icon
التغطية الحية

إدلب تهدد جنيف.. وإعادة اللاجئين خطة روسية لـ "شرعنة" نظام الأسد

2018.09.01 | 19:09 دمشق

لافتة طرقية على مشارف مدينة إدلب(إنترنت)
موسكو - طه عبد الواحد - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كانت تطور الوضع في إدلب، واحتمال شن نظام الأسد عملية عسكرية هناك، فضلا عن دعوة روسيا لإعادة اللاجئين السوريين، في صدارة اهتمامات عدد من الكتاب والمستشرقين والخبراء الروس، الذين رأوا أن استعادة النظام السيطرة على محافظة إدلب تهدد بنسف عملية "جنيف" لتسوية القضية السورية، أما إعادة اللاجئين فوجدوا فيها محاولة لإعادة تأهيل نظام الأسد دوليا.

 

انتصار الأسد في إدلب يهدد عملية جنيف وبمواجهة مباشرة مع الغرب

في تقرير تحت عنوان "من ولماذا يحتاج معركة إدلب السورية"، نشرته على موقع "مركز كارنيغي في موسكو"، قالت المستشرقة الروسية ماريانا بيلنكايا: "إذا تمكن الأسد من استعادة السيطرة على إدلب، فإن معظم أراضي البلاد تقريبا ستصبح تحت سيطرته، باستثناء بعض المناطق التي تبقى تحت رعاية أميركية. لهذا فإن النصر المحتمل في إدلب سيجعل النظام أقل قابلية لتقديم تنازلات في إطار جنيف، وستضعه في مواجهة مباشرة مع التحالف الغربي". وبعد إشارتها إلى أن مناطق شمال شرق، وجنوب شرق سوريا، تبقى تحت رعاية القوات الأميركية، تحذر بيلنكايا من أنه "ومع الأخذ بالحسبان عدم رغبة النظام بالتوقف (عن القتال) قبل أن يستعيد الأسد سلطاته على كامل الأراضي السورية، فإن النزاع قد يتسع ويتحول إلى مواجهة بين دمشق وواشنطن".

من جانب آخر فإن معركة إدلب تضع على المحك مصير "ثلاثي الدول الضامنة لعملية أستانا"، وفق ما ترى المستشرقة الروسية، التي تشير إلى أن أنقرة متفقة مع موسكو حول ضرورة القضاء على مقاتلي "جبهة النصرة"، لكن بالنسبة للأتراك "من المهم أولاً: أن تكون العملية العسكرية على مساحة محدودة جغرافياً، بما يحول

يشترط الأتراك حصانة وعدم المساس بالمعارضة السورية المسلحة، التي ترغب أنقرة بأن تبقى إدلب تحت سيطرتها"، و "من غير المستبعد أن تنسحب تركيا من ثلاثي أستانا، إذا جرت العملية على مساحات واسعة في إدلب".

دون موجة لجوء جديدة نحو الأراضي التركية. وثانياً: يشترط الأتراك حصانة وعدم المساس بالمعارضة السورية المسلحة، التي ترغب أنقرة بأن تبقى إدلب تحت سيطرتها"، و "من غير المستبعد أن تنسحب تركيا من ثلاثي أستانا، إذا جرت العملية على مساحات واسعة في إدلب". إلا أن هذا الموقف التركي لا يرضي النظام الذي يؤكد عزمه المضي نحو إدلب، و"يُستبعد أن توافق دمشق على بقاء معارضة مسلحة قوية في إدلب، لأن هذا قد يؤثر على ميزان القوى في المفاوضات حول سوريا"، وفق ما تقول بيلينكايا، وتضيف أنه ورغم ذلك فإن العملية لم تبدأ حتى الآن بفضل جهود موسكو، و"السبب الرئيسي الذي يدفع روسيا لكبح اندفاع النظام يعود إلى الحرص على عدم نشوب خلاف مع أنقرة، التي تشكل بالنسبة لموسكو ورقة رابحة في المواجهة مع الغرب حول مستقبل سوريا".

 

موسكو تريد إعادة اللاجئين لإعادة تأهيل نظام الأسد وتمويل اقتصاده

بعد سلسلة "انتصارات" روسية ساهمت في استعادة النظام سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي السورية، تراجع الاهتمام الروسي بعملية جنيف، ولم يعد المسؤولون الروس يشددون في تصريحاتهم، كما جرت عادتهم، على أهمية حشد الجهود لإنجاز الحل السياسي وفق القرارات الدولية. عوضا عن ذلك أطلقت موسكو مبادرة تدعو فيها إلى "إعادة اللاجئين السوريين"، وعملت على تسويق مزاعم بأن الوضع في سوريا بات آمنا لعودة المواطنين إلى بيوتهم. ورغم رفض المجتمع الدولي للمبادرة الخاصة باللاجئين، تواصل موسكو محاولاتها لفرض هذا الملف أولا، على حساب ملفات رئيسية للتسوية، وفي مقدمتها تشكيل هيئة حكم انتقالي، وفق ما نص عليه "بيان جنيف-1"، المعتمد بموجب نص القرار 2254، أساسا ومرجعية رئيسية للتسوية السورية، بموافقة روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي.

في مقال تحت عنوان "سلطة الاستثمارات: لماذا تريد روسيا عودة اللاجئين إلى سوريا"، استعرضت صحيفة "آر بي كا" الروسية ظروف ولادة تلك المبادرة، وقالت إن "قضية عودة اللاجئين تطور بحثها خلال قمة بوتين – ترمب في هلسنكي يوم 16 تموز، حيث بحثا الدعم المالي لهذه العملية. وفي 18 تموز أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تأسيس مركز في سوريا لاستقبال وتوزيع اللاجئين. ومن ثم اتجه وزيرا الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو، بعد محادثات في تل أبيب، إلى برلين ومن ثم إلى باريس حيث تناولا قضية إعادة اللاجئين، بينما أوفدت موسكو فرق عمل إلى لبنان وتركيا والأردن لبحث آلية عودة اللاجئين".

 "عودة اللاجئين واحد من مكونات مشروع روسي يرمي إلى شرعنة النظام ، الذي يقبع تحت عقوبات غربية"

  بعد تذكيرها بأن رأس النظام أعلن في وقت سابق أن إعادة إعمار ما دمرته الحرب يتطلب ما لا يقل عن 400 مليار دولار، استعرضت "آر بي كا" وجهات نظر محللين روس حول أسباب إطلاق روسيا لتلك المبادرة. وقال أنطون مارداسوف، مدير قسم دراسات النزاعات الشرق أوسطية، في معهد التنمية المبتكرة إن "عودة اللاجئين واحد من مكونات مشروع روسي يرمي إلى شرعنة النظام ، الذي يقبع تحت عقوبات غربية". ولفت إلى أن عودة اللاجئين " يفترض أن تعرض من جانب أول استقرار سوريا بعد القضاء على من سماهم "الإرهابيين"، ومن جانب آخر يفترض أن "تموّه" المشكلات السياسية المتعددة للنظام، وتعزز سلطات النظام عبر استثمارات دولية في البنى التحتية في سوريا". من جانبه قال يوري بارمين، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية إن "عودة اللاجئين تشكل بالنسبة لروسيا إمكانية جذب تمويل لسوريا، وليس من بعض الدول فقط، بل ومن المنظمات الدولية، نظرا لأنه لا تتوافر مصادر أخرى لتمويل إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة"، وشكك بقدرة موسكو على تقديم كامل المساعدة لدمشق، والتي تقدر بنحو 400 مليار دولار.