icon
التغطية الحية

من الحميدية إلى سوق الأزهر.. سوريون ينافسون في الأسواق المصرية

2023.02.25 | 06:25 دمشق

السوريون في مصر
محلات لتجار سوريين في حي الأزهر، القاهر، شباط/فبراير 2023 (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

تتعدد المهن التي يعمل بها السوريون في مصر، ومع ازدياد عددهم الذي وصل إلى مليون ونصف المليون في آخر إحصائية، بدأ وجودهم يضفي لمسة مختلفة للمكان الذي يقيمون فيه.

في وسط العاصمة المصرية القاهرة، وداخل حي الأزهر، أحد أشهر الأحياء التجارية المكتظة بالمارة، افتتح عدد من السوريين محالهم التجارية المتنوعة، حيث تمتزج التجارة الدمشقية مع الخبرة المصرية.

يعد حي الأزهر المصري شبيهاً بأسواق دمشق القديمة كسوق الحميدية والحريقة، وعادة ما تكون هذه الأسواق حكراً على أصحاب البلد وتجاره وذلك لخصوصيتها، ولكن الأمر مختلف في مصر، لأنها فتحت المجال أمام التجار السوريين منذ عقود، بينما ازدادت أعداد المحال بعد نقل الكثير من المستثمرين تجارتهم إلى القاهرة بعد الثورة السورية.

إعادة إحياء سوق"اتفضلي" ولكن في القاهرة

يشتهر السوريون في حي الأزهر بتجارة المنسوجات الخاصة بتجهيز العرائس كالمفارش، والألبسة النسائية، بالإضافة إلى العباءات المطرزة بطريقة التطريز الدمشقي الشهير.

وبحسب الرأي السائد في الشارع المصري، فإن السوريين يتمتعون بطريقتهم اللطيفة عند تقديم منتجاتهم مما يجعلها مفضلة ولافتة للنظر، بالإضافة إلى إتقانهم العمل والجودة العالية للمنتجات.

في السوق التجاري الشهير في حي الأزهر أعاد السوريون إحياء "سوق اتفضلي" كما كان في سوق الحميدية بدمشق، حيث تنتشر محالّ تجهيز العرائس والمفروشات جنباً إلى جنب محالّ المصريين.

افتتح محمد نبيل جمال، تاجر سوري من دمشق، محلاً لبيع المفروشات قبل 6 سنوات في حي الأزهر.

يقول محمد إن فكرة افتتاح المحل راودتني عندما كنت أعمل في بيع المفروشات في المعارض التي كانت تقام في جميع محافظات مصر، ولكن بعد فترة لم تعد فكرة التجول بين المعارض مربحة بشكل جيد ولأن مصروفاتها مرتفعة مقارنة بالمردود.

ويضيف، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، اخترت حي الأزهر لأنه سوق واسع وقوي ومشهور، يأتي إليه الزبائن من جميع المحافظات، لأبيع المنتجات التي أستوردها من سوريا أو من مصانع في مصر لسوريين أو مصريين.

ويلفت التاجر السوري إلى أنه لم يضطر لتغيير مهنته التي نشأ عليها منذ الصغر، مشيراً إلى أن مصر سهلت على السوريين الإجراءات ودعمت التجار منهم، كما أن الشعب المصري شعب يحتضن السوريين ويحب تجربة الجديد.

محال لتجار سوريين في حي الأزهر، القاهرة، شباط/فبراير 2023 (تلفزيون سوريا)

بدوره، سامر علوش، تاجر دمشقي وصاحب سلسلة محال مفروشات في الأزهر، يرى أن السوق المصري أفضل من غيره في الدول التي لجأ إليها السوريون.

ويقول سامر، أعمل أنا وأخي في هذا المهنة منذ عشرات السنين في سوريا، وفي 2010 افتتحنا مصنعاً لصناعة المفروشات في مصر، وبعد عامين عندما انتقلنا للعيش في مصر افتتحنا محالنا في حي الأزهر.

ويضيف التاجر السوري، ما يزال لدينا مصنع في سوريا إلا أن الإنتاج ضئيل جدا بسبب قلة المواد الأولية، فضلاً عن صعوبة الاستيراد والتصدير إلى سوريا، لذلك نعتمد على مصنعنا بمصر ونستورد من الصين ومن تركيا، ونبيع في السوق المحلية ونصدر للخارج أيضا للعديد من الدول.

ويتابع سامر قوله، إن الشعب المصري شعب لطيف وبشوش، ولا يوجد مشكلات بيننا وبين جيراننا المصريين، معتبراً مصر "بلدي الثاني".

كذلك، علاء الطباع، تاجر سوري وصاحب أحد المحال في سوق الأزهر،  يرى أن "المنافسة شريفة ولا توجد صعوبات" في السوق المصري.

ويقول علاء، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، قدمتُ إلى مصر منذ عشر سنوات، على الرغم من أن الإجراءات القانونية الروتينية بطيئة لدخول سوق التجارة في مصر، ولكنها سلسلة.

ويضيف، عندما تملك أوراقاً قانونيةً وسجلاً ضريبياً، تشعر بأمان، نحن نحترم القوانين المصرية وهم محترمون معنا.

كما يشيد علاء بالمعاملة الحسنة التي يتلقاها السوريون في مصر، ويقول إن أكبر نجاح للسوري في مصر هو محبة الشعب وشهادتهم الدائمة بحق نجاح السوريين.

