icon
التغطية الحية

الدراما المصرية تخترق حاجز المحظورات وتخطو نحو التغيير

2023.04.23 | 16:17 دمشق

مسلسل تحت الوصاية بطولة منى زكي
مسلسل تحت الوصاية من بطولة منى زكي
+A
حجم الخط
-A

يتفاعل الجمهور العربي بشكل كبير مع القضايا الاجتماعية الشائكة التي تطرحها الدراما، حيث تلامس واقعه المعقد والذي يصعب تغييره دون تغيير القوانين السارية في البلدان العربية، وهذا ما استطاعت الدراما المصرية تسليط الضوء عليه في السباق (الموسم) الرمضاني لعام 2023.

قضايا عديدة تزيد الحياة صعوبة على المجتمع العربي، تطرقت لها الدراما المصرية بأعمال نالت إعجاب المشاهدين وأثارت جدلاً واسعاً، ما دفع عدداً من المسؤولين في مصر للتحرك، وهو أمر يظهر وظيفة الدراما الحقيقية، وهي أن تحدث تغييراً جذرياً في المجتمع وليس فقط أن تعكس واقعه.

مسلسل تحت الوصاية

"مسلسل تحت الوصاية" كان له الحصة الأكبر من التأثير، حتى إن صحفاً غربية أشادت بالوقائع التي نتجت عنه. ويتحدث عن أم لولدين تكافح بعد وفاة زوجها جاهدة في مواجهة مجتمع ذكوري بهدف الحفاظ على حضانة أولادها، حتى لو كان ذلك يحتم عليها أن تصبح صيادة سمك. المسلسل من إخراج محمد شاكر خضير وإنتاج ميديا هب سعدى - جوهر. 

يناقش المسلسل المصري الذي تلعب دور البطولة فيه الفنانة منى زكي، قانون الوصاية على الأطفال بعد وفاة الزوج، ويسلط الضوء على حرمان الأم من حرية التحكم بإرث أطفالها، حيث إن القانون المصري يعطي حق الوصاية على الإرث للجد أو العم وليس للأم.

والنجاح الذي حققه المسلسل في طرح القضية وتوضيح معاناة الأم جعل النائبة المصرية أميرة العادلي والنائب محمد إسماعيل يقدمان طلبات إلى رئيس مجلس النواب المصري ووزير العدل لمراجعة تأثير القانون الذي سنّ قبل 70 عاماً على الأسرة المصرية في ظل التغيرات الاجتماعية الحديثة وتطور نمط الحياة حيث بات للمرأة دور أكبر في الحياة الأسرية والاجتماعية وأصبحت الاستقلالية في القرارات التي تتعلق بعائلتها إحدى حقوقها الطبيعية.

ولا يقتصر هذا القانون الإشكالي على مصر فقط، بل هو مطبق في عدد من الدول العربية من بينها سوريا، حيث تنص كل قوانين الأحوال الشخصية على منح حق "الولاية والوصاية" لذكور الأسرة ولا تمنحها للنساء، وإن دلّ ذلك على شيء فهو يثبت استمرار تأثر القوانين بالفكر الديني المحافظ الذي "يحرم المرأة من حق المساواة مع الرجل في بعض القضايا".

وينص القانون السوري على ولاية ووصاية الجد العصبي أو العم على مال القاصر بعد وفاة الأب، إلا إذا أصبحت أموال الطفل في خطر بسبب سوء تصرف الوصي فتستطيع المحكمة أن تنتزع الوصاية منه وتعيّن وصياً شرعياً، ويجوز للقاضي أن يعهد إلى حاضنة القاصر "الأم" ببعض أعمال الوصي الشرعي المالية، لكن دون أن يكون لها حرية التصرف بالأموال.

وبناء على ذلك، يقتصر دور "الأم" في المجتمعات العربية وبحسب تلك القوانين على الاحتضان والرعاية لأطفالها فقط، وسلب حقها في الولاية أو الوصاية في حال فقدان الزوج، وهو ما يعد امتهاناً لحق المرأة في المساواة القانونية مع الرجل.

ولا يمكننا نسيان آلاف النساء السوريات اللاتي فقدن أزواجهن في السنوات الأخيرة وكنّ حاضنات ومربيات لأبنائهن في ظروف معيشية قاهرة، فهل ستظل القوانين الجائرة خنجراً إضافياً في حياتهن؟

"حضرة العمدة" يجرّم الابتزاز

وليس بعيداً عن حقوق المرأة أيضاً، استطاع مسلسل "حضرة العمدة" تسليط الضوء على جريمة الابتزاز، ما دفع المجلس القومي للمرأة في مصر للتعليق على القضية عقب الضجة التي أثارها العمل الدرامي الرمضاني.

