icon
التغطية الحية

إسرائيل تواصل قصف غزة ومخاوف من مجاعة مميتة

2024.01.17 | 18:29 دمشق

آثار القصف الإسرائيلي العنيف على الأحياء السكنية في غزة (الأناضول)
آثار القصف الإسرائيلي العنيف على الأحياء السكنية في غزة (الأناضول)
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، قصف قطاع غزة مستهدفاً التجمعات السكنية والبنية التحتية، في وقت أصبح الجوع كابوساً يلاحق سكان القطاع ويهدد حياة أطفالهم على وجه الخصوص مع نفاد المواد الغذائية خصوصاً من مناطق مدينة غزة وشمالي القطاع التي لا تصل إليها المساعدات إلا بشكل محدود وعلى فترات متباعدة.

وقتل عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون، الأربعاء، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة من قطاع غزة، بالوقت الذي اندلعت فيه اشتباكات عنيفة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وعناصر المقاومة في منطقة الكرامة وبلدة جباليا (شمال) وتراجعت دبابات الجيش من عدة مواقع كانت قد تقدمت فيها، جنوبي وشمالي القطاع، الثلاثاء.

وأفاد شهود عيان لوكالة الأناضول، بأن المقاتلات الإسرائيلية شنت سلسلة غارات ضمن الأعنف منذ بداية الحرب، استهدفت أحياء تل الهوى والرمال والشجاعية والتفاح والكرامة في مدينة غزة استهدفت منازل وأراضي فارغة.

وذكر الشهود، أن الغارات أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الفلسطينيين.

وفي الوقت ذاته اندلعت اشتباكات ضارية بين قوات الجيش الإسرائيلي وعناصر المقاومة الفلسطينية في محوري شمال شرقي القطاع وشمال غربي مدينة غزة.

وقصفت الزوارق الحربية الإسرائيلية مناطق الاشتباكات بعشرات القذائف في حين سمع أصوات إطلاق نار كثيف في تلك المناطق، وفق ما ذكر شهود عيان ومصادر محلية للأناضول.

كما قصفت المدفعية الإسرائيلية منطقتي أبراج "المقوسي" والأمن العام، شمال غربي غزة، في حين رصد شهود عيان تحليقاً مكثفاً لطائرات الاستطلاع على ارتفاعات منخفضة في محيط مناطق التوغل.

وفي مناطق أخرى شمالي القطاع انسحبت القوات الإسرائيلية بعد التقدم فيها، أمس الثلاثاء، مخلفة دماراً هائلاً في منازل وممتلكات الفلسطينيين.

وعاد سكان منطقتي "الكرامة" و"الصفطاوي" إلى منازلهم لتفقدها بعدما انسحبت القوات الإسرائيلية من المنطقتين ليكتشفوا دماراً هائلاً أصابها من جراء القصف المدفعي وعمليات التفجير التي نفذها الجيش، وفق الأناضول.

وفي مناطق جنوبي القطاع، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كثيف المناطق المحيطة في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس.

وقال شهود عيان، إن الطائرات والمدفعية الإسرائيلية قصفت منطقتي بطن السمين وقيزان رشوان وأحياء أخرى كلها قريبة من مجمع ناصر الطبي وسط خان يونس.

وذكروا أن القصف استهدف منازل لعائلات صافي وحمدان ومحيسن وبارود، وأراضي وطرقات، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

وبالتزامن مع ذلك اندلعت اشتباكات بين قوات الجيش ومقاتلي المقاومة الفلسطينية في عدد من الطرقات المؤدية إلى مجمع ناصر الطبي، طوال ساعات الليل قبل أن تهدأ حدتها بساعات الصباح الأولى، بحسب مصادر محلية للأناضول.

مخاوف من مجاعة مميتة

من جانب آخر، قالت منظمات برنامج الأغذية العالمي، و"يونيسف"، و"الصحة العالمية"، في بيان الثلاثاء، إنه مع "تصاعد خطر وقوع مجاعة، وتزايد أعداد الأشخاص المعرضين لانتشار الأمراض الفتاكة، ثمة حاجة ماسة إلى إجراء تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية لغزة".

وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ذكرت الأمم المتحدة أن 4 من كل 5 أشخاص الأكثر جوعاً في العالم موجودون في قطاع غزة اليوم.

ويحذر فلسطينيون ومنظمات إغاثية من أن آلاف السكان بقطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، "قد يموتون إذا لم تتحسن الظروف الإنسانية بشكل كبير".

وتسمح إسرائيل بدخول كمية محدودة فقط من المساعدات الإنسانية لغزة، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع الذي يواجه حرباً إسرائيلية منذ أكثر من 100 يوم.

ولا يجد مئات آلاف الأطفال الفلسطينيين في القطاع الطعام والمياه بشكل كاف أو صحي منذ أكثر من شهرين حيث نفدت المواد الغذائية، أو قصف الجيش الإسرائيلي المتوفر منها، في حين لا تدخل إلا كميات محدودة من المساعدات.

