icon
التغطية الحية

الصالحية "دورا أوروبوس".. المدينة الرومانية المجهولة في قلب البادية السورية

2023.04.27 | 10:02 دمشق

صورة للإله ميثرا وسول من مدينة دورا أوروبوس أو الصالحية في البادية السورية
صورة لـ ميثرا وسول من مدينة دورا أوروبوس أو الصالحية في البادية السورية
The Collector- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أُسست مدينة دورا أوروبوس خلال الحقبة الهلينيستية على يد سلوقس الأول نيكاتور (بحدود 358-281 قبل الميلاد) في عام 300 ق.م. وازدهرت عندما تحولت إلى مدينة حدودية مهمة ومركز للمنطقة تحت حكم البارثيين والرومان لسنوات طويلة. وبسبب موقعها المتاخم لثلاث إمبراطوريات، قامت في هذه المدينة العديد من الحضارات، وعندما سقطت بيد الساسانيين خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 256-257 للميلاد تحولت إلى مدينة مهجورة ودفنت تحت الرمل والتراب، ما يعني أن جزءاً كبيراً من هذه المدينة بقي محفوظاً إلى أن قام علماء الآثار باكتشاف الموقع، ونظراً لأهمية اللقى الأثرية وجودة حفظها أصبحت مدينة دورا أوروبوس تكنى بالمدينة الرومانية الصحراوية.

تاريخها وآثارها

bust of seleucus nicator palmyra gate dura europos roman

تمثال سلوقس الأول نيكاتور (إلى اليسار) والبوابة التدمرية (إلى اليمين)

أُسست مدينة دورا أوروبوس في عام 300 قبل الميلاد على يد سلوقس الأول نيكاتور لتتحول إلى حصن يقع عند تقاطع طريق التجارة مع نهر الفرات من الجهة الشمالية الغربية، فقد كان هذا الإمبراطور بحاجة لحماية خطوط التواصل بين أنطاكيا وسلوقيا، لكونهما أكبر وأهم مدينتين قام بتأسيسهما في ذلك الزمان. ويعتقد أن هذه المدينة بنيت فوق مدينة سبقتها بالوجود، إلا أن الأدلة التي تثبت هذه الرواية قليلة. في العصور القديمة، كانت هذه المدينة تعرف باسم دورا وهي اللفظة الآرامية لكلمة حصن، أو أوروبوس تكريماً للملك الهيلينستي الذي أسسها، أما تسميتها بدورا أوروبوس فقد درجت حديثاً، ويرى بعض الباحثين أن أوروبوس-دورا تسمية فضلى للمدينة لكونها تعكس إغريقيتها بصورة أساسية.

في القرن الثاني قبل الميلاد، توسعت دورا أوروبوس كمدينة إغريقية كلاسيكية تتبع للنموذج الهيبودامياني، فأصبحت تُعرف من خلال شوارعها المتقاطعة المحيطة بساحة مركزية كبيرة على النمط الإغريقي، تعرف باسم أغورا، غير أن البارثيين استولوا على هذه المدينة عام 113 ق.م عندما أخذوها من السلوقيين، وخلال الفترة البارثية، خسرت المدينة ميزتها بوصفها نقطة عسكرية،  وتدفق إليها سكان جدد زادوا من عدد سكانها فصارت كامل المساحة المحصورة ضمن أسوار المدينة مشغولة بالكامل. وقد حمل القادمون الجدد معهم أسماء فارسية وساميّة، كما ظهرت النقوش التي تعود لتلك الفترة بكتابات إغريقية ولاتينية وعبرية والعديد من اللهجات الآرامية، والبارثية والفارسية الوسيطة والصفوية.

إعادة بنائها على يد الرومان

bust of lucius verus

تمثال نصفي للإمبراطور الروماني لوسيوس أورليوس فيروس

في عام 114 للميلاد، احتل الامبراطور الروماني تراجان دورا أوروبوس المدينة بضع سنين، إلا أن هذه المدينة لم تخضع لسيطرة الرومان إلا بعد قيام الحرب بين روما وبارثيا بين عامي 161-166 للميلاد، وهكذا قام الإمبراطور لوسيوس أورليوس فيروس بضم هذه المدينة لإمبراطوريته. تحت الحكم الروماني، وعادت للمدينة أهميتها بوصفها نقطة عسكرية، حيث استخدمها الرومان كنقطة انطلاق للجيش الذي فتح مملكة الرها، ومن ثم لهجومه على عاصمة البارثيين في عام 198 للميلاد. وعندما أقام الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس مقاطعة سوريا الجوفاء الجديدة، تحولت دورا أوروبوس إلى مركز مهم لتلك المقاطعة الجديدة، كما منحت صفة المستعمرة الرومانية في عام 254 للميلاد، حيث كان هذا اللقب يعتبر تشريفاً لأي مدينة مهمة في ذلك الزمان.

