البث المباشر
أعلنت ثلاث دول أوروبية، اليوم الأربعاء، الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، في خطوة مشتركة الهدف منها إعادة "الحياة" إلى "حل الدولتين" الذي ترفضه إسرائيل وتحاول تصفية القضية الفلسطينية، ولاقى الاعتراف الجماعي ترحيباً فلسطينياً وغضباً إسرائيلياً.
في بيانات رسمية منفصلة، أعلنت كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية في خطوة مشتركة ستدخل حيز التنفيذ الثلاثاء المقبل.
وقال وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارت أيد، في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، إن اعتراف النرويج وإسبانيا وأيرلندا رسميا بدولة فلسطينية مستقلة سيدخل حيز التنفيذ في 28 أيار/مايو الجاري.
ويعد الاعتراف الجماعي محطة مهمة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفي عملية السلام المتعثرة والمجمدة منذ عام 2014 الساعية إلى تطبيق مبدأ "حل الدولتين"، الذي ترفضه حكومات إسرائيل المتعاقبة بعد اتفاقيات أوسلو 1993.
أثار الإعلان الثلاثي لدول أوروبية غضباً واسعاً داخل إسرائيل التي أعلنت سحب سفيريها من النرويج وأيرلندا والتلويح بخطوة مماثلة ضد إسبانيا.
ومع دخول قرار حيز التنفيذ، الأسبوع المقبل، سيرتفع عدد الدول الأوروبية التي تعترف بفلسطين دولة مستقلة إلى 12 دولة، وهي: بلغاريا وبولندا والتشيك ورومانيا وسلوفاكيا والمجر وقبرص والسويد ومالطا، والنرويج وأيرلندا وإسبانيا.
وسبق هذا الاعتراف اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة، في 10 أيار/مايو الجاري، قرارا يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطين بشكل إيجابي لنيل العضوية الكاملة.
يذكر أن فلسطين هي "دولة غير عضو" وتحمل صفة مراقب في الأمم المتحدة بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة عام 2012.
تصفية القضية والوجود الفلسطيني
يأتي الاعتراف بالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة ضد قطاع غزة، والتي دخلت شهرها الثامن، وخلفت أكثر من 125 ألف من الضحايا الفلسطينيين بين قتيل ومفقود وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً واسعاً في القطاع.
حاولت إسرائيل عبر 3 عقود، بعد اتفاقيات أوسلو التاريخية، تصفية القضية الفلسطينية سياسياً عبر فرض "ستاتيكو" (الوضع الراهن) وفق سياسيات احتلالية تكرس "فرض الأمر الواقع"، عبر مخططات الاستيطان والتهويد.
كما تحاول تل أبيب بعد جولات عديدة من مفاوضات "عملية السلام" المتعثرة، التي رعتها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي روسيا)، تكريس واقع جديد وأعلنت مراراً أن "أوسلو مات".
ويعد بنيامين نتنياهو، صاحب أول فترة حكم في تاريخ إسرائيل، وحكوماته اليمينية من أشد المعارضين لـ "حل الدولتين"، وهي الرؤية الدولية لإنهاء الصراع تقوم على تقسيم أرض فلسطين جغرافياً إلى دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، ما بين النهر والبحر.
قبل الحرب الحالية، أعلن نتنياهو منذ عام 2017 عن عهد جديد أطلق عليه اسم "السلام مقابل السلام"، وزوال عهد "السلام مقابل الأرض"، مستنداً إلى دعم قوي من حليفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عراب الاتفاقيات الإبراهيمية مع دول عربية.
إبان اندلاع الحرب، اتهم نتنياهو اتفاقيات أوسلو بأنها هي التي أدت إلى هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، في محاولة منه للتنصل من الإخفاق الأمني والاستخباري في صد الهجوم أو التنبؤ به.
ويرفض نتنياهو، الآن، إيقاف الحرب رغم الضغوط الأميركية واتهامه من قبل شركائه بالحكم والمعارضة بأنه لا يملك خطة استراتيجية خلال الحرب وما بعدها (اليوم التالي).
ولكن الكلفة الإنسانية الباهظة في صفوف المدنيين الفلسطينيين أدت إلى انقلاب المزاج الدولي، لا سيما في الأوساط الغربية الحليفة لتل أبيب، ولأول مرة في تاريخها تواجه إسرائيل تهماً بارتكاب "إبادة جماعية" من قبل محكمة العدل الدولية.
استمرار الحرب وسط رفض جهود الوساطة، الأميركية والقطرية والمصرية، للتوصل إلى تهدئة تفضي إلى نهاية الحرب، يعد إصراراً من قبل الحكومة الإسرائيلية على تصفية الوجود الفلسطيني أيضاً عبر إنهاء مظاهر الحياة في قطاع غزة.
