icon
التغطية الحية

التعليم فيها يتراجع.. المدارس السورية ثكنات ومعتقلات ومراكز إيواء

2024.03.25 | 16:55 دمشق

آخر تحديث: 25.03.2024 | 22:14 دمشق

مدرسة في مدينة الرقة بعد هزيمة تنظيم الدولة ـ رويترز
مدرسة في مدينة الرقة بعد هزيمة تنظيم الدولة ـ رويترز
إسطنبول ـ ميس عبد الحميد
+A
حجم الخط
-A

شهدت سوريا تراجعا كبيرا في التعليم لأسباب عديدة، منها فقدان المدارس، التي استخدمتها أطراف الصراع كثكنات عسكرية ومراكزا اعتقال في مناطق سيطرة النظام، ومراكز لإيواء النازحين ومراكز تدريب في مناطق سيطرة المعارضة، يضاف إلى ذلك خروج بعض المدارس عن الخدمة بسبب الدمار والقصف الذي تعرضت له، مما أدى إلى تعطيل العديد من المدارس وحرمان عدد كبير من الأطفال من حق التعلم.

مدارس الباب.. نصفها مدمر

مدير التربية في مدينة الباب جمعة كزكاز قال لموقع تلفزيون سوريا: إنه بالنسبة لمدينة الباب سابقا قبل الثورة كان لدينا 32 مدرسة متنوعة بين ابتدائي وإعدادي وثانوي (عامة وصناعة وزراعة وفنون)، فقط في مركز المدينة، أما حالياً لدينا 17 مدرسة فقط مستخدمة للتعليم، على الرغم من كل هذا التهجير واستيعاب الطلاب الوافدين، وذلك لوجود 7مدارس مهدمة بشكل كلي، ومدرسة واحدة تحتاج إلى ترميم، أما العدد المتبقي مشغول من قبل المجلس المحلي.

وتابع كزكاز، أنه" بالنسبة لهذه المدارس هي بالأصل كانت تلبي حاجة السكان وحالياً نصفها مدمر والنصف الآخر مشغول".

وأشار مدير تربية الباب إلى أنه "في السنوات الأخيرة كان هناك إقبال على العلم والدراسة بشكل كبير وذلك بعد الانقطاع عن الدراسة لمدة أربع سنوات في ظل سيطرة تنظيم الدولة "داعش" إذ كان هنالك ردة فعل على تعطيل المدارس ونشر الجهل والخرافة".

وأوضح أن منطقة الباب تحتاج الآن إلى مدارس تستوعب (10000) طالب وطالبة وهم الآن في مدارس خاصة، "بيوت أهلية أطلقت على نفسها مدارس نموذجية".

وبحسب التقرير الذي وثقه المجلس العربي والذي استند إلى معلومات وشهادات تتعلق بانتهاك الحق في التعليم في مناطق سيطرة حكومة النظام السوري وشمال غربي سوريا وشمال شرقي سوريا، فقد أفضى النزاع في سوريا إلى تعطيل أكثر من (1600) مدرسة، حيث تتحمل حكومة النظام السوري وحلفاؤها إيران وروسيا مسؤولية عما لا يقل عن 86% من حصيلة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في سوريا تعرضت للقصف أكثر من مرة منذ 2011، بالإضافة إلى استخدام كثير منها ثكنات عسكرية ومراكز اعتقال واستجواب، ما جعلها أيضاً عرضة لهجوم أطراف النزاع الأخرى.

كما رصدت استخدامات أخرى للمدارس، حيث تحول عدد منها إلى مراكز اعتقال واستجواب للطلبة من قبل الأجهزة الأمنية وعناصر المخابرات، ما أدى بطبيعة الحال إلى فقدان المؤسسات التعليمية حرمتها وحياديتها من جهة، ومحاصرة الأطفال من جهة أخرى بخيارين؛ إما التعرض للاستغلال والتجنيد، وإما الحرمان من الحق في التعليم.

تدمير مدارس حلب

حسام (طلب عدم ذكر اسمه كاملا لأسباب أمنية) يعمل مدرسا في حي السكري في مدينة حلب أكد لموقع تلفزيون سوريا: "أن عددا كبيرا من المدارس خرج عن الخدمة منذ سنوات بسبب استخدامها كمقرات ومراكز تدريب واستهدافها من قبل أطراف الصراع فبعض هذه المدارس دمرت بشكل كامل وبعضها أصبحت مستودعات للأسلحة والدبابات، كما استخدمت بعضها منذ سنوات عدة لإيواء النازحين الذين دمرت منازلهم بسبب قصف الصواريخ المتبادل من قبل أطراف الصراع، مما تسبب بتسرب عدد كبير من الطلاب والتحاقهم إما بالعمل لإعالة أسرهم أو الالتحاق بالفصائل العسكرية".

