icon
التغطية الحية

الشرطة اليونانية تجنّد طالبي لجوء لقمع المهاجرين القادمين من تركيا | فيديو

2022.06.28 | 15:15 دمشق

غعهفغع
مهاجرون برفقة قارب مطاطي على الجانب التركي من نهر إيفروس ينتظرون حتى يعبروا إلى اليونان
الغارديان - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في منطقة حدودية عسكرية، وفي ساعة متأخرة من الليل، ذكر طالبو لجوء بأنهم أجبروا على تنفيذ عمليات منع وصد للمهاجرين بطرق عنيفة وغير قانونية جرت تحت إدارة الشرطة اليونانية.

وقد زعم طالبو اللجوء هؤلاء، الذين تم احتجازهم وحبسهم بين تلك العمليات، أنهم أجبروا على ذلك أو تم إغراؤهم بالقيام بذلك على يد سوري يعيش في غرفة مسبقة الصنع تقع ضمن باحة داخل مخفر للشرطة اليونانية، وبعد ذلك تمت الاستعانة بهؤلاء الرجال ليقودوا المراكب التي أعادت المهاجرين إلى تركيا.

"عبيد بيد الشرطة"

ذكر مهاجرون ستة، من حملة الجنسية السورية والمغربية، بأنهم شاركوا مجبرين في عمليات صد المهاجرين عند نهر إيفروس، مقابل حصولهم على تصريح من قبل الشرطة يسمح لهم بالإقامة لمدة شهر في اليونان، ووصف اثنان من هؤلاء الرجال وضعهما بأنهما كانا "عبيداً" بيد الشرطة، كما ذكروا بأنهم رأوا الشرطة اليونانية وهي تسلب وتسرق طالبي اللجوء وتعتدي عليهم وذلك قبل أن تعيدهم إلى القوارب المطاطية المكتظة بالناس التي طُلب من هؤلاء الرجال نقل المهاجرين بوساطتها عبر النهر العميق الذي تتحرك أمواجه بسرعة، بغية إعادتهم للجانب التركي.

ومن خلال تحقيق مشترك قامت به كل من الغارديان ومؤسسة المنارة للتقارير، وصحيفة لوموند، وصحيفة ديرشبيغل، وإيه آر دي ريبورت مانتشن، تم الحصول على أدلة بصرية تدعم شهادة هؤلاء الرجال، بالإضافة إلى وثائق تؤكد احتجازهم ثم إطلاق سراحهم فيما بعد على يد السلطات اليونانية. وكان هؤلاء الرجال من بين من استجابوا لمجموعة الإنقاذ الموحد للإغاثة الإنسانية على فيس بوك، والتي طلبت من الناس الإفصاح عما يجري من ممارسات هناك.

يذكر أن التقارير التي تشير إلى قيام عمليات صد ومنع للمهاجرين قد ازدادت منذ شهر آذار 2020، عندما وصل الآلاف من البشر، معظمهم جمعته السلطات التركية، إلى الحدود اليونانية، عقب ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن فتح "بوابة"  أوروبا. ولقد أنكرت السلطات اليونانية ورئيس الوزراء اليوناني تلك المزاعم على الدوام، مشددين على أن اليونان لديها سياسة هجرة "صارمة لكن عادلة".

إلا أن الأهالي في القرى الحدودية تحدثوا بصراحة عن طالبي لجوء يأتون ملثمين في أغلب الأحيان ويعملون لدى الشرطة اليونانية، كما أكد ضابطان يونانيان رفيعا المستوى تلك الممارسات التي تقوم على الاستعانة بمواطنين من دولة ثالثة ليقوموا بتلك العمليات نيابة عن الشرطة.

وقد زعم هؤلاء الرجال بأنهم تعرضوا للإجبار بشكل ممنهج، إذ قال باسل (اسم مستعار)، وهو من حملة الجنسية السورية، بأنه أمضى ثلاثة أشهر في زنزانة لدى الشرطة بمدينة تيتشيرو القريبة من الحدود اليونانية-التركية، ومارس خلال تلك الفترة عمليات صد بحق المهاجرين بهدف منعهم من القدوم.

وباسل هذا قطع نهر إيفروس ليصل إلى اليونان وهو يحلم بتقديم طلب لجوء هناك، إلا أن الشرطة اليونانية اعترضت سبيل المجموعة التي أتى معها، فقامت بضربهم بهراوات واقتيادهم إلى مخفر شرطة تيتشيرو، وهناك طلب منهم أن يخلعوا ملابسهم، ثم تم توزيعهم على زنزانات مكتظة بالبشر.

