icon
التغطية الحية

إقبال مصري وبصمة خاصة.. انتشار محال العطور السورية في مصر

2023.09.29 | 06:40 دمشق

آخر تحديث: 29.09.2023 | 06:40 دمشق

إقبال مصري وبصمة خاصة.. انتشار محال العطور السورية في مصر
محل عطور سوري في مصر، القاهرة، 28 أيلول/سبتمبر 2023 (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

تنتشر محال العطور السورية بكثرة في جميع المحافظات المصرية، ولا يكاد يخلو شارع أو سوق تجاري أو حتى بازار من وجود محل عطور سوري.

حملت سنوات الإقامة الطويلة السوريين في مصر على تأسيس لحياتهم عبر نقل العديد من المهن والعادات، ودخلوا سوق العمل ونافسوا وأضافوا وسط تقبل الشارع المصري للوجود السوري.

في أسواق مصر يقف شبان سوريون أمام محال العطورات يمسكون أوراقا معطرة بأنواع مختلفة من العطورات يوزعونها على المارة بابتسامة تعلو وجوههم مع كلمات الترحيب "اتفضل شرفنا بالمحل" لجذب الزبائن.

تعد "ورقة الاختبار" فكرة سورية، حيث جلبها السوريون معهم من بلادهم واستمروا بتطبيقها في مصر، وهي عبارة عن ورقة صغيرة يوضع عليها روائح عطرية لاختبار رائحة المنتج ولفت نظر المارة.

 لم تكن الفكرة في البداية مرحبا بها عند المصريين، فقد كانت مصدرا للريبة والشك من قبل المارة، لكونها غير مألوفة لديهم، لكن مع ذكاء تعامل السوريين استطاعوا زرع قبول الفكرة لدى المصريين الذين تفاعلوا معها.

التحديات

زكريا أبو عامر، ستيني سوري وصاحب سلسلة محال للعطور، استطاع استعادة مهنته التي كان يمارسها في سوريا والبدء من الصفر في مصر.

يقول زكريا، تهجرت مع عائلتي من حمص، ولكن عندما وصلنا إلى مصر في عام 2013 لم أكن أملك رأس مال لأفتتح محلا، فكنت أصنع العطورات في المنزل وأبيعها.

يضيف زكريا، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، كنت أضع علب العطر على طاولة في منطقة الشيخ زايد، ثم ساعدني ابني وفتح طاولة أخرى، وزدنا عدد الطاولات، كنا نقتصد ونجمع المال محاولين أن نفتح محل.

بعد عدة سنوات استطاع زكريا وابنه تحويل الطاولات إلى محل افتتحه في منطقة "ستة أكتوبر"، واليوم يمتلك فروعا موزعة في جميع أنحاء القاهرة.

يطلق على العاصمة السورية دمشق"مدينة الياسمين" وكانت دائما متميزة بعطورها الفواحة، وتشتهر بالورود التي تعد مصدرا للزيوت العطرية وعلى رأسها "الجوري".

حققت شركات العطور السورية، والمحال المنفردة نجاحا كبيرا في مصر، بدءاً من القاهرة والاسكندرية، ثم توسعت رقعتها لتصل إلى كل المحافظات المصرية.

يعزو رامي دالاتي، سوري يدير فرعا في إحدى شركات العطور السورية، نجاح السوريين في مجال العطور إلى تميزهم الشديد في اختيار الروائح الفواحة، وإتقانهم لصناعة المنتج الذي يظل ثابتا لمدة يوم كامل.

ويضيف رامي، ثقة المصريين بالمنتج السوري هي ما تدفعنا دائما لتحسين أدائنا وجودة منتجاتنا، كما أن أسعارنا منخفضة مقارنة بالمحال الكبيرة التي تبيع عطورا بآلاف الجنيهات بنفس ثبات العطور السورية.

