icon
التغطية الحية

المستشفيات الخاصة خيار شاق أمام مرضى "كورونا" في إدلب

2021.10.24 | 13:31 دمشق

2021-09-30t134652z_1150367967_rc2kxp946va5_rtrmadp_3_health-coronavirus-syria.jpg
كادر طبي يعتني بمصاب بفيروس كورونا في مستشفى بإدلب ـ رويترز
إدلب ـ عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

في اليوم العاشر لإصابته بفيروس "كورونا"، وبعد أن شعر بضيق تنفّس حاد في إثر مضاعفات الوباء، كان مازن بصيص المهجّر من جنوبي محافظة إدلب، نزيلاً في جناح "كورونا" في مستشفى "جواد" الخاص في مدينة الدانا شمالي إدلب، لمدة أربعة أيام متتالية، تجاوز خلالها مرحلة الخطر وخضع للعلاج الروتيني هناك.

ولم يكن العلاج ضمن القطاع الخاص خياراً  لدى "مازن" القاطن في مخيم للنازحين على الحدود السورية ـ التركية، إنما اضطرارياً بعد أن تعذّر عليه إيجاد سرير خاص بـ"كورونا" في المستشفيات العامة.

ويلجأ مرضى "كورونا" في منطقة شمالي غربي سوريا اضطراراً إلى المستشفيات الخاصة، في ظل امتلاء أسرّة العناية المشددة والأجنحة الخاصة بـ"كورونا" بسبب تصاعد وتيرة الموجة الحالية وعجز القطاع الطبي عن استيعاب أعداد الإصابات.

وفي وقتٍ تشهد فيه المستشفيات الخاصة انشغالاً كبيراً على صعيد الأسرّة أيضاً، تعتبر خياراً شاقاً مادياً أمام مرضى "كورونا" ويقتصر نزلاؤها على الميسورين مادياً أو متوسطي الحال، أما المضطرون فهم يلجؤون إلى الاستدانة لتأمين تكاليف العلاج.

لماذا المستشفيات الخاصة؟

يوضح مازن، الذي كان له تجربة علاج في مستشفى خاص، أنّه دخل مع تدهور حالته الصحية مركز عزل في مدينة أطمة، لكنه فوجئ بغياب الخدمات المريحة بالنسبة لمصاب بـ "كورونا"، وخاصةً مع تدهور حالته الصحية حينئذ.

ويضيف لموقع "تلفزيون سوريا: "لم أجد شخصاً يشعل لنا الكهرباء كي يعمل جهاز الرذاذ، اقتصرت خدماتهم على تقديم أقراص سيتامول الأمر الذي دفعني لمغادرة المكان والنزول في مستشفى خاص".

ويكون خيار المستشفى الخاص أحياناً، بحثاً عن خدمة خاصة للمريض غير متوفرة في المستشفيات العامة، وخاصة خلال الموجة الحالية والضغط الكبير على الكادر الطبيّ.

ويروي "عبد الرؤوف" المهجّر من مدينة "عندان" شمالي حلب، وهو قريب أحد ضحايا "كورونا"، قصة علاج قريبه (39 عاماً) التي بدأت من مستشفى "كورونا" في مدينة سلقين غربي إدلب، وغادره بحثاً عن خدمةٍ أفضل إلى مستشفى خاص في مدينة إدلب.

يضيف: "أمنا سريراً في مستشفى خاص في مدينة إدلب بالواسطة عبر صديق لنا، نتيجة الضغط الكبير، وخلال انتقاله من سلقين إلى مدينة إدلب انخفضت أكسجته بشكل كبير ووصلت إلى 75 في المئة".

وبعد تدهور حالته الصحية وإقامة وصلت إلى 5 أيام في المستشفى توفّي إثر الإصابة، ويشير "عبد الرؤوف" إلى أنّ الحالة النفسية المتدهورة لدى قريبه نتيجة الخوف، علاوةً على السُمنة التي كان يعاني منها، عرقلت عملية علاجه.

كلفة مرتفعة

ويقول "عبد الرؤوف" لموقع "تلفزيون سوريا"، إنّ "كلفة الليلة الواحدة في المستشفى الخاص الذي نزل فيه قريبه قبل وفاته، ضمن غرفة العناية المشددة، وصلت إلى 150 دولاراً، وتفاصيلها 75 دولاراً منامة و75 أخرى كلفة "المنفسة ـ السيباب"، ووصل إجمالي العلاج لـ 750 دولاراً عن 5 أيام".

ويؤكد محدثنا أنّ أرقام تكاليف العلاج هذه كانت فقط لتفصيلَي الإقامة والمنفسة، ما عدا الأدوية التي كان يطلبها المستشفى بغزارة وهي جميعها على النفقة الشخصية للمريض.

