icon
التغطية الحية

الجولة الرابعة.. إغراق بالتفاصيل ولا قيمة للوقت والدستور

2020.12.05 | 15:58 دمشق

_109461423_cd7715a3-0516-4898-93c8-8aaaae92ed54.jpg
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

أعلن غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، ليل أمس الجمعة، اختتام الجولة الرابعة من اجتماعات لجنة مناقشة الدستور السوري في جنيف، والتي تم فيها الاتفاق "على جدول أعمال الاجتماع المقبل في 25 من كانون الثاني في حال سمحت ظروف كورونا بذلك".

سعى وفد النظام جاهدا في هذه الجولة أن يدفع مسار النقاش إلى العقوبات المفروضة على النظام ومسألة عودة اللاجئين وفقا لرؤية مؤتمر دمشق للاجئين الذي رعته روسيا وحضرته عدّة دول في تشرين الثاني الماضي، ومقابل هذه المحاولات لحرف مسار المحادثات، حاول وفد المعارضة الذي يرأسه هادي البحرة أن يركز على ملفات الحل السياسي وضمان حقوق اللاجئين والنازحين.

 

مباحثات خارج إطار الهدف الأساسي

وطرح وفد النظام في الجولة الرابعة، 8 مضامين لا إشارة فيها إلى "الدستور" وهي: مكافحة الإرهاب ومسبباته، وإدانة الدول الداعمة له، والتعويض عن الضرر المادي والمعنوي، و"إدانة الاحتلال الأجنبي وتجريم كل من يتعامل معه" بالإضافة إلى "دعم الجيش السوري في الدفاع عن الوطن"، و "الرفض التام لكل المشاريع الانفصالية"، كما تضمنت حديثًا عن "الهوية الوطنية الجامعة" وحماية التراث وتشجيع اللاجئين على العودة.

أما بالنسبة لما تضمنه طرح المعارضة لهذه الجولة فاقتصر على "مكافحة الإرهاب وأسبابه من تطرف وطائفية وتعصب" إضافة إلى "تشكيل هيئة وطنية مستقلة، تعنى بأمور اللاجئين والنازحين وضمانات عودتهم والبيئة الآمنة اللازمة وجبر الضرر"، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان ترسخ قيمها وتكشف الحقائق وتعد الخطط الوطنية وترصد الانتهاكات ومعرفة الحقيقة والمحاسبة وضمان عدم التكرار".

وحصل تلفزيون سوريا على نسخة من المقترح الذي قدمه وفد المعارضة في يوم الخميس الفائت ضمن أعمال الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، والذي طرح "مضامین دستورية حول إدانة الإرهاب والهيئة الوطنية للمهجرين والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان".

وقدّم وفد المعارضة في مقترحه، تعريفاً كاملاً بكل مضمون من هذه المضامين والغايات من تشكيلها، والمستند القانوني الذي يخوّله طرح مثل هذا المقترح، بناء على "المبادئ الـ12 الأساسية والحية للأطراف السورية" التي سبق وأن قدمها الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا في الـ 30 من تشرين الثاني 2017، ضمن مؤتمر "جنيف8".

اقرأ أيضاً: اللجنة الدستورية.. 3 مضامين دستورية اقترحها وفد المعارضة (خاص)

وقال هادي البحرة، قبيل انعقاد الجلسة الثانية يوم الثلاثاء الفاتي، "إن القضايا الإنسانية هي قضايا ما فوق تفاوضية، حيث إنّها من أهم القضايا وهي ما يبني الثقة ويعززها بالعملية السياسية". وبحسب البحرة فإنّ قضايا اللاجئين والنازحين مع قضايا المعتقلين والمغيّبين قسرياً تعد من أولويات اهتمام السوريين، مشيراً إلى أن "هذا ما يدفعنا لمناقشتها في سياقها الدستوري في الجلسة الحالية".

كانت الجولة الرابعة من المفاوضات على الدستور جولة واضحة من حيث تلاعب النظام بجدول الأعمال، حيث كان الوفد في جميع مداخلاته بعيداً كل البعد عن جدول الأعمال الذي من المفترض أن تناقش فيه "الأسس والمبادئ الوطنية"، وبشكل أساسي كانت كلمات الوفد تدور حول "مؤتمر دمشق اللاجئين".

في حين اقترحت هيئة التفاوض السورية، تشكيل هيئات مستقلة لرعاية شؤون المهجرين واللاجئين والنازحين، وإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان للعناية بموضوع المعتقلين والمفقودين والمغيبين قسرياً.