ويشير علاء إلى أن الأمر لا يخلو من الغيرة بين التجار وهي "غيرة مشروعة طبيعي أن تحدث عند وجود الكثير من المحالّ التي تعمل بالمجال نفسه"، على حد تعبيره.

وبحسب علاء يشكل التجار السوريون نسبة صغيرة أمام المصريين، ويقول أضافوا لنا الكثير من الخبرة في التجارة كما أضفنا نحن لهم الكثير.

كلمات بسيطة، ولكنها تجذب الزبائن

في جولة لموقع "تلفزيون سوريا" داخل السوق التجاري في حي الأزهر، لا يمكن التفريق بين محالّ السوريين ومحالّ المصريين إلا من خلال اللافتات والأسماء مثل "السوري والدمشقي والشامي".

وبحسب العديد من رواد السوق والتجار المصريين، فإن السوريين يشتهرون بطرائقهم اللطيفة بالمناداة على المنتجات، ويتردد في المكان أصوات وصيحات من قبيل "اتفضلي عيوني، شرفينا أختي، المكان مكانك، معوضين"

أبو علي، مصري وصاحب محل في الأزهر يقول، السوريون جيراننا منذ زمن، والرزق على الله، لا أحد يأخذ رزق أحد، هم أصحاب ضمير ومنافسون شرفاء، يضيفون للمكان رونقاً خاصاً.

ويضيف أبو علي، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أحيانا تحدث خلافات شائعة بين الجيران حتى من أبناء الوطن الواحد، وهم بالنسبة لنا إخوة لا نعتبرهم غرباء، سوريا ومصر بلد واحد منذ أيام عبد الناصر، وهذا لم يختلف حتى بعد الانفصال، على حد تعبيره.

كما يقول أحمد الربيعي، مصري يعمل في محل للستائر في حي الأزهر، مصر دولة منفتحة، ونحن متعودون على وجود تجار من جنسيات أخرى، ولكن السوريين كانوا هنا لفترة كبيرة.

ويضيف، أن الجار السوري مريح، لا يشكل لنا إزعاجاً، بل العكس هم أصحاب مروءة وضمير، ويحبون إتقان العمل، ودائما سمعتهم جيدة في السوق.

المطاعم مكملات الوجود السوري

بالإضافة إلى المحالّ التجارية تنتشر العديد من المطاعم السورية، والتي تشتهر بازدحامها الشديد، وتقرأ على اللافتات "باب الحارة، أبو سامر السوري، نور الشام".

كالعادة وفي مصر بشكل لافت، فإن شهرة المطاعم السورية تسبقها، ودائما ما تكون مكملة لأي مكان يتركز فيه السوريون، الذين يختارون أماكن استراتيجية وحيوية، فشارع الأزهر يعتبر في مركز العاصمة وأحد أسواقها النابضة.

يقول أحمد السيد، زبون مصري أمام مطعم سوري، الشاورما السورية أصبحت إدماناً بالنسبة لي، أنا أعمل في محل مفروشات قريب من هنا وبصراحة المطاعم السورية نظيفة ولذيذة وأسعارها مقبولة.

وكذلك، محمد زيزو أحد الزبائن المصريين لمطاعم السوريين يقول، إنه معجب بالأكل السوري، وإنّ أصحاب المحال اختاروا أماكن جيدة وتخدم هذه المناطق السوق مما يجعلها مطلوبة ومرغوبة دائما.

السوق التجاري في حي الأزهر بالقاهرة، شباط/فبراير 2023 (تلفزيون سوريا)

مهن أخرى في أسواق مصرية شهيرة

سوق العتبة، أحد أكبر أسواق القاهرة وأشهرها، حيث يتوفر فيه كل مايحتاجه الزبون، يقسم السوق إلى أحياء صغيرة، كل حي يحتوي على منتجات معينة، كسوق النظارات، وسوق الكهربائيات، وسوق مستلزمات المطبخ العديد من المنتجات الأخرى.

داخل شارع النظارات ينتشر عدد لا بأس به من السوريين الذين يعملون في مجال صنع العدسات وتركيبها، وبيع النظارات الطبية والشمسية، وتعد هذه المحالّ جديدة مقارنة بوجود السوريين منذ سنوات عديدة، ولكن بعد قدوم الكثير منهم تعددت المهن التي يعملون بها.

ونظراً لأن السوق المصري مفتوح للجميع، تنوعت الاستثمارات الصغيرة والكبيرة للسوريين الذين اندمجوا داخل الأسواق المصرية.

يقول أبو سامي السوري، صاحب مجل تصليح وتصنيع نظارات، بدأت مشروعي منذ سنتين بمساعدة من أصدقائي المصريين في إيجاد المحل.

ويشير أبو سامي إلى أنه نجح في عمله على الرغم من أن العمل في سوق شعبي مصري ليس سهلا فدائما ماتكون هذه الأماكن حكرا لأصحاب البلد كما هو الحال في دمشق.

وبدوره أبو محمد، سوري وصاحب محل نظارات أيضا يقول، أعمل بهذه المهنة منذ كنت صغيرا في سوريا، الأسواق الشعبية هنا تشبه سوريا كثيرا، من حيث الحيوية والوجوه البشوشة، فلا يوجد أحد يقاسم أحداً رزقه نحن جيران وإخوة.