الأسد في مسيرة التطبيع.. والهدف الأبعد إيران

2020.10.22 | 00:08 دمشق

bshar.jpg
+A
حجم الخط
-A

في ظل الكلام عن محادثات سورية إسرائيلية، وزيارة وفد أميركي إلى سوريا لمرتين متتاليتين، وبالعودة إلى كلام أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل فترة وكشف فيه أنه كان يريد اغتيال بشار الأسد لكن وزير دفاع جيمس ماتيس منعه من ذلك، هذا الموقف حمل تهديداً علنياً للأسد بأنه قد يوضع على لائحة الاغتيال إذا لم يقدم التنازلات المطلوبة، في موضوع إسرائيل وفي تحجيم النفوذ الإيراني.

تسيطر الولايات المتحدة الأميركية على المساحة الأهم في سوريا، وعلى منطقة التنف الاستراتيجية الواقعة على مثلث حدودي يربط سوريا بالعراق والأردن.
 
في مقابل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها سوريا، لن يكون أحد قادراً على إيجاد أي حلول لأزماتها بدون الموافقة الأميركية، وذلك سيبدأ بتقديم تنازلات استراتيجية في المعطيات السياسية، وموضوعات تتعلق بإطلاق سراح المواطنين الأميركيين والتي قد تفتح المجال أمام توسيع مروحة التفاوض والتعاطي مع النظام السوري، الذي يبحث عن فتح خطوط التواصل الرسمية العربية معه. بينما تستمر المواقف الأميركية التي تشير إلى أن هناك دولاً عربية عديدة ستلتحق بركب الاتفاقات مع إسرائيل. والمقصود هنا سوريا، التي ستكون امام استحقاق أساسي يرتبط بالوجود الإيراني في سوريا.
 
لا تبدو إيران قادرة على حماية وجودها على المدى الاستراتيجي، فهي التي تواجه مشكلات كبرى في الساحات التي أعلن سابقاً السيطرة عليها، في سوريا تواجه مشكلة الوجود في ظل الموقف الروسي والأميركي والإسرائيلي والعربي، وفي العراق فتحت المعركة بوجهها، اليمن لا حلّ له غير الحل السياسي، بينما أصبحت المعركة قريبة من الحدود الإيرانية، وعلى حدودها الشرقية الجنوبية، كل هذه الحدود محاطة بحلفاء لتركيا.
 
في العام 1998، دخل عناصر طالبان إلى مزار الشريف وقتلوا 21 ديبلوماسياً إيرانياً، انتظرت إيران 3 سنوات لتنفيذ ردها، بعد الاجتياح الأميركي لأفغانستان في العام 2001، في عملية قامت بها الهزارة ضد طالبان، هذه الدماء المزهقة بين طالبان والهزارة، قابلة لأن تزهق المزيد من دماء الانتقام، مع الإشارة إلى أن جانباً من العلاقة الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية، يبنى على اتفاقات متعددة تتعلق بالمفاوضات الأميركية مع طالبان. وبالتالي ستكون إيران محرجة في حال اختارت أي طريق للتصعيد على حدودها، فيما قد يكون المجال مفتوحاً أمام طالبان لتنفيذ مزيد من العمليات ضد الإيرانيين.

كانت إيران تراهن على موقف روسي كبير إلى جانب أرمينيا في مواجهة أذربيجان

كانت إيران تراهن على موقف روسي كبير إلى جانب أرمينيا في مواجهة أذربيجان، فترتاح للموقف الروسي بدلاً من أن تتورط بشكل مباشر وينعكس ذلك على الداخل الإيراني وتحديداً في تبريز وكل نسيج المجتمع بحيث أن أي موقف إيراني إلى جانب أرمينيا سيؤدي إلى تصدعات كبيرة داخل إيران. من أحد الأسباب التي دفعت روسيا للتوصل إلى وقف إطلاق نار، هو الموقف الباكستاني الداعم لتركيا، وجماعة حكمتيار في أفغانستان الذين يطالبون بإرسال طالبان إلى أذربيجان لدعمها في هذه المعركة.
 
سوقت إيران لنفسها ولمشروعها بأنها قادرة على تشكيل جبهات مترابطة من داخل نسيج كل مجتمع، وهذه الجماعة المسلحة عسكرياً ومالياً وعقائدياً، تكون دائماً منضبطة، وخاضعة لقرار واحد بالمعنى التنظيمي. منحها ذلك تقدماً في خطواتها أمام الرأي العام الغربي، على عكس التنظيمات السنية المتطرفة التي لم يكن لديها أي ضوابط وكانت تتفلت من أي جهات داعمة لها. فاعتبر الغرب أن التعاطي مع إيران وجماعاتها المنظمة أفضل بكثير من التعاطي مع المجموعات السنية غير المنضبطة والتي لا يربطها أو يجمعها قرار واحد. ولكن في هذه الأيام هناك متغيرات كثيرة تحصل على هذا الصعيد، وتعمل تركيا على تقديم نفسها كقوة سنية قادرة على ضبط جماعاتها. استنسخت تركيا التجربة الإيرانية بكامل تفاصيلها، وقدمت نفسها قوة سنية قادرة على ضبط السنة وتحريك مجموعاتها كما حصل في سوريا وليبيا وأذربيجان.
 
بعض المعلومات تشير إلى أن الطائرات الإسرائيلية المسيرة استهدفت صواريخ إس 300 الروسية والتي تمتلكها أرمينيا. يشبه هذا إلى حد بعيد ما حصل في سوريا في شباط الفائت، عندما استهدف الإسرائيليون كل منصات الصواريخ الإيرانية في سوريا وخصوصاً صواريخ إس 300 أيضاً، هذه المعطيات العسكرية لا تنفصل عن مسار التحولات السياسية التي سترخي بظلالها على معالم المرحلة المقبلة، بمعنى أن المشروع الإيراني دفع العرب إلى التشتت والتشرذم، فذهبوا إلى إسرائيل، بعقد اتفاقيات التطبيع والسلام، على أن ينتقل المسار إلى المرحلة الثانية منه، وهو ذهاب الشيعة إلى مثل هذا الخيار.