icon
التغطية الحية

الطفلة السورية جنى.. من التدريب المنزلي إلى بطلة كاراتيه تركيا

2020.07.21 | 18:19 دمشق

123.jpeg
فريق النمور السوري الحر للكاراتيه (تلفزيون سوريا)
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

خاص - تلفزيون سوريا

"يوماً ما سأكون بطلة العالم في الكاراتيه"، تقول الطفلة جنى ابنة السبعة أعوام، بصوت تملؤه الحماسة والتفاؤل، فلطالما كانت البطلة في أي مسابقة أو بطولة تخوضها منذ أن بدأت تمارس هذه الرياضة التي تعتبرها كل حياتها.

اعتاد والد جنى، مدرب الكارتيه إبراهيم بيلوني، جَمْعَ أطفال الحي الذي يقطن فيه في مدينة أنطاكيا التركية مع أطفاله وتدريبهم فنون رياضة الكاراتيه، في غرفة خاصة ضمن منزله، وكان في السابق يقيم في مخيم بخشين على الحدود السورية التركية، وهناك كان يدرّب الأطفال ضمن إحدى الخيم على هذه الرياضة الممتعة، بهدف إبعادهم عما يدور حولهم من أهوال الحرب والنزوح.

32.jpeg
جنى مع والدها المدرب إبراهيم بيلوني بعد فوزها ببطولة ولاية هاتاي

 

يقول المدرب إبراهيم "كنت أرى الأطفال في المخيم محبطين وخائفين، محرومين حتى من أبسط حقوقهم كأطفال، ففكرت في ما يصنع لهم بعضاً من الفرح، وفي نفس الوقت أعلّمهم رياضة تمتعهم وتجعل أوقاتهم سعيدة".

إبراهيم، ومن خلال عمله الدائم مع الأطفال، يؤمن بقدراتهم، ويؤمن أن "داخل كل طفل بطل"، لكنهم يحتاجون إلى من يرعاهم ويهتم بهم، يقول "رغم المعاناة والتهجير لكننا قادرون على تحويل الأطفال إلى أبطال"، موضحاً أنه اعتاد أن يجمع الأطفال ممن يتجولون ضمن أزقة المخيم لتدريبهم على فنون الكاراتيه وتعليمهم الأخلاق الرياضية، وفي نفس الوقت إبعادهم عن الشارع الذي قد يؤذيهم.

بعد خروجه من المخيم واستقراره مع عائلته في مدينة أنطاكيا، حرص إبراهيم على الاستمرار في تدريب الأطفال على هذه الرياضة، فخصص غرفة في منزله للتدريب، يجمع فيها أطفاله مع رفاقهم من أطفال الحي ويدربهم على فنون الرياضة وعروضها.

ولطالما سعى إبراهيم إلى إشراك الأطفال الذين يدربهم في المسابقات والبطولات التي تقام في تركيا، لكن عوائق كثيرة وقفت حائلاً دون ذلك، رغم أنهم كانوا دائماً في مقدمة المسابقات التي يشاركون فيها، يقول "في العام 2015 شاركنا في سباق الدخول لبطولة الجمهورية التركية، وحصلنا على المركز الأول في محافظة هاتاي، لكن البطولة هي فقط للأتراك لذلك لم نستطع المشاركة، بعد ذلك شاركنا في بطولة المدارس التركية، وأيضاً حصدنا المركز الأول، ورغم أن ذلك يؤهلنا للمشاركة ببطولة الجمهورية، لكن أيضاً لم يُسمح لنا بالمشاركة، كونها محصورة بالأتراك".

66.jpeg
فريق "النمور السوري الحر" أثناء مشاركته في إحدى المسابقات

 

وعلى الرغم من التكاليف البسيطة لممارسة هذه الرياضة فإنها تشكّل تحدياً حقيقياً لإبراهيم وفريقه الذي أطلق عليه اسم "فريق النمور السوري الحر للكاراتيه"، يقول "تقلقنا التكاليف المالية رغم قلّتها، فعلى سبيل المثال يحتاج الأطفال لبدلات خاصة أثناء ممارسة هذه الرياضة لا نستطيع دفع ثمنها، مما يضطرنا لأن نفصّل هذه البدلات من قماش الستائر الأبيض، فضلاً عن تكاليف السفر للحضور في البطولات التي نشارك فيها".