وبعدما اكتشفوا أنه يتحدث الإنكليزية، استدعوه وعرضوا عليه صفقة: وهي أن يعمل لدى الشرطة أو أن يتهم بتهريب البشر وبعدها لابد أن يسجن. لذا، ومقابل حصوله على تصريح للإقامة في اليونان لمدة شهر واحد، سيبقى محتجزاً طوال النهار، وسيخلى سبيله في الليل ليقوم بعمليات صد المهاجرين ومنعهم من القدوم.

أخبرت الشرطة باسلاً أن "العمل" ليس بمأجور، ولكن بوسعه أن ينتقي ما يريده من متعلقات المهاجرين، وقد أورد شخصان آخران القصة ذاتها حول عملية التجنيد وعن عمليات الضرب التي تلي ذلك في حال لم تجر الأمور حسب أهواء الشرطة خلال أي عملية من تلك العمليات.

تجنيد اللاجئين لتجنب أي مواجهة مع القوات التركية

يقول باسل: "هذا العمل خطير للغاية، ويزداد خطره بسبب العداوة بين اليونانيين والأتراك"، فيما أكدت مصادر من الشرطة اليونانية لهذا التحقيق بأن الهدف من الاستعانة بعملاء من أمثال باسل هو تجنب أي مواجهة مع قوات الأمن التركية.

روى القصة ذاتها ثلاثة سوريين آخرين احتجزوا في مخفر شرطة آخر، وهو مخفر نيو تشيمونيو، إذ دفع كل منهم نحو خمسة آلاف يورو لوسيط في إسطنبول حتى يعبروا إلى اليونان بمساعدة مهرب، وهذا المهرب أخبرهم بوجود سوري ينتظرهم برفقة الشرطة اليونانية هناك. إلا أن ما أرعبهم هو اكتشافهم بأن ما ينتظرهم هناك لم يكن سوى تجنيدهم للعمل بإعادة القوارب المحملة بالمهاجرين إلى تركيا مقابل عبورهم إلى هناك.

ذكر أحد هؤلاء الشبان، واسمه فرهاد، بأنهم تعرضوا لتهديدات متكررة من قبل سوري أطلق على نفسه اسم: مايك، وهو يعمل لدى مخفر نيو تشيمونيو، حيث يساعد رجال الشرطة في عمليات صد المهاجرين المخالفة للقانون، كما يجند طالبي اللجوء وينسق الأمور معهم.

Silhouette of a man

أحد الشهود الذين تحدثوا عن دورهم في صد المهاجرين

أعلن فرهاد أنه رفض المشاركة في تلك العمليات بادئ ذي بدء، لكن مايك أخبره بأنه لن يخاطر بماله فحسب في تلك الحالة بل إنه سيختفي عن الوجود في حال إعادته إلى إسطنبول.

A seated man in faded military fatigues with what looks like a handgun by his side and his eyes covered to protect his identity

صورة ثابتة مأخوذة من فيديو يظهر فيه مايك وهو مهاجر سوري يساعد الشرطة اليونانية في صد المهاجرين

يقوم مايك الذي يعيش في مبنى مخفر الشرطة بتفتيش طالبي اللجوء الخائفين عند ضفة النهر قبل أن تتم إعادتهم إلى الطرف الآخر، وأكثر ما يبحث عنه هو المصوغات الذهبية، إذ إنه يصبح عنيفاً في حال لم يقم أحد المهاجرين بتسليمه كل ما لديه من متعلقات ثمينة.

ومايك هذا رجل قوي البنية وعلى جسده وشم يظهر خوذة مقاتل إسبارطي، وقد تعرف إليه الرجال وكذلك صاحب متجر من أهالي تلك المنطقة، بعدما رآه وهو يرافق رجال الشرطة. وخلال التحقيق تم العثور على صور فوتوغرافية له التقطت عند المخفر. وقد ذكر شهود بأن مايك يعمل مع أخيه، وهو قاتل أدين بتلك التهمة وأصبح مطلوباً بتهمة الاختطاف وبالعديد من الجرائم التي تتصل بعمليات التهريب.

أطلق سراح باسل، وأضحى اليوم خارج اليونان، لكنه أصيب بصدمة من جراء احتجازه في زنزانة ثم إخراجه منها وإرغامه على ارتداء لثام ثم على تجديف القوارب لإعادة مجموعات من طالبي اللجوء التعساء وهم نصف عرايا إلى تركيا، وقد علق على ذلك بقوله: "أسمي تلك المرحلة مرحلة العبودية".

تواصلت الغارديان مع مخفري تيتشيرو ونيو تشيمونيو، ومع وزير حماية المواطن في اليونان، وقائد خفر الحدود اليوناني على نهر إيفروس مرات عديدة من دون أن يصلها أي رد حتى تاريخ كتابة ونشر هذا التقرير.

المصدر: غارديان