icon
التغطية الحية

النظام يصفّي القطاع العام الصناعي.. 40 شركة مهددة بالحل

2020.08.14 | 07:20 دمشق

nsyj-1-1-1200x900.jpg
إسطنبول - فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

طلبت حكومة النظام من وزارة الصناعة تشكيل لجنة لإعداد مشاريع الصكوك التشريعية لحلّ جميع الشركات المدمرة كلياً، والمتوقفة عن العمل ولا تحقق الريعية الاقتصادية والجدوى المطلوبة منها، وذلك بحسب كتاب رسمي قالت صحيفة الوطن الموالية إنها حصلت على نسخة منه.

وقدر مصدر في وزارة الصناعة لتلفزيون الخبر عدد الشركات التي تنتظر صدور تشريعات بحلها بـ 30 شركة في مختلف المحافظات السورية وذلك بعد أن تعرضت للتدمير الكامل بفعل ما سمّاه بالعمليات "الإرهابية" يضاف إليها 10 شركات متوقفة عن الإنتاج قبل اندلاع الحرب، بينما يبلغ العدد الكلي لشركات القطاع العام الصناعي 118 شركة.

وهذه المرة الأولى التي تتحدث فيها حكومة النظام عن حل وتصفية شركات تتبع القطاع العام الصناعي من خلال "صكوك تشريعية "، ومن بين هذه الشركات بحسب المصدر السابق "الشركة الحديثة" للنسيج في دمشق، ومعامل للسكر والنسيج والغزل في مناطق أخرى. إلا أن صحيفة "الوطن" أدرجت هذه الإجراءات في إطار إصلاح القطاع العام الصناعي، مشيرة إلى أن حل شركات صناعية يقابله العمل على إعادة إقلاع شركات أخرى، وفق الإمكانات المتاحة بحسب تعبيرها.

محاولة لجني أرباح خاصة

ولم تستبعد صحيفة "قاسيون" المحلية أن تكون ذريعة الدمار الكلي لبعض الشركات الصناعية العامة مبرراً حكومياً لاستكمال عملية التصفية النهائية لها، عبر وضع الصك التشريعي اللازم لهذه الغاية، وقالت: إنه سيتم زج بعض الشركات المتوقفة بهذه التصفية النهائية أيضاً، بذريعة الريعية الاقتصادية والجدوى، وهذا الشمول يعتبر مروحة واسعة يمكن إدراج الكثير من الشركات أعلاه ضمن غاياتها.

ويرى ثامر قرقوط الصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية أن إجراءات حكومة النظام لا تصب في الإطار الإصلاحي ويقول لموقع تلفزيون سوريا: إن الهدف منها، هو تحويل الدولة السورية إلى دولة فاشلة بكل معنى الكلمة، فحتى الدول الليبرالية لديها قطاع عام قوي، يعد ذراعاً تدخلياً بيدها، لاسيما وقت الأزمات. مشيرا إلى أن هذا الطرح الحكومي هو محاولات جادة لجني أرباح خاصة، ومراكمة ثروات من فساد متوقع، في حال إتمام مشروعات كهذه تخفي خلفها الكثير من المصالح الخاصة الضيقة، وتعاند الموقف التنموي الذي يجب أن يتخذ.

ويضيف أن فشل النظام في الإصلاح، وتغلغل الفساد في القطاع الصناعي على وجه الخصوص، يجب ألا يكون شماعة تعلق عليها عدم الرغبة بالإصلاح وعدم القدرة عليه. مضيفا أنه مهما كانت الأصول الثابتة للشركات المزمع حلها باهظة الثمن، لاسيما العقارات التي بنيت عليها فلا يجب أن يكون ذلك سببا لتصفيتها.

ومسألة تقويض القطاع العام ولا سيما الصناعي تحت ذرائع متعددة، ليست جديدة على النظام فهي بدأت منذ عقود ازدادت مع تسلّم بشار الأسد الحكم قبل نحو عشرين عاما وتدحرجت من طابعها المرتبط باقتصاد الدولة إلى الحديث عن اقتصاد السوق الاجتماعي والتشاركية مع القطاع الخاص حتى خصخصة الشركات الخاسرة والمتعثرة حيث تم عبرها تحقيق أكبر عملية نهب بسبب الفساد واستثمار القطاع العام لجيوب فئة ضيقة جدا شكلت احتكارا اقتصاديا كبيرا استثمر القطاع العام لمصالحها ما أدى إلى حصولها على مليارات الدولارات.

وتتعقد أكثر مسألة إصلاح شركات القطاع العام الصناعي في ظل غياب القطع الأجنبي الذي استنزف خلال سنوات الحرب والذي هو حاجة أساسية لتأمين قطع التبديل ومستلزمات الإنتاج وهو ما يجعل مسألة إنقاذ الشركات أمرا مستعصيا، هذا إذا كانت هناك رغبة بالأساس في إصلاح الشركات.

خسائر بالمليارات

ويرى الباحث الاقتصادي مرشد النايف أن قرار حل الشركات لن يضيف شيئا للقطاع الصناعي السوري لأن هذا القطاع بالأساس مصاب بالشلل، بفعل الدمار الذي ألحقه النظام بتلك الشركات، ولعدم التفات النظام إلى إصلاح النظام وإعادة تأهيله، ولا سيما أن عجلة الاقتصاد متوقفه، مشيرا إلى أن القطاع الصناعي تكبد خسائر بقيمة 2600 مليار ليرة بحسب إحصائية لوزارة الصناعة في العام 2016 وهي تتعلق فقط بالشركات التي استطاعت الوصول إليها.

