إيران: من النظام المنضم إلى التنظيم المضر!

2020.01.14 | 17:01 دمشق

image2-1-1-759x500.jpg
+A
حجم الخط
-A

رغم احتفاء البعض باستهداف إيران لقاعدة عسكرية أميركية في العراق الأسبوع الماضي، كرد على قتل الجنرال قاسم سليماني، إلا أن هذا الرد، مع إسقاط الطائرة الأوكرانية المدنية بطريق الخطأ، كشف حقيقة القدرات الإيرانية العسكرية المتواضعة.

ليس فقط إمكانات إيران ظهرت متواضعة، بل وأيضاً جرأتها، حيث خيب هذا الرد آمال جمهور (المقاومة والممانعة)، ليس لأنه الرد الوحيد على هزالته، وليس لأنه لم يسفر عن شيء، بل والأهم أنه أظهر تنسيقاً مع الإدارة الأمريكية، عبر وسطاء، من أجل إفراغ قاعدة عين الأسد المستهدفة قبل قصفها!

إلا أنه ومع ذلك، حاول إعلاميو (تيار المقاومة) تضخيم الرد الإيراني

النظام الإيران لا يبحث في هذا الضجيج سوى عن الهروب من مشكلاته الداخلية وأزماته الاقتصادية، والاحتماء بمشكلة خارجية من هذا النوع

وإضفاء طابع القوة عليه، في محاولة يائسة لإخفاء بؤس هذا الرد الذي لم يكن أكثر من حالة تنفيس عن الغضب، وذر للرماد في عيون الجماهير، قبلت أميركا كما يبدو بالتسامح معه!

والحق، فإنني ورغم قناعتي بأن النظام الإيران لا يبحث في هذا الضجيج سوى عن الهروب من مشكلاته الداخلية وأزماته الاقتصادية، والاحتماء بمشكلة خارجية من هذا النوع، إلا أنني تفاجأت فعلاً بمستوى عجز طهران حيال الضربة المؤلمة التي تلقتها من أميركا، والتي من الواضح أنها ما تزال تحت تأثيرها إلى اليوم ولن تستفيق منها بسرعة.

لقد كشف هذه العملية، والتي جاءت تتويجاً لسلسة طويلة من الهجمات الأميركية والإسرائيلية على مواقع وقواعد وشخصيات عسكرية إيرانية في سوريا والعراق، كشفت حقيقة القدرات الإيرانية التي طالما حاولت طهران وأذرعها الإعلامية تهويلها على مدار العقود الماضية.

فمنذ تسعينيات القرن الماضي تابعنا بشكل مستمر العروض العسكرية الإيرانية، التي غالباً ما أظهرت صفوفاً لا حصر لها من العسكر الذين يؤدون حركات النظام المنضم البالية، بالإضافة إلى مناورات لا تنتهي وتدريبات دورية وكشوف متوالية عن اختراعات عسكرية وتطوير صواريخ وطائرات وبوراج ..الخ، كانت تقابل باهتمام واحتفاء كبيرين إعلامياً، بهدف الترويج للنظام الإيراني الذي لم يتمكن من إخفاء ضعفه عند أول اختبار حقيقي.

لم يكن غياب الدفاعات الجوية القادرة على حماية قواعد إيران العسكرية ومقرات ومواقع حلفائها من الميليشيات وهي تتلقى الضربات المتتالية، لم يكن الوجه الوحيد لحقيقة الضعف الإيراني، وليست الصواريخ التي أرسلتها طهران إلى القاعدة الأميركية الفارغة في صحراء الأنبار، ليتساقط أكثرها بعيداً عن الهدف، في كشف فاضح لمدى دقتها، لم يكن هو كل شيء على هذا الصعيد، بل إن ثالثة الأثافي كانت في إسقاط دفاعاتها الجوية الطائرة المدنية الأوكرانية بالتزامن مع تنفيذها رشقات القصف تلك، الأمر الذي يؤكد مدى تخلف وضعف القدرات العسكرية المزعومة للجمهورية الإسلامية.  

لكن ولكي لا ننسى، فإن أول من فضح ترهل المؤسسة العسكرية الإيرانية، وكشف عجزها

أكدت التطورات الأخيرة مجدداً أن إيران، بقيادة نظامها الحالي، ليست سوى منظمة أو تنظيم عسكري، مثل كل التنظيمات التي أنشأتها أو دعمتها على مدار العقود الماضية

وعرى حقيقتها أمام العالم، كان الجيش السوري الحر الذي عجزت (إمبراطورية) إيران العسكرية عن هزيمته ووقف تقدمه لسنوات، على الرغم من وضع كامل ثقلها واستعانتها بمرتزقة وميليشيات لا حصر لها، فلم تجد بداً في النهاية من الاستعانة بالإمبراطورية الروسية لإنقاذها وإنقاذ النظام في دمشق.

لقد أكدت التطورات الأخيرة مجدداً أن إيران، بقيادة نظامها الحالي، ليست سوى منظمة أو تنظيم عسكري، مثل كل التنظيمات التي أنشأتها أو دعمتها على مدار العقود الماضية، وأن قوتها الوحيدة هي في قدرتها على الإيذاء وإلحاق الضرر بخصومها لا أكثر، وليس كما أراد نظام الملالي وأذرعه الإعلامية باستمرار تقديم إيران باعتباره قوة عسكرية حقيقية.

إن نقطة القوة الإيرانية الوحيدة حالياً هي في أذرعها من الميليشيات التي استطاعت نشرها في شرق المتوسط لتكون مخالب تهدد بها خصومها وتضرب من يتجرأ على مواجهتها من الشعوب والقوى الوطنية والتحريرية، وليس جيوش الدول القوية التي تتلقى طهران ضرباتها وفق تعاليم المسيح: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر!