icon
التغطية الحية

اللاجئون السوريون في الأردن تحت رحمة تخفيض وانقطاع برنامج الأغذية

2021.06.16 | 06:16 دمشق

w6.jpg
عمان - إياد محمد مظهر
+A
حجم الخط
-A

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن 21 ألف لاجئ سوري لن يتلقوا مساعداتهم الغذائية الشهرية اعتباراً من شهر تموز 2021، بسبب نقص التمويل الذي أجبر البرنامج على إعطاء الأولوية للأكثر احتياجا.

"المساهمات الأخيرة من الدول المانحة ساعدت في تفادي تخفيضات واسعة النطاق، كان من شأنها أن تؤثر على عدد أكبر من اللاجئين، لكن التمويل في الوضع الحالي غير كافٍ لتلبية الاحتياجات الغذائية لجميع اللاجئين في الأردن"، وفق بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي، في 3 من حزيران/ يونيو الحالي. وتضاعف عدد اللاجئين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في الأردن خلال العام الماضي، ليصل إلى 25 بالمئة، إضافة إلى أن اثنين من كل ثلاثة لاجئين -أي ما يعادل 64 بالمئة- يعيشون على حافة انعدام الأمن الغذائي.

ويقيم في الأردن مليون و300 ألف سوري، منهم 670 ألف لاجئ سوري مسجل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 79% منهم يعيشون في المجتمعات المضيفة، بينما يعيش 21% في المخيمات.

وأكد ممثل "برنامج الأغذية العالمي" والمدير القطري في الأردن، ألبرتو كوريا مينديز، أن مستوى انعدام الأمن الغذائي بين اللاجئين في الأردن، هو الآن الأعلى منذ أن بدأت العائلات بالوصول من سوريا قبل عشر سنوات. مضيفا: "الأوقات العصيبة تتطلب إجراءات صعبة. يتعين علينا اتخاذ بعض الخيارات لتحديد أولويات التمويل الحالي وتقديم المساعدة الغذائية لمن هم في أمس الحاجة إليها".

وأكد "هذه خيارات مؤلمة؛ فإن هذه العائلات لا يمكنها توفير طعام يومهم دون المساعدات الغذائية المقدمة من البرنامج، وفي حال لم نتلق مزيدا من التمويل قد نجد أنفسنا مجبرين على قطع المساعدات الغذائية عن ربع مليون لاجئ آخرين يقيمون خارج المخيمات بنهاية شهر أيلول".

ويتلقى اللاجئون المقيمون في مخيمي الزعتري والأزرق إضافة إلى الأسر شديدة الاحتياج من المقيمين خارج المخيمات 32 دولارا أميركيا (23 دينارا أردنيا) لكل فرد شهرياً، بينما يتلقى اللاجئون المقيمون خارج المخيمات والمصنفون على أنهم متوسطي الحاجة على مساعدة شهرية بقيمة 21 دولارا (15 دينارا) للشخص الواحد، وآخرين 14 دولارا (10دنانير).

توقيت القرار

يوسف عربش، المنحدر من حي جوبر الدمشقي، لجأ مع عائلته إلى الأردن 2012، قال لـ"تلفزيون سوريا": "وصلتنا رسالة نصية مفادها أن المساعدات الشهرية لأفراد عائلتنا الأربعة ستتوقف اعتبارا من الشهر المقبل، قد يرى البعض أن مبلغ 60 دينارا أردنيا لن يؤثر كثيرا على الوضع المالي لعائلة لديها شابان يعملان بالإضافة لوالدهم، لكني أراها مؤثرة جدا خاصة في هذا التوقيت لأنني الوحيد الذي يحظى بعمل ومرتب شهري من بين أفراد عائلتي منذ انطلاق جائحة كورونا".

وعن توقيت القرار قالت مسؤولة الإعلام والاتصال في برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة في الأردن، دارا المصري، لـ"راديو البلد" إذاعة محلية أردنية: "هذه القرارات لم تكن سهلة لكن من دون التمويل الكافي لا يمكن للبرنامج تغطية حاجات كل اللاجئين، وكان من المقرر قطع تلك المساعدات منذ شهر رمضان لولا دخول دولة مانحة، وهي كندا، لما تفادينا الانقطاعات".

وأضافت: "تكرر الأمر نفسه في شهر أيار لكن تمويل الحكومة الأميركية ساعد في تأجيل الانقطاعات شهرا آخر، لكن حاليا التمويل لم يعد كافيا أبدا لتجنب تلك الانقطاعات، فأصبحنا مجبرين على اتخاذ هذا القرار".

وأضافت المصري: "هذا الانقطاع والتخفيض لم يشمل الأهالي في المخيمات حاليا، إذ يعتبروا الفئة الأكثر احتياجا".

