icon
التغطية الحية

إيكونوميست: هل نفدت الذخيرة التي تمتلكها روسيا؟

2022.12.22 | 16:54 دمشق

ذخيرة روسية - المصدر: الإنترنت
ذخيرة روسية - المصدر: الإنترنت
إيكونوميست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في 14 كانون الأول صرح الأدميرال طوني راداكين قائد أركان جيش الدفاع البريطاني بالآتي: "دعوني أخبر بوتين الليلة ما قد يخشى جنرالاته ووزراؤه من قوله، وهو أن روسيا تواجه نقصاً حاداً في ذخيرة المدفعية". وقبل عشرة أيام على ذلك، أطلقت آفريل هاينز، وهي أرفع مسؤول في الاستخبارات الأميركية حكماً مشابهاً، فهل هذا يعني أن ما لدى روسيا من قذائف قد نفد؟

منذ أشهر والمسؤولون الغربيون يتحدثون عن أزمة الذخيرة في روسيا، إذ في شهر أيلول الماضي تحدثوا عن توجه روسيا لكوريا الشمالية لتجدد ما لديها من موارد، وفي تشرين الثاني الماضي، تحدث لويد أوستن وزير الدفاع في أميركا عن: "نقص كبير" في السلاح الروسي. وفي إحاطة قدمت في 12 كانون الأول، ذكر مسؤول رفيع لدى وزارة الدفاع الأميركية بأنه وفقاً لنسب الاستخدام الحالية، فإنه يمكن لروسيا أن تحتفظ بذخيرة المدفعية الصاروخية وقاذفاتها فقط حتى مطلع عام 2023.

في حين يخالف آخرون هذا الرأي، ومنهم الكولونيل مارغو غورسبيرغ، رئيس فرع استخبارات الدفاع في أستونيا، والذي أعلن في التاسع من كانون الأول الجاري بأن روسيا تمتلك نحو 10 ملايين قذيفة وبوسعها أن تنتج 3.4 ملايين قذيفة أخرى خلال عام واحد. ومع وصول معدل إطلاق النار لذروته خلال الصيف الذي شهده إقليم الدونباس الواقع شرقي أوكرانيا، كانت روسيا تستخدم نحو 20 ألف طلقة يومياً، حسبما ذكره ذلك الرجل، ما يعني بأن روسيا تمتلك ما يكفيها من الذخيرة: "لتحارب لمدة سنة على أقل تقدير، إن لم يمتد ذلك لفترة أطول". وفي مقابلة أجريت مع الجنرال فاليري زالوزني مؤخراً، وهو أرفع ضابط في جيش أوكرانيا، حذر هذا الرجل من استعداد روسيا لشن هجمة جديدة في الربيع، بما أنها ستقوم من خلالها بمحاولة أخرى للسيطرة على كييف، وقال: "لقد جهزوا الذخيرة، أي إنها متوفرة على الرغم من أنها ليست من أجود الأنواع".

تضارب في الآراء

ثمة تفسيرات محتملة عديدة لتضارب الآراء حول هذا الأمر، أولها اختلاف نوع الذخيرة التي شملها العد، فأميركا تعد كامل الذخيرة الموضوعة تحت الخدمة وقد يشمل ذلك تلك التي شارفت صلاحيتها على الانتهاء، لكنها بقيت مخزنة بوضع جيد، ولذلك لا تحتاج لصيانة قبل الاستعمال، بحسب ما ذكره مايكل كوفمان من مركز CNA للأبحاث، في حين يشمل ما تعده أستونيا سلسلة أوسع من الذخائر التي يمكن اعتبارها غير موثوقة أو غير آمنة، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أنها غير فعالة حسب قوله.