وفي خيمة داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، لا يقوى الطفل محمود نصر (8 أعوام) على الوقوف من مكانه واللعب بسبب الهزال الشديد الذي يعاني منه بسبب الجوع.

ويبحث الفلسطيني سيد نصر، والد الطفل محمود، يومياً منذ ساعات الصباح الأولى عن طعام لأفراد أسرته الخمسة لكنه لا يجد إلا بعض الأرز والمياه غير المحلاة وهو ما يعتمد عليه فقط للبقاء على قيد الحياة.

ويقول نصر لوكالة الأناضول، إن "الأوضاع صعبة للغاية، والجوع يجتاح غزة ويغزو المنازل ومراكز الإيواء ويهدد حياة الأشخاص بشكل واسع".

ويضيف: "الوجبة الرئيسية في غزة حالياً هي طبق الأرز المسلوق في ظل عدم توفر الدقيق والخبز"، مستدركاً أن أسعار الأرز في ارتفاع غير مسبوق.

ويتابع: "الأرز لا يلبي جميع الاحتياجات الغذائية للأطفال الذين باتوا يرفضون تناوله كونه رديء الجودة ومطبوخاً بطريقة سيئة بسبب عدم توفر الملح والبهارات والمياه النظيفة".

ويشير إلى أن أطفاله يصابون عادة بالدوار ويحصلون على بعض محاليل التغذية بين الحين والآخر حتى يبقوا على قيد الحياة، موضحاً أنهم يشترون هذا المحلول من بعض الصيدليات التي ما زالت تعمل بمدينة غزة.

ويخرج عادل محيسن النازح من حي الشجاعية شرقي مدينة غزة باتجاه المناطق الغربية يومياً إلى شارع "الرشيد" الساحلي بانتظار وصول الشاحنات المحملة بالمساعدات للحصول على بعض المواد الغذائية ولكنه عادة ينتظر بلا جدوى بسبب عدم وصول الشاحنات.

ويقول محيسن للأناضول: "كنت أتوسل لإطعام أطفالي الذين يتضورون جوعاً ولم أجد أي شيء يسد جوعهم، فقررت أن أخاطر بحياتي وأتوجه إلى شارع البحر وأنتظر الشاحنات القادمة من الجنوب لعلي أحظى بشيء من الطعام".

ويضيف: "القوات الإسرائيلية تطلق النار علينا وشاحنات المساعدات تصل على فترات طويلة لذلك غالباً ما أعود من دون أن أحصل على شيء".

ويشير إلى أنه اشترى كمية قليلة من الأرز والمعكرونة قبل أيام من متجر صغير كان مغلقاً منذ بداية الحرب وأعاد فتح أبوابه وكان لديه كميات محدودة من البضائع.

ويتابع: "إذا استمر الحال على ما هو عليه فإن أطفالي سيموتون جوعاً فلا يتوفر بالأسواق إلا كميات ضئيلة من الأرز والمعكرونة فقط وهو ما نأكله منذ أكثر من شهر. حتى هذا الطعام لا يلبي الاحتياجات الغذائية للأطفال".

الفلسطيني هاني أسعد، من سكان حي الرمال في مدينة غزة، رزق بطفل قبل نحو شهر ويواجه حالياً صعوبات كبيرة في الحصول على حليب مناسب له.

ويقول هاني لوكالة الأناضول: "طفلي يحتاج إلى حليب ولا أملك المال اللازم لذلك وفي حال امتلكت فإني لا أجد الحليب المناسب، والرضاعة الطبيعية لا تكفي لأن زوجتي لا تتناول العناصر الغذائية المتكاملة".

ويضيف: "أخشى أن أفقد طفلي الأول بسبب الجوع فهو يعاني حالياً من هزال شديد".

وفي بيان صدر عن الأمم المتحدة أمس الثلاثاء، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: "يواجه سكان غزة خطر الموت جوعاً وذلك على بعد أميال قليلة فقط من شاحنات مليئة بالأغذية".

وأضافت ماكين: "كل ساعة تعرّض أرواح لا حصر لها للخطر. ولا يمكننا منع وقوع مجاعة إلا إذا تمكنا من إيصال إمدادات كافية وتوفرت لنا إمكانية وصول آمنة إلى جميع الأشخاص المحتاجين، وأينما كانوا".

وأشار البيان الأممي، إلى أن آخر تقرير صادر عن "مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي" وجد مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي في غزة.

وأكد التقرير أن سكان غزة بأسرهم يعانون أزمة غذائية أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأوضح أن جميع الفلسطينيين في غزة لا يحصلون على وجبات كافية في اليوم، بينما يلجأ العديد من الراشدين إلى حرمان أنفسهم من الغذاء لتقديمه إلى أطفالهم، وقد حذّر التقرير من وقوع مجاعة إذا تواصلت الظروف الحالية.