ويتذكر إبراهيم ما حصل معه عند المشاركة في بطولة عامة أقامتها ولاية غازي عنتاب في العام 2017، يقول "سمعنا عن البطولة من أحد الأصدقاء الذي تبرع لنا بتكاليف السفر والإقامة، وساعدنا أحد الخياطين بتفصيل ثياب للأطفال من أقمشة بيضاء"، ويضيف "عند دخولنا إلى قاعة المسابقة قوبلنا بسخرية وتهكّم بالغين من الجمهور، لكن عند نهاية المسابقة كان رصيدنا 15 ميدالية تنوّعت بين الذهب والفضة والبرونز، لينهال الجمهور بعبارات الإعجاب والتصفيق"، مشيراً أن رئيس الاتحاد التركي، الذي دُهش بمستوى مهارة الأطفال، أصرّ على منحهم بطاقات تسجيل ليتسنى لهم المشاركة في جميع البطولات التركية".

WhatsApp Image 2020-07-18 at 4.57.18 PM.jpeg
أبطال فريق "النمور السوري الحر"

 

بطلة تدرب نفسها

كان إبراهيم يهتم بتدريب أولاده، سيدرا 13 عاماً وزيد 14 عاماً، أكثر من اهتمامه بتدريب جنى، فهي ما تزال طفلة لا تستطيع القيام بالحركات والعروض بشكل كامل، لكنه فوجئ عندما شاهدها لأول مرة تتدرب وحدها في المنزل، يقول "كان تركيزي في تدريب أطفالي على إخوة جنى الأكبر، فهي ما تزال صغيرة، لكن كنت أصحبها معي في معظم التدريبات كي تشاهد وتتعلم، وتتهيأ لتكون لاعبة كاراتيه في المستقبل"، ويضيف "كانت تعود إلى المنزل وتمارس ما شاهدته خلال التدريبات وحدها في غرفة التدريب، وشيئاً فشيئاً أصبحت تتقن حركات وعروض الكاراتيه بشكل مدهش، وتعلمت كيف تَمثُل أمام الحكّام، حتى إنَّ شخصيتها بدأت تختلف عما كانت عليه سابقاً، فلم تعد طفلة مدللة تخاف من أي شيء، هذه الرياضة أسَّست لشخصيتها القوية والمتميزة".

 

 

كثّف إبراهيم من تدريب طفلته، حتى جاءت بطولة هاتاي لرياضة الكاراتيه في العام الماضي، وسُمح فيها بمشاركة الأطفال ممن هم في سن جنى، لتشارك في البطولة وتحصد الميدالية الذهبية والمركز الأول على الولاية.

وخلال انتشار جائحة كورونا، أجرى اتحاد لاعبي الكاراتيه التركي مسابقاته عبر الإنترنت، ورغم أن إبراهيم يعلم أن أياً من الأطفال لن يستطيع المشاركة في البطولة النهائية طالما ليس لديه الجنسية التركية، إلا أن جنى طلبت منه أن يشركها في اختبارات الدخول للبطولة، فوافقَ ليرى إلى أيِّ حد وصل مستواها، لكنه دُهش عندما حصلت على المركز الأولى على مستوى الجمهورية التركية، حيث حصدت 24 نقطة كاملة في حين لم يحصل أي من المشاركين على أكثر من 23 نقطة.

ويقول إبراهيم "أرسل لها الاتحاد اللباس الخاص بمحترفي رياضة الكاراتيه، بالإضافة لميدالية البطولة الذهبية، حتى إن رئيس الاتحاد التركي للرياضة، في أثناء زيارته لولاية هاتاي، حرص على اللقاء معها وتشجيعها على المشاركة في البطولات المقبلة".

WhatsApp Image 2020-07-18 at 4.57.47 PM.jpeg
جنى في منزلها أثناء التدريب

 

تحلم جنى بالمشاركة في بطولة عالمية، وتثق أنها ستكون البطلة في أي مسابقة تخوضها، تقول "أحب رياضة الكاراتيه وأمارسها دائماً، وفي كل يوم يمر أثق أكثر أنني سأضع اسم بلدي أولاً كبطلة العالم في رياضة الكاراتيه".