بحلول عام 209 للميلاد، كان الرومان قد أضافوا معسكراً للجزء الشمالي من الموقع، إلى جانب قصر لقائد هذا المعسكر. وفي عام 2016 للميلاد، أقيم مدرج لمسرح روماني صغير خصص للجنود بالقرب من معسكرهم. إلا أن هذه التحولات في البناء غيرت طبيعة دورا أوروبوس من مدينة شرقية خالصة إلى مدينة مغرقة في رومانيتها، وماتزال المدينة تحتفظ بهذا المزيج المميز بين الحضارتين، وقد بلغ عدد سكان دورا أوروبوس في ذلك الحين ما بين 10-15 ألف نسمة، وفي تقديرات أشد تحفظاً ورد بأن المنطقة كان بوسعها أن تستوعب من الناحية الزراعية شعباً مؤلفاً من 5-6 آلاف نسمة، ولكن خلال تلك المرحلة، حل الساسانيون محل البارثيين وكانوا أشد عدوانية منهم، وذلك تحت حكم مليكهم سابور الأول ( 240-270 للميلاد).

حصار الساسانيين لدورا أوروبوس

tunnel warfare dura europos sasanian mines

صورة تظهر حرب الأنفاق في دورا أوروبوس

بدأ سابور الأول غزوه لبلاد الرافدين الرومانية في عام 250 للميلاد، فأفنى الجيش الروماني المؤلف من ستين ألف مقاتل في معركة بالس (252 للميلاد)، وهذا ما جعل سوريا بأكملها تخضع للغزو الساساني. وللرد على هذا التهديد، تم تدعيم أسوار دورا أوروبوس بهدف تحصينها، وذلك عبر فرش الطرقات والأبنية المحيطة بالسور بالحصى، كما تم بعد ذلك تدعيم الجزء الخارجي من السور عبر بناء ساتر ترابي أمامه يتم إغلاقه بالطوب، وقد تم ذلك من خلال عملية ممنهجة ومقصودة احتاجت لأطنان من التراب، إلا أن مساحة شاسعة من الموقع الأثري قد دُمرت بسبب هذه العملية، إلا أن كل ذلك نُفذ لحماية المدينة من الساسانيين.

watercolor painting roman shield iliad

لوحة بالألوان المائية لدرع روماني من معركة الإغريق مع الأمازونيين

لسوء الحظ لا يوجد سجل مكتوب حول حصار الساسانيين لدورا أوروبوس، لذا فإن كل ما نعرفه عن الحصار وصلنا عبر الآثار، إذ عندما بدأ الحصار في عام 256 للميلاد، حفر الساسانيون نفقاً تحت البرج التاسع عشر بالقرب من البوابة التدمرية، فاكتشفه الرومان ، ولهذا قاموا بدورهم بحفر نفق آخر، غير أن الرومان هُزموا عندما نفذوا هجوماً عبر هذا النفق، وذلك لأن الساسانيين تركوا النفق الذي حفروه، فأصابوا من أصابوا من الرومان ثم حُبس منهم من حبس داخل النفق حيث لقوا مصرعهم. إلا أن المحاولة الثانية لحفر النفق حققت شيئاً من النجاح، بما أن البرج والأسوار المجاورة له صممت لتهبط. أما بالنسبة لمحاولة الحفر الثالثة، فقد قام الساسانيون خلالها بإنشاء منحدر يصل إلى السور عند البرج الرابع عشر، وقاموا بحفر نفق في الأسفل، لذا عندما صعد الساسانيون المنحدر ليحاربوا المدافعين الرومان، دخل بعضهم إلى المدينة عبر النفق، بعد ذلك تعرضت المدينة للسلب والنهب وتم ترحيل أهلها، لذا بالكاد يمكن العثور على أدلة تثبت قيام أي نشاط في هذا الموقع حتى أواخر القرن الخامس الميلادي، إلا أن أحداً لم يعد بناء مدينة دورا أوروبوس بعد ذلك.

