icon
التغطية الحية

الآبار تستنزف الحسكة.. والسكان العطاش على حافة المرض

2020.08.21 | 18:49 دمشق

hskt2.jpg
تعبئة لمياه الشرب في أحد أحياء الحسكة- إنترنت
 الحسكة ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

أزمة مياه مرعبة تعاني منها محافظة الحسكة التي تضم اليوم أكثر من مليون ونصف سوري بين مقيم ونازح.

وتُرجع غالبية الأخبار المتداولة أسباب أزمة المياه لتوقف محطة الضخ الرئيسية في بلدة "علوك" التابعة لرأس العين بريف الحسكة الغربي، بوصفها المحطة التي تضمّ نحو 30 بئراً؛ إلا أن "محمد صالح عويد" كشف في منشور على صفحته في "الفيس بوك"، عن وجود محطة تحلية واحدة في "علوك" لا تلبي سوى ١٠٪ فقط من احتياجات الحسكة للشرب.

d1GkpK62rKly6XOMkJZi.jpg
محطة "علوك" في رأس العين- إنترنت

العويد الذي ينحدر من مدينة القامشلي، يحمّل قوات سوريا الديمقراطية، المسؤولية الكاملة عن قطع المياه في الحسكة بالقول إن "مرتزقة pkk (في إشارة لقوات سوريا الديمقراطية) يقومون بتعطيل الآبار الإرتوازية التي تغطي ٩٠٪ من احتياجات الشرب بهدف الضغط على تركيا، للإيحاء أنها وراء تعطيش الحسكة".

ويلفت العويد إلى أن ما تمارسه "قسد" بحسب وصفه، عبارة عن ابتزاز رخيص، ضد دولة كتركيا التي يرى بأنها في النهاية ستلجأ لـ "استخدام مولّدة كهرباء لتجاوز هذا الابتزاز الذي تستثمره عصابتي الأسد وقسد  والروس".

  • البئر كمصدر وحيد للمياه

يتفق "عمار" –الاسم مستعار- مع ما ذهب إليه العويد، فيشير إلى أن "الإدارة الذاتية" تتحكم بمحطات توليد الكهرباء، وهي التي تقطع التيار عن محطة المياه في "علوك" وكافة المناطق المحيطة بها، والتي تتبع لسيطرة الجيش الوطني".

حسكة_0.jpg
تعبئة مياه شرب في أحد أحياء الحسكة - إنترنت

ويروي "عمار" لموقع "تلفزيون سوريا" تفاصيل أزمة المياه التي تحيط به وبعائلته النازحة من ريف دير الزور منذ نحو 5 سنوات، فيقول: "مصدرنا الرئيس للمياه هو بئر الجامع القريب من منزلي، وهو مصدر جميع منازل الحي أيضاً".

ويتابع عمار واصفاً مشهد التدافع بين الأهالي والطوابير التي لا تنتهي على مدار الساعة في الليل والنهار، بالإضافة إلى التنازع على الخرطوم الذي يستجرّون مياه البئر بواسطته.

تفاصيل مزعجة، يضيف عمار "لكننا يبدو أننا اعتدنا على هذه الحال رغم أنها تشكّل الأسوأ بين أصناف المعاناة منذ شهرين وصولاً إلى الآن، ومن بينها جائحة كورونا".

  • أغلى من النفط!

يكمل عمار حديثه "يوجد خزان ماء عذب قرب الجامع تشرف على تعبئته منظمة الهلال الأحمر، ويتم بيعه للناس، في الأسبوع الفائت سمعنا أن الخزان تمت تعبئته بالمياه العذبة، فتراكضنا نحوه، وما إن بدأ أحد الجيران بملء خزانه الصغير المربوط على الدراجة، حتى انتبهنا بأن لون المياه يشبه إلى حدّ ما مياه البئر، فما كان من شيخ الجامع إلا أن اعترف بأن عنصرين من جيش النظام طلبا منه الخرطوم وقاما بتعبئة الخزان من البئر".