العمل من إخراج عادل أديب، ومن إنتاج ريمون مقار ومحمد محمود عبد العزيز.وتقدم الفنانة المصرية روبي شخصية "عمدة" تضطرها الظروف لتصبح عمدة في إحدى القرى وتخوض صراعات مع عائلتها والمحيطين.

وأكد المجلس أن هذه الجريمة تمثل اعتداءً صارخاً على العديد من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون المصري وأهمها الحق في السلامة وحرمة الحياة الخاصة والشعور بالأمان، وأشار إلى أن القانون جرّم تلك الأفعال وحدد لها عقوبات رادعة.

ويعتبر الابتزاز إحدى المسائل الشائكة التي تعاني منها المرأة العربية ضمن مجتمعات تتمسك بالعادات والتقاليد والأعراف وتعتبر أي فعل خارج عن المألوف عاراً على العائلة بكاملها، وضمن الصيغة الذكورية يمكن لأي فرد من أفراد الأسرة (الذكور) التدخل في حياة المرأة الشخصية وفرض قوانين وشروط عديدة على حياتها، حتى وإن كان ذلك مخالفاً لإرادتها، مما يجعل مهمة المبتز أسهل لتنفيذ مبتغاه، في حال مخالفتها لأحكام العائلة.

ومع سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة حول العالم وفي المجتمعات العربية أيضاً، بات الابتزاز يشكل تهديداً أكثر خطورة، مع إتاحة الوسائل لإحداث "فضيحة" بسهولة كبيرة من خلال نشر محادثات أو صور أو مقاطع مصورة وغير ذلك، ورغم أن القوانين العربية بشكل عام تعاقب جريمة الابتزاز إلا أن عقوبة الجاني لا ترتقي لتبرئة الضحية، فالخدش الاجتماعي الذي تحدثه "الفضيحة" قد يدمر حياتها بشكل لا يمكن إصلاحه.

مسلسل "جعفر العمدة" والخلع

أما المسلسل المصري "جعفر العمدة" فقد سلط الضوء على قضية إشكالية أخرى وهي قوانين "الخلع"، وناقش العمل الدرامي الثغرات القانونية في حال رفع الزوجة دعوى الخلع ضد زوجها دون علمه.

ويلعب دور البطولة الفنان محمد رمضان ابن الحارة الشعبية، الذي يمتلك عدة شركات للمقاولات، ويدخل في صراعات عديدة مع منافسيه، وبالرغم من زواجه بثلاث نساء، إلا أنه يقرر الزواج من عايدة التي تنشأ بينها وبين جعفر العمدة العديد من. المفارقات تضعهما على المحك. 

واتفق عدد من المحامين المصريين بعد أن أثار المسلسل ضجة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي أن هذه الثغرة القانونية موجودة بالفعل في القانون المصري وبحاجة إلى إعادة النظر والتشريع لأنها تنعكس سلباً على المجتمع المصري.

وينص القانون المصري على أن للزوجة حق رفع دعوى الخلع ضد زوجها دون علمه وقد يصدر الحكم بالخلع فعلياً وقانوناً لا يجوز الطعن به، لأنه الحكم الوحيد في مصر الذي يعد نهائياً فور صدوره.

ويشترط في هذه الحالة أن تتنازل المرأة عن جميع حقوقها الشرعية كما ترد للزوج مقدم الصداق "المهر" المدفوع من قبله.

وتجدر الإشارة إلى أن قانون الخلع في مصر يختلف عن المخالعة الرضائية المطبقة في سوريا، حيث ينص القانون السوري على أن ينظر القاضي في معاملة المخالعة ويؤجلها شهراً على الأقل أملاً في المصالحة، وله خلال ذلك أن يستعين بمن يختارهم من عائلة الزوج والزوجة أو بمركز للإصلاح الأسري.

وإذا أصر الزوجان على المخالعة بعد انقضاء المهلة المحددة يدعو القاضي الطرفان ويستمع إلى خلافهما في محاولة جديدة لحل النزاع واستمرار الحياة الزوجية، وإذا لم تفلح مساعي القاضي يحكم بتسجيل الطلاق (المخالعة) ويعتبر نافذاً من تاريخ الحكم.

ويأتي الخلع أو طلب المخالعة كخيارٍ وحيد للمرأة عند رغبتها بالانفصال عن زوجها، بينما يستطيع الرجل إيقاع الطلاق بشكل مباشر في حال رغبته بالانفصال عن شريكة حياته، ورغم الآثار السلبية الكثيرة للطلاق على حياتها المستقبلية، تلجأ كثير من النساء إلى هذه الخطوة في حال استحالة الاستمرار بالحياة الزوجية.

ومع نهاية السباق الرمضاني الحالي، حاولت بعض الإنتاجات الدرامية أن تكون مرآة للواقع الاجتماعي والسياسي على أمل إحداث تغيير ملموس، قد تفشل فيه وسائل الإعلام في بعض المواقع!