التنقيب في الموقع

palmyra gate sixth season excavation dura europos

البوابة التدمرية (إلى اليسار) والموسم السادس للتنقيب في الموقع (إلى اليمين)

أعيد اكتشاف مدينة دورا أوروبوس في عام 1885 عندما قام الأميركي جون هنري اينز بتصوير البوابة التدمرية لصالح "بعثة الذئب" وخلال الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى (1916-1918) احتلت القوات البريطانية المنطقة وأخذت تستكشف الموقع، وفي 30 آذار 1920، عندما كان أحد الجنود البريطانيين يحفر خندقاً اكتشف لوحات جدارية ومعبد بل، واعترافاً بأهمية هذا الاكتشاف تعاقد الجيش البريطاني مع عالم الآثار الأميركي جيمس هنري بريستيد في بغداد. ثم نفذ فرانز كومونت أول عملية تنقيب أثرية في الموقع، وفي الكتاب الذي نشره حول حفرياته التي تمت خلال الفترة الواقعة ما بين 1922-1923 عرف اسم الموقع بدورا أوروبوس ووصف المعبد الذي اكتشفه، غير أن النزاع الذي تجدد في المنطقة أوقف عمليات التنقيب حتى ثلاثينيات القرن الماضي، حيث ترأس عمليات الحفر التي أتت بعد ذلك كلارك هوبكينز ومايكل روزتوفتزيف، واستمرت عمليات التنقيب حتى عام 1937، مع توقف التمويل المخصص لها.

painting of mithras and sol

صورة للإله ميثرا وسول

ترأست الفرق الفرنسية والأميركية أولى بعثات التنقيب في موقع دورا أوروبوس، وعند استئناف التنقيب في عام 1986، ترأس بيير ليرشي عمليات التنقيب التي تمت بجهود فرانكو-سورية، وعلى مدار السنوات الخمس عشرة التي استمرت فيها عمليات التنقيب، تم العثور على كثير من الآثار المهمة، كما خضع الموقع لدراسة شاملة، ما أدى لإدراجه ضمن القائمة المبدئية لمواقع التراث العالمي التي أعدتها منظمة اليونيسكو في عام 1999 ثم في عام 2011 للمرة الثانية إلى جانب مدينة ماري الأثرية القريبة منها. هذا وقد اكتشف في الموقع كنز من القطع الأثرية الصغيرة منها والكبيرة، كان أجملها الأبنية الدينية الذي تم حفظها دون قصد خلال فترة الحصار في عام 256 للميلاد، والأسلحة والدروع التي كان الجنود يرتدونها في أثناء مقارعتهم للعدو خلال فترة الحصار.

أبنية دينية وثنية

relief gad fortune and aphrodite roman

نقوش رومانية-سورية من كنوز دورا أوروبوس (إلى اليسار) ومحراب أفروديت (إلى اليمين)

نظراً لمكانتها بوصفها مدينة حدودية تقع على طريق مهم للتجارة، أصبحت دورا أوروبوس موطناً للعديد من الجماعات الدينية المختلفة، ويبدو أن معظم أبناء تلك الديانات كانوا يعيشون ضمن أبنية أو أحياء معينة في تلك المدينة، إذ نجد هنا أكبر تنوع بين المعابد التي تعود لأديان وثنية مختلفة، ولعل أقدمها معبد أرتميس نانايا الذي بني خلال الفترة السلوقية. كما بنيت معظم المعابد الوثنية الأخرى خلال الفترة البارثية وكرست للآلهة الهيلينستية والتدمرية، ومنها معبد بل ومعبد نيكروبوليس ومعبد أتارغاتيس ومعبد زيوس ثيوس ومعبد جادي ومعبد أدونيس ومعبد أرتيميس أزاناثكونا ومعبد جوبتير دوليتشينوس ومعبد زيوس هيليوس ميثراس ومعبد زيوس ميجيستوس ومعبد زيوس كيريوس، وتتراوح مساحة تلك المعابد ما بين الأضرحة الشخصية الصغيرة إلى المباني العامة الكبيرة.

