icon
التغطية الحية

السياسة الطائفية في لبنان ضد السوريين.. لماذا يريد عون ترحيلهم ومن يقف ضده؟

2022.08.13 | 12:25 دمشق

أطفال سوريون في مخيم عرسال للاجئين - المصدر: الإنترنت
أطفال سوريون في مخيم عرسال للاجئين - المصدر: الإنترنت
ميديا لاين - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

اتفق الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الإثنين مع وزراء بلده على الخطوات الأولى لتطبيق خطة تهدف لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، إذ أعلن وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني، هيكتور حجار، في تصريح له: "اتفقنا مع فخامة الرئيس عون على عدة نقاط تتصل بخطة إعادة اللاجئين السوريين، ونسقنا مواقفنا على أمل عقد اجتماعات أخرى خلال الأسبوع المقبل للموافقة على الخطوات الأساسية الواجب اتخاذها للبدء بعملية إعادتهم".

وحول قرار عون بشأن اتخاذ خطوات لتنفيذ تلك الخطة، يخبرنا الدكتور عماد سلامة وهو أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية والشؤون الدولية بالجامعة الأميركية بلبنان، بأن ذلك يعود للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها البلد.

إذ يتعرض لبنان اليوم لأزمة اقتصادية خطيرة، ترافقت مع دعوات متزايدة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، لأنهم يستنزفون قدراً كبيراً من الموارد اللبنانية وبنية لبنان التحتية، حسب وصف ذلك الأستاذ الجامعي.

أما نيفين أفيوني وهي محللة جيوسياسية والمديرة التنفيذية لمركز أفيوني للاستشارات العالمية، فقد قالت: "إن قطعت لبنان اليوم، من شماله إلى جنوبه، ستجد عدداً كبيراً من الأشخاص الذين يرغبون برحيل اللاجئين، بصرف النظر إلى أين، وذلك لأن عدد اللاجئين تجاوز قدرة لبنان الضعيفة بالأصل على استقبالهم"، كما أشارت إلى أن لبنان أصغر وأضعف الدول المجاورة لسوريا، ومع ذلك يستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان.

السياسة الطائفية ضد السوريين

غير أن سلامة ذكر بأن غالبية السياسيين يتلاعبون بمشاعر الناس بهدف تأليب الشعب اللبناني ضد اللاجئين السوريين.

إن نسبة السوريين من المسلمين السنة الموجودين في لبنان كبيرة فعلاً حسب رأي سلامة، وهذا ما دفع أغلب الطوائف، وعلى رأسها المسيحية، التي ينتمي عون لأحدها، للخوف من احتمال تكرار تجربة لجوء الفلسطينيين في لبنان، وذلك لأن كثيرا من اللاجئين الفلسطينيين، ومعظمهم من المسلمين السنة، حملوا السلاح لدعم المسلمين السنة في لبنان ضد المسيحيين خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975.

ويضيف سلامة: "إن وجودهم يذكر المسيحيين على الدوام بأن الأمور يمكن أن تنقلب ضدهم، إذ في حال تسييس وجود اللاجئين السوريين في لبنان أو في حال حملهم للسلاح، فإن ذلك لن يصب في مصلحة المسيحيين".

كما أن الوجود السوري لا يفيد المسيحيين اللبنانيين من ناحية ديمقراطية، نظراً لأن الوجود الديموغرافي للمسيحيين يشهد تراجعاً وانحساراً منذ سنين، ويعلق سلامة على ذلك بقوله: "إن بعض تلك المشكلات وقع فعلاً بكل تأكيد، خاصة الاقتصادي منها، في حين أن البعض الآخر يعكس حالة تلاعب على المستوى السياسي، وذلك لأن ميشال عون أستاذ في التلاعب بمخاوف المسيحيين، لذا فهو يلعب بتلك الورقة اليوم لحشد الدعم المسيحي حتى يختارونه عند ترشحه للرئاسة، ما يعني بأن السياسة الطائفية هنا تقف ضد السوريين".

الترحيل "قرية بعد قرية"

تعتمد خطة الترحيل التي قدمتها الحكومة اللبنانية في مطلع شهر تموز الماضي، على إعادة 15 ألف لاجئ إلى سوريا كل شهر.

إلا أن الخطوات التي ستتخذ لتحديد من سيعود من اللاجئين وكيف ستتم عملية إعادتهم لم تتضح بعد، ولكن يبدو بأن الحكومة ستبدأ عملية الترحيل "قرية بعد قرية" بحسب رأي أفيوني التي أضافت: "أعتقد أن جدلاً آخر سيقوم في لبنان في حال تطبيق تلك الخطة وذلك بناء على الطائفة الدينية التي تنتمي إليها القرى التي ستبدأ منها عملية الترحيل".

هذا وقد ذكرت أفيوني بأن مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين عبرت عن قلقها إزاء تلك الخطة وذلك لعدم وجود أي ضمانات للاجئين الذين سيتم إرغامهم على العودة حول عدم تعرضهم لأي خروقات تتصل بحقوق الإنسان، وأضافت: "إنها نقطة مشروعة أيضاً" وذكرت بأن المجتمع الدولي لم يقم بتلبية احتياجات اللاجئين المتزايدة، وذلك عندما قالت: "ما الذي يتوقعه المجتمع الدولي من دولة هشة إلى أبعد حد كلبنان؟"

من يقف ضد ترحيل السوريين من لبنان؟

في حين أشار سلامة إلى أن البعض، وكلمة البعض هنا تشمل منظمات غير حكومية، والنظام السوري واللاجئين أنفسهم، يقفون ضد إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وذلك لأن النظام السوري لا يهمه أمر عودة اللاجئين، لكونهم فقراء ومن الطائفة السنية في الغالب حسب وصف سلامة.

كما ذكر بأن المنظمات الدولية البيروقراطية العاملة بلبنان، والتي تحصل على منح لتعمل هناك، تستفيد من النزوح السوري إلى أقصى الحدود.

وأخيراً، فإن السوريين أنفسهم لا يهمهم كثيراً أمر عودتهم، وذلك لاعتمادهم بشكل كامل على الدعم الأجنبي، أو لعدم توافر فرص اقتصادية لهم في بلدهم سوريا، أو بسبب خوفهم من انتقام النظام منهم وفقاً لما يراه سلامة، الذي تابع بالقول: "لم تعد ظروف العيش ملائمة لعودتهم، ولهذا يفضلون البقاء في لبنان والعيش على المساعدات الدولية".

أما الشعب اللبناني فقد انقسمت آراؤه حول هذا الموضوع تبعاً للطائفة الدينية التي يتبع لها كل مواطن بحسب ما ذكره سلامة.

إلا أن كل الشعب اللبناني في الوقت الراهن لم يعد يرحب بوجود اللاجئين السوريين في بلده، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية حسب رأي سلامة، إلا أن هنالك فئات مختلفة تبدي تعاطفها تجاه السوريين.

فالمسلمون السنة في لبنان يتقبلون وجود اللاجئين السوريين في بلدهم أكثر من الشيعة والمسيحيين، وذلك لأن المسيحيين اللبنانيين يخشون من تراجع وجودهم الديموغرافي في بلدهم نتيجة إقامة السوريين بشكل دائم فيها، أما الشيعة فيعادون اللاجئين لأسباب سياسية، وذلك لأن أغلب اللاجئين السوريين بنظرهم معادون للنظام، وهذا النظام حليف للشيعة.

إلا أن: "الجميع يستفيد من هؤلاء اللاجئين ويستغل أجورهم الرخيصة في العمل" بحسب ما ذكره سلامة.  

المصدر: ميديا لاين