وفي هذا الصدد أكد هادي البحرة على أن في مقدّمة القضايا المهمة التي يجب أن يعمل الدستور المقبل على حلها "قضية المعتقلين وكشف مصير المفقودين، بالإضافة إلى المحاسبة والتعويض وجبر الضرر، ورعاية مصابي الحرب وتأهيلهم وغير ذلك من الأمور التي تتطلّب هيئات عامة مستقلة وظيفتها محددة في هذا القضايا".

 

تضييع للوقت

تعليقا على هذه الجولة قال الباحث السوري عبد الوهاب عاصي: "انعقدت الجولة الرابعة دون الالتزام بجدول أعمال واضح، على خلاف ما تحدث به المبعوث الأممي"، مشيرا إلى أن "النظام السوري كان يصر على اعتبار العديد من المبادئ الدستورية مجرد مبادئ وطنية، مثل قضايا السيادة والإرهاب واللاجئين والعقوبات".

وخلص عاصي في كلامه على موقع تويتر بأن النظام "لا يريد تقديم أي تنازلات تؤدي إلى تغيير جوهري في الدستور ومن ثم الحكم، ويعوّل على كسب الوقت، وإغراق المباحثات بالتفاصيل طالما أنّ المعارضة متمسكة باستمرار الانخراط فيها دون أي جدوى".

 

 

وفي تفاصيل الأمر يقول السياسي السوري أسامة أبو زيد في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن نقاش المستجدات أو ما يرشح عن اجتماعات اللجنة الدستورية لا نستطيع أن نناقشه بمعزل عن سياق الذي حدثت فيه أو سياق الحل السياسي في سوريا"، ويشير إلى أن "خريطة الحل السياسي في سوريا بدأت مع بيان جنيف 1 الذي تضمنه القرار الدولي 2118 والذي صدر بعد مجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام في الغوطة الشرقية".

 

تنفيذ الرؤية الروسية

"الذي فعلته روسيا أنها امتصت غضب المجتمع الدولي بعد مجزرة الكيماوي" وفقا لحديث أبو زيد الذي لفت أيضا إلى أن موسكو "بدأت العمل بعدة وسائل لتغيير اتجاه الحل السياسي، حيث بدأ النظام بعد الجولة الأولى لمفاوضات جنيف بالحديث حول موضوع الإرهاب ولم يقل بأنه لا يريد الانتقال السياسي وإنما بدأ حديثه عن الإرهاب".

بعد ذلك بدأ يتصاعد الصراع في معسكر أصدقاء سوريا بين الإمارات والسعودية من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى حتى أتى مؤتمر فيينا الذي اجتمعت فيه كل الدول المؤثرة بالشأن السوري بما فيها حلفاء النظام، وأصدروا بيان فيينا الذي مهد لمحادثات بين النظام والمعارضة ومهد للقرار 2254. ويشير أسامة أبو زيد إلى أن القرار "أتى بنفس الآليات للحل السياسي ولكن فتح ثغرة تمثيل المعارضة وأيضاً تحدث عن سلة الانتخابات وسلة الحكم الانتقالي وسلة الدستور وسلة مكافحة الإرهاب، فصارت اللعبة بالنسبة لروسيا وإيران "أي سلة نتحدث بها أولا".

في أول جولة من أستانا حاولت روسيا أن تحول المحادثات من عسكرية إلى دستورية، ولطالما حاولت روسيا أن تحرف مسار كل المحادثات والاجتماعات والمؤتمرات، ووفقا لأبي زيد فإن المعارضة اتجهت بما يريده الروس من خلال الانقلاب على هيئة المفاوضات العليا وإجراء مؤتمر الرياض 2.

وقال أسامة أبو زيد "حينما دخلت منصات أكثر في جسم المعارضة السورية، قالوا سنعمل بمرونة ونشكل اللجنة الدستورية، ويكمل أبو زيد حديثه بأن هذه اللجنة الدستورية إنما هي "عبارة عن محطة من محطات التحول للرؤية الروسية للحل في سوريا"، ويرى بأن الأيام المقبلة "سيتم التنازل عن الحديث عن وضع دستور ليتم التحاور عن إصلاح للدستور القائم حاليا تمهيدا لانتخابات يفوز بها بشار الأسد".

بالمحصلة يرى أبو زيد أن هذه الهيئات هي "انخراط أكثر وتماهٍ أكبر مع الرؤية الروسية التي ترتكز بشكل أساسي على تضييع الوقت وتذويب ملامح الحل السياسي وفق خريطة الحل المتفق عليها وإدخال مزيد من العراقيل والقضايا الإشكالية التي بالنهاية ستؤدي مع توفر الظروف المطلوبة إنجاز الحل بما يتوافق مع الشروط الروسية يبقى بها بشار الأسد رئيسا عبر انتخابات شكلية".