يتم تخزين الذخائر الروسية عادة ضمن شروط سيئة، ولمدة أطول من تلك التي تعتمدها جيوش حلف شمال الأطلسي. لذا، إذا صدقنا ما يقوله البنتاغون، عندها يمكن القول بأن روسيا ما تزال تطلق بعض القذائف التي صنعتها في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، ويعلق على ذلك مسؤول أميركي في وزارة الدفاع، فيقول: "إنهم يقومون بحشو الذخيرة ثم يتوكلون على الله وهم يتمنون لها أن تطلق نيرانها". وهنا لا بد أن نشير إلى أن أوكرانيا تستخدم هي الأخرى قذائف قديمة.

غموض يكتنف الخسائر والمغانم الروسية

لم يتبين بعد كم الذخائر التي خسرتها روسيا أو تلك التي اغتنمتها خلال الشهور العشرة من عمر الحرب، إلا أنه يمكن احتساب ما أنفقته روسيا  بدقة إلى حد ما عبر مراقبة ما تطلقه من نار، والأصعب من ذلك هو حساب عدد الذخائر التي خسرتها روسيا خلال الهجمات الأوكرانية بالصواريخ بعيدة المدى التي استهدفت مستودعاتها خلال هذا الصيف، والتي آتت أكلها إلى حد كبير ، كما من الصعب تحديد معدل تجديد روسيا لتلك الترسانة.

ثمة مقاييس مثل مخرجات الفولاذ، يمكن أن تقدم لنا مفتاحاً لحل هذا اللغز، ولكنها قد تكون مضللة في الوقت ذاته، إذ في شهر أيلول الماضي، شرح جاك ووتلينغ من المعهد الملكي للخدمات المتحدة بأن التقييمات الأولى لحجم إنتاج المدفعية الروسية، والتي ظهرت ابتداء من شهر حزيران، قد بالغت بوصف مقدرات روسيا وإمكانياتها لأنها ركزت على قدرة روسيا على إطلاق القذائف وتعبئتها بدلاً من التركيز على قدرتها على إنتاج المواد المتفجرة في الداخل. في حين أعلنت المخابرات الأميركية والبريطانية أن معدل الإنتاج الروسي للذخائر محدود للغاية.

دعم أجنبي

 إلى جانب تصنيع القذائف، التي بوسع روسيا استيرادها، فقد زودتها بيلاروسيا بكميات كبيرة من الذخائر التي أخرجتها من الترسانة التي تعود للحقبة السوفييتية، بحسب ما أورده مسؤولون غربيون، إلا أنه من المرجح أن تكون غالبية هذه الذخائر دون المستوى. وفي خطاب للأدميرال راداكين اتهم هذا الرجل كوريا الشمالية: "بمحاولة تهريب قذائف المدفعية لروسيا"، إلا أن تلك الكميات التي تم توريدها ليست مهمة في الوقت الحالي بحسب ما أكدته هاينز.

هبط معدل استخدام روسيا لنيران القذائف منذ أيام القصف المدفعي المكثف خلال الصيف الماضي. ولكن، نظرياً، إن كان نقص الذخائر لديها حاداً كما يدعي البعض، فلا بد لمعدل إطلاق النار الروسي أن يهبط بنسبة أكبر خلال الشهور القادمة. وفي تلك الحالة، لن يكون الجيش الروسي في وضع يمكنه من شن هجمة واسعة بالاعتماد على القذائف والتي سبق للجنرال زالوزني أن تحدث عنها،  باستثناء الطفرة التي ستظهر بشكل مخالف للتوقعات في إنتاج القذائف أو تلك التي تأتي من قبل محسن كريم. غير أن ويليام أوين، وهو جندي سابق يعمل محرراً اليوم لمجلة الاستراتيجية العسكرية، يحذرنا من تلك الحسابات الوردية، إذ حتى لو لم تنفجر بعض المقذوفات الروسية، لا بد للكثير منها أن ينجح في مهمته، وهذا ما دفع أوين للقول: "لن يخطئ المرء إن افترض بأن الروس لديهم من الذخيرة ما يعتقدون أنهم بحاجته"، لأنه من غير المجدي عدم قيامهم بذلك، كما أن تقاعسهم عن تأمين تلك الذخائر: "لا بد أن يعود عليهم بالخطر نتيجة لغبائهم".

 

 المصدر: Economist