icon
التغطية الحية

العائلة التي حرقت البلد.. كتاب لصحفي أميركي أمضى عامين في سوريا

2019.06.21 | 13:06 دمشق

غلاف كتاب "الأسد أو نحرق البلد" (تويتر)
عمر الخطيب - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

مستعيداً لأبرز الشعارات التي أطلقتها مخابرات النظام وأكثرها دلالة على ما يحصل في سوريا، يقدم الصحفي "سام داغر" كتاباً جديداً عن سوريا بعنوان "الأسد أو نحرق البلد: كيف دمرت شهوة عائلة واحدة للسلطة سوريا"، ليعود ويقول في ندوة مع "معهد الشرق الأوسط" مصدقاً على ملاحظة للباحث "تشارلز ليستر" إن هذه الـ "أو" غير حقيقية فبقاء الأسد هو بحد ذاته حرق للبلد.

"حرقنا ونحرق وسنحرق البلد"

وقال داغر في الندوة "الأسد أو نحرق البلد، شعار دقيق لهذه العائلة، عائلة الأسد التي حكمت سوريا لمدة 50 عامًا وعاصرت 8 رؤساء أمريكيين، إنه المبدأ الذي قادت به سوريا"، وفي حين يقول الكثير من المراقبين بأن ما حصل في سوريا هو الاحتمال الأسوأ أي أن نظام الأسد بقي وبنفس الوقت البلد تم حرقه، فإن الأسوأ حصل فعلياً منذ خمسين عاماً مع انقلاب حافظ الأسد على رفاقه وتحويل نظام البعث إلى نظام عائلي اعتمد الحديد والنار.

 

يعتبر "سام داغر" الصحفي الغربي الوحيد الذي تواجد في سوريا بين عامي 2012 و2014، واعتقل في 2014 من قبل ميليشيات تابعة للنظام وتم حجزه تحت الأرض ومن ثم تم إبعاده عن سوريا بسبب تقاريره، وكتب من سوريا العديد من التقارير في الصحف الأمريكية، مثل وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز وتم ترشيحه لجائزة بوليتزر، وخلال هذه الفترة وكما وضح في عدة تغريدات وندوات عن كتابه الجديد، التقى بالكثير من مسؤولي النظام وضباط مخابراته وقيادات الميليشيات التي تم إنشاؤها بعد انطلاق الثورة، كما اعتمد داغر في كتابه على حوارات مطولة مع العميد المنشق "مناف طلاس" الذي كان مقرباً لبشار قبل انشقاقه ومغادرته سوريا إلى فرنسا.

خبرة داغر في الشأن السوري وشؤون الشرق الأوسط بشكل عام، مراسل لشؤون الشرق الأوسط منذ 2003، دفعت العديد من الباحثين والمتابعين للاهتمام بكتابه الجديد، لا سميا أنه يكشف فيه بعض ما دار في الحلقات الضيقة ويعرض الكثير من الأحاديث التي أجراها مع مسؤولي النظام.

معادلة النظام

عن اختياره عنوان كتابه يقول داغر في حوار مع "الإذاعة الوطنية العامة NPR " الأمريكية إنه كان يرى هذا الشعار "الأسد أو نحرق البلد" على جدران البلدات والأحياء في دمشق وغيرها من مدن سوريا الثائرة "كانت قوات النظام تدخل وتقوم بما يسميه النظام تطهير هذه المنطقة، ويقومون في بعض الأحيان بإعدام كل من يعثرون عليه في هذه الأماكن، ينهبون جميع المنازل وصولاً إلى البلاط والأسلاك النحاسية الموجودة في الحائط، ويحرقون هذه المنازل. وبعد الانتهاء من ذلك، يكتبون على الجدران هذه العبارة، الأسد أو نحرق البلد".