سعر المتر المكعب الواحد من المياه العذبة التي يتم شراؤها من (الصهاريج) يبلغ سبعة آلاف ليرة سورية، بحسب "أبو سليمان مهندس زراعي من أبناء المدينة" الذي يستطرد "الماء العذب بالنسبة لنا أغلى من مشتقات النفط التي لسنا بحاجتها أصلاً، ولكن المشكلة أن حتى صهاريج المياه العذبة لم نعد نحظى بها كالسابق".

  • ذرائع وحجج واهية

ويصف أبو سليمان لموقع تلفزيون سوريا حالات الإحباط والاستياء والملل المسيطرة على الأهالي جراء ما وصفه بـ "الكذب اليومي الذي نسمعه من الإدارة الذاتية، فتارة تقول إن المحطة استهدفت بقذيفة وتارة أخرى تدّعي أن ورشات مختصة تقوم بإصلاح مكان العطل، وأحياناً كثيرة يحمّلون المسؤولية على تركيا".

 

  • حفر آبار خاصة كأحد الحلول

ويكشف أبو سليمان عن حالات عديدة لحفر آبار شهدتها بعض البيوت الشعبية القديمة –غير الطابقية- وسط الفتحات السماوية، بالإضافة إلى حدائق الأبنية الطابقية بحيث يشترك قاطنوها بقيمة حفر البئر للاستفادة من مياهه لاحقاً عبر استخدامها الذاتي وبيعها لمن يرغب.

يسر.jpg
حفر بئر- إنترنت

إلا أنه يستدرك قائلاً "وحتى بعد حفر البئر، ستواجه الأهالي مشكلة أخرى، تتمثل في استجرار المياه إلى منازلهم عبر تمديدات خاصة ومضخات سحب المياه ودفعها إلى البيوت، حيث تستهلك الكثير من (الأمبيرات) الكهرباء المخصصة للإنارة وأجهزة المنزل".

 

وتتراوح أعماق الآبار التي يتم حفرها بين 8- 12 مترا بحسب القرب من وادي "الخابور" الذي يخترق الحسكة، ويشير أبو سليمان إلى أن المنطقة التي يقطن بها (زوية محشوش/ الميريديان) لا يزيد عمق البئر فيها على 6 أمتار لقربها الشديد من وادي الخابور، إلا أن الناس تحفر مترين آخرين طمعاً بمياه نظيفة، ويكلّف حفر البئر نحو نصف مليون ليرة سورية.

IMG_6998_b.jpg
بئر داخل أحد البيوت - إنترنت
  • مخاطر انقطاع المياه

يشكو بعض الأهالي من انتشار حالات إسهال لا سيما في صفوف الأطفال جراء الشرب المباشر من مياه الآبار. ويتخوّف كثيرون من الأمراض المعديّة والمعوية كمرض "الزحار" وغيره، الذي تتضاعف آثاره خلال فصل الصيف، إضافة إلى أمراض كثيرة أخرى تسببها المياه الملوثة.

إلا أن الخوف الأكبر المرافق لانعدام المياه يتمثلّ في تزامنه مع انتشار جائحة كورونا التي تتطلّب درجة عالية من النظافة والتعقيم. ما يضع المنطقة على حافة التفشّي والانهيار الصحّي لدى كافة سكان الجزيرة السورية.

ومن الناحية البيئية، يرى أبو سليمان أن استمرار عملية استجرار المياه الجوفية على المدى المتوسّط يهدّد التربة والغلاف النباتي في المنطقة، خاصة أن الخابور يشكو في الأصل من التراجع الشديد في منسوب مياهه.

ويعاني أهالي مدينة الحسكة والريف المحيط من انقطاع مياه الشرب منذ قرابة ثلاثة أسابيع جراء تعمّد "الإدارة الذاتية" التابعة لـ "قوات سوريا الديمُقراطية" (قسد)، قطع التيار الكهربائي عن محطة منطقة "علوك" التابعة لمدينة رأس العين والواقعة ضمن مناطق سيطرة الجيش الوطني منذ عملية "نبع السلام"، تشرين الأول 2019.