ويتركز الحديث الآن في حكومة النظام على تصفية الشركات وبيع أصولها ولا سيما العقارية، بذريعة دمار لحق بها خلال الحرب وعدم إعادتها لنشاطها، أو الاستثمار فيها وهذا ظهر بشكل أكثر وضوحا في العام قبل الماضي حين وجهت حكومة النظام على سبيل المثال كتابا إلى وزارة الصناعة باتخاذ ما يلزم من إجراءات لإخلاء وهدم جميع المنشآت الصناعية والمباني التابعة لوزارة الصناعة في القابون، بالتزامن مع إعلان رئيس حكومة النظام، آنذاك عماد خميس، أن حكومته تعمل على تنفيذ مخطط عمراني جديد للغوطة يحقق التنمية العمرانية.

وتقع المنشآت الصناعية والمباني التابعة لوزارة الصناعة على مشارف غوطة دمشق الشرقية وتعد من أضخم الشركات الصناعية وأعرقها وتمتد على آلاف الدونمات من الأراضي، وتتاخم الأبنية السكنية في مدينة دمشق، ومن بينها الشركة التجارية الصناعية المتحدة "الخماسية والشركة العامة للمغازل والمناسج".

ويسعى النظام بطرق مختلفة إلى دعم اقتصاده الذي استنزفه في الحرب ضد السوريين، ولا سيما أن عجلة الإنتاج متوقفة، والموارد الاستراتيجية شحيحة ومعظمها في مناطق خارجة عن سيطرته، في وقت يعجز فيه أو لا يرغب بتقديم حلول اقتصادية للأزمة المعيشية، مع وجود أكثر من 90 بالمئة من الأهالي تحت خط الفقر بحسب تقديرات أممية.

تسديد ديون

كذلك يتجه النظام إلى تسديد الديون المترتبة عليه لإيران وروسيا وعليه يربط الدكتور مهيب صالحة عميد كلية إدارة الأعمال ‏ لدى ‏‎AIU‎‏ سابقا بين تصفية الشركات الصناعية وبين حاجة النظام لمبالغ مالية أو بيع عقارات واستثمارها من أجل سداد الديون المترتبة عليه ويقول : إن التوجه لحل الشركات يأتي استجابة لمطالب الدول الدائنة للنظام للاستفادة من أصول تلك الشركات من عقارات وغيرها، وكذلك من أجل استثمار طويل الأجل من قبل هذه الدول كما استثمرت مرفأ طرطوس وفوسفات خنيفيس ونفط المتوسط وعقارات المزة والغوطة وغيرها، مشيرا إلى أن الدولة باتت لا تملك قرارها.

ومن أبرز العقود التي وقعتها إيران مع النظام تلك المتعلقة بالاستثمار العقاري ولا سيما في دمشق وريفها حيث الوجود التاريخي لشركات عملاقة وعريقة ومحاذية للأبنية السكنية في دمشق، إذ أعلنت وزارة الأشغال التابعة للنظام، أن إيران تعتزم بناء 30 ألف وحدة سكنية في عدة محافظات سورية، لافتةً إلى أنه تم تجهيز ملفات 26 منطقة تطوير عقاري في سوريا.

وتعرضت العشرات من المعامل والشركات الصناعية الحكومية للتدمير الكلي أو الجزئي خلال الحرب، بحسب ما أعلنه في أيلول الماضي رئيس وزراء النظام السابق عماد خميس الذي أشار إلى أن خسائر مؤسسات الدولة ومن بينها القطاع الصناعي بلغت نحو 45 ألف مليار ليرة سورية (87 مليار دولار) حيث تعرض أكثر من 28 ألف مبنى حكومي للضرر.

وأضافت الحرب ذريعة جديدة للنظام من أجل تصفية القطاع العام ولا سيما الصناعي منه بعد عملية نهب لهذا القطاع، الذي أقيم من ثروات البلاد وعلى حساب لقمة عيش الأهالي واستمرت طيلة العقود الماضية، من خلال رجال أعمال مرتبطين بالنظام، الذي يظهر الآن بأنه أكثر ارتباطا بروسيا وإيران من خلال العقود التي وقعها لهم لاستثمار مقدرات البلاد.

وإن تعددت الأهداف من خلال حل الشركات، بين الحصول على بعض الأموال لدعم الاقتصاد المتهالك من خلال الإصلاح أو سداد مستحقات خارجية، فإنها تعني بالنتيجة حرمان الاقتصاد السوري من سلع محلية نسيجية ومنتجات غذائية، لطالما كانت رائدة في تزويد السوق المحلية وتصدير بعضٍ منها، وتحول الشركات إلى عقارات استثمارية لشركات، من خلال مستثمرين ورجال أعمال مرتبطين بالنظام، ما يزيد من الأوضاع المعيشية للأهالي سوءا، مع ما يشكله ذلك من خسارة عشرات آلاف العمال وظائفهم في تلك الشركات.

كلمات مفتاحية