relief of mithras slaying bull

نقوش تعبر عن الإله ميثرا وهو يذبح الثور

ومن بين هذه المعابد أجمل معبد للديانة الميثرائية بقي موجوداً حتى الآن، وفيه كان الجنود الرومان يمارسون طقوس تلك العبادة، وتدور هذه الديانة الرومانية الباطنية حول الإله ميثرا وعلى الرغم من أنها استلهمت أفكارها من الديانة الزرادشتية في إيران، إلا أنها انتشرت كثيراً بين صفوف الجيش الروماني، ولم يصلنا أي شيء مكتوب حول تلك العقيدة، ومعظم ما عرف عنها يعتمد على تفسير صور ميثرا التي تم العثور عليها، بيد أن التماثيل والمذابح الخاصة بتلك الديانة بقيت سليمة في دورا أوروبوس، إلى جانب اللوحات والنقوش الجدارية والتي أسهمت جميعها بتفسير الديانة الميثرائية بشكل أكبر، ولكن على الرغم من انتشار تلك الديانة بشكل واسع في الإمبراطورية الرومانية لدرجة أصبحت معها منافسة للديانة المسيحية، غير أنها تعرضت لقمع كبير في مطلع القرن الرابع للميلاد.

الأبنية اليهودية والمسيحية

dura europos torah shrine moses crossing red sea

قبلة التوراة (إلى اليسار) وعبور موسى وبني إسرائيل للبحر الأحمر (إلى اليمين)

هنالك كنيس وكنيسة منزلية في مدينة دورا أوروبوس، إذ يتألف الكنيس من باحة أمامية، وقاعة للصلاة، وقبلة للتوراة باتجاه القدس، وهو مزين بجدران رسمت عليها شخوص وحيوانات، وقد فوجئ الباحثون بهذه الرسومات الجدارية الكثيرة والمجازية لكونهم لم يتوقعوا أن يعثروا على شيء من هذا القبيل بسبب تحريم الديانة اليهودية للرسم، ولهذا يعتقد أن تلك الرسومات كانت تستخدم لأغراض تعليمية تفيد المصلين، ويوجد في هذا الكنيس نقش بالآرامية يعود تاريخه لنحو 244 ميلادية، وهذا ما يجعله أقدم كنيس في العالم، كما تمت تغطية هذا الكنيس بالرمل استعداداً لحصار الساسانيين، وهذا ما ساعد على بقائه وحفظ محتوياته.

baptistery wall painting christ walking healing paralytic roman

لوحات جدارية تصور جرن العمادة (إلى اليمين) المسيح يمشي على الماء ويشفي المشلول (إلى اليسار)

وكما هي حال الكنيس، تم حفظ الكنيسة المنزلية عبر تغطيتها بالرمل، وتعد أقدم كنيسة منزلية لكونها تعود لعام 235 للميلاد، أما بناؤها فبسيط في تصميمه، فهو يتألف من بيت متصل بغرفة منفصلة تشبه القاعة، ولا يوجد فيها مذبح، إلا أن علماء الآثار استخرجوا جرن المعمودية من هناك. أما الرسومات الجدارية فتعتبر من أوائل الرسومات التي ظهرت على جدر الكنائس حتى الآن، وتكاد تكون أقدم الأمثلة المعروفة عن الفن في الديانة المسيحية، لكونها تتبع للتقاليد الهلينيستية-اليهودية في رسم الأيقونات بشكل واضح، على الرغم من رسمها بمواد خام مقارنة بتلك الموجودة في الكنيس القريب. ويظهر في التصاوير: "الراعي الصالح" و"شفاء المشلول" و"المسيح وبطرس يسيران على الماء" وتعتبر من أقدم التصاوير التي تظهر شخصية المسيح.

الأسلحة والدروع

horse armor roman dura europos

درع روماني لفرس

من أهم اللقى الأثرية التي عثر عليها في دورا أوروبوس الأسلحة والدروع التي تعود لحقبة الحصار في عام 256 للميلاد، وتشمل نماذج استخدمتها الحامية الرومانية والجنود الساسانيون الذين نفذوا الحصار، ولعل أجملها درع الحصان والدروع الرومانية، إذ خلال القرن الثالث الميلادي كان الرومان والساسانيون يستعينون كثيراً بالخيول المدرعة بشكل كامل، حيث كان الحصان والفارس يرتديان درعاً يغطي كامل الجسد حتى يشنا هجومهما على تشكيلات العدو مباشرة. وفي موقع دورا أوروبوس استخرج علماء الآثار قطعة من جدار تظهر عليها كتابة تصور الدرع الكامل للفارس برفقة مجموعتين من دروع الخيول، ويعتقد أن هذا الدرع قد صنع من ألفي صفيحة رقيقة متداخلة تم ربط بعضها ببعضها الآخر بوساطة سلك، وكانت تصنع من الفولاذ أو الحديد، في حين كانت أنواع أخرى تصنع من البرونز، إلا أن علماء الآثار لم يستخرجوا دروعاً كهذه من أي موقع أثري آخر، فقد كانت تلك الدروع في البرج التاسع عشر عند انهياره بصورة جزئية خلال فترة الحصار ما جعلها تدفن تحت التراب وتبقى بوضع جيد إلى أن وصلت إلينا.