 

يرى داغر بأن معادلة إما نحن أو الجحيم ميزت حكم الأسد الأب والابن سواء في حكمهم لسوريا أو تعاملهم مع العالم الخارجي لا سيما الغربي، فحافظ الأسد، 1970 إلى 2000، وضع السوريين بين خيارين إما الرضوخ الكامل له وإما إلقاؤهم في سجن تدمر الصحراوي وتدمير مدنهم وبيوتهم كما فعل في حماة، وكذلك قال للعالم الغربي إما أن تتركوا لي حريتي في حكم لبنان وسرقته أو أن المجموعات الإرهابية ستهاجمكم في لبنان وفي أوروبا ذاتها، وهذا ما فعله في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي عن طريق عدة مجموعات مثل مجموعة أبو نضال وميليشيا حزب الله.

جوهر عائلة الأسد

وكما الأب وكما الابن فبشار الأسد ومنذ عام 2000 إلى 2010، إما أن تتوقف الولايات المتحدة عن تهديد نظامه أو أنه سيتابع ضخ المقاتلين الإسلاميين إلى العراق وتدريبهم ودعمهم، وإما أن تتوقف أوروبا عن نبذه وتجاهله وتعفيه من العقوبات وتهمة قتل رفيق الحريري أو إنه سيحرق لبنان وسيتابع عبر ميليشيا حزب الله سلسلة الاغتيالات وسيتابع تزويد هذه الميليشيا المتطرفة بالأسلحة، وبعد انطلاق الثورة السورية وجه تهديده للغرب فإما عدم دعم المعارضة والثورة الشعبية ضد نظامه وإما فإن سلسلة من التفجيرات والهجمات الانتحارية ستطال أوروبا وهو ما قاله بشار الأسد صراحة في عدة مقابلات وخطابات، ليطور تهديده أو معادلة البقاء لاحقاً إلى "إما أن أحكم أو أن داعش سيسيطر على سوريا" وهذه المعادلة التي التقطتها الولايات المتحدة وفعلاً بدأت عام 2014 حملتها ضد تنظيم الدولة مع توفير كل الضمانات للنظام بأنه غير مقصود بحملتها هذه.

وينقل داغر عن لسان أحد قيادات الميليشيات التي أنشأها بشار الأسد بعد انطلاق الثورة قوله "سنقتلهم بالغاز والجوع وسندمر منازلهم، كيف يجرؤون على الوقوف ضدنا"، وحالياً نشهد تطبيق معادلة الأسد في إدلب، فإما أن تستسلم إدلب وتخضع له وإما فإنه سيدمرها فوق رؤوس أهلها، وما تدميره للمستشفيات ومراكز الإغاثة إلا جزء من تهديده "هذا هو منطق نظام الأسد.. هذا جوهر هذه العائلة".

 

دليل الإرهاب

استطاعت ثورات الربيع العربي إسقاط حكام مصر وتونس، ولاحقا ليبيا واليمن، بغض النظر عما آلت إليه الأوضاع، ولكن في سوريا فإن "شهوة" بشار الأسد للحكم والبقاء مهما كان الثمن، تفوقت على غيره من الحكام، واستطاع عبر تطبيق ما يسميه داغر قواعد "دليل الإرهاب" الذي حكمت عائلته سوريا به لمدة خمسين عاماً أن يتمكن من البقاء حتى الآن مع كل ما عانته وتعانيه سوريا من دمار وقتل.

ومن خلال لقاءاته مع المسؤولين في النظام يفرق داغر بين روايتين، ففي حين يتمسك الجانب الرسمي من النظام ويعيد مسؤولوه سردية المؤامرة الدولية وإسرائيل ومحاربة الإرهاب، فإن الجانب العسكري من النظام تحدث لداغر بصراحة ووضوح وبشكل مباشر متفاخرين بالمجازر التي ارتكبها.

وتحدث داغر في نهاية الندوة عن تعبير "الثورة" حيث قال بأن ما حصل ويحصل في سوريا هو ثورة بالطبع، فالشباب السوري استطاع تحطيم جدار الخوف وكان شعار "ما في خوف بعد اليوم" معبراً عن حقيقة توق الشباب إلى الحرية والكرامة لشعب "عاش تحت التهديد والخوف على مدى خمسين عاماً، وخرج للشارع ليواجه الرصاص يوماً بعد يوم" وأشار داغر إلى أن هذا التوق للحرية والكرامة، وبالرغم من كل الأهوال التي حصلت على مدى السنوات السابقة، مازال حياً ونابضاً

كلمات مفتاحية