icon
التغطية الحية

أيمن الأصفري: أنا لم أبتعد ومدنية مبادرة بتمويل وقيادة سورية

2023.06.12 | 20:35 دمشق

أيمن أصفري
أيمن أصفري
تلفزيون سوريا ـ غسان ياسين
+A
حجم الخط
-A

دائماً ما يثار لغط ونقاش كبير مع كل حديث عن المجتمع المدني في سوريا ومرد هذا السجال بالدرجة الأولى لأن  قياديين في المنظمات الأممية والهيئات الدولية المانحة فضلت التعاون والعمل مع المجتمع المدني لأسباب عدة مما أثار استياء الكيانات السياسية وتم اقحام ممثلي المجتمع المدني في العملية السياسية منذ تشكيل اللجنة الدستورية، موقع تلفزيون سوريا حاور السيد أيمن أصفري عن دور المجتمع المدني وعن دور رجال الأعمال بشكل عام ومساهمتهم في دعم الثورة السورية.

بصفتك رجل أعمال سورياً بارزاً وله حضور دولي وعربي كيف تقيم دور رجال الأعمال بشكل عام وانخراطهم بالشأن العام منذ بداية الثورة، وهل كان من الممكن أن يكون لهم دور أكبر؟

لطالما كان دور رجال وسيدات الأعمال في الشأن العام دور استثنائي، وهذا ما حصل في السياق السوري على وجه التحديد. ولكن شكلت الظروف السورية بشكل متزايد عقبات معقدة أمام رجال الأعمال للمشاركة بأنشطة في الشؤون العامة في بداية الثورة السورية. وجد الكثير منهم صعوبة في التنقل والمشاركة بسبب نظام الأسد وعدم الاستقرار وانعدام الأمن الاقتصادي. ومع ذلك، من المهم ذكر أنه في ظل القيود التي فرضها الوضع، قام العديد من رجال الأعمال بمحاولات للانخراط والدعم. نذكر على سبيل المثال جهود الجمعية السورية العالمية للأعمالSIBA. والعديد من رجال الأعمال الذين كان لهم حضور جيد في في دعم الأعمال الإنسانية والتنموية طوال الثورة.

 بالنظر إلى الماضي، ربما كان بقدرة رجال الأعمال القيام بدور أكبر في تشجيع التغيير والمساهمة في الوضع السياسي بشكل فعال أكثر. ومع ذلك، فمن الضروري تحليل البيئة التي يعملون فيها. أنتجت الثورة جوا اتسم بعدم اليقين ومخاوف أمنية وانعدام الاستقرار، كل ذلك أعاق قدرة رجال الأعمال على ممارسة نفوذهم المحتمل. في الوقت نفسه، يجب أن نقدر الجانب الأمني الذي أعاق العديد من رجال الأعمال للمشاركة بفعالية في الثورة، ولا يمكن تجاهل هذا أو التقليل من شأنه. هذا المنطلق ينطبق أيضاً على رجال الأعمال في دول الجوار. إن العديد من الأشخاص في مجال الأعمال، وعلى الرغم من المخاطرة بأمنهم، لعبوا دورًا نشطًا في تمكين ودعم المجتمع المدني. ومع هذا ادعى رجال الأعمال وخاصة الموجودين خارج سلطة نظام الأسد القيام بدور أكبر بدعم كل المبادرات التي تؤدي الى تمكين وتقوية المجتمع المدني.

لماذا ابتعد أيمن الأصفري منذ سنوات بعد أن كانت له مساهمات واضحة في دعم المعارضة بداية الثورة؟ وهل نستطيع اعتبار "مدنية" بوابة للعودة من باب المجتمع المدني؟

في الواقع، لم أبتعد عن المشهد أبدا، في البداية كنت أؤيد وأدعم المعارضة. لقد كان دعمي دائما قائما على القيم؛ كنت أدعم معارضة ديمقراطية، سلمية، معتدلة. اضطررت إلى الابتعاد عن هذا المشهد، بسبب عدم وجود أي عملية سياسية. وبرأيي أي انتقال سياسي يجب أن يتبع نهجا تصاعديا محددا يبدأ من الشعب والمدنيين انتقالاً إلى السياسة، لذلك أي انتقال سياسي مستدام لابد أن يكون مبنيا على التنظيمات المجتمعية، ولكن مثل كل الأنظمة الشمولية نظام الأسد لم يدع مكانا لهذه التنظيمات. 

أيضاً واصلت دعم المجتمع المدني من خلال مبادرات مختلفة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد دعمت مؤسسة الأصفري أكثر من 60 منظمة مجتمع مدني سورية، وينطبق الشيء نفسه على معهد الأصفري بالمواطنة والمجتمع المدني في الجامعة الأميركية في بيروت. على المستوى الشخصي بقيت مناصراً وما زلت أستمر بالمناصرة للقضية السورية واستخدمت صلاتي للدفاع عن مستقبل سوريا والوصول إلى حل سياسي.

إن اختياري للابتعاد عن الظهور الإعلامي، مجرد انعكاس لإيماني بأن الأمر لا يتعلق بي أو بصفتي أيمن أصفري، بل يتعلق بالصالح العام للسوريين وسوريا. ما يجب أن يُعنى به الإعلام، هو العمل الهائل القائم من خلال المجتمع المدني ومصلحة سوريا العامة.