ويكرر المسؤولون الإسرائيلية علناً، في الآونة الأخيرة، فكرة التهجير القسري لأهالي القطاع، كان آخرها دعوة وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير لإعادة احتلال القطاع وبناء المستوطنات.
حل الدولتين
يعد مبدأ "حل الدولتين" مقترحاً سياسياً اعتمدته الشرعية الدولية وخاصة بعد حرب عام 1967، يقوم على تقسيم أرض فلسطين التاريخية إلى دولتين إحداها إسرائيل والثانية دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين تخضع القدس لترتيب خاص.
وفي عام 1993، تكللت الجهود الدولية في أوسلو للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لحصول الفلسطينيين على حكم ذاتي على أراضي الـ4 من حزيران 1967، تحت قيادة "السلطة الفلسطينية" في رام الله، إلى أن يفضي ذلك لاحقاً إلى إنشاء دولة فلسطينية.
تعد "اتفاقيات" أوسلو" التي احتضنت العاصمة النرويجية أوسلو مفاوضاتها في تسعينيات القرن الماضي، هي حجر الأساس للرؤية الدولية لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط.
ولكن الحرب الحالية أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث الدولية بعد عقود من الإهمال، كما جددت الحديث عن مسار "حل الدولتين" كسبيل لإحلال السلام في المنطقة وإنهاء الحرب.
وكررت الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي في مناسبات عديدة على ضرورة اعتماد "حل الدولتين" لضمان السلام بالمنطقة وإنهاء الحرب.
3 دول أوروبية تعترف بفلسطين دولة مستقلة
أعلن رئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره، اليوم الأربعاء، أن بلاده ستعترف بـفلسطين كدولة مستقلة اعتبارا من 28 أيار/مايو الجاري، مشيراً إلى أن "حل الدولتين" من مصلحة إسرائيل والهدف هو إحلال السلام بالمنطقة.
وأضاف ستوره أنه يتعين الإبقاء على البديل الوحيد الذي يوفر حلا سياسيا للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وهو دولتان تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن.
وقال رئيس الوزراء النرويجي إن الحرب في غزة جعلت من الجلي أن تحقيق السلام والاستقرار لا بد أن يستند إلى حل القضية الفلسطينية.
وفي إسبانيا، أعلن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، اليوم، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية يوم 28 أيار/مايو أيضاً.
واتهم سانشيز في بيان الإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة تدمير غزة وبأنه يعرض حل الدولتين للخطر.
كذلك أيرلندا، أعلن رئيس وزرائها سايمون هاريس أن دبلن ستعترف بدولة فلسطينية، مضيفاً أنه يتوقع من دول أخرى الانضمام إلى أيرلندا وإسبانيا والنرويج في اتخاذ هذه الخطوة خلال الأسابيع المقبلة.
ترحيب فلسطيني
رحبت السلطة الفلسطينية وحركة حماس بقرار أيرلندا وإسبانيا والنرويج الاعتراف بدولة فلسطينية.
أعربت رئاسة السلطة الفلسطينية في بيانات منفصلة عن ترحيبها بالاعتراف النرويجي والأيرلندي والإسباني، وحثت دول العالم على أن تعترف بدولة فلسطين وحل الدولتين.
وحثت السلطة الدول التي لم تعترف بفلسطين بعد للاعتراف بدولة فلسطين وفق حل الدولتين المعترف به دوليا المستند لقرارات الشرعية الدولية وعلى خطوط العام 1967.
من جانبها، رحبت حماس بالخطوة، وقالت في بيان رسمي "نرحب في حركة المقاومة الإسلامية بإعلان كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين ونعتبرها خطوة مهمة على طريق تثبيت حقنا في أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة".
I have instructed the immediate recall of Israel’s ambassadors to Ireland and Norway for consultations in light of these countries' decisions to recognize a Palestinian state.
— ישראל כ”ץ Israel Katz (@Israel_katz) May 22, 2024
I’m sending a clear and unequivocal message to Ireland and Norway: Israel will not remain silent in the…
غضب إسرائيلي
في المقابل، استنكرت إسرائيل بشدة اعتراف الدول الأوروبية الثلاث بفلسطين، وأعلنت وزارة خارجيتها، اليوم الأربعاء، أنها أمرت باستدعاء سفيريها من دبلن وأوسلو وتحذير مدريد بإجراء مماثل.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان نشره عبر حسابه على منصة "إكس"، لقد أصدرت تعليماتي باستدعاء سفيري إسرائيل لدى أيرلندا والنرويج على الفور للتشاور في ضوء قرارات هذين البلدين بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأضاف كاتس، أن الحماقة الأيرلندية النرويجية لن تردعنا على الاستمرار بالحرب ضد حماس.
وتابع قوله، إسرائيل لن تبقى صامتة، وستكون هناك عواقب وخيمة أخرى.. وإذا واصلت إسبانيا عزمها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فسوف يتم اتخاذ خطوة مماثلة ضدها.