وكانت المصري قالت في تصريح سابق لها، في آذار/ مارس الماضي، أن "برنامج الأغذية العالمي يحتاج إلى 72 مليون دولار للأشهر الستة المقبلة، وفي حال استمر نقص التمويل، سيضطر البرنامج إلى قطع المساعدات عن كل اللاجئين السوريين، البالغ عددهم بالكامل نحو 326 ألف لاجئ، بمن فيهم اللاجئون المقيمون ضمن المخيمات بعد شهر تموز المقبل". وكشفت دراسة للبرنامج نشرت حديثا، عن انخفاض دخل 68 في المئة من اللاجئين منذ بداية جائحة كورونا.

على أي أساس؟

لعل السؤال الأكثر تداولا بين السوريين حول هذا الموضوع يدور حول الأسس والآلية التي تم اختيار أفراد وعائلات دون غيرها في ما يخص الانقطاع والزيادة والتخفيض.

قال محمد أبو ياسين، لاجئ سوري يقيم في عمّان، لـ" تلفزيون سوريا": "حصل جميع أفراد عائلتنا المكونة من 6 أشخاص على زيادة ثمانية دنانير أردنية لكل شخص، لكننا لسنا متفائلين بتلك الزيادة؛ فالكل يتحدث عن قرارات مقبلة قد توقف المساعدات عن أعداد كبيرة في الأيام المقبلة". ويكمل أبو ياسين حديثه: "في المقابل تم قطع المساعدات عن ابن عمي وعائلته رغم أن وضعه المادي أسوأ من وضعنا بكثير، إذ لديه أخت مريضة بحاجة إلى عناية ومصاريف علاجية وهو المعيل الوحيد لعائلته، فلا أعلم على أي أساس تم جدولة وتقييم الأفراد الذين انقطعت عنهم المساعدات والذين لم تنقطع عنهم؟".

كذلك تلقى عبد الرحمن محمد، لاجئ سوري في عمّان، رسالة تتضمن أن المساعدات الغذائية ستتوقف نهائيا اعتبارا من الشهر المقبل، وقال لـ"تلفزيون سوريا": "كنا نعتمد على الأموال التي تأتينا من تلك المساعدات لتأمين بعض الأدوية التي تحتاجها والدتي، كما أن غيرنا من السوريين ومن بينهم أقارب لنا يعتمدون على تلك الأموال لتأمين مايمكن تأمينه من أجل دفع أجرة المنزل الذي يعيشون فيه.

إذ تم تخفيض مبلغ المساعدات عن أقارب عبد الرحمن، لكنه اعتبر أن هذا التخفيض ما هو إلا تمهيد لانقطاع كلي كما حصل معه، على حسب قوله.

أما المصري، وخلال حديثها لـ"راديو البلد" اعتبرت أنه من الصعب تقييم كل العائلات بشكل مباشر، فـ"التقييم يكون بشكل دوري، لكن من الصعب خلال عملية التقييم زيارة العائلات التي يصل عددهم إلى نصف مليون لاجئ مسجلين في الأردن، لكننا نقوم بعملية تقييم حول العائلات الأكثر احتياجا، وعلى أساسها نقيم تلك العائلات".

وتحدثت المصري، حول مايسمى بـ"الاستئناف" بالنسبة للمتضررين من قرار الانقطاع فقالت: "أما بالنسبة للعائلات الذين يعتبرون أنهم ظلموا ولا زالوا يستحقون الحصول على تلك المساعدات، يمكن لهم أن يقوموا بعمل استئناف من خلال تقديم طلب عبر رابط خاص تم نشره على صفحاتنا، ومن خلال عملية الاستئتاف ممكن أن نقوم بعدها بعملية إعادة تقييم".

من وجهة نظر مختلفة، ترى هدى محمود، التي انقطعت المساعدات عنها وعن عائلتها مؤخرا، أن تلك القرارات دولية ومرتبطة بالانتخابات الرئاسية السورية، فتقول: "أرجح أن تكون القرارات المتعلقة بالتمويل وقطع المساعدات، قرارات دولية، خصوصا بعد الصور التي وصلتنا وشاهدها العالم حول تلك الاحتفالات الرنانة في العديد من المحافظات السورية، وسفارات النظام في العديد من الدول حول العالم". مضيفة:" بالنسبة للأردن كنت أتمنى أن تكون آلية قطع المساعدات محددة لمن شارك بالانتخابات الرئاسية، لأن من يعتبر أن النظام أوصل سوريا إلى ضفة آمنة فالأولى أن يعود إلى حضن نظامه ويترك المساعدات لمن يستحقها".

وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة هو الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2020، وهو أكبر منظمة إنسانية في العالم تقوم بإنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ وتستخدم المساعدة الغذائية من أجل تمهيد السبيل نحو السلام والاستقرار والازدهار للناس الذين يتعافون من النزاعات والكوارث وآثار تغيّر المناخ.