icon
التغطية الحية

الباركور "الإدلبي" على أسطح الأبنية المدمرة.. رياضة وتحدٍ وسط الخطر

2023.12.11 | 11:46 دمشق

رياضة الباركور
فريق "تفاني" الرياضي في إدلب
إسطنبول ـ أروى غسان
+A
حجم الخط
-A

وسط أجواء تحدٍ محفوفة بالمخاطر قلّ نظيرها في سوريا عموماً وفي مدينة إدلب على وجه الخصوص، يقود الشاب عبادة جبارة فريقاً متخصصاً برياضة "الباركور" يضمَ مجموعة من الشباب، في محاولة لتعريف المجتمع المحلي في إدلب شمال غربي سوريا بأهمية هذه الرياضة ولاسيما في زمن الصراعات والحروب.

رياضة الباركور فوق أبنية مدمرة

تُصنّف رياضة "الباركور" من ضمن الفنون القتالية، وتعني الانتقال من النقطة ألف إلى النقطة باء، بأسرع وقت وأسهل وسيلة بتقنية عالية لاجتياز العقبات والهروب من المخاطر، وتعتمد على مجموعة من الحركات مثل القفز عن الأسطح وتسلق الجدران وتخطّي الحواجز، والدحرجة، والهبوط، والتوازن، بالإضافة إلى قفزة الـ 360 درجة.

لا حجر يُشبه آخر في إدلب التي دمرتها آلة الحرب العسكرية.. ربّما دفع غياب البيئة الجيدة لممارسة رياضة الباركور أو أي رياضة أخرى، الشباب في إدلب إلى الإصرار على تشكيل فريق "تفاني" وتحدّي الظروف الصعبة، ويتابع جبارة لموقع تلفزيون سوريا: "كنا نتدرب تحت القصف وضمن بيئة خطرة فعلاً فمعظم الأبنية مهجورة وجدرانها آيلة للسقوط، وأرضيات الشوارع غير منتظمة، كذلك لا يوجد نوادي مخصصة للباركور في إدلب سوى نادي واحد فقط بسيط ومدمّر ولا يحتوي المعدات اللازمة، ناهيك عن ضيق الأحوال المادية".

مكان آمن، وحواجز خشبية وإسفنجية، وأحذية مخصصة للرياضة، هذه أبرز المعدات اللازمة لممارسة الباركور، ورغم الصعوبات وعدم توفّر هذه المستلزمات البسيطة، إلا أن جبارة يؤكد أن الطاقة والمُتعة التي تمنحها هذه الرياضة لمريديها تشفع لها، ويضيف "الباركور ممتعة جداً تعطي لياقة عالية وقوة بدنية وتفرّغ كل الطاقة السلبية، كما أنها تكسر حاجز الخوف لديك، لاسيما أن أساسها يقوم على الهروب في المواقف الصعبة، وتحتاج إلى سرعة بديهة ومهارة، كما أن إحدى سمات الباركور الرئيسية الكفاءة والفاعلية".

انتقادات لرياضة الباركور

يُلاقي الفريق الشاب مجموعة من الانتقادات من المجتمع المحلّي، ولاسيّما أن رياضة الباركور قد تعرّض المُتدرّب للخطر في حال لم يكن متمكّنا من القفز، يُعلّق جبارة عل ذلك: "من الطبيعي أن نواجه صعوبة في تقبّل الناس لهذه الرياضة كونها جديدة وغير مألوفة في سوريا عموماً وفي إدلب خصوصاً، فحتى قبل الحرب لم يكن هناك اهتمام بها وكانت معروفة على نطاق ضيق في المدن الكبرى فط مثل حلب ودمشق، والسبب هو قلّة الوعي بالرياضة بشكل عام في بلادنا والتفات الناس لكرة القدم فقط كأهم نوع للرياضات البدنية حسب رأيهم، وهناك سبب آخر لإهمال الباركور قد يكمن في المخاوف من خطورة الباركور".

يغيب العنصر النسائي عن الفيديوهات التي ينشرها فريق "تفاني" على منصة "يوتيوب"، وحول ذلك يقول جبارة "يغلب على المجتمع في إدلب الطابع المحافظ من ناحية المعتقدات الدينية والعادات والتقاليد المتوارثة، من الصعب جداً أن يتقبّل الناس هنا فكرة وجود نساء يمارسن هذه الرياضة في الساحات العامة، ولكن الفريق يضم في الوقت الحالي إناثا من الأطفال قمنا بتدريبهن ، وبعضهن أصبح في عمر ال15 تقريباً مما يؤهلهن لتدريب الشابات الراغبات في دخول مضمار رياضة الباركور، نحن نعمل على هذا الموضوع ومن الممكن في المستقبل تأسيس نادي خاص بالنساء".

الباركور.. رياضة حديثة العهد

يعود تاريخ رياضة الباركور إلى ثمانينيات القرن الماضي، وهي مشتقة من مصطلح فرنسي كان يُطلق على أحد التدريبات العسكرية الخاصة بالجيش الفرنسي، وأوّل من أخرج هذه التدريبات من إطارها العسكري إلى إطار الرياضة العامة وحاول تعريف الناس بها، جندي كان يعمل في وحدة الإطفاء والإنقاذ التابعة للجيش الفرنسي، يُدعى ديفيد بيل، وبعد عدة سنوات وفي فترة التسعينيات تطورت رياضة الباركور وأصبح لها اسم آخر هو free running الذي يتضمن حركات بهلوانية مثل الجمباز تعتمد على لفت الانتباه.

أما الشهرة الحقيقية لرياضة الباركور عالمياً فكانت في العام 2004 بعد عرض فيلم "الضاحية 13" الذي كان من بطولة واضع حجر الأساس لهذه الرياضة ديفيد بيل، وقد وُجد الباركور كطريقة جديدة ومختلفة لتخطّي العقبات مثل الحواجز أو الموانع، وهذه الموانع يمكن أن تكون أي شيء من المحيط العام من فروع أشجار أو صخور أو قضبان حديدية أو حتى جدران.