icon
التغطية الحية

المجلس العسكري في إدلب يستعد ويحصن الجبهات.. فما قدرته على صد هجوم متوقع؟

2021.08.01 | 06:24 دمشق

photo_2021-06-06_09-15-46.jpg
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

ينتهي الربع الأول من العام الثاني لاتفاق التهدئة الموقع بين تركيا وروسيا بتاريخ الخامس من آذار 2020 وذلك بعد لقاء جمع الرئيس التركي أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وبعد صمود الاتفاق لأكثر من عام زادت وتيرة التصعيد العسكري مجدداً في شمال غربي سوريا وتحديداً في منقطة جبل الزاوية وجنوب الطريق الدولي حلب – اللاذقية M4، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر عن وجود حملة عسكرية من قبل نظام الأسد وداعميه للسيطرة على مناطق جديدة من إدلب.

لم يكن من المستبعد للفصائل العسكرية أن تكون هناك حملة عسكرية جديدة في إدلب وذلك بحكم المعتاد ألا يصمد أي اتفاق تهدئة وأن المعارك ستعود في أي لحظة، الأمر الذي جعلها تعمل بشكل دائم على رفع قدراتها العسكرية واللوجستية لتكون مستعدة لأي احتمال عسكري مقبل.

تدريبات عسكرية مستمرة ومناهج موحدة ومحدثة

لا يخفى على أحد بأن القوة البدنية والخبرة العسكرية للفرد المقاتل هي من أساسيات القدرة العسكرية وهو ما افتقدته الفصائل العسكرية كونها قائمة بنسبة عظمى على مقاتلين ثوريين لم يعهدوا دراسة الحرب أكاديمياً، ورغم وجود عدد لا بأس به من الضباط المنشقين في صفوف الفصائل العسكرية فإن ذلك لم يكن كافياً لجعل قوامها يبنى على أسس عسكرية علمية.

الأمر الذي حتم عليها البدء بالإعداد والتدريب لمقاتليها على جميع المستويات بدءا بالعناصر المقاتلة ونهاية بقادتها العسكريين.

تحدث موقع تلفزيون سوريا مع المدرب العسكري في الجبهة الوطنية للتحرير حسين الشامي ليطلعنا على الدور الذي يقومنا به كمدربين عسكريين.

وقال الشامي: "التدريب هو أمر لم نبدأ به اليوم بل كان عملاً مستمراً منذ بداية الحراك المسلح، ولكن ما تم العمل واستدراكه أخيرا خلال العام الفائت هو نوعية التدريب وحتميته على جميع المقاتلين لدى الفصائل العسكرية، وذلك من خلال اجتماع جميع الخبرات التدريبية من الفصائل عامة سواء من الجبهة الوطنية للتحرير أو من هيئة تحرير الشام، في إطار غرفة عمليات الفتح المبين التابعة للمجلس العسكري، حيث تم وضع مناهج تدريبية جديدة تتماشى مع التطور العسكري في الميدان من قصف مركز واستطلاع دائم وقتال ليلي".

25 ألف مقاتل في المجلس العسكري 90% منهم أنهوا التدريبات

ويضم المجلس العسكري قرابة 40 لواء عسكرياً منقسماً بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجبهة الوطنية للتحرير، ويضم كل لواء منها 500 - 800 مقاتل من جميع الاختصاصات العسكرية حيث يقدر عدد المقاتلين فيه بـ 25 ألف مقاتل.

وقُسّم كل لواء إلى ثلاثة أقسام: ثلث مختص في عمليات الدفاع وثلث مكون من قوات نخبة عسكرية للتدخل السريع وعمليات الهجوم والقسم الثالث للاختصاصات المختلفة كالمدفعية ورماة صواريخ المضادة للدبابات وغيرها من الأقسام اللوجستية والدعم العسكري.

وأوضح الشامي أنه وبعد وضع الخطط بدأ العمل على تدريب جميع مقاتلي الفصائل بدورات مكثفة تعتمد على عدة مستويات وفي جميع الاختصاصات العسكرية وبإشراف مباشر من قيادة المجلس العسكري، حيث أتم 90% من المقاتلين التابعين للمجلس العسكري المستوى الثالث من التدريبات، ويتم العمل حاليا على تدعيم الاختصاصات العسكرية التي تم تشكيلها ضمن غرفة العمليات، وأهمها الكتائب المقاتلة المختصة في القتال الليلي.

وركز المجلس العسكري عبر غرفة عملياته على تدريبات القتال الليلي بعد أن لوحظ في المعارك الأخيرة عام 2020 اعتماد النظام وحلفائه على أوقات الليل ومجموعات المشاة لإحداث خرق في خطوط الجبهات.

وحدة القرار الميداني واستمرارية الزخم منعاً للانهيار المفاجئ

يعتبر القائد العسكري عماد أبو الخير وهو قائد لجماعة عسكرية لدى هيئة تحرير الشام في جبل الزاوية، أن من أهم أسباب التراجع العسكري لدى فصائل المعارضة هو عدم وجود قرار عسكري موحد إضافة إلى خلل كان موجوداً في إدارة القوات واستهلاك طاقتها في وقت قصير، وهو ما اغتنمته قوات الأسد وميليشياته في العمل على إطالة المعارك واستنزاف الفصائل، الأمر الذي تم استدراكه في المجلس العسكري.

