icon
التغطية الحية

السوريون في مدينة الريحانية سبب الازدهار الاقتصادي والعمراني

2020.09.04 | 07:03 دمشق

40fb969f-258c-4366-a74b-a649b84c3c8f.jpeg
عمال سوريون في مدينة الريحانية (تلفزيون سوريا)
الريحانية - جلال سليمان
+A
حجم الخط
-A

استثمارات ونهضة عمرانية

شهدت المدن التركية المحاذية للحدود السورية والقريبة منها مثل الريحانية، توسعاً عمرانياً كبيراً، بعد توافد آلاف السوريين إليها، حيث يقيم في مدينة الريحانية جنوب تركيا أكثر من 70 ألف لاجئ سوري، بينهم حوالي 5 آلاف ممن حصلوا على الجنسية التركية مؤخراً.

وتقع مدينة الريحانية في ولاية هاتاي بالقرب من معبر باب الهوى الحدودي مع محافظة إدلب، وكان يبلغ عدد سكانها قبل عام 2011 نحو 50 ألف نسمة فقط، ليرتفع العدد إلى حوالي 120 ألف نسمة الآن، بحسب تقديرات غير حكومية.

ولعل اختيار السوريين للمدن الحدودية يعود لعدة أسباب أهمها قربها من سوريا، وثانياً قدرة سكانها على التحدث باللغة العربية ما يسهل من عملية التواصل بين النازحين والمواطنين الأتراك.

وتعتبر المدينة من المدن التي كان يهجرها سكانها باتجاه الداخل التركي أو إلى المدن الكبيرة بحثا عن العمل والدراسة والاستثمار لضعف الاستثمار في هذه المدينة وعدم وجود سوق كافٍ.

وأقبل العديد من الـ 5 آلاف سوري ممن حصلوا على الجنسية الاستثنائية في المدينة، على شراء المنازل والعقارات للتخلص من تكاليف الإيجار المرتفعة، لا سيما أنهم قضوا سنيناً على إقامتهم في تركيا.

وأشار حسين حرفوش وهو نازح من مدينة حمص ويقيم مع عائلته في الريحانية منذ ستة أعوام؛ إلى أن عدد السوريين أصبح اليوم في الريحانية أكثر من عدد الأتراك.

ويضيف في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن مدينة الريحانية باتت تضم ما لا يقل عن سبعين ألف نسمة من النازحين السوريين. ويردف لقد اشترى كثير منهم منازل في الريحانية وخصوصا أولئلك الذين حصلوا على الجنسية التركية أو ممن يملكون أقارب في المدينة بناء على كفالة أقربائهم الأتراك.

أما الإيجارات فقد ارتفعت بنحو 300% عن السابق بسبب كثرة الطلب على المنازل من قبل العائلات السورية النازحة. ففي البداية كان الإيجار لا يتعدى المائة ليرة تركية للمنزل، أما الآن فزاد خمسة أضعاف.

وتراوحت الإيجارات بين المنازل المنفردة على صعيد العوائل وإيجارات أخرى كالتجمعات السكنية الكبيرة لما يتعلق بالمنظمات الإنسانية والمجمعات التجارية، ما أدى لنهضة عمرانية كبيرة في المنطقة، وذلك من خلال التسابق في تشييد الأبنية الحديثة وعرضها في المكاتب العقارية، إذ إنها تدر على مالكيها أرباحاً طائلة.

من جانبها تقول سعاد وهي مواطنة تركية من سكان مدينة الريحانية وتبلغ من العمر 60 عاماً، لموقع تلفزيون سوريا "قبل قدوم السوريين كنا نبحث عمن يستأجر منازلنا فقط لكي تُسكن ولا تبقى خالية، ومعدل الإيجار شهريا لا يتجاوز 100 ليرة، ولكن مع دخول السوريين بدأت الأسعار ترتفع، حتى أصبحت أضعافا مضاعفة، فمنزلي تسكنه عائلة سورية مقابل إيجار 600 ليرة، وهذا ينطبق على جميع المنازل في المدينة وبعضها يتجاوز ذلك بكثير.

وباتت تجارة العقارات من أكثر التجارات رواجاً وتحقيقاً للمنفعة الاقتصادية، حيث بات معظم الأتراك يتاجرون بالعقارات وأجّر بعضهم منازلهم للسوريين واستأجروا بيوتا أرخص.

ويوضح أبو معروف وهو تركي الجنسية وصاحب مكتب عقاري في الريحانية "أعمالنا العقارية مزدهرة بسبب وجود السوريين، لكننا أحيانا نتعرض لشبه توقف في العمل حيث لم يتبق بيت في الريحانية لم يؤجّر على الرغم من وجود كثير من الزبائن، لكن من الصعب علينا إيجاد بيوت لهم هذه الأيام".

ويضيف أن بعض العائلات السورية أصبحت تبحث عن الأبنية الحديثة الإنشاء التي انتشرت بكثرة مؤخرا بينما في المقابل، هناك بعض العائلات التركية التي قامت ببناء طوابق علوية لمنازلها بهدف تأجيرها للسوريين، فيما قامت بعض العائلات الأخرى ممن تملك محال تجارية بتأجيرها.

