icon
التغطية الحية

الأرياف والمناطق الشعبية وسكانها.. حاضنة شعبية للاجئين السوريين في مصر

2024.04.17 | 06:13 دمشق

الأرياف والمناطق الشعبية وسكانها.. حاضنة شعبية للاجئين السوريين في مصر
أحد أحياء القاهرة (الإنترنت)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

يتوزع اللاجئون السوريون في مصرفي جميع المحافظات، ولكن يفضل معظمهم السكن في أماكن معينة أصبحت تشكل تجمعات سورية، مثل مدن السادس من أكتوبر (ستة أكتوبر) والعبور والرحاب المحيطة بالعاصمة القاهرة وغيرها.

وعلى الرغم من وجود تجمعات سكانية سورية، فإن نسبة منهم اختاروا الإقامة في الأرياف، والأحياء والمناطق الشعبية ذات الغالبية المصرية، ووجدوا فيها شعورا بالقبول من الشعب المضيف ساعدهم على الاندماج وتحمل الغربة.

انتشرت في هذه المناطق المطاعم والمحال السورية التي يعمل فيها السوريون والمصريون جنباً إلى جنب، وشكلوا نموذجاً للعيش المشترك بين الشعبين.

أخلاق أولاد البلد في الأرياف

كشفت آخر دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري أن 57.8% من سكان مصر يعيشون في الأرياف، والتي تتميز بالأجواء القريبة للريف السوري، وتشتهر بالزراعة والمساحات الخضراء الواسعة وطيبة ودماثة أخلاق سكانها، وإكرامهم للضيف.

وجد عدد من السوريين الأمان في هذه المناطق، حيث احتوى سكانها اللاجئين وساعدهم على الاندماج داخلها، مما دفعهم لتأسيس حياة جديدة هناك.

جاء محمد الديراني (50 عاماً) إلى مصر قبل 12 عاماً بعد أن غادر الغوطة الشرقية مجبراً بعد أن هدم منزله وتفرقت أسرته على أثر الحرب، وتوقف عمله بالزراعة.

يقول محمد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، قام أحد أقاربي باستئجار قطعة أرض بإحدى قرى كفر الشيخ وبدأ بزراعتها، وأخبرني بأني أستطيع العمل معه، وانتقلت مع أسرتي إلى القرية للعمل في الزراعة.

يضيف محمد، لا يوجد هنا عدد كبير من السوريين، ولكن جيراني المصريين كانوا بمنزلة أهل لنا، وفي أول أيامي في القرية قاموا بطهو الطعام لنا، وساعدوني بتسجيل أطفالي في المدرسة.

محمد وعائلته يصفون سكان القرى بـ "أولاد البلد الجدعان"، مشيرين إلى التعامل الطيب والأخلاق وإكرام الضيوف الذي وجدوه في مسكنهم الجديد.

وفقاً لعائلة محمد، فإنه بعد 12 عاماً أصبح هو وجيرانه كالعائلة الواحدة يتشاركون العادات والتقاليد ويتبادلون الثقافات، ولم يجدوا اختلافاً عن طريقة عيشهم في الغوطة.

بدوره، سامر جريدة، سوري من ريف دمشق، يقول قام أحد الأشقاء المصريين بإعطائي شقته في محافظة الشرقية حيث تقيم عائلته لمدة سبع سنوات عندما قدمت إلى مصر مع أسرتي الصغيرة من دون مال، لم يطالبني بالإيجار حتى عندما كنت أحاول عرض المال عليه كان يقابل هذا بالرفض، وكان يصر على أننا إخوة وهذا واجبه تجاهي، وما زلت أشعر بفضله إلى الآن.

كما يجد بعض السوريين في المحافظات البعيدة عن القاهرة نوعاً من الهدوء مما جعلهم يفضلونها عن العاصمة.

غفران صالح، سورية تقيم في محافظة دمياط تقول، كنت أعيش مع عائلتي في ريف حلب، واعتدنا هدوء حياة الريف، وعندما أتيت إلى القاهرة لم أستطع تحمل الزحام والضوضاء، مما دفعنا إلى الاستقرار في محافظة دمياط حيث يوجد فيها جميع خدمات المدينة ولكن بأجواء ريفية أقل صخباً.

والسلبيات الوحيدة التي يواجهها سكان الأرياف هي بعدهم عن أماكن تجديد الإقامات ومراكز المفوضية، إنما تعتبر أسعارها أقل ومن العاصمة وتناسب الدخل المتوسط.

أحياء القاهرة الشعبية "روح البلد"

ينتشر عدد من السوريين في الأحياء الشعبية التابعة للقاهرة، وعلى الرغم من اكتظاظها السكاني فإنها تحمل أجواء أكثر هدوءاً وأجواء اجتماعية تراحمية، حيث الجار للجار، ويذوب داخلها الغرباء وينسجمون مع أهلها.

كما يتمتع سكان هذه المناطق بالكرم وحسن الجيرة، واحتضان اللاجئين، وببعدهم كل البعد عن العنصرية اتجاههم.

افتتح السوريون في الأحياء الشعبية مشاريع صغيرة، ساعدتهم على العيش بكرامة، ولاقت قبولاً كبيراً من سكان هذه الأحياء الذين أصبحوا زبائن دائمين، كالمطاعم الصغيرة، وورشات الخياطة، وصالونات التجميل.

في حي المطرية، الذي يعتبر أشهر أحياء القاهرة الشعبية، قامت قمر سالم (44 عاماً) بافتتاح صالون صغير للتجميل، بعد أن ساعدتها المفوضية بمبلغ من المال لتأسيس عملها.

تقول قمر، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، أعيش في المطرية منذ وصولي إلى مصر قبل 11 عاماً، وكنت أقوم بصبغ شعر جاراتي، من ثم قمت بافتتاح صالوني الخاص الذي أعمل فيه أنا وإحدى صديقاتي المصريات، وكان الزبائن يأتوني لمجرد أني سورية.

تضيف قمر، لا يوجد أجمل من هذه الأحياء حيث الجميع يعرفون بعضهم، ويقفون جنباً إلى جنب في الأفراح والأحزان، وعند وفاة والدتي أقامت جارتي مجلس العزاء في منزلها ولم تتركني طوال فترة حزني، كما قامت بطهو الطعام لعائلتي وساندتني.

بدوره، جهاد الحمصي (46 عاماً) سوري يقيم في حي حسنين دسوقي أحد أحياء المعادي الشعبية يقول، يوجد في الحي مصريون وسوريون وسودانيون، يعيشون منذ سنوات بجانب بعضهم.

يضيف جهاد، قرب أماكن السكن في المناطق الشعبية يجعل الجميع يعرف بعضهم بعضاً مما يعزز علاقاتنا بالجيران المصريين ونشعر أننا مثل الأهل، ولا نسمع أو نرى أي مواقف عنصرية، بل العكس تجد محل سوري بجانبه مصري وسوداني، يشتري الزبائن من الجميع ولا يزاحم أحدهم الآخر في رزقه.