painted scutum and roman shield iliad

درع جرابي مزود برسومات

عثر علماء الآثار أيضاً على دروع خشبية حفظت بشكل جيد وتعرف باسم الجراب وعلى درع هوميروس، وهذا الدرع الجرابي هو عبارة عن درع مستطيل الشكل يشبه الأسطوانة، غير أن العديد من التركيبات المعدنية المضافة إليه لم يتم العثور عليها، على الرغم من بقاء الدرع على حاله، وهو درع مزين برسومات تظهر نسراً متوجاً بإكليل غار، وانتصارات مجنحة وأسد، ويعتبر هذا الدرع الأجمل بين ثلاثة دروع دائرية الشكل عثر عليها معاً في زاوية مسدودة، وهو مصنوع من الخشب، إلا أنه فقد معظم تركيباته المعدنية، وتعرض لتلف أكبر من الذي تعرض له الدرع الجرابي، وهو مزين بمشاهد من حرب طروادة، إذ يصور الطرواديين وهم يستقبلون حصان طروادة في مدينتهم والذي تسبب في نهاية المطاف بسقوط طروادة ونهبها على يد الإغريق.

الدمار الذي لحق بدورا أوروبوس بين عامي 2011-2015

satellite image of dura europos

صورة بالأقمار الصناعية تظهر الحفر التي خصصت من أجل القطع الأثرية المنهوبة والدمار الذي لحق بالموقع

على الرغم من اقتراب تصنيف دورا أوروبوس ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، إلا أنها تعرضت لتخريب شديد على يد تنظيم الدولة خلال الحرب السورية، وعلى الرغم من تخريب تنظيم الدولة للمواقع والآثار التي سبقت ظهور الإسلام بوصفها كفراً، إلا أن بيع القطع الأثرية المنهوبة تحول إلى مصدر دخل مهم بالنسبة لتنظيم الدولة الذي استغل الفوضى التي تسببت بها الحرب ما بين عامي 2011 و 2014 فقام بنهب الموقع عن بكرة أبيه. وتظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطت في عام 2015 كيف خرّب من نهبوا الموقع 70% منه، كما عرضت قناة ناشيونال جيوغرافيك تقريراً حول عمليات نهب أخرى تمت على نطاق واسع واستمرت بعدما صار التنظيم يبحث عن مصادر للتمويل.

aerial view dura europos

صورة جوية لدورا أوروبوس في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي

صار من الصعب الحصول على معلومات حول وضع مدينة دورا أوروبوس منذ عام 2015، على الرغم من ورود أنباء حول استمرار نهبها وتدميرها حتى أواخر عام 2017. كما أن استمرار الحرب في سوريا جعل من مسألة إجراء تحقيق مفصل للموقع أمراً مستحيلاً، إلا أن غالبية الكنوز الأثرية المهمة التي وصلتنا من دورا أوروبوس ماتزال محفوظة، إذ منذ قيام بعثات التنقيب خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي على يد فرق فرانكو-أميركية، تم نقل كثير من القطع الأثرية إلى الولايات المتحدة وفرنسا بموجب اتفاقيات وصفقات تمت مع الحكومة السورية وقتذاك. أما اليوم، فيمكن رؤية الكثير من تلك القطع الأثرية التي تشمل جدران معبد الديانة الميترائية والكنيسة المنزلية والكنيس في معرض الفنون التابع لجامعة ييل أو في متحف اللوفر، لتذكرنا بشكل فاقع كيف يمكن للقطع الأثرية التي عاشت لآلاف السنين أن تضيع بسبب النزاعات في عصرنا هذا، إلى جانب تذكيرنا بأهمية المحافظة على تلك المواقع وحمايتها حتى يراها الجميع ويستشكفها بوصفها جزءاً من تراثنا البشري المشترك.

المصدر: The Collector