icon
التغطية الحية

الموقف الفرنسي تجاه الملف السوري بين ماكرون وهولاند

2021.06.08 | 06:37 دمشق

1_508976_q.jpg
باريس - إيلاف القداح
+A
حجم الخط
-A

كان لافتاً في الآونة الأخيرة البيانات والقرارات والعقوبات التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي ومنها فرنسا بحق النظام ومسؤوليه في سوريا، كرد على المحاولات الروسية - الإيرانية تمرير الانتخابات الرئاسية وإعادة تعويم الأسد بطريقة مخالفة للقرارات الدولية وتحديداً القرار رقم 2254 والذي ينص ضمن بنوده على إجراء انتخابات رئاسية سورية بإشراف ورعاية الأمم المتحدة يشارك بها كل السوريين في الداخل السوري واللاجئون المقيمون في بلاد الشتات.

 فرنسا في عهد الرئيس اليساري السابق فرانسوا هولاند اتخذت موقفاً حازماً بشأن الملف السوري وهو دعم الثورة السورية ومطالب السوريين بالحرية والكرامة والضغط المستمر على بشار الأسد للتخلي عن الحكم وقادت الدفة الأوروبية نحو هذا الاتجاه، ولكن بعد تسلم الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون مقاليد الحكم عام 2017 بدأ التناقض يظهر جلياً على المواقف والتصريحات الفرنسية تجاه القضية السورية.

في تصريحات سابقة لماكرون بعد شهور قليلة من انتخابه كرئيس للجمهورية الفرنسية، قال إن بشار الأسد ليس عدواً للفرنسيين وعلى السوريين اختيار رئيسهم بأنفسهم، ليظهر بعدها مرات عديدة بتصريحات مغايرة كان آخرها في شهر آذار الفائت وتحديداً في الذكرى العاشرة للثورة السورية، إذ أكد على دعم باريس لتطلعات الشعب السوري بالحرية والديمقراطية ورفض تعويم النظام وضرورة محاسبة مجرمي الحرب قبل التوصل لحل سياسي في سوريا.

فرنسا تميّز بين الحكومة والدولة

ويقول ميشيل مورزير رئيس جمعية روفيفر لدعم المعتقلين السياسيين في سوريا إن سبب التناقض هو الجدل الواسع في الأوساط السياسية الفرنسية للتمييز بين الحكومات الديكتاتورية والدولة السورية، سوريا حالياً معترف بها كدولة وهي تملك مقعدها في الأمم المتحدة كما حصلت على مقعد مؤخراً في منظمة الصحة العالمية.

ويضيف مورزير لتلفزيون سوريا: " لتكون الدولة الفرنسية منطقية يجب أن تقول عبر خطابها لم يعد هناك رئيس للجمهورية السورية باعتبار وجود كل الاحتلالات في سوريا أهمها الروسي والإيراني".

ويتابع: “إذا المعارضة قدمت حكومة ذات مصداقية فإننا نأمل أن يتم الاعتراف بها كممثل وحيد للشعب السوري من قبل المجتمع الدولي بما فيه فرنسا وهذا من شأنه أن يغير الكثير من الأشياء".

الصحفي مصعب السعود يعتقد أن سبب التخبط في المواقف الفرنسية يعود لما بعد عام 2014 وذلك لخلو يد فرنسا من القوة في الداخل السوري، وامتداد قوة الأميركان وتفردهم في الشمال الشرقي أي مناطق سيطرة قسد، مشيراً إلى أن الفرنسيين دخلوا بكامل قوتهم وانضموا للتحالف الدولي لدعم الأقليات الكردية، لكن اتضح لهم بعد ذلك في عهد ماكرون أن هناك اتفاقاً دولياً حازماً ينص على بقاء سوريا دولة مشتركة تقوم على نظام دستوري وهو ما غيّر الموقف الفرنسي بشكل ملحوظ".

انتخابات ولا انتخابات

في ملف "الانتخابات الرئاسية السورية" التي جرت مؤخراً في سفارات العالم في الـ 20 من الشهر الفائت، أبدت الخارجية الفرنسية الكثير من المواقف المتخبطة فتارة أكدت على رفض تلك الانتخابات وعدم شرعيتها ورفض إقامتها على الأراضي الفرنسية وعدم الاعتراف بنتائجها، وتارة أخرى بررت السماح بإقامتها ولو بشكل شكلي في المركز الثقافي السوري في العاصمة باريس بأنه مبنى مرتبط بمنظمة اليونسكو، ولا تملك السلطات صلاحية لمنع النشاطات داخله بما فيه وضع صناديق اقتراع.

الدبلوماسي السابق نور الدين اللباد يؤكد لتلفزيون سوريا تواصله المباشر مع الخارجية الفرنسية يوم الانتخابات وتأكيد الخارجية حينها على عدم الاعتراف بتلك الانتخابات لعدم التزام الأسد بالقرارات الدولية عدم وجود مراسلات بين النظام وباريس منذ عام 2012 بسبب إغلاق السفارة السورية آنذاك وطرد السفيرة على خلفية مجزرة الحولة، وعدم تلقي الفرنسيين أي مذكرة تطلب السماح بإجراء انتخابات لأن النظام لا يملك الحق بإرسال أي مذكرة رسمية.

ويستطرد اللباد: " فرنسا هي التي طرحت ورقة عدم الاعتراف بانتخابات الأسد أمام الاتحاد الأوروبي والتي نالت الموافقة بالإجماع، وشاهدنا يوم الانتخاب أنه لم يأت للمركز سوى بضعة شبيحة، ويبدو أن الدول تتبع سياساتها حسب تطور الأحداث والمواقف وأظن أن الفرنسيين سوف يعملون على إسقاط شرعية النظام عاجلاً أم آجلاً".

فيما يرى الصحفي مصعب السعود بموضوع تمرير الانتخابات الأخيرة، أنه كان ممكناً للفرنسيين منع الانتخابات لعدة أسباب منها أنه صاحب الأرض ووجود قرارات دولية تؤكد أن بشار الأسد مرتكب مجازر وغياب ملايين اللاجئين السوريين عن تلك الانتخابات.

ولكن الحكومة الفرنسية وبحسب السعود مررت الانتخابات اعتقاداً منها بوجود أمل للنظام بإعادة التعويم الدولي وأن القنصلية ممثلة لشريحة من السوريين ولا يمكن منعهم من الانتخاب بحرية.

يذكر أن هناك نقداً كبيراُ أيضاً من قبل المنظمات الحقوقية تجاه تعامل السلطات الفرنسية مع قضية رفعت الأسد وتخبطها في اتخاذ قرار بشأنه، فبعد الحكم بالسجن عليه لمدة 4 سنوات دون التنفيذ بتهمة اختلاس أموال عامة سورية تقدر بنحو 90 مليون يورو، بررت باريس ذلك بأنه يعاني من أمراض عديدة وبأن صحته لا تسمح بإدخاله إلى السجن ليظهر بعدها في يوم الانتخابات ويصوت لبشار الأسد وهو بكامل صحته الجسدية والعقلية.