icon
التغطية الحية

الغارديان: اللاجئون السوريون يعيشون في خوف بلبنان

2024.05.08 | 14:18 دمشق

الأمن العام اللبناني يرحل السوريين إلى بلدهم - المصدر: الإنترنت
الأمن العام اللبناني يرحل سوريين إلى بلدهم - المصدر: الإنترنت
The Guardian - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كان مصطفى يسير عائداً إلى بيته بعد العمل خلال الشهر الماضي عندما تعرض لهجوم، إذ يعيش هذا الشاب في ذلك الحي الجميل ذي الغالبية المسيحية والذي يبعد بضعة كيلومترات عن العاصمة بيروت منذ عام 2010، وفي هجوم غير مبرر، ضربته عصابة مؤلفة من أكثر من اثني عشر شاباً، فكسرت أضلاعه، وتركته ينزف على قارعة الطريق.

تلك حادثة من حوادث عدة حصلت خلال الأسابيع القليلة الماضية قامت خلالها مجموعات بالتهجم على السوريين في مختلف أرجاء لبنان، إذ بعد اختطاف مسؤول كبير لدى حزب القوات اللبنانية وقتله، سجلت المنظمات الحقوقية ارتفاعاً كبيراً في عدد الهجمات والخطاب المعادي للسوريين الذين يعيشون في لبنان.

دعا السياسيون للتهدئة واستنكروا العنف على الملأ، على الرغم من أن معظمهم استغل الفرصة ليعرب عن تأييده لفكرة فرض قيود على تحركات السوريين وحرياتهم إلى جانب العمل على ترحيلهم، ويخبرنا باحث رفض الكشف عن اسمه من مركز أبحاث ببيروت بأن شهر نيسان كان أخطر شهر بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في لبنان منذ أن وصلوا إليه بأعداد كبيرة إثر اندلاع الحرب في بلدهم عام 2011.

بدأت الشرارة عندما لوحق باسكال سليمان في الطريق ثم اختطف بالقرب من مدينة جبيل في السابع من نيسان، وبقيت الدوافع وراء قتله غير واضحة، إلا أن حزب القوات اللبنانية اعتبر الأمر اغتيالاً سياسياً، وألمح إلى تورط خصمه القديم: حزب الله في تلك العملية.

أنكر حزب الله مسؤوليته عن الحادثة، فهو يشتبك مع إسرائيل يومياً على الحدود الجنوبية للبنان، وذلك رداً على حرب إسرائيل على غزة، والتي تعتبر مصدراً آخر لتوتر الشعب اللبناني.

ولم ترجح السلطات اللبنانية أي دافع سياسي وراء عملية القتل، لكنها ذكرت بأن مقتل سليمان أتى نتيجة لعملية سرقة سيارته، وأعلنت بعد يوم من اختطافه بأنه تم العثور على جثته بالقرب من مدينة حمص السورية، وبأنها ألقت القبض على سبعة سوريين على خلفية ذلك الحادث.

حياة السوري صعبة في لبنان

أطلق هذا الخبر العنان لموجة عنف ضد اللاجئين السوريين، إذ يقول كريم أخو مصطفى والذي يقطن في الحي نفسه: "ظهرت جماعات تضم شباناً تجوب الشوارع، وعندما ترى أي سوري تهرع لضربه".

طوال خمسة أيام بعد تعرضه للهجوم، بقي مصطفى طريح الفراش في بيته لأنه خشي من الذهاب إلى المشفى، إذ يخبرنا أخوه بأنه فضل البقاء في البيت مخافة أن يتعرض لهجوم آخر.

منذ الإعلان عن مقتل سليمان، ظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لسوريين وهم يتعرضون لتهجم في الشوارع، كما انتشرت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وصفت من تعرضوا للهجوم بالكلاب، وثمة أخبار تفيد بأنه طُلب من السوريين مغادرة المناطق ذات الغالبية المسيحية.

يعتبر وضع كريم ومصطفى متقلقلاً في لبنان، إذ بحسب ما أوردته مفوضية اللاجئين فإن 5% من الأسر السورية تنعم بالأمن الغذائي في حين أن 69% منها لا يوجد فيها فرد يحمل إقامة قانونية.

يعلق كريم على ذلك بقوله: "الحياة في لبنان صعبة، ولكن من المستحيل أن نعود إلى سوريا، لأن كل أسرتي مطلوبة، وسيقتلونني بمجرد أن أعبر الحدود".

وكريم واحد من بين أكثر من 800 ألف لاجئ سوري مسجلين في لبنان، بيد أن الحكومة اللبنانية علقت أمور التسجيل في عام 2015، ويقدر عدد السوريين في لبنان بنحو مليون أو ما يربو على المليونين. ويعتمد كريم على راتبه الشهري الذي يعادل ثلاثمئة دولار بالشهر لكونه يعمل في توصيل الطلبات، إلى جانب المعونة الشهرية التي تقدمها المفوضية لزوجته وأولاده الستة والتي تعادل 75 دولاراً.