مضيفا أن عددا من المدارس استخدم لايواء النازحين والتعليم في نفس الوقت إذ يتم استقبال الطلاب في ساعات الصباح لمدة ثلاث ساعات في إحدى أبنية المدرسة لتعود مركزا للنازحين مساء.

وأفادت إحصائية المجلس العربي أن 18 في المئة من الطلاب السوريين هم خارج المدرسة، كما أكدت العديد من الأسر ممن لديهم أطفال في سن المدرسة أن أطفالهم ليسوا في المدرسة لعدم وجود مدرسة لإرسالهم إليها، في حين أن النظام السوري غير قادر على استيعاب جميع الطلاب في المدارس، ولذلك فإن الكثير من الطلاب يتعلمون في بيئات غير مناسبة وغير آمنة، ويبلغ المتوسط في كل صف دراسي 54 طفل ممن هم في سن المدرسة.

وأشارت تقديرات "يونيسيف" لعام 2021 إلى أن أكثر من مليوني طفل في سوريا ما يزالون محرومين من التعليم من جراء الحرب وما نتج عنها من نزوح واسع للسكان. فقد بلغ عدد النازحين الأطفال داخل سوريا نحو 2.6 مليون طفل.

تدهور الاقتصاد وتأجير المدارس

إضافة إلى ذلك، فإن تدهور الاقتصاد والوضع المعيشي في البلاد، ووصول عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى ما يزيد عن 90 في المئة، أجبر الكثير من الأطفال على ترك الدراسة والالتحاق بالعمل للمساعدة في تغطية نفقات أسرهم.

كما وثق المجلس العربي العديد من حالات ترك الطلاب للمدارس، واعتقال المعلمين وتعريضهم للتعذيب، وإغلاق المدارس والمعاهد وكان أبرز المنتهكين النظام السوري من قبل أجهزته الأمنية بتهمة المشاركة في الاحتجاجات.

بدوره قال مدير مدرسة مصطفى عموري للتعليم الأساسي مصطفى سميسم لموقع تلفزيون سوريا: إن "هناك نقصا في عدد المدارس نسبة لعدد الطلاب الأصليين في المنطقة إضافة للوافدين الذين يعيشون فيها، وعلى الرغم من الاستيعاب الكبير للطلاب بسبب اللجوء إلى التعليم المزدوج الصباحي والمسائي وأيضا وجود المدارس الخاصة التي خففت من الضغط على المدارس العامة بشكل كبير".

وأضاف أنه بعد خروج مدرستي إعدادية وثانوية "ممدوح شعيب" التي كانت تستوعب أكثر من (1000) طالب من مدينة بنش والقرى المجاورة وإعدادية "فريد عبيد" بعد الدمار الذي خلفه القصف على المدينة تم استبدالهما ببناء جديد إلا أنهما أقل استيعابا من قبل خاصة بوجود عدد كبير من الوافدين فيها.

وأشار مدير مدرسة مصطفى عموري إلى أن عدد الطلاب في الصفوف يتراوح بين (45) إلى (50) طالبا بينما يجب أن لا يزيد عن (25) إلى (30) طالبا.

تقرير المجلس العربي وثق أيضا استغلال حكومة الإنقاذ الوطني عدداً من المدارس في مدينة إدلب وتأجيرها إلى جهات خاصة ومنظمات، كمدرسة يحيى دهنين، التي تم تأجير جزء منها إلى منظمة شفق، ومدرسة خولة بنت الأزور، ومدرسة الظاهر بيبرس التي تم تأجيرها إلى منظمة الوحي الشريف، وبالتالي حرمت عددا كبيرا من الطلاب من التعلم، وظهر نشاط واضح من جميع الأطراف في تجنيد الأطفال كقوات النظام  والميليشيات التابعة له، وعبر منظماته كشبيبة الثورة، وأيضا في شمال شرقي سوريا وذلك في صفوف “قسد” التي لم تلتزم بوقف تجنيد الأطفال رغم توقيعها على خطة عمل في مقر الأمم المتحدة في جنيف بتاريخ 29 حزيران/يونيو 2019، كذلك هو الحال في هيئة تحرير الشام التي قامت بتجنيد الأطفال، ممن لم يبلغوا الثامنة عشر من عمرهم، وذلك من خلال حملات تجنيد أطلقتها بالتزامن مع الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري وحلفاؤها على محافظة إدلب في أواخر العام 2019 وبدايات العام 2020.