف ليرة سورية، كون العائلة الواحدة تحتاج إلى عشرة براميل شهرياً".

وأضافت أم وليد "بعض العوائل الفقيرة تلجأ لعدة حيلٍ للتقنين في استهلاك المياه وتخفيف المصاريف، فمثلاً تقوم بعض السيدات عند الغسيل بالغسالة الأتوماتيك، بتوجيه خرطوم الغسالة المسؤول عن تصريف مياه الغسالة من فتحة المصرف إلى وعاء خارجي، بحيث يمكن الاستفادة من تلك المياه في شطف أرضيات البيت والدرج، إضافةً إلى تقليل مرات الاستحمام".

 ترويج إعلامي

وسعى النظام عقب سيطرته على الغوطة للترويج إعلامياً لبدء إعادة الخدمات إليها، وقالت صحيفة “تشرين” التابعة للنظام في حزيران 2018، إن "محافظة ريف دمشق" خصصت أكثر من ثلاثة مليارات ليرة سورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في الغوطة، من أصل المبلغ المخصص من مجلس الوزراء لإعادة الإعمار في محافظة ريف دمشق والبالغ 5 مليارات ليرة.

وذكر مازن شبلي مدير "المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي" في حكومة الأسد لوكالة أنباء النظام "سانا"، أنه تم تأهيل 94 بئراً وتأمين أكثر من 434 خزاناً لمياه الشرب النظيفة سعتها الإجمالية 1500 متر مكعب، تملأ يومياً لجميع بلدات ومدن الغوطة الشرقية، زاعماً أن نسب تأهيل شبكات المياه في الغوطة ونسب السكان المستفيدين منها تراوحت بين 50 و100 بالمئة، وذلك حسب نسب الدمار الذي لحق فيها.

أبو صبحي من سكان مدينة عربين، عبّر عن استيائه من مشكلة تأمين المياه قائلاً: "النظام يكتفي بالتصريحات الإعلامية فقط، ونسب المستفيدين من المياه التي يتحدث عنها ليس لها أي صلة على أرض الواقع، فالخزانات والشبكات التي تم إصلاحها، تشمل بلدات سقبا وكفربطنا، إضافةً لأجزاء من دوما وعربين فقط، أما باقي المناطق مثل مسرابا، الشيفونية، عين ترما، جسرين، زملكا، أجزاء كبيرة من دوما والمرج، فالشبكات فيها متضررة وليس هناك ضخ للمياه في معظم أجزائها".

وأضاف أبو صبحي "كثير من السكان الموجودين في المناطق التي يقوم النظام بضخ المياه إليها لا يستفيدون منها، كون ضخ المياه يكون ضعيفاً، وبالتالي لا تصل المياه سوى للطابق الأرضي والأول وأحياناً الثاني، أما المقيمين في الطوابق الأعلى كالثالث والرابع فلا تصل المياه إليهم أبداً، وبالتالي يحتاجون لتشغيل موتورات لسحب المياه، لكنها تحتاج إلى الكهرباء والتي لا تصل سوى 2-3 ساعات يومياً، ما يعني أنهم بحاجة إلى المحروقات لتشغيل الموتورات، وبالتالي مصاريف مالية إضافية تُثقل كاهل المواطن".

بدوره ذكر الصحفي غياث الذهبي أن "النظام لم يعطِ أي اعتمادات مالية كبيرة للبدء بأي مشاريع خدمية في الغوطة، وبالتالي اقتصرت أعمال المؤسسة العامة للمياه التابعة للنظام، على إجراء بعض الإصلاحات البسيطة من خلال المبالغ المالية القليلة التي حصلت عليها، فضلاً عن أن أي أعمال صيانة تتطلب موافقات أمنية من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة والمخابرات الجوية".

وسيطرت قوات النظام على كامل الغوطة الشرقية في نيسان 2018، عقب حصارٍ لست سنوات وحملةٍ عسكريةٍ عنيفة، انتهت بتوقيع اتفاقٍ تضمن تهجير 65887 شخصاً إلى الشمال السوري المحرر، بينما أجرى من بقي في الغوطة تسويةً مع النظام.

كلمات مفتاحية