ويضيف عماد: "بنيت غرفة عمليات الفتح المبين النواة الأساسية للمجلس العسكري بهدف توحيد القرار العسكري في المعركة وإدارتها بالشكل الصحيح من دون وجود عدة توجهات وقرارات متناقضة في كل محور عسكري كما كان سابقا، إضافة إلى أن توزيع محاور التماس حاليا وتقسيمها إلى 6 محاور في إدلب مع تخصيص قوات لكل محور مجهزة وعلى دراية كاملة بخبايا المحور المختصة به سيجعل الأمور تسير في الاتجاه الصحيح".

ويكمل حديثه لموقع تلفزيون سوريا موضحا بأنه تم تخصيص عدد من الألوية لكل محور، ولكل لواء يوجد لواء احتياطي جاهز للزج في حال الضغط المستمر من دون الوصول إلى حالة الانهيار العسكري الذي قد يحدث في حال تعرض اللواء المقاتل لهجمات مستمرة من مكان محدد، إضافة إلى تخصيص قوات نخبوية من كل الألوية لتكون جاهزة للتدخل السريع والمباشر في أي ثغرة قد تحدث مما يؤمن استمرارية الزخم العسكري مهما طالت المعركة.

ثلاثة خطوط دفاعية والإمكانيات تحول دون تطويرها كما يجب

لاحظ موقع تلفزيون سوريا من خلال جولة على إحدى خطوط التماس جنوبي إدلب تغيراً حقيقياً في نوعية التحصين العسكري الذي وصلت إليه الفصائل العسكرية.

وكشف مهندس عسكري مختص بالتحصين والدفاعات العسكرية على خطوط الجبهات لموقع تلفزيون سوريا أنه تم إنهاء العمل في الخطين الأول والثاني وأنجز قرابة الـ 60% من الخط الدفاعي الثالث على جميع مناطق التماس في إدلب.

وأوضح المهندس الذي طلب التعريف عنه باسم أبو محمد أن "العمل على الخطوط الدفاعية كان من الأولويات لدى الفصائل المقاتلة، فالتطور العسكري لدى العدو وقدرته التدميرية الهائلة في القصف الجوي والمدفعي أجبرتنا على أن تكون التحصينات كاملة على مستوى عال من القوة بداية في حفر الأنفاق ونهاية في تأمين خطوط الإمداد وتعددها".

ويضيف أبو محمد "لم يكن من السهل ألبتة الوصول لما وصلنا إليه فمعظم المناطق جبلية صخرية يصعب حفرها فهي تحتاج إلى الوقت والجهد ونحن نعمل على تماس مباشر مع العدو ولسنا في مشروع سكني لا يهدده القصف، الأمر الذي زاد من صعوبة العمل، ولكن وبفضل الله يمكن القول إن التحصينات الحالية هي تقارب ثلاثة أضعاف التحصينات التي كنا نعمل عليها سابقا، وإلى الآن لم يتوقف العمل عليها فهي بحاجة دائمة إلى التطوير والتنوع، ولا يكمن التغاضي على وجود صعوبات مالية كبيرة في هذا الصدد، فتكاليف الحفر كبيرة وليست بتلك السهولة مما يجعل العمل لا يسير بالسرعة المرجوة منه".

مشكلات وخلافات و"ما حدا بقول عن زيته عكر"

هذا التطور في البنية والجاهزية العسكرية لا يعني أن المجلس العسكري وغرفة عملياته مثالي، فما زال هنالك خلافات ومشكلات جوهرية بين فصائل المجلس العسكري في بينتها التنظيمية من جهة، وتنافس غير بناء لإظهار كل طرف على أن جاهزيته عالية في تقارير غير واقعية ولا تظهر حقيقة الأمر. بهذه الكلمات وصف أحد الكوادر الإدارية المنظمة للمجلس العسكري الحالة القائمة داخل أروقته.

وأضاف: "لا يخفى على أحد أن هناك خلافات جوهرية بين جناحي المجلس العسكري المتمثل بهيئة تحرير الشام من جهة والجبهة الوطنية للتحرير من جهة أخرى، فلم يلبث أن تم توحيد عمل لجان المتابعة وجعلها جهة واحدة تراقب المجلس كاملا، حتى حدثت الخلافات التي أفضت إلى جعل كل جهة تراقب نفسها بلجانها التابعة لها الأمر الذي يعتبر ضحكاً على اللحى وما حدا بقول عن زيته عكر".

وختم قوله: "الوضع ليس سيئا إلى حد كبير.. هناك عمل وجهد من الجميع ولكن لا يخلو الأمر من الضبابية".

أثبتت معارك إدلب الأخيرة والانهيار المتسارع في الجبهات حقيقة الضعف العسكري لدى فصائل المعارضة في شمال غربي سوريا، ولم يكن للأخيرة مبرر إلا أن الهجوم الحاصل أكبر من طاقتها للدفاع، لكن وبعد ما يزيد على عام من الهدوء النسبي وجهود التنظيم ورفع الجاهزية والمعسكرات التدريبية، يحضر السؤال: هل ستكون الفصائل قادرة على صد حملة عسكرية مرتقبة في إدلب؟