التوسع العمراني في مدينة الريحانية

ازداد التوسع العمراني في الريحانية بنسبة كبيرة حيث إن 50% من المباني المشيدة حالياً لم تكن موجودة من قبل، وإنما تم إعمارها خلال الثلاث سنوات الماضية، فتأجير المنازل بالنسبة للمواطن التركي مصدر زرق لم يكن بالحسبان، يضاف إلى دخله الشهري، هذا ما دفع بعضهم لإنشاء طابق آخر فوق منزلهم، وإسكان عائلة سورية مقابل أجر يتفق عليه الطرفان. ولم تغب تلك الأرباح عن أصحاب رؤوس الأموال، فقاموا بتشييد التجمعات السكنية، وعرضها في المكاتب العقارية على أن يتم إيجارها.

 

ازدهار اقتصادي

أينما يممت وجهك في مدينة الريحانية جنوبي تركيا لابد أن تشاهد يافطة محل تجاري باللغة العربية فمن محال الفلافل إلى الشاورما والمطاعم الصغيرة وصولاً لمحال الخضراوات ومحال بيع الملابس والأحذية المستعملة ومحال بيع الأدوات المستعملة والأثاث وغيرها الكثير من مجالات البيع والشراء التي اقتحمها السوريون. أو تلك التي جلبوها معهم من ديارهم حيث بات رأس المال السوري حاضراً وبقوة في مدينة الريحانية لدرجة تظن أن المدينة عربية، وأن حضور السوريين طغى وبقوة على نمط البيع والشراء في المدن التركية المختلفة وخصوصاً الحدودية منها، حيث بات التجار الأتراك مضطرون لتوظيف عامل سوري على الأقل في محالهم للتفاهم مع الزبائن السوريين أو عرض يافطات تحمل أسماء منتجاتهم باللغة العربية أو حتى بيع منتوجات سورية الصنع كالمعلبات والمتة وغيرها الكثير من المنتوجات.

بدوره يقول كمال وهو بائع مواد غذائية تركي الجنسية إنه اضطر لتوسعة محله منذ بدء توافد السوريين إلى المدينة حيث بات مضطرا لبيع المواد الغذائية السورية إضافة للمواد التركية وذلك لتلبية طلب زبائنه من السوريين.

ويضيف "كنت في الماضي وقبل وجود السوريين أبيع بنحو 100 ليرة في اليوم الواحد أما اليوم ومع ازدياد عدد السكان فأبيع بأكثر من 500 ليرة في اليوم الواحد، وسبب ذلك وجود السوريين.

 

عادات وتقاليد

من العادات والتقاليد التي يتشارك فيها المجتمع التركي مع المجتمع السوري هو قيام العائلات بتخزين المؤن للشتاء باعتبار أن ذلك يوفر عليهم الكثير من المال في حال شرائها جاهزة من المحال التجارية.

وهذا الأمر أدى إلى استهلاك أكبر للخضراوات المزروعة في تركيا وبالتالي نشوء أسواق وقنوات جديدة لتصريف الخضار ما انعكس بشكل إيجابي على باعة الخضراوات من السوريين والأتراك . وبالنسبة لتحضير المؤن تواصل السيدات التركيات والسوريات على السواء ليلهن بنهارهن في تحضير المؤن حيث يتم تحضير وتخزين خضراوات كالبندورة وتحويلها إلى معجون الطماطم المعروف على سبيل المثال.

وإلى جانب الطماطم، يتم تحضير المؤن الأخرى مثل المكدوس والباذنجان والفليفلة وغيرها من الخضروات الخاصة بمواسم الصيف، وذلك عبر تجفيفها على أسطح المنازل في خطوة تساهم في الحفاظ على مذاقها الطبيعي.

وفي حديثها لموقع تلفزيون سوريا قالت السيدة السورية نهى الأحمد، وهي أم لـ 3 أولاد، إن عملية تحضير المؤن الشتوية وعلى رأسها المكدوس ومعجون الطماطم عمل شاق ومتعب.

وأضافت السيدة البالغة من العمر 34 عاماً، أن جميع المراحل التي يمر بها تحضير المؤن الشتوية، تتم بشكل يدوي من قبل النساء وتكون طبيعية بشكل كامل.

وتابعت قائلة: لا نستخدم المواد الغذائية التي تنتجها المصانع، إذ لا ندري بالضبط على ماذا تحتوي وما هي المواد المضافة إليها خلال مراحل إنتاجها، لذا نقوم بتحضير أغذيتنا والمؤن الشتوية بأنفسنا يدوياً وفق الطرق التقليدية والطبيعية.

وشددت على أن المؤن والمواد الغذائية التي يقمن بتحضيرها، لا تحتوي قط على مواد مضافة أو غير طبيعية، بدءاً من مرحلة الحصاد من الحقول وحتى التخزين.

وأشارت إلى أنهن يقمن ببيع الفائض من المؤن الشتوية، في خطوة توفر لهم دخلاً اقتصادياً.