ما هي مدنية ولماذا الآن؟ 

بدأنا مدنية لتكون مبادرة سورية بتمويل وبقيادة سورية، مستقلة عن النفوذ السياسي أو التدخلات الخارجية، بهدف تعزيز الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري. مهمتنا هي حماية الفضاء المدني لدينا ودعم الدور الرائد للمجتمع المدني في بناء مستقبل سوريا. تتمثل رؤيتنا في سوريا شاملة وديمقراطية وذات سيادة، يتساوى مواطنوها جميعا في ظل سيادة القانون. هذا الفضاء المدني الموحد يتجاوز الانقسامات ويعزز الشعور بالملكية والانتماء. من خلال الاستفادة من الموارد الجماعية والقدرات والمعرفة والتأثير السياسي للفاعلين المدنيين السوريين، تعمل مدنية على ضمان دور قيادي للسوريين في عمليات صنع القرار ذات الصلة بالسوريين على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. بعد ما يقرب من عامين، تم إطلاق مدنية رسميا في بداية عام 2023. لقد انضم إلينا رسميا أكثر من 150 منظمة مجتمع مدني سورية عبر قطاعات ومناطق جغرافية مختلفة.

مدنية، في رحلتها لتمكين الفضاء المدني السوري من استعادة الفاعلية السياسية، تأتي في وقت حرج بالنظر إلى اتجاهات التطبيع المتزايدة مع نظام الأسد وبالأخص بعد الزلزال المدمر في سوريا وتركيا. من خلال حشد ممثلي منظمات المجتمع المدني السوري الذين يؤمنون بقيمها، نسعى للمساهمة بشكل فعال في الشأن السوري العام وذلك من خلال لعب دور مكمل لأدوار الفاعلين السياسيين والدوليين في المسارات المختلفة التي تفضي لحل سياسي مبني على الحقوق في سوريا.  نحن بحاجة أيضا إلى إبراز أن المئات من منظمات المجتمع المدني السوري في جميع القطاعات قد بذلت جهودا هائلة للمساعدة في تقديم مساهمات لا تقدر بثمن مع الحفاظ على قيم الثورة السورية. تتمتع هذه المنظمات بالشرعية والمصداقية والخبرة لتكون نظيرا في عمليات صنع القرار المتعلقة بسوريا. وهذا ما تسعى إليه مدنية.

مدنية هي جهد جماعي، أنا أيدت ودعمت هذه المبادرة التي تعمل من خلال نظام داخلي واضح وشفاف، حيث يضمن أنه تدريجياً سيتنازل مجلس الإدارة المؤسس مع رئيس مجلسها عن دورهم إلى مجلس منتخب.

-علاقة مدنية بهيئات/تجمعات المجتمع المدني الكثيرة والتي تشكلت منذ بداية الثورة وحتى اليوم لطالما كانت هناك محاولات متعددة، محقة، لإنشاء شبكات وتحالفات تجمع منظمات المجتمع المدني السوري لأسباب متعددة. لقد تضاءل البعض للأسف، لكن العديد منهم يقودون جهودا ضخمة بنشاط. تمتلك معظم هذه المنظمات هدفاً واضحًا للتنسيق بين المنظمات العاملة في القطاع نفسه (أي المنظمات الإنسانية، والمناصرة، وما إلى ذلك) أو المناطق الجغرافية نفسها (أي شمال شرقي سوريا، وشمال غرب سوريا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وشبكات الشتات، وما إلى ذلك). بعضها يقودها سوريون، لكن العديد منها من قبل المنظمات الدولية. على الرغم من العمل الهائل لهذه المبادرات، ما يزال الصوت السوري مستبعدًا بشكل منهجي من منصات صنع القرار. في أفضل الحالات، هناك عمليات استشارية تُشرك السوريين في بعض هذه المنصات. ومع ذلك، يمكن التشكيك في إمكانية الوصول وشفافية هذه العمليات.

مدنية هي محاولة لجمع جميع الجهات الفاعلة والمنظمات المدنية تحت مظلة واحدة لاستعادة الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري، وكيفية مشاركة السوريين في صنع القرار في بلدهم. مدنية تبني على الجهود الهائلة للشبكات والائتلافات الأخرى التي يقودها سوريون، بهدف استكمال أدوارهم بدلاً من استبدالهم. وتسعى إلى سد الثغرات في الجهود الحالية، من خلال تعزيز بيئة داعمة لمزيد من التعاون. مدنية لا تهدف إلى تمثيل الأعضاء أو تغيير هياكلهم. بدلاً من ذلك، تسعى جاهدة لحشد الأعضاء داخل مظلتها القائمة على الحقوق لرفع مستوى وجودهم وتقديمهم كنظراء حقيقيين في عمليات صنع القرار المتعلقة بسوريا، وبذل كل الجهود لتعزيز كفاءتهم على طول الطريق.

ما رؤيتك لدور المجتمع المدني ومساهمته في إيجاد حل للمسألة السورية وهل هو دور مكمل للكيانات السياسية أم منافس؟ 

من المهم تسليط الضوء على القوة الهائلة التي يمتلكها المجتمع المدني، فهو يمثل الصوت الجماعي للشعب، ومساهمته ضرورية لتعزيز الحوار الشامل. تتمتع منظمات المجتمع المدني بقدرة فريدة على سد الفجوة بين الناس والكيانات السياسية. أرى المجتمع المدني كقوة مكملة للكيانات السياسية وليس كقوة منافسة. بينما تتحمل الكيانات السياسية مسؤولية التفاوض على الحلول السياسية وتنفيذها، فإن المجتمع المدني يكمل جهودهم بوجوده كداعم ورقيب.