المشروع الوطني الجامع.. ضرورة وأمر واقع

2022.05.01 | 05:53 دمشق

gettyimages-1239267430.jpg
+A
حجم الخط
-A

لطالما علت الأصوات المطالبة بوحدة المعارضة السورية عبر سنوات من عمر الثورة السورية من قبل النخبة السورية والثوار السوريين، بالإضافة إلى المطالبات الدولية التي تطالب بوحدة المعارضة وتم عقد العديد من المؤتمرات والاجتماعات التي تطالب بوحدة المعارضة السورية كونها عاملاً أساسياً في تقدم العملية السياسية في سبيل الوصول إلى نتائج حقيقية على طاولة المفاوضات، وضرورة ملحة لإبراز دور المعارضة بجميع مؤسساتها كمنافس لنظام حكم بشار الأسد أو بديل عنه، ولطالما ردت المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي خلال سنوات على هذه المطالبات بعقد مؤتمرات دولية في الرياض وإسطنبول تؤكد فيها أن وحدة المعارضة السورية تكمن في وحدة الموقف والتأكيد على الثوابت الوطنية وترسيخها بهدف نصرة الثورة السورية، أما الخلافات الإيدلوجية أو الحزبية فهي حالة صحية وموجودة في أرقى الديمقراطيات عبر التاريخ.

ومع ذلك لا بد من الحديث بصورة واقعية ومباشرة أن وحدة الموقف والتأكيد على الثوابت الوطنية في كل المناسبات لم يعد أمراً كافياً، فالمعارضة السورية اليوم تتحمل عبئاً إضافياً وهي إدارة المناطق المحررة في الشمال السوري عبر مجموعة من المؤسسات الخدمية والمجالس المحلية والحكومة السورية المؤقتة، ولهذا  يجب أن تقدم أداءً يليق بتضحيات السوريين في هذه المناطق وهذا ما ينتظره الناس وليس فقط طاولة المفاوضات التي لم يشهد العمل السياسي بها أي تقدم ملموس منذ سنوات، وأصبحت بالنسبة لمعظم السوريين مضيعة للوقت ولا قيمة حقيقة لها.

تكمن المسؤولية الأساسية بيد السوريين أولاً في البناء الوطني السليم وتشكيل هدف واضح وفق الثوابت الوطنية التي حددتها الثورة السورية

وحدة المعارضة السورية المطلوبة اليوم بشقيها العسكري والسياسي والمجتمع المدني وإصلاح البنية الداخلية بشكل حقيقي للمعارضة السورية الأساس في نجاح أي مشروع وطني في جميع المناطق المحررة، وتحقيق حلم السوريين بتأسيس نموذج وطني في المناطق المحررة يليق بتضحيات الشعب السوري بعد عشر سنوات من عمر الثورة السورية المباركة.

إذاً تكمن المسؤولية الأساسية بيد السوريين أولاً في البناء الوطني السليم وتشكيل هدف واضح وفق الثوابت الوطنية التي حددتها الثورة السورية، والعمل معاً على إبراز مشروع حضاري تنموي له جذور حقيقة راسخة، وليس مجرد كلام شعبوي يتم الحديث عنه عبر بعض المنصات الإعلامية، وذلك عبر الإصلاح الشامل في البنية الداخلية وفرض واقع حقيقي يجب العمل عليه وتقويته ودعمه بشتى المجالات.

ومع ذلك ومع مرور أكثر من عشر سنوات من عمر الثورة السورية ما زال المواطن السوري لديه ضعف بمفهوم الانتماء إلى سوريا الوطن، فتتعدد التفسيرات بين السوريين حول مفهوم المواطنة والإصلاح فكل يفسر آلية الإصلاح حسب هواه ولا يخفى على أحد أن تعدد مكونات الشعب السوري من كرد وتركمان وعرب وسريان وآشوريين وما بين تيارات علمانية وإسلامية تزيد من حدة بعض الإيدلوجيات في تفسير الإصلاح والبناء والتغيير والوحدة بين جميع المكونات، وهنا لا بد من العودة إلى المصدر الأساسي، علينا أن نتفق على المبدأ في نصرة الثورة السورية ونترك خلافاتنا وتوجهاتنا إلى حين أن تنتصر الثورة ولكن بات من الضروري أن نركز على بناء جديد وهو المشروع الوطني السوري الجامع الذي يستطيع أن يضمن وحدتنا جميعاً دون الخوض في خلافات داخلية قد تزيد من تفرقتنا دون أي جدوى وأن يحمل المشروع في طياته تعزيز مفهوم المواطنة وحب السوريين لوطنهم.

الائتلاف الوطني السوري أعلن مؤخراً مجموعة من القرارات الإصلاحية الداخلية بهدف زيادة نسب التمثيل السياسي بحيث ينعكس بشكل إيجابي على الواقع الحالي، هذه الخطوة التي وصفها البعض بالمتأخرة كانت ضرورية جداً ولكنها ليست كافية، فالائتلاف الذي يعتبر المظلة السياسية الجامعة يجب أن يكون كذلك فعلاً، يجب أن يشعر السوريون أن الائتلاف هو البيت الذي يجمعهم جميعاً وأن لكلمتهم عليه صدىً حقيقياً وهناك مجيب لمطالبهم.

الإعلام اليوم أهم أداة يملكها السوريون وقد يكون أهم سلاح بين أيديهم، عليهم استخدامه بحذر وقوة في الوقت ذاته

هذه الإصلاحات التي أنجزها الائتلاف قسمت الرأي العام بين النخب السياسية والمجتمعية في الداخل والخارج بين من أيدها ومن اعتبرها غير كافية أو متأخرة، ولكنها كانت البداية للحديث بشكل واقعي عن مشكلات أكثر تعقيداً بدأ الائتلاف يتطرق لها بشفافية ومنها تأثير الإعلام السوري بالرأي العام وليس مجرد وسيلة تقوم بنقل المعلومات وتحللها.

الإعلام اليوم أهم أداة يملكها السوريون وقد يكون أهم سلاح بين أيديهم، عليهم استخدامه بحذر وقوة في الوقت ذاته.

ولا تخفى أهمية الدور الذي يقوم به الإعلام في توحيد صفوف المعارضة السورية أو زيادة خلافاتها خصوصاً في وقت الأزمات فضلاً عن دوره في تعزيز دور مؤسسات المعارضة أو انتقادها وهو حق مشروع للجميع في دولة الحرية التي يحلم بها الجميع ولكن دون التمادي في كسر هيبة هذه المؤسسات وتخوينها والإساءة للعاملين في الشأن العام بحجة حرية الرأي، وبعدها نجد أنفسنا الخاسر الأكبر فلا يوجد مؤسسات نحترمها ولا شخصيات نثق بها، المشروع الوطني السوري هو مشروع لكل السوريين فعلينا أن نثق ببعضنا وندعم بعضنا لتحقيقه.