وتتراوح أسعار العطور بالمحال السورية ما بين الـ 100 جنيه و400 جنيه (31 جنيه يعادل دولاراً واحداً) حسب نوع العطر وحجم الزجاجة، بينما يزيد السعر مع اختيار زجاجات عطرية من أشكال منقوشة غير التقليدية.

في حين تصل أسعار نفس العطور المعبأة الجاهزة في محال التجميل إلى 2000 جنيه مصري.

فرص عمل للشباب السوريين

فتح مجال العطور الطريق لفرص عمل كثيرة للعديد من الشباب السوريين اللاجئين في مصر، ويعمل بهذه المهنة عدد لا بأس به منهم، وتكاد شهرة محال العطور السورية تتساوى مع شهرة الأكل السوري في مصر.

مؤيد الحاج، شاب سوري يعمل في أحد متاجر العطور يقول، أنا من سكان الغوطة الشرقية، لجأت إلى مصر في عام 2014، وعملت في مهن مختلفة، ولكن مهنة العطور جعلتني أطور  نفسي.

ويضيف الشاب، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، مع الوقت تعمقت بها وأحببتها وهي فن وليست مجرد عمل، الآن أصبحت مهنتي الأساسية ولا أرغب في تغييرها.

اللافت، يتم اختيار شباب يتمتعون بالأناقة ومهارات اللباقة وحسن التصرف مع الزبائن، ومحاولة كسب ثقتهم، للعمل في مجال العطور وذلك لتقديم صورة جيدة عن التجار السوريين والصناعة السورية، فلا تسمع سوى أعذب الكلمات ولا تجد إلا المعاملة اللائقة.

سامر عبد الهادي، شاب سوري يعمل في مجال العطور يقول، عندما أقف لإعطاء ورقة الاختبار للمارة، أجد ابتسامات من المصريين تجعلني أشعر بأني في بلدي، على الرغم من أني مغترب منذ أكثر من 7 سنوات.

ويضيف سامر، أن المصريين هم سر نجاح السوريين بالاستمرار بالعمل في مصر، لأنهم شعب ودود  على حد وصفه.

بحسب سامر، فإن مهنة العطور ثابتة ومربحة، والعمل بها يدفعنا للتطور، فدائما نسعى لخلطات جديدة، بالإضافة إلى أن مردودها المادي جيد أيضا في ظل هذه الظروف السيئة والأجور المنخفضة.

اللمسة السورية

على الرغم من وجود محال مصرية كثيرة للعطور، إلا أن العطور السورية أضافت لمسة مختلفة في عالم العطور، ولاقت رواجاً بين المصريين الذين يحبون تجربة كل ما هو جديد.

أنتجت الشركات عطورا ذات جودة عالية، معبأة بزجاج عصري يحمل "لوغو" كل شركة، وأنيق يعكس الذوق السوري المتميز، وتتنوع أنواع العطور بين الخليجي والأوروبي والشرقي، لتراعي جميع الأذواق والطبقات الاجتماعية على اختلاف أنواعها، وبأسعار منافسة مناسبة للسوق المصري.

شيماء علي مصرية معجبة بالعطور السورية وتحرص على تجريب الأصناف الجديدة التي توردها المحال السورية.

وتقول شيماء، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، العطور السورية شبيهة بالأجنبية، فدرجة ثباتها عالية، وأسعارها قليلة مقارنة بها.

وتضيف، كما أن هناك أنواعا متنوعة من الروائح، كل فترة أجرب نوعا جديدا، ودائما أجد روائح جديدة.

بدورها، فرحة محمد، امرأة مصرية، تقول، السوريون شعب متفوق وناجح، ويدخلون كل مهنة بنجاح كبير، وجوههم البشوشة ولهجتهم المحببة إلى قلوبنا تجعلنا نرغب بتجربة كل شيء جديد منهم، والصراحة أن العطور السورية مفضلة لدي، وأتعامل مع محل واحد منذ سنوات.