icon
التغطية الحية

إيكونوميست: النظام السوري سجل سفنه في دولة أفريقية مغمورة

2024.02.23 | 21:46 دمشق

آخر تحديث: 23.02.2024 | 21:46 دمشق

سفينة سان داميان التي ترفع علم إسواتيني
سفينة سان داميان التي ترفع علم إسواتيني
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أُنشئ الموقع الإلكتروني لسجل السفن في إسواتيني (التي تعرف سابقاً بسوازيلاند) في تشرين الأول من عام 2023، ويبدو شبيهاً إلى حد كبير بمواقع الدول التي تتمتع بتاريخ عريق في الملاحة البحرية، إذ تظهر فيه صورة لسفن سياحية عملاقة اصطفت بجانب بعضها بعضاً مع وعود بتقديم خدمات الإبحار بأعلى جودة مع تسجيل السفن، بيد أنك عندما تنقب بشكل أعمق في أوراق اعتماد إسواتيني البحرية فستكتشف المستور، وذلك لأن إسواتيني دولة مغلقة لا تطل على أي بحر، إلا أن ما يثير الشكوك هو تأكيد الموقع على أن ميناء مباباني وهو عاصمة إسواتيني، يقع على ساحل إفريقيا الجنوبية، بيد أنه ميناء "جاف" يقع على مسافة 150 كلم من البحر وعلى مسافة 39 كلم من خط سكة الحديد التي تصل إلى مابوتو التي تقع على ساحل موزامبيق على المحيط الهندي. ولذلك فإن ما يزعمه الموقع من قدرة هذه الدولة على التعامل مع الحاويات وناقلات البضائع والصهاريج يصبح مثار شك.

أعلام بحسب الطلب

ثم تكتشف أن هذه الدولة تسير على هدي الدول الصغيرة التي تقدم علمها لمالكي السفن، إذ بموجب القانون البحري يتعين على السفن التي تجوب البحار أن ترفع علم دولة لديها سجل للسفن، ولهذا فإن السفن العديمة الجنسية غير محمية بموجب القانون الدولي، بيد أن الأيام التي كانت فيها مؤخرة السفينة ترفع علم دولة معينة وهذه الدولة هي من يملك السفينة قد ولت منذ أمد بعيد، إذ أصبحت ليبيريا وبنما وجزر مارشال الآن مسؤولة بالجملة عن نصف أساطيل العالم تقريباً، ولهذا أطلق على البلدان التي تتميز بعلاقات واسعة مع الملاحة البحرية اسم "أعلام بحسب الطلب" وذلك لأنها تفرض رسوماً قليلة أو لا رسوم إطلاقاً وتوفر فرصة للتهرب من قوانين العمل المرهقة وغيرها من الإجراءات التنظيمية. أما سجلاتها التي تديرها غالباً شركات خاصة أقيمت في دول أخرى، فتعتبر مصدراً إضافياً مربحاً للدول الصغيرة والفقيرة.

 

إن تسجيل سفينة تجارية ضمن ولاية قضائية معينة يعتبر أمراً بسيطاً لا يدعو للقلق، بيد أن كثيراً من الدول يتحمل هذه المسؤولية بجدية ويشرف على الالتزام بالقوانين والقواعد في أعالي البحار. وهكذا فإن سجل الأسطول التابع لليبيريا والذي أقيم بالقرب من العاصمة واشنطن، يمتاز بتاريخ مشرف في مجال الالتزام بالمعايير العالمية فيما يخص أسطول هذه الدولة، بيد أن سجلات السفن لدى دول أخرى تغطي نفسها بواجهة زائفة من الرقابة القانونية كما أخبرنا ريتشارد ميدي محرر مجلة لويد ليست إنتيليجينس التجارية. ولذلك جمعت أسماء تلك الدول ضمن قائمة سوداء وضعتها منظمة Paris MoU التي تسعى للقضاء على عمليات تشغيل السفن دون المستوى المطلوب كما تفعل دول مثل الكاميرون وفانواتو وجزر القمر التي تذيل هذه القائمة.

عمليات مشبوهة

يشتمل سجل إسواتيني للسفن بصورة مؤقتة على 13 سفينة شحن وذلك حتى نهاية كانون الثاني الماضي، وبحسب القائمة السالفة الذكر، فقد فرضت أميركا عقوبات على ثلاث سفن منها وذلك لأنها تدعم النظام السوري وتورطت في عمليات تصدير الحبوب من المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا، بيد أن ناطقاً رسمياً باسم سجل إسواتيني ذكر بأن السفن الثلاث كلها قد سجلت في شهر كانون الأول، ثم أخرجت من السجل في الثامن عشر من كانون الثاني، وذلك لعدم التزامها بتوجيهات الإدارة على حد وصفه، ولكن مع بداية شهر شباط، بقيت سفينتان منهما وهما San Damian و San Severus ترفعان علم إسواتيني، وفي الثامن من شباط شوهدت سفينة  San Damian وهي تعبر مضيق البوسفور رافعة علم إسواتيني، ويعلق على ذلك الناطق الرسمي بالقول: "بمجرد إزالة السفينة أو رفضها، لا نسمح لها بأن ترفع علمنا، وإن بقيت تستخدم العلم فهذا الأمر مخالف للقانون وغير مشروع".

الأسطول الخفي

تسهم سجلات السفن التي لا تتميز بمواظبتها في تطور ونمو الأسطول الخفي وهو أسطول يضم 1400 سفينة بحسب مجلس الأطلسي، وهذه السفن تعمل في ظل قدر ضئيل من الرقابة التنظيمية، وأغلبها ناقلات نفط تتورط في الحيلة المعهودة التي تقوم على إخفاء مكانها ومنشأ الشحنة حتى تتهرب من العقوبات المفروضة على النفط الروسي الخام. وغالباً ما يكون مالك السفينة غير معروف، ويقدر ميدي بأن 13% من أسطول العالم من الناقلات قد أضحى خفياً اليوم، واستشهد بسجل الغابون للسفن، الذي أصبح مؤلفاً حالياً من 140 سفينة، أي إنه الأسطول الأسرع نمواً في العالم، وكل ذلك بفضل رفع علم الغابون على الناقلات الروسية.

يمثل توسع الأسطول الخفي خطراً عليه وعلى غيره من السفن، وذلك لأن أغلب السفن الخفية قديمة وتفتقر إلى صيانة جيدة، وقد يفتقر بعضها للتأمين. ثم إن الممارسات التي تقوم على إطفاء أجهزة تحديد الموقع أو التحايل عليها يعتبر خطراً على السفن الأخرى، كما أن تبديل شحنات النفط في البحر لإخفاء مصدرها يهدد بخطر التسرب النفطي، لكن ميدي يتوقع حدوث مصيبة أسوأ مثل غرق ناقلة كبيرة تابعة للأسطول الخفي في منطقة تتسم بحساسية بيئية، ثم تمضي الأمور من دون محاسبة.

هل بوسعنا أن نفعل شيئاً حيال ذلك؟ قد يفيد لي الذراع بطريقة دبلوماسية في بعض الأحيان، فلقد أغلقت مولدوفا سجلها بضغط من الاتحاد الأوروبي، بما أنها هي الأخرى دولة مغلقة ورد اسمها في القائمة السوداء، ولعل إغلاقها لهذا السجل أتى تحقيقاً لشرط مسبق لبدء المحادثات بشأن انضمامها للاتحاد الأوروبي. أما الشائعات فتدور حول الحكومة البريطانية التي ترغب بتنفيذ توصيات الأمم المتحدة التي وضعت في العام 1986 وتدعمها أميركا في ذلك، والغرض من كل هذا توثيق الصلة بين السفينة والعلم الذي ترفعه. وفي هذه الأثناء، يمكن إضافة الأسطول الخفي الممتد إلى قائمة طويلة من المخاطر التي تتعرض لها السفن في أعالي البحار.

 

المصدر: The Economist