عُمر شاب سوري يعيش في مدينة طرابلس بشمالي لبنان منذ عام 2012، وعن حياته هناك يقول: "فكرت كثيراً بركوب البحر لقطع المتوسط، ولكن فكرة أن أبقى ستة أيام في البحر تعني أن هنالك أساليب كثيرة لتفقد فيها حياتك هناك".

يتقاضى عمر عشرة دولارات باليوم من عمله المزري، ويخبرنا بأن الحياة في لبنان كانت صعبة على الدوام، بيد أن الأمور باتت أسوأ، إذ في الوقت الذي كان الشعب اللبناني يبدي حسن ضيافة وترحيباً تجاه السوريين، بدأ هو يحس بوجود حملة عنصرية ضد الوجود السوري من خلال تصريحات السياسيين والإعلانات التلفزيونية المناهضة لسوريا، والزيادة الكبيرة في عمليات ترحيل السوريين إلى بلدهم.

بحسب ما أوردته مفوضية اللاجئين، فإن ما لا يقل عن 13772 شخصاً قد رُحّلوا من لبنان أو جرى صدهم على الحدود حتى يعودوا إلى سوريا في عام 2023.

كما سجلت منظمة هيومان رايتس ووتش حوادث اعتقال عشوائي وتعذيب وترحيل قسري خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام.

يعلق كريم على ذلك بقوله: "لن أبارح البيت في حال وجود حواجز تفتيش"، إذ إنه عضو في مجموعة واتساب تضم سوريين يحذر بعضهم بعضاً في حال نُصب أي حاجز جديد، ويضيف كريم: "لم أزر بيروت منذ نحو ثلاث سنوات بسبب الخوف".

"لا شيء يوحد اللبنانيين أكثر من قضية السوريين"

عقب العنف الذي ظهر، أخذ السياسيون يحثون الناس على الهدوء كما استنكروا تلك الهجمات، وفي الوقت ذاته، ناصر كثير من كبار السياسيين فكرة استهداف السوريين بقوانين أشد قمعاً، وطالبوهم بالرحيل عن البلد.

بعد أسبوع من اختطاف سليمان، أعلن نجيب ميقاتي رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال بأن السلطات سترحل معظم السوريين إلى مناطق آمنة في سوريا، وقال: "لا شيء يوحد اللبنانيين اليوم أكثر من قضية النازحين السوريين" وفي تصريح آخر، طالب بسام مولوي وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بتقليص عدد السوريين الموجودين في لبنان، في حين ذكر وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في مؤتمر صحفي عقد باليونان بعد يومين من عملية الاختطاف أن: "أزمة المهاجرين السوريين خرجت عن السيطرة".

وبحسب ما ذكره رمزي قيس الباحث لدى منظمة هيومان رايتس ووتش، فإن: "السلطات اللبنانية لا تتعاطى بجدية مع أي حل لأزمة اللجوء السوري" بل تقترح خطة بناء على الإجراءات الواجبة والقوانين اللبنانية الملزمة، ويرى قيس بأن مقترحات الحكومة ترقى لعمليات ترحيل سريعة وفي ذلك خرق للقانون، ولهذا يتهم السلطات بتحويل السوريين إلى كبش فداء لصرف أنظار الناس عن مسؤوليات السلطات تجاه الشعب اللبناني على حد تعبيره.

وصل لبنان اليوم إلى سنته الرابعة من أزمته الاقتصادية ولشهره الثامن عشر بلا رئيس، في وقت يتواصل فيه النزاع بين حزب الله وإسرائيل ويهدد باندلاع حرب على الحدود الجنوبية للبلد.

لم ترد وزارة الداخلية اللبنانية عندما طُلب منها التعليق على الموضوع، إلا أن رئيس قسم الشؤون الخارجية لدى حزب القوات اللبنانية، واسمه ريتشارد كيومجيان، يرى بأن الأزمة السورية أهم أولوية بالنسبة لهم، وقال بأن أعضاء حزب القوات اللبنانية لم يشاركوا في العنف الذي استعر خلال الأسابيع الماضية والذي وصفه بأنه عبارة عن أعمال قام بها بعض المتعصبين، وأضاف: "قمنا بكثير من الأمور لتهدئة مشاعر أعضاء الحزب لدينا"، بيد أن هنالك أخباراً تفيد بأن التوتر بين مؤيدي الحزب نفسه بدأ يستعر.

يضيف كيومجيان: "لم نعد نتحمل هذا العبء، فالأمر لا علاقة له بالاقتصاد، بل بهويتنا، إذ عندما يصبح 50% من شعبنا عبارة عن مهاجرين، فهذا يعني أننا انتهينا، ويؤسفني أن أقول ذلك، لكننا لن نقبل بهذا، ولسنا على استعداد لخسارة بلدنا".

المصدر: The Guardian