icon
التغطية الحية

الفقر يحرم أطفال سوريا من الخرجية.. مشاعر مجروحة وآثار اجتماعية

2022.04.14 | 06:45 دمشق

d12aadd1c76b0102bd98ae92cdf57c8906802baer1-850-564v2_uhq.jpg
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

في ظل تردي الأوضاع المعيشية للسوريين، تكافح الأسر للحصول على ما يسد الرمق يومياً، وهذا ما يدفعها للاستغناء عن الكثير من الأساسيات، وربما كانت الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للأطفال أكثر من الكبار القادرين على تدبر أمورهم قدر الإمكان.

حرمت الكثير من الأسر السورية أطفالها من "الخرجية" التي كانت عبارة عن تقليد لا يمكن المساس به، ومتعارف عليه بأوقات معينة من اليوم وغالباً قبل الذهاب إلى المدرسة، وغالباً ما يكون المبلغ كافياً لشراء ما يشتهيه الطفل في المدرسة أو خارجها.

يقول أبو مالك وهو رب عائلة مكونة من طفلة في الصف الثالث وطفل في الصف الأول: "أقل خرجية 1000 ليرة، الـ 500 ما عد اشترت بسكوتة.. أحتاج إلى 2000 ليرة يومياً كخرجية للأولاد ما يعني 44 ألف ليرة في الشهر لو حرمتهم منها في العطل، وهذا لا يعقل، فمن الأفضل أن أوجه هذه النفقات إلى شراء الخبز وغذائيات أخرى أهم لي ولهم".

لا ينكر أبو مالك أن أطفاله "يعانون يومياً" في المدرسة عند مشاهدة أطفال يشترون من "الندوة" (دكان صغير في باحة المدرسة)، لكن ليس بيده حيلة، ومثل أبو مالك، يعاني أبو فيصل، لديه طفلان في الصفين الأول والثاني، حيث قال "أعطيهم يومياً ألف ليرة يشترون بسكوتة واحدة يقسمونها نصفين، أو كيس شيبس ويأكلونه سوية، لكن للأسف لا أستطيع فعل ذلك يومياً، فقد أطلب من والدتهم بعض الأحيان صنع الحلوى في المنزل ليأخذوا منها معهم إلى المدرسة على مدار أكثر من يوم من باب التوفير".

تفاوت طبقي يجرح مشاعر الأطفال

تؤكد معلمة في إحدى المدارس الابتدائية في دمشق، مفضلةً عدم ذكر اسمها، إن "بعض الأطفال يحصلون يومياً على خرجية أكثر من 2000 ليرة، وآخرون لم أرهم يشترون أو يحضرون شيئاً للأكل معهم من المنزل منذ بداية العام، وهذا الفارق الطبقي يثير الشجارات بين الأطفال، ويفرز أطفالاً يتسولون من الآخرين (لقمة أو شقفة) من أي شيء يشترونه".

وتابعت: "نبهنا أولياء الأمور المقتدرين بعدم إرسال مبالغ كبيرة مع أطفالهم حرصاً على مشاعر غالبية الأطفال، لكن لم يستجب الجميع، فالخرجية فعلاً من حق الطفل والـ 2000 ليرة هي ثمن كيس شيبس وعصير، لكن في وقتنا هذا تعتبر مبلغاً مبالغاً فيه ومظهراً من الترف".

وأوضح المرشد النفسي إياد (ر) في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن الواقع الصعب الذي يعيشه الأطفال بظل حرمانهم مما يشتهونه، أدى  إلى انتشار السرقات في المدارس سواء للقرطاسية، أو حتى الطعام، فالتفاحة أو الموزة وحتى السندويشة باتت مغرية لشريحة واسعة من الطلاب، خاصة في المدارس بالأحياء الشعبية، على حد تعبيره.

وأضاف: "من غير الصحيح منع الطفل نهائياً من الخرجية، ويجب منحه إياها مرة في الأسبوع على الأقل في حال كان الأمر ممكناً، فبحصول الطفل عليها وشرائه بنفسه لما يشتهيه يعزز من شخصيته، إلا أن الوضع المادي للأسر قد لا يسمح حتى لخرجية مرة واحدة بالشهر للأسف، والحل هنا يكون عبر مبادرات وأنشطة مشتركة من قبل المرشدين والمدرسين تتيح للأطفال مشاركة طعامهم مع بعضهم بعضا وهذا يعزز لدى الطفل المقتدر فكرة (الضيافة) وردم الفجوة بين الطبقات.

أسعار مأكولات الأطفال في دمشق

ويصل سعر البسكويتة ذات النوعية الجيدة إلى 1200 ليرة، والوسط 800 ليرة، وبالكاد يمكن أن يجد الطفل بسكويتة بـ500 ليرة وهي صغيرة جداً ولا تغريه أمام باقي الأنواع، وأيضاً يصل سعر كيس الشيبس الجيد إلى 1500 ليرة والوسط 800 وبالكاد يمكن أن تتاح أنواع رديئة وصغيرة جداً بسعر 500 ليرة لا تحوي إلا بضع حبات.

الأسعار أعلاه تختلف من محل لآخر، لكنها ترتفع نحو 500 ليرة في الندوات المدرسية، بحجة أن البيع يتم خلال 10 دقائق فقط كل 24 ساعة بمعدل 5 دقائق لكل فرصة مخصصة لاستراحة الطلاب خلال الدوام الرسمي بالمدارس، حيث يقوم مستثمرو الندوات برفع أسعارهم لتغطية كمية البيع القليلة خلال الوقت المحدد القصير أيضاً.