أما محدّثنا "مازن" وهو عنصر في إحدى فصائل المعارضة، يتقاضى منحة لا تتجاوز الـ 400 ليرة تركية، فوجد مشقة كبيرة في كلفة العلاج في مستشفى خاص.

يقول لموقع "تلفزيون سوريا"، إنّه "لم يضطر لدخول العناية المشددة، وعلى الرغم من أنه دخل فقط جناح كورونا، فإنّ المصاريف كانت مرتفعة ولا تناسب حاله المعيشي".

ويشيد "مازن" بإشراف الأطباء والخدمات المقدمة في المستشفى، لكن يعتبر أنّ مبلغ 1000 ليرة تركية كلفة علاجه في اليوم الواحد مرهقة جداً على ذوي الدخل المحدود، ويؤكد في الوقت ذاته أنّ أخاه تكفّل بجميع المصاريف لأنّه غير قادر على تحمّلها.

وتتوزع المصاريف بين الإقامة والأدوية وأسطوانات الأوكسجين، وهي جميعها على نفقة المريض داخل المستشفى الخاص.

التكاليف تثير جدلاً

قبل أيام أثارت تكاليف علاج مصاب بـ "كورونا" في مستشفى "جواد" الخاص في مدينة الدانا، جدلاً واسعاً بين السكّان، إذ تجاوزت الفاتورة المتداولة أكثر من 1264 دولاراً.

واعتبر معلّقون على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ مرضى "كورونا" ليسوا فقط ضحايا الوباء إنما المستشفيات الخاصة التي ترتب تكاليف مرتفعة عليهم، من دون مراعاة الحالة المعيشية العامة للأهالي.

إبراهيم الأحمد وهو فني تخدير يعمل في جناح "كورونا" في المستشفى، أكد لموقع تلفزيون سوريا أنّ الفاتورة المتداولة لعلاج عدة أيام في المستشفى التخصصي، كما أنّ المريض يوضع بصورة تفاصيل العملية العلاجية، مادياً، تفصيلاً تفصيلاً قبيل البدء بأية خطوة.

ويرى الأحمد أنّ الأسعار معقولة قياساً لنوعية الخدمات الطبية المقدمة، ويوضح أنّ المستشفيات الخاصة تدفع لكوادر "كورونا" أجوراً أعلى من غيرهم على اعتبارهم عرضةً للخطر ولضغط عمل كبير في ظل الموجة.

ويشير إلى أنّ تكاليف العلاج على "المنفسة" مرتفعة جداً حتى قبل بدء جائحة "كورونا" وهذا الأمر متعارف عليه بين المستشفيات الخاصة.

وتبلغ كلفة الليلة الواحدة للمريض في جناح (كوفيد ـ 19) 50 دولاراً يتضمن ذلك متابعة طبيب مختص صدرية، على جولتين في اليوم الواحد، أما العناية المشددة التي يدخلها المريض طلباً لـ"المنفسة" فكلفة الليلة الواحدة 200 دولار.

وأمام أرقام التكاليف العلاجية التي رصدها موقع "تلفزيون سوريا"، نجد أنّ الكلفة تختلف من مستشفى خاص لآخر في محافظة إدلب.

وعن إمكانات المستشفى، قال محدثنا "إنّ المستشفى فرّغ طابقاً كاملاً في البناء وخصص 26 سريراً بين عناية مشددة وجناح، لمرضى "كورونا"، ورفده بكوادر متخصصة بالوباء ولديهم تجارب سابقة، وذلك في ظل تصاعد موجة الإصابات الحالية وعزوف عدد من المستشفيات الخاصة عن استقبال مرضى الوباء".

ويضيف أنّ "المستشفى عمل بالتوازي مع مستشفيات العزل العامة، وقدّم خدماته للمرضى ومن أبرزها الأوكسجين الذي تشهد المستشفيات الأخرى مشقة في تأمينه".

زيادة في أسرة العناية المركزة

في ظل الإشغال التام لجميع أسرّة العناية المشددة في مستشفيات "كورونا" العامة في إدلب منذ أكثر من شهر، أكد الطبيب حسام قرة محمد مسؤول ملف "كورونا" في مديرية صحة إدلب، أنّ القطاع الطبي في إدلب سيشهد توسعة في هذا النحو.

وكشف "قرة محمد" لموقع "تلفزيون سوريا" أنّ المديرية بالتعاون مع جهات طبية أخرى تخطط لرفد القطاع الطبي بـ 25 سريرَ عنايةٍ مشددةٍ إضافياً في المستشفيات المخصصة لـ"كورونا".

وتبلغ أعداد أسرّة العناية المشددة الحالية نحو 160 سريراً، إلا أنّ أزمة إنسانية كبيرة تشهدها منطقة شمال غربي سوريا في ظل عجز القطاع الطبي عن استيعاب